بعكس المحيط الذي يتواجد فيه الحي الجامعي التابع لجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، الذي يمكن اعتبار حالته مقبولة نوعا ما، بالنظر إلى توفره على فضاء يستغله الطلبة للمذاكرة والترفيه،. فإن واقع مرافق هذا الحي الذي يأوي مئآت من الطالبات والطلبة القادمين للدراسة في طنجة من المدن والقرى المجاورة، مختلف تماما، بل إنه كارثي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. وفي محاولة لنقل بعض تفاصيل الأوضاع الكارثية التي يعاني منها الطلبة القاطنون بهذه المؤسسة الذين يصل عددهم هذه السنة إلى 1943 طالب وطالبة ، قامت "طنجة 24" بجولة استطلاعية بين مرافقها، بعد أن تمكنت من ولوج فضائها بالرغم من الصعوبة التي يشكلها هذا المسعى، نظرا لأن إدارة الحي تمنع على غير القاطنين الوصول إلى المكان، حتى لو تعلق الأمر بطلبة يوجد زملاء لهم بالداخل. "غربال لحجب الشمس" الساعة حوالي الثانية عشر والنصف زوالا، حركة دخول وخروج دؤوبة من وإلى الحي الجامعي عبر البوابة التي تشبه إلى حد كبير بوابة السجن المدني، أمام انظار حراس الأمن الخاص الذين يسمحون بدخول من هم متيقنين من كونهم من قاطني الحي، ويطلبون ما يثبت ذلك بالنسبة لمن يشكون في أمره. هناك داخل فضاء الحي يتوزع الطلبة على شكل مجموعات يتداولون الحديث عن مواضيع مختلفة، منها ما هو مرتبط بالدراسة من محاضرات وامتحانات واشياء اخرى، ومنها ما هو مرتبط بالوضعية المعيشية داخل هذه المؤسسة، حيث يقترح طالب يوجد ضمن مجموعة تضم إضافة إليه أربعة من زملائه، خوض معركة نضالية للمطالبة بتحسين الظروف المتردية في هذا الحي، قبل ان يرد عليه زميله قائلا "المعارك النضالية تم خوضها مئآت المرات لكن الحالة لا تزداد إلا سوءا". يرتفع صوت مبحوح من آلة "ميكافون" مثبتة في مكان من جنبات الحي، إنه صوت آذان صلاة الظهر، جودته المتردية، لا تنفصل عن سياق الخدمات المتردية بشكل عام في الحي الجامعي، هذا ما يقوله مرافقنا وهو طالب من أحد قاطني هذا الحي، قبل أن يضيف " لا تغتر بمشهد هذا الفضاء المعتنى به نسبيا زيد قدامي وغادي تشوف، راه هذا مجرد غربال لحجب الشمس". التوغل داخل الحي الجامعي، سيوضح الصورة الكارثية رويدا رويدا. فبالنسبة للمقصف الذي يعتبره الطلبة شريان الحياة في الحي، يكفي الوقوف على عتبة بابه حتى تتراء أعداد من الذباب التي تنط على سطح الطاولات الموجودة في الداخل، بشكل يدل على أنها لم تطلها العناية والنظافة اللازمتين، الأمر الذي يجعلها وسطا مقيتا لهذه الحشرات. ومع ذلك فإن هذا المشهد "المقرف" لم يمنع طلبة كان عددهم قليلا في تلك اللحظة، من الاقبال على خدمات هذا المرفق. ربما لأنه لا وجود لبديل آخر كارثة على شكل مرافق صحية "طنجة 24" خلال جولتها الاستطلاعية داخل جنبات الحي الجامعي وقفت كارثة حقيقية تعاني منها المرافق الصحية التابعة للمؤسسة، جولة مكنت من التقاط عشرات الصور تضاف إلى أعداد أخرى يدلي بها الطلبة المتضررون في مراسلاتهم وشكاويهم التي يتوصل بها الموقع بين الفينة والأخرى. فبمجرد ما تتجاوز مقصف الحي قليلا، حتى تتسلل إلى انفك رائحة كريهة تنبعث من المراحيض التي توجد في نهاية الحي. واما المعاينة المباشرة لهذه المراحيض فتلك صدمة قوية ستصاب بها وأنت تشاهد أكوام الفضلات البشرية المتراكمة وسط كميات المياه التي صارت لزجة لكثرة ما اختلط معها من هذه الفضلات، بعد أن لفظتها قنوات الصرف الصحي في هذه المراحيض. ويكشف مرافقنا، أن العديد من الطلبة القاطنين بالحي صاروا يتعففون من الوصول إلى هذه المراحيض لغرض قضاء حاجاتهم بها، مما يجعلهم يختارون اللجوء إلى الجانب الخلفي للبنايات من أجل هذه الحاجة، وهو ما يسبب انتشار الروائح الكريهة في اجواء الحي، بالإضافة إلى الأمراض التي تصيب عموم القاطنين بسبب الظروف البيئية الكارثية، مثل الربو , مرض الفطريات الجلدية , التهابات الحنجرة و القصبة الهوائية, الكبد الوبائي فئة "أ"، وأمراض أخرى.