الخدمة العسكرية 2025.. مسؤول يؤكد اعتماد معايير تضمن المساواة والتوازن الترابي في استخراج أسماء المستدعين    المهرجان الدولي لفن القفطان يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    عطل مفاجئ يربك رحلات قطار البراق ويثير غضب المسافرين    العرائش تحتضن الجمع العام لعصبة جهة الشمال للدراجات الهوائية بحضور وازن    "درونات" الأمن الوطني.. استشراف ميداني للتهديدات الأمنية المعقدة    الإعدام والمؤبد ينتظران.. تأجيل محاكمة المتهمين بقتل بدر في مرحلة الاستئناف    عطل تقني يشل حركة "البراق" ويعطّل رحلات المسافرين بين الدار البيضاء وطنجة    تعاون استراتيجي بين الأمن الوطني ورونو المغرب لتعزيز الخدمات الاجتماعية لموظفي الشرطة    تحركات وزارة الداخلية تفتح ملفات جماعية وتهدد مستقبل منتخبين    إيهاب أمير يطلق جديده الفني "انساني"    خبراء وإعلاميون وباحثون وأكاديميون يناقشون" مسؤولية الإعلام في صيانة التراث الثقافي والطبيعي الوطني"، في ندوة احتضنها بيت الصحافة بطنجة    تشخيص جو بايدن بنوع "شرس" من سرطان البروستاتا وانتشار المرض إلى عظامه    وفد دولي رفيع المستوى يزور أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بالجديدة    مزراوي: "أتطلع للتتويج بالدوري الأوروبي واعتدت اللعب تحت الضغط"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    السلطات المحلية بقيادة دردارة تستبق صيف 2025 باتخاذ تدابير صارمة للوقاية من حرائق الغابات    مشاركة مكثفة في "خطوات النصر النسائية" ببن جرير    عصبة كرة القدم تطلب من إدارة أمل تيزنيت تقديم ملف الترشيح للمشاركة في القسم الثاني للنخبة    "الصحة العالمية": إسرائيل تمنع الطعام عمدا.. ومليونا فلسطيني يواجهون الموت جوعا    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    المهرجان الدولي "ماطا" للفروسية يضرب لجمهوره الكبير موعدا جديدا في دورة استثنائية    مدرب منتخب أقل من 20 سنة: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ارتفاع أسعار الفواكه الموسمية يلهب جيوب المغاربة    مرسيليا تحتفي بالثقافة الأمازيغية المغربية في معرض فني غير مسبوق    جامعة محمد الخامس تحتفي بالابتكار الهندسي في الدورة الرابعة لليوم الوطني للابتكار التكنولوجي    أنشيلوتي: مودريتش سيقرر مصيره بهدوء.. وهذه نصيحتي لثلاثي المستقبل    مباريات السد.. السوالم يواجه أولمبيك الدشيرة والحسنية تلاقي رجاء بني ملال    المغرب ‬يسعى ‬إلى زيادة ‬صادراته من ‬السيارات ‬نحو ‬مصر    أعوان الحراسة والنظافة بزاكورة يحتجون رفضاً للهشاشة ويطالبون بالإدماج في الوظيفة العمومية    تشديد شروط الهجرة: عقابٌ للمهاجرين أم تراجعٌ عن المبادئ؟    الرباط تستضيف أشغال الاجتماع الخامس للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين    22 قتيلاً في غارات إسرائيلية على غزة    مليونا شخص يتضورون جوعا في غزة    إكستازي وكوكايين وسرقة.. توقيف مروج خطير للمخدرات    تيزنيت : شركة نجمة سكن ترد على مقال "فضائح المشاريع السكنية بتيزنيت.."    العلاقات المغربية السورية: بين مدّ قومي وجزر سياسي    سفارة الصين بالمغرب: فيديو الملك الراحل الحسن الثاني وهو يدافع عن الصين بالأمم المتحدة حصد أكثر من 100 ألف إعجاب خلال يومين فقط على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية    وانطلق قطار المؤتمر الوطني الثاني عشر    حين تصبح الرقابة فعلًا شعبياً: الاتحاد يعيد السياسة إلى وظيفتها النبيلة    الذهب يرتفع وسط تراجع الدولار وتهديدات أمريكية بفرض رسوم جمركية    تأخيرات وإلغاءات.. الخطوط الملكية المغربية تحذر مسافريها من وإلى باريس أورلي    العيش البيئي واقتصاد الكارثة    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    إيران ترفض اتهامات تجسس بريطانية    .    