الأقاليم الجنوبية.. ريمي ريو: الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    المغرب – السعودية .. افتتاح النسخة الثانية من معرض "جسور" بمراكش    الصين وروسيا تؤكدان التزامهما بحماية العدالة الدولية وتعزيز التعددية    ريال مدريد يعلن قائمته للكلاسيكو بحضور دياز ولخديم    تقديم 8 متهمين في قضية طنين من مخدر الشيرا بالعرائش    نادي السد يتوج بلقب كأس قطر لكرة القدم عقب فوزه على الدحيل (4-3)    التعاون الفلاحي يتصدر إعلان نواكشوط    نادي القضاة يستعد لعقد جمعه العام لانتخاب مكتب جديد    البطولة الإفريقية للفرق لكرة المضرب (أقل من 14 سنة) بالقاهرة .. المنتخب المغربي يحرز الرتبة الثالثة في فئتي الذكور والإناث    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    أرسنال يجهز الممر الشرفي لليفربول    بدء منافسات بطولة المغرب للشطرنج    مركز مغربي: الحكم الذاتي يتيح تنافس قادة "البوليساريو" مع نخب الصحراء    الى صديقي يونس    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    مصرع 6 أشخاص في حادثة سير مروعة بالطريق السيار    زيارة استثنائية وإنسانية للزفزافي تنعش آمال الحل في ملف حراك الريف    زلزال تفوق قوته 5 درجات يضرب هذه الدولة    حريق مهول يلتهم وحدة صناعية للأغطية دون خسائر بشرية    الناظور غائبة.. المدن المغربية الكبرى تشارك في منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية" بالرياض    البطولة.. الكوكب المراكشي على بعد نقطة من العودة إلى القسم الأول بتعادله مع رجاء بني ملال    العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تستنكر حرمانها من وصل الإيداع القانوني    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    سحابة كلور سامة في إسبانيا ترغم 160 ألف شخص على ملازمة منازلهم    إسبانيا تُطلق دراسة جديدة لمشروع النفق مع طنجة بميزانية 1.6 مليون أورو    بعد واقعة انهيار عمارة بفاس..التامني تسائل الداخلية عن نجاعة مشاريع تأهيل المباني الآيلة للسقوط    ترامب يعلن موافقة باكستان والهند على وقف "فوري" لإطلاق النار    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يستعد للإعلان عن اعتراف رسمي بالدولة الفلسطينية خلال جولته الشرق أوسطية    مهرجان مغربي في تاراغونا يبرز عمق العلاقات بين المغرب وإسبانيا    وساطة أمريكية تنهي التصعيد بين باكستان والهند    ديستانكت ومراد يرويان خيبة الحب بثلاث لغات    من الرباط إلى طنجة.. جولة كلاسيكية تحتفي بعبقرية موزارت    مهرجان "كان" يبرز مأساة غزة ويبعث برسائل احتجاجية    الأوروبيون يسعون لهدنة مع موسكو    تنظيم استثنائي لعيد الأضحى بالمجازر.. هل يتجه الناظور لتطبيق النموذج المعتمد وطنياً؟    وكالة الحوض المائي اللكوس تطلق حملة تحسيسية للتوعية بمخاطر السباحة في حقينات السدود    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    طنجة تستقبل العالم وشوارعها ما زالت تبحث عن التهيئة    القضاء الأمريكي يجمد تسريح موظفين    الفيفا يرفع عدد منتخبات كأس العالم للسيدات إلى 48 بدءاً من 2031    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    بالقرعة وطوابير الانتظار.. الجزائريون يتسابقون للحصول على الخراف المستوردة في ظل أزمة اقتصادية خانقة بالبلاد (فيديوهات)    النصيري يستعيد بوصلة التسجيل بتوقيع هدف في مرمى باشاك شهير    المغرب يدفع بصغار التجار نحو الرقمنة لتقليص الاقتصاد غير المهيكل    إيران وأمريكا تستأنفان المحادثات النووية يوم الأحد    تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    النظام الجزائري يمنع أساتذة التاريخ من التصريح للإعلام الأجنبي دون إذن مسبق: الخوف من الماضي؟    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلاّ حبّنا الأخوي ..

عيد البرية عيد المولد النبوي في المشرقين له والمغربين دويّ
عيد النبي ابن عبدالله من طلعت شمس الهداية من قرآنه العلوي
يا قوم هذا مسيحيّ يذكّركم لا يُنهضُ الشرق إلاّ حبُّنا الأخوي
في ملتقى ثقافي فكري لحوارٍ مسيحي إسلامي طلب أحد القساوسة الإذن في مداخلة شفوية، ففاجأ الجمهور بأن أنشد بصوته الجهوري قصيدة "عيد البرية" التي اقتبست منها الأبيات الآنفة في مدح رسول الله (ص) لكاتبها المسيحي الشاعر القروي "رشيد الخوري"، فاهتزّت القاعة بتصفيق حادّ من الحضور الذي كان أكثره من المسيحيين، ولم يُسكِت هذا التصفيق إلاّ ارتفاع صوت رخيم آخر يتلو بخشوع آيات من الذكر الحكيم في مدح السيدة مريم والنبي عيسى (ع) "... إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ .."، فامتلأ جو القاعة بمشاعر أحمدية، عيسوية، روحانية، أخويّة، بعد أن رُدّت التحية بأحسن منها.".
