مع تقدم المدنية وازدهارها بدا كل شيء متوفر في جل المجالات؛ وخصوصا مع الانفتاح الحاصل في عصرنا الحالي على وسائل وتكنولوجيات متعددة، تنوعت بين الهاتف النقال والأنترنت والآيباد والآيفون... وغيرها من الوسائل المتطورة التي غزت العالم وشكلت ركيزة أساسية بالنسبة للأفراد والجماعات. والذي يراودني بخصوص هذا الموضوع إلى أي مدى يقتصر دور هذه الأجهزة والوسائل؛ باعتبارها وسائل تواصلية تقريبية تقرب المسافات ولو كنت في أمكنة قاصية.. فبالرغم من تنوعها وانتشارها أصبحنا نلحظ أن دورها تقلص؛ فبالأمس القريب لم يكن كل ذلك متاحا للأفراد والناس بشكل عام وكان الجميع في تواصل دائم ومستمر، أما اليوم ومع توفرها انقطع هذا التواصل سواء من خلال الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعية الأخرى. وعلى الرغم من العوائق التي كانت تصادف إنسان الأمس القريب، من عدم توفر الإمكانات الحديثة، إلا أنه كان هناك انسجام من تبادل الزيارات وسؤال الأصحاب عن الحال والأحوال حتى يصل ذلك إلى المعني بالأمر وبالتالي يحدث تواصل بين الناس والأفراد، أما اليوم عصر العولمة والتكنولوجيا لا تكاد تجد إلا زيارات نادرة تفرضها مواقف أو مسؤوليات أخرى، أما فيما يخص الوسائل التواصلية فإنه يتم الاقتصار على إرسال رسالة واحدة وذلك تفاديا للإحراج فقط ليس بدافع الاطمئنان ومعرفة أخبار ومشاكل بعضنا البعض، وبالتالي فالكل منشغل وسط ازدحام الحياة المدنية المتطورة؟. لكن ألم يكن إنسان الأمس منشغلا بمسؤولياته ومشاكله ومع ذلك لا يثنيه كل ما هو فيه عن السؤال ومعرفة أحوال الغير ومشاركتهم سرائهم وضرائهم؟ هذا السؤال لطالما راودني ولا زال يراودني، غير أني أعلله بحجة أن وسائل عصرنا الراهن بقدر ماهي تقريبية بقدر ما تكون تفريقية، تبعد المسافات أكثر مما تقربها، في عصر تطورت فيه أشياء واندثرت أخرى... بقلم/ هاجر الفتوح/ تطوان.