النصيري يسكت صافرات استهجان    وزيرة ثقافة فرنسا تزور جناح المغرب في مهرجان "كان" السينمائي    ارتفاع حركة المسافرين بمطار الحسيمة بنسبة 19% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025    تقرير رسمي.. بايدن مصاب بسرطان البروستاتا "العنيف" مع انتشار للعظام    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في مجموعة: "رحلة الصيف والشتاء" للقاص محمد إدارغة
نشر في تطوان نيوز يوم 23 - 03 - 2016

يعد القاص والناقد محمد إدارغة من رواد القصة القصيرة الذين فضلوا الاشتغال في الظل، بعيدا عن الأضواء دونما سقوط في شرك المحاباة أو المواربة. واستنادا إلى تأريخات بعض نصوص "رحلة الصيف والشتاء"، نستطيع أن نقف ولو بشكل تقريبي على بداية اهتمام محمد إدارغة بكتابة القصة القصيرة، وتحديدا بداية الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كما تشهد على ذلك منشوراته على صفحات الجرائد الوطنية من قبيل الملاحق الثقافية لجريدة المنعطف والمجلات التي نذكر منها على سبيل الحصر: آفاق المغربية، وتأكيدا على حضور القاص وأهمية نصوصه في هذه الفترة بالذات، نوردها تباعا، حجتنا في ذلك تاريخ نشرها في مجموعة "رحلة الصيف والشتاء":
* شذرات من أدب الحمار : 17/04/1987
* الزبون رقم 2: 23/04/1987
* لحوم في المزاد العلني: 05/06/1987
* مجنون فوق العادة: 14/04/1988
* السفر ممنوع والرزق على الله: 10/08/1993
* شطحات صحفي تحت التمرين: 11/08/1993
* قرب الوادي: 14/9/1999
* وبذلك يكون القاص محمد إدارغة قد أمضى، لحد هذه النصوص على الأقل، ما يناهز اثنى عشر عاما في تجريب وتطوير هذا الفن المستحدث.
أما عن رحلتنا في مقاربة هذه المجموعة القصصية فستقتصر على خمسة نصوص نوردها على الشكل التالي:
* أحمر على أبيض
* لحوم في المزاد العلني
* البيت والحجر
* السفر ممنوع والرزق على الله
* رحلة الصيف والشتاء
* رحلة سلوكية
ويعود سبب اختيارنا لهذه النصوص أساسا إلى ما تتيحه من إمكانيات بنائية تشجع على مقاربة فضاء الزمان كعنصر من العناصر الفنية التي تجسد في الكائنات الحياةَ والموتَ عبر انبعاثها ونموها واندثارها.
حول "رحلة الصيف والشتاء"
أول منا يثيرنا في هذه المجموعة القصصية ملفوظ "رحلة" الذي يحمل في بعده الدلالي مفهوما مزدوجا يجمع بين المكان المحاصر بسؤال أين وإلى أين كان اتجاه الرحلة، أما الزمان فقد حدد سلفا في الصيف والشتاء.
ينضاف إلى هذا التساؤل أسئلة مصاحبة نوردها كالتالي: ما دلالة الواو الرابطة بين الصيف والشتاء؟ ما طبيعة الرحلة وما غاياتها؟ وما حدود بدايتها ونهايتها؟ ولماذا تزامنت الرحلة مع الصيف والشتاء دون سواهما؟ هل ثمة ما يربط رحلة الصيف والشتاء برحلة الشتاء والصيف؟ وأخيرا هل يجوز القول بأننا أمام أدب الرحلة وجودا وتواجدا؟
فصل الصيف والشتاء احتمالا:
يهتدي القارئ وهو يقارب المجموعة القصصية إلى الإقرار المبدئي بائتلافها في المكان واختلافها في الزمان، بحيث يقودنا هذا التفاوت إلى تتبع حضور زمان الصيف والشتاء لمعرفة أبعادهما.
* مؤشرات زمن الصيف:
وتمثلها محتويات القصص التالية:
* حلم: حيث "الحرارة تخنق الأنفاس"
* أحمر وأبيض: "وكان ضياء القمر قد كفى أهل العرس مؤونة إعداد لوازم الإنارة".
* قرب الوادي: "بين زوايا الخيام الرابطة في هذا الامتداد الجاف يراود جفونا ساهرة وبطونا خاوية على عروشها".
* البيت والحجر: "بيت عتيق قاوم لعقود طويلة عواصف الرياح ورطوبة الأمطار وقيظ الصيف".
