منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي طغى الحديث عن المجتمع المدني وعن دوره في التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمجالية... وكان للإعلام بكل مستوياته، دور فاعل في تغذية نقاش عمومي حول جدوى إشراك المجتمع المدني في عملية التنمية بمفهومها الواسع، من خلال الجمعيات الأهلية. وقد هيأ ذلك النقاش (المختلق)! الذي كانت الدولة محركه ومغذيه الأساس! الرأي العام المغربي للقبول بتوصيات البنك الدولي الرامية إلى بيع الممتلكات العامة عبر مزاد (شفاف ونزيه)! واكتفاء الدولة بالإبقاء على (زرواطة الأمن) لحراسة الشعب المغربي مما قد يتهدده من وعي وافد! وترك مهمة (التفكير) في التنمية المجالية للجمعيات المدنية! وفي خضم تلك الأجواء المشحونة بهاجس (التنمية)! والتي زاد من وهجها دخول المنظمات الدولية بما لديها من إمكانية مادية على الخط، برز العديد من (السماسرة) لساحة العمل الجمعوي وتمكنوا من أخذ مواقع الريادة التي أهلتهم لممارسة دور الأستاذية في مجال تعليم تقنية (من أين تؤكل الكتف)! مما ساهم في إشاعة مناخ الانتهازية والوصولية، فتحول العمل الجمعوي (إلا فيما نذر) إلى فضاء للاسترزاق بدل أن يكون فضاء للتطوع في خدمة المجتمع أو الإنسانية بشكل عام! من هنا لا يمكن أن نستغرب أبدا ما طفر من حرب حول من سيستأثر بالإشراف على مركز ذوي الاحتياجات الخاصة بالصويرة الذي في طريقه إلى الإنشاء، والذي قطع المكتب الحالي للجمعية المراحل الأولية والإعدادية له. فالحرب التي أعلنها بعض العناصر من المكتب المسير للجمعية على البعض الآخر وُظفت فيها كل الأسلحة بما فيها الوسائل غير الأخلاقية، وتم التراشق خلالها بالاتهامات الجزافية والمجانية واستعمل الكيد على أشده، واستمات معلنو الحرب في قلب الطاولة على رئيس الجمعية ومناصروه للوصول إلى تلك (الدجاجة التي تبيض ذهبا)! وأشاع المتزعم للحرب المعلنة أنه سيجعل (البحر طحينة/حسب تعبير أشقاءنا المصريين) لكل المنخرطات والمنخرطين حال توليه لرئاسة الجمعية محل الرئيس الحالي، وكان لإغراءاته تأثير على البسيطات من منخرطات الجمعية فتحول الأمر إلى هرج ومرج، وانكشفت التطلعات الحقيقية لمعلني الحرب، و التي لا تدخل ضمنها الاهتمام بالطفل ذي الاحتياجات الخاصة، ولا يعدو هذا الأخير أن يكون مجرد قنطرة للوصول إلى المصالح الشخصية الضيقة. وما حدث بهذه الجمعية هو عينة بسيطة مما يحدث في العديد من الجمعيات التي تجد نفسها على مرمى حجر من مشروع يُدر سمنا وعسلا، والنادر من الجمعيات من يكون لها هما إنسانية صرفا، والنادر لا حكم له! وأبرزنا تلك العينة (على صغرها وتفاهتها) لقربها منا حتى تكون أبلغ في التدليل على ما نتحدث عنه، وإلا لسقنا نماذج متعددة موزعة على تراب المملكة السعيدة تدلل على (النشاط الحقيقي)! للفاعلين الجمعويين وعلى نوعية البناء الذي تسعى لتشييده معظم هذه الجمعيات. نوميديا