تعتبر ذكرى 14 غشت لاسترجاع إقليم وادي الذهب حدثا متجددا يعكس قيم الوفاء والولاء المتأصل بين ساكنة جهة وادي الذهب الكويرة والعرش العلوي المجيد. وأكد متدخلون خلال يوم دراسي، نظمته جمعية الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي بجهة وادي الذهب الكويرة، أمس الأحد، بالمركز الجهوي للاستثمار بالداخلة، أن الوقائع التاريخية تبرز مدى محاولات المغرب الحثيثة، وحتى وهو تحت سلطة الحماية، من أجل الدفاع باستماتة عن ثغوره ووحدة أراضيه.
وأوضحوا خلال هذا اللقاء، المنظم في إطار احتفال الشعب المغربي بذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب، تحت شعار "قيم المواطنة في ذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن"، أن أبناء إقليم وادي الذهب جددوا البيعة لجلالة المغفور له الحسن الثاني في القصر الملكي بالرباط يوم 14 غشت 1979 ، وفي ذلك تجسيد لإرادة أبناء هذا الإقليم في التشبث بالوحدة الوطنية معتزين بقيم الانتماء والوفاء للشرعية الدينية والتاريخية والقانونية.
وشدد الاساتذة عبد الفتاح الفاتحي والحو الصبري وعبد الفتاح البلعمشي وميلود بلقاضي، على أن مضامين وثيقة البيعة عكست حقيقة هذا الوفاء والولاء والتشبث بالوحدة الوطنية والترابية، ورغبة واضحة لإرادة وطنية صادقة لإفشال كل المناورات والمؤامرات والدسائس التي كانت تحاك، في العلن والخفاء، ضد المغرب واستكمال وحدته الترابية.
وأشاروا إلى أن إقليم وادي الذهب وبعد استرجاعه إلى حظيرة الوطن شهد مسيرة تنموية شاملة همت البنية التحتية من بينها تطوير ا4لخدمات الصحية والاجتماعية، فضلا عن افتتاح مشاريع اقتصادية مهيكلة في المنطقة جعل من مدينة الداخلة مدينة للربط القاري بين إفريقيا وأوربا.
ولأن قيم الوطنية التي تقوت بفعل التلاحم مع العرش والتي كرست الإجماع المغربي على ضرورة استكمال الوحدة الوطنية، يقول المتدخلون، فإنها يجب أن تتعزز بقيم المواطنة التي تقتضي اليوم انخراط كل الفئات المجتمعية في مشروع الجهوية المتقدمة التي يبدأ العمل بها بعد الانتخابات الجماعية المقبلة.
وأبرزوا أن المنطقة منذ عودتها إلى الوطن تعيش مسارا تنمويا قويا، حيث تشكل تنمية الأقاليم الجنوبية وتحصين الوحدة الترابية للمملكة أولوية في كافة الخطب الملكية السامية وزياراته المتعددة للأقاليم الجنوبية ومبادرته الشجاعة المتمثلة في الحكم الذاتي لهذه الأقاليم تحت السيادة المغربية، والتي لقيت دعما دوليا متناميا، كمبادرة واقعية وذات مصداقية.
وأكد المتدخلون في هذا السياق على ضرورة استنباط الدرس واستخلاص العبر خاصة بالنسبة لشباب اليوم للاطلاع على صفحات مشرقة من ملاحم وبطولات العرش العلوي المجيد ودفاع قبائل الصحراء عن الوحدة الترابية والهوية الإسلامية المغربية.
واعتبروا أن هذه الذكرى مناسبة تستدعي التأمل في واقع منطقة وادي الذهب والأدوار الكفيلة بتعزيز دور هذه الجهة على مستوى دعم وتطوير وتنمية موقعها ليس فقط على المستوى الداخلي ولكن أيضا على مستوى إشعاع المغرب في محيطه الإقليمي خصوصا في المجال الإفريقي.
وأضافوا في هذا الصدد أن "ثقافة البيظان" والأدب والفن واللباس ومجمل العادات والتقاليد وأيضا الامتداد القبلي لساكنة وادي الذهب كفيل بأن يجعل منها فاعلا قويا ضمن استراتيجية البعد الإفريقي للسياسة الخارجية للمغرب.
ودعوا إلى تعزيز الدبلوماسية الثقافية وتكريسها لتحقيق هذه الأهداف باعتبارها مدخلا من مداخل الإشعاع والجذب والتفاعل في هذا العمق الحيوي خصوصا أن منطقة وادي الذهب هي نقطة تماس واقعية وحضارية للمغرب مع المجال الإفريقي ومنطقة الساحل والصحراء.
وأشاروا إلى أن الإطارات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية خاصة منها المعنية بالتنمية وبالإصلاحات السياسية والحقوقية وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من شأنها أن تؤهل هذه المنطقة أكثر من غيرها للاستفادة من الحق في التنمية.
وأكد المتدخلون أن الإصلاحات العميقة التي عرفتها المنطقة في شتى الميادين شكلت أرضية صلبة نحو استثمار المؤهلات الاقتصادية والسياحية والفلاحية والصيد البحري من أجل تحقيق النموذج التنموي المعلن وتمكينه من لعب دور "منصة انطلاق" نحو علاقات المملكة المغربية جنوب- جنوب من جهة، بالإضافة إلى تعزيز الموقع التفاوضي للمغرب في دعم الطرح الوطني دوليا حول نزاع الصحراء من جهة ثانية.