القاهرة.. ناصر بوريطة يجري مباحثات مع نظيره المصري                                    سنتان ونصف حبسا نافذا لمتهمة بالإساءة للذات الإلهية        إلزام شركة "غوغل" بدفع 425 مليون دولار لتعويض مستخدميها عن جمع بياناتهم    بلجيكا تتجه نحو الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء قبل نهاية 2025    الصين ترد على واشنطن: مكافحة المخدرات أولوية وطنية ولسنا مصدر الفوضى العالمية    لحماية الأطفال .. "روبلكس" تعطل ميزة المحادثات في الإمارات    مجزرة جديدة إثر قصف خيام نازحين    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    موظفو المجلس الإقليمي بأزيلال يحتجون على "شطط" المدير العام للمصالح ويدعون إلى حوار عاجل    29 قتيلا في غرق قارب بنيجيريا    الذهب يستقر قرب أعلى مستوياته وسط توقعات خفض الفائدة الأمريكية    مراكش.. احتجاجات بسبب "انهيار" شروط التمدرس بمؤسسة تعليمية بسعادة والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تحمل المسؤولية للمديرية الإقليمية    المنتخب البرتغالي مرشح لمواجهة المكسيك في إعادة افتتاح ملعب "أزتيكا" (وسائل إعلام مكسيكية)    الجديدة.. مطلب ملح لفتح شارع L وفك الخناق عن محاور حيوية بالمدينة    الاستثمار الدولي... وضع صاف مدين ب 693,1 مليار درهم في 2024    توديع "عزي أحمد" بمقبرة المجاهدين بأجدير وسط تعبير كبير للمغاربة عن الحزن والأسى    ترقب بناء وتجهيز داخلية لفائدة المتدربين بالمعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية بتارجيست    استعدادات تنظيم النسخة الرابعة من الملتقى الجهوي للمقاولة بالحسيمة    لشبونة.. مصرع 15 شخصا وإصابة 20 آخرين إثر خروج عربة قطار سياحي عن مسارها    "ميتا" تطلق إصدارا جديدا من "إنستغرام" لأجهزة "آيباد"    "آبل" تتيح نموذجي ذكاء اصطناعي مجانا    الدرك الملكي بأزلا يوقف مشتبها في سرقته لمحتويات سيارة إسعاف        رحيل "عيزي أحمد" يٌفجّر تسونامي من التعليقات وموجة حزن على المنصات الرقمية وعائلته تواريه الثرى بمقبرة المجاهدين بأجدير    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة    "الأسود" يواصلون التحضير للقاء النيجر    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر        تحويلات الجالية المغربية تسجل رقما قياسيا ب119 مليار درهم سنة 2024        فيفا: سوق الانتقالات الصيفية يحطم رقماً قياسياً بأكثر من 9 مليارات دولار    دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    جمعية ساحة الفنانين تطلق مخططها الاستعجالي لإنقاذ مايمكن إنقاذه    المهراوي يبدأ تجربة جديدة في روسيا    هدية غير متوقعة من عابر سبيل        تصفيات مونديال 2026.. المنتخب المغربي يواصل تحضيراته بواقع حصتين في اليوم استعدادا لملاقاة النيجر    الألماني غوندوغان يلتحق بغلطة سراي    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات خطيرة لبعض مدمني المخدرات القوية بتطوان
نشر في تطوان نيوز يوم 12 - 03 - 2013

استكمالا لموضوع استفحال المخدرات القوية بمدينة تطوان ومراكزها المجاورة، والذي كنا قد نشرناه سابقا على موقعنا الإخباري "تطوان نيوز" على حلقتين، نشرع كما وعدناكم في نشر الشهادات والتصريحات التي استقيناها من بعض مدمني المخدرات القوية بمدينة تطوان والنواحي، يحكون فيها تجربتهم ومعاناتهم مع الإدمان، مع التحفظ عن ذكر أسماء أصحابها نزولا عند رغبتهم، وجلهم شباب في عمر الزهور حولت هذه السموم الفتاكة حياتهم إلى جحيم، ودخولهم لعالم الإدمان بخر كل أحلامهم، ليصبحوا مجرد كائنات ليلية، يعيشون في الظلام ويموتون في النهار، وأجسادا منهكة بلا روح ولا عقل ولا آمال يعيشون عليها ومن أجلها…، شهادات خطيرة تقشعر لها الأبدان، تدمي القلوب وتدمع المقل، ويكاد ألا يصدقها العقل..