* زعرودة في كأس: "البذلة السوداء الأنيقة التي تلف جسمه الثخين، وربطة العنق رغم شدة القيظ، والحذاء الأسود اللامع".
* وأخيرا قصة رحلة الصيف والشتاء حيث "أقبل على المقهى كباقي أيام الصيف العادية" و "شواظ صهد حارقة ورياح هوجاء تتقاذفها حبات الرمل"
* مؤشرات زمن الشتاء:
وتتمثلها قصتين اثنتين من قصص المجموعة وهما:
* مجنون فوق العادة في: ذات مساء ممطر" ورحلة الصيف والشتاء في: "ولت أيام الصيف الأدبار/ لم يعد غبش الليل يسمح بالرؤية الواضحة / سأنزل ضيفا مع بداية الموسم الآتي/ اكتفي بهذه القلامة من رحلة الشتاء/ فجاء المطر مدرارا، وكشفت تضاريس المكان عن أسرارها الدفينة/ ارتوت الأرض الصلصالية بسرعة جارفة.
استنادا إلى هذا التتبع الإحصائي، يتأكد أن الأمر يتعلق بأطوار رحلة جرت أحداثها وتحركت شخوصها صيفا، وأن مؤشرات فصل الشتاء لم تكن إلا نتيجة اضطرابات جوية حدثت في الصيف تحديدا، ويتأكد بموازاة مع ذلك أن الواو الرابطة في عنوان المجموعة غير دالة كما هو معلوم على مطلق الجمع والاشتراك، وتتأكد أخيرا هيمنة حضور زمن الصيف على حساب زمن الشتاء والخريف الذي لم يكن ليظهر لولا تأريخين وردا في آخر قصتين مكناسيتين: "شذرات من أدب الحمار" و "قرب الوادي"، واللتين تحملان معا توقيع: 14/9/1999. أما زمن الربيع فيكاد يكون منعدما لولا ورود إشارتين باهتتين في لوحة الغلاف وفي قصة "رحلة الصيف والشتاء" حين " وجد الاخضرار والرونق وجد للمياه الرقراقة خريرا بين الجبال والشعاب والأودة والسواقي" (ص64).
وأمام زمن الصيف الموحش، زمن اشتداد الحر وزمن العهارة والدعارة، وحيث الانتهاكات والخيانة لا تتوقف بالليل والنهار في البيت والقرية والمدينة والخيمة..الخ.
وضع كهذا سيولد لدى الإنسان إحساسا مفرطا بالزمان، "فيصاب بالذهول، ويزداد انشداده إلى البقاء، وتمسكه بالحياة ضدا على عواديها"(1)، تلاحق الإنسانَ العنةُ في تعاقب الفصول وسيادة الأبيض على الأسود، وهو نفس الإحساس الذي سيترجمه البطل حين قال: "أحاول تجسيم الأسباب الممكنة وراء هذا القلق الساطع المتعملق في ترسبات الأحشاء الدنو سريعا من عتبات الشيخوخة احتمال، حدة الحساسية والإحساس احتمال، فظائع الزمان والمكان احتمال، انتكاس البشرية احتمال…"(2) تلاحق في تعاقب الفصول وسيادة قوة الأبيض على الأسود.
لقد أبان القاص والناقد محمد إدارغة، في هذه المجموعة القصصية عن حس نقدي بمقتضيات الواقع من خلال انشغاله بسؤال الكتابة القصصية في علاقتها بإشكاليات الواقع على امتداد العقدين الثمانينيِّ والتسعيني، واهتمامه المتزايد بطبقة المنسيين والمهمشين أو "الناس اللي تحت"(3) على حد تعبير يوسف إدريس، محذرا من قدرة الزمان على تدمير المكان والإنسان، واستمرار انتشار زمن الخيانة والعهر حتى ضياع الإنسان في حمأة الموبقات والدنايا، فتتوقف الرحلات في كل الاتجاهات، ويغوص العالم العربي هنا وهناك في مستنقع اللا أدرية حتى إشعار آخر.
بهذا الطرح النقدي الإدارغتي تكون القصة القصيرة قد راهنت على وصف الواقع وتثوريه في انتظار تغييره ولملمة جراحاته.
المراجع:
* انظر كتابنا: الفضاء الروائي في أعمال سحر خليفة، مطبعة أنفو برانت، الطبعة الأولى. ص:119.
* رحلة الصيف والشتاء. ص: 105.
يوسف إدريس: مسرحية "الناس اللي تحت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.