ومن عطر سيرة رسول الله (ص) يُذكر أنه بعد أن استتبّ الأمر له في المدينة المنوّرة، وبدأ إرساء القواعد الأولى للدولة المدنية استقبل في بيته وفد مسيحي نجران وحان وقت صلاتهم أثناء اللقاء، فدعاهم الرسول (ص) إلى أدائها في بيته، إلاّ أنهم آثروا أداء الصلاة خارج البيت، فكان لهم ما أرادوا، ثم استؤنف اللقاء بعد الصلاة وانتهى كلٌّ على دينه ومعتقده، فودّعهم الرسول بمثل ما استقبلهم من حفاوة وترحيب.
كما قرأت في عهده للنصارى الصادر في السنة الثانية من الهجرة ما أثار دهشتي: "وإن احتمى راهب، أو سائح في جبل، أو واد، أو مغارة، أو عمران، أو سهل أو بيعة، فأنا أكون من ورائهم ذابّاً عنهم من كل عدّة لهم بنفسي وأعواني وأهل ملّتي وأتباعي كأنهم رعيّتي وأهل ذمّتي، وأنا أعزل عنهم الأذى .. ولا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا حبيس من صومعته، ولا سائح من سياحته، ولا يُهدم بيت من بيوت كنائسهم وبيعهم، ولا يدخل شيء من مال كنائسهم في بناء مسجد ولا في منازل المسلمين، فمن يفعل شيئاً من هذا فقد نكث عهد الله وخان رسوله .."، فتساءلت، هل أكثر المتلبّسين بلباس الإسلام المنتشرون في العالم اليوم هم أتباع هذا الرسول (ص) صاحب هذا العهد المكدّسة فيه كل القيم الإنسانية السامية؟ وهل كشف لهم أحد عن هذه الجوانب من سيرته (ص) أم أنها طُمست لئلاً تكون شهادة ضدّهم تكشف مخالفتهم الصريحة لنهجه الحضاري المتسامح؟
وفي حكاية أخرى عنه (ص)، أنه قدم المدينة أعرابي من البادية وذهب إلى المسجد ليطلب مالاً منه (ص)، فأعطاه مبلغاً بسيطاً، إلا أن الأعرابي لم يقنع بما أعطاه وتفوّه على النبي بالخشن البذيء من الكلام، ما أثار غضب أصحابه فقاموا له ليطرحوه أرضاً فحال النبي (ص) بينهم وبينه، ثم خرج مصطحباً الأعرابي إلى بيته فزاده شيئاً، ولمّا تبين له أن حال النبي (ص) لا يشبه حال الملوك والأمراء، أظهر الرضا والامتنان له، فقال له رسول الله (ص): "إنك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي من ذلك شيء، وأخشى أن يصيبك منهم أذى، فإن أحببت فقل بين يديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك" – انظر إلى هذا الأدب الجم في تخييره بالقيام بذلك إن أحبب، لا لينتصر لكرامته وإنما ليزيل ما في قلوب أصحابه عليه ولكي يحميه من أذاهم! - فاستجاب الأعرابي، وكرّر ما قاله بين يدي رسول الله (ص) أمام أصحابه .. هنا التفت رسول الله (ص) إليهم قائلاً: "إن مثلي ومثل هذا، مثل رجل له ناقة شردت منه، فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلاّ نفوراً، فناداهم صاحبها: خلّوا بيني وبين ناقتي، فأنا أرفق بها وأعلم، فتوجّه لها وردّها حتى جاءت واستناخت وشدّ عليها رحلها ثم استوى عليها، وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال لقتلتموه ودخل النار" .. وكأني به (ص) يلتفت إلينا اليوم ليكّرر ما قاله قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة عسى أن يجد له مجيباً.
أراني كلما أردّت أن أتحدّث عن رسول الله (ص)، تهرّبت لأختبئ خلف سرد رواية من هنا أو حكاية من هناك، وربما أوغلت في النبش في التاريخ لأبحث عمّا يعيد لهذه الأمة وعيها ويهزّ ضميرها ليخرجها مما تورّطت فيه من عنف، لآتي منها بقبس من خُلق رسول الله (ص) في تعامله مع أهل الديانات الأخرى ومع الجاهل والمبغض فلا أرى إلا اليسر والتسامح والرحمة، فتزداد حيرتي .. أبيننا وبين هذه السيرة الزكية من عداء؟ ولماذا يرتفع صوت ضجيج الفرقة والاختلاف ويبقى صوت الإلفة والمحبة أخرساً؟
ولكن .. لم تعد الصورة داكنة السواد كما السابق، واليوم نحن نحتفل بالمولد النبوي الشريف بنكهة سياسية فريدة، بعد أن تحوّل ما اصطلحت عليه أمريكا باسم "الهلال الشيعي" إلى "الهلال الشعبي" بفضل التعاون الاستراتيجي بين سوريا وإيران حيث تم إلغاء تأشيرات السفر بين البلدين ردّاً على أوامر هيلاري كلينتون التي طالبت سوريا بترك مسافة بينها وبين إيران، وتأكيداً على أن العلاقة بينهما ستتوطّد بمنأى عن أية إملاءات خارجية، وقد صلّى رئيسا الدولتين والوفد المرافق لهما جميعاً صلاة الجمعة جماعة .. ألا فليمُتْ بغيظه من لا يروق له اجتماع أوطان أمّتنا على الوحدة، وليبقَ الصهاينة في قلقهم، وليتمرّغوا في وحل جرائمهم ولينشغل الغرب بإزالة أوساخهم، ولتمضِ الأمة نحو وحدتها وتوحيدها رغم أنف العِدى فتلك أجمل هدية نهديها لخير الورى (ص) في عيد مولده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.