مع الإشارة إلى أننا عندما فكرنا في تخصيص هذا الحيز لموضوع تناول الشباب للمخدرات والمخدرات القوية بالخصوص لم يكن الأمر من باب الإثارة أو الاشتغال على واحد من المواضيع التي باتت مستهلكة في الكثير من مضامينها، بقدر ما كان اهتماما بموضوع أصبح يشكل حديث العام والخاص محليا، خاصة وأن هناك من يجمع على أن تعاطي شباب المدينة ونواحيها للمخدرات أصبح ظاهرة مخيفة تتسع يوما بعد آخر، وتتخذ أبعادا خطيرة، وبدأت تتعاطى لها فئات عريضة من الشباب بما فيهم تلاميذ المؤسسات التعليمية وطلبة الكليات، بل أكثر من ذلك، فإن الإقبال على هذه السموم بدأ في استنبات ظواهر اجتماعية منحرفة وغريبة عن مجتمعنا ستكتشفونها من خلال تتبعكم معنا لهذه التصريحات المثيرة التي نشرع ابتداء من هذه الحلقة على نشرها حرفيا كما استقيناها من أصحابها دون أي تحريف أو زيادة أو نقصان…
الشهادة الأولى: "ابتدأت تعاطي القرقوبي بغاية اكتساب الجرأة والطلاقة في الحديث مع الفتيات":
أنا الآن تجاوزت الثانية والعشرين من عمري، وفي منتصف عمري هذا (أي عندما كان سني هو 11 سنة) بدأت أتعاطى حبوب القرقوبي، كانت كل الظروف مساعدة للإقدام على ذلك، فمصاحبتي لمراهقين أكبر مني سنا وظروف عائلية خاصة لم يكن بمستطاعي استيعاب حيثياتها، ومن أجل اكتساب الجرأة والطلاقة في الحديث مع الفتيات… كلها أشياء سهلت لي الطريق للدخول إلى عالم "الهلوسة" التي نخرت جسدي وهدت كياني النفسي وانتهى بي المطاف إلى الزج بي في السجن المحلي بتطوان..
بالرغم من أن ثمة مسافة زمنية منذ إقلاعي عن تناول الحبوب المهلوسة، إلا أني مازلت أتذكر الكثير من التفاصيل التي حدثت لي وأنا في عالم الهلوسة الفريد. في تلك الفترة كانت هناك أصناف شتى من القرقوبي: "كلونوبي" المعروف ب"كوادالوبي" وهي عبارة عن أقراص بيضاء اللون، و"روش الأحمر" ويعرف ب"بولا حمرا" وهي الأقراص التي ما تزال الأكثر رواجا على المستوى المحلي، بالإضافة إلى أصناف أخرى توجد بالصيدليات. ولعل أول ما كنت أشعر به بعد تناولي للقرقوبي هو تغير مزاجي 180 درجة، بحيث أصير معكر المزاج وبداخلي قوة عدوانية أود تفريغها على كل من بدا لي في طريقي، سواء كان قريبا من عائلتي أو صديقا أو أي شخص لا تربطني به أية صلة.. إذ كان يكفي أن يتمازح معي أحدهم حتى أجد نفسي وقد اضطررت للبصق في وجهه أو ضربه حتى.. وكنت أجد نفسي، وأنا في تلك الحالة، متصفا بجرأة نادرة تجعلني مستعدا للقيام بأي شيء، من قبيل ضرب الآخر بالسكين أو قارورة زجاجية أو أي شيء يقع بين يدي، بحيث لا أفكر مطلقا في عواقب ما أقدم عليه. علما أن أغلب من يتعاطى القرقوبي من أقراني في البداية يكون بدافع اكتساب الجرأة اللازمة لمواجهة الفتيات والحديث إليهن بطلاقة قصد استمالتهن والفوز بالصداقة معهن، وللإشارة فإن الكثير من الفتيات كن يتعاطين الحبوب المهلوسة بدورهن، ومثلهن يكن أهدافا سهلة مادمن قد سقطن في مشكلة الإدمان، لأنهن يبحثن عمن يوفر لهن هذه الحبوب بدون مشقة، كما أن أغلب المشاكل تكون بسبب المنافسة والصراع للظفر بإحداهن. وفي هذا السياق، أتذكر أن شقيقين مراهقين جاءا من مدينة طنجة، ساهما بشكل كبير في انتشار القرقوبي بالمؤسسات التعليمية (ثانوية جابر بن حيان بالخصوص)، بحيث عرف عنهما الاستهلاك القوي للقرقوبي، وقد عمدا في إحدى المرات إلى الاعتداء علي، لكنهما فوجئا بكوني "أحمق" أكثر منهما (أقصد أني كنت أستهلك أكثر منهما)، الشيء الذي اضطرهما لربط علاقة صداقة معي، وللتذكير فإن أحد هذين الشابين وبعد عودته لطنجة، قام بطعن أحد الأشخاص بالسكين وأرداه قتيلا، فكان مصيره السجن بعد الحكم عليه بثلاثين سنة. كما أتذكر بأن العديد من الفتيان المدمنين على القرقوبي كانوا يلجأون إلى تمزيق وتجريح أجسادهم وكيها بأعقاب السجائر، فيما تدفع هذه الحبوب بالبعض الآخر إلى السرقة والاعتداء على أشخاص أبرياء، أما السجن الذي دخلت إليه بسبب نزاع مفتعل من قبل بعض الشبان المخدرين الذين اعتدوا علي بغير وجه حق، فهو مرتع حقيقي لمختلف أصناف المخدرات التي لا تخطر على البال، من شم "السيلسيون" إلى الجوارب الفاسدة مرورا بالكيف والحشيش وانتهاء بالبيضاء (الكوكايين) والسوداء (الهيروين) والقرقوبي بمختلف أصنافه.. وفي اعتقادي أن أي شخص مهما كانت سلوكاته قويمة ودخل ربما عن طريق الخطأ أو الظلم إلى السجن، يمكن أن يصبح مدمنا خطيرا على تناول المخدرات، نتيجة للظروف السيئة التي يعيش تحت وطأتها السجناء، فالتمييز بين السجناء الأغنياء وبين الفقراء الصادر عن مسؤولي وموظفي السجن يعتبر كافيا للبحث عن عوالم الخيال التي تجعلك ترتفع ولا تبالي ممن حولك، وتنسى كل ما يمكن أن يؤرقك ويذهب النوم عن أجفانك. وللتذكير فإن موظفي السجن هم متواطئون في كل ما يحدث من انتشار لهذه المخدرات داخل فضاء السجن، بل إن بعضهم يبيعون كل شيء للسجناء، كما أن هناك من عائلات السجناء من يبتدعون أساليب غاية في السرية والدهاء لتسريب القرقوبي لذويهم، من قبيل وضعها بداخل الخبز أو حلوى الكيك أو دقها ومزجها بالحليب أو القهوة… وفي رأيي أن ظاهرة تناول القرقوبي في مجتمعنا تزداد تفاقما، أما الأسباب الواقفة وراء ذلك فهي: أولا، انشغال الآباء والأمهات بعالم الشغل والمال وعدم العناية بفلذات أكبادهم، الأمر الذي يجعل الأطفال يشعرون بحرية مطلقة تدفعهم إلى فعل أي شيء لتفريغ مكبوتاتهم. ثانيا، أحمل قسطا من المسؤولية للأطباء النفسانيين الذين يصفون هذه الحبوب لفتيان يعرفون أنهم مراهقين، وبدل أن يعالجوهم بالمستشفى (إذا كانوا من المرضى حقا) يمنحونهم الوصفات التي تخول لهم اقتناء هذه الأقراص من الصيدليات بكميات كبيرة تنتهي إلى توزيعها على باقي المراهقين. وإذن فلا غرابة أن ينتشر القرقوبي بمدينتنا بصورة مقلقة للغاية، وفي رأيي فهذا سبب مباشر لحالة الجمود والكسل غير المفهومة التي يوجد عليها الكثير من أبناء المدينة صغارا وكبارا..
ترقبونا في الحلقة المقبلة، بحول الله، مع شهادة ثانية لمدمن آخر…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.