منذ أسبوع، اهتزت شوارع البلاد على وقع أصوات شابة لا تزال في مقتبل العمر، أغلبها من مواليد ما بعد سنة 2000. خرج هؤلاء بلا أجندات حزبية ولا مصالح ضيقة، خرجوا لأنهم ببساطة لم يعودوا قادرين على الصمت أمام واقع يُغلق في وجوههم كل الأبواب: تعليم متهالك، صحة مريضة، وفرص عيش تكاد تكون وهما. هذا الجيل، الذي يُسمّى جيل Z، لم يعد يقبل الحلول الترقيعية ولا الخطابات المكرورة. إنه جيل ولد في زمن الشفافية الرقمية، يعرف كيف يقارن، وكيف يفضح، وكيف يحشد. جيل يرى أن أبناءه في دول أخرى يجدون فرص التعليم والعمل والكرامة، بينما هو يُترك في الهامش ليقاتل يوميا من أجل البقاء. الأخطر أن الاحتجاجات لم تبق في حدودها السلمية في بعض المناطق الهامشية، حيث انفجر الغضب في شكل مواجهات وأعمال عنف. وهذا ليس غريبا: فالمغرب العميق، الذي حُرم طويلا من أبسط حقوق التنمية، لا يملك اليوم ما يخسره. التهميش صنع احتقانا عميقا، وحين يندلع فإنه يهدد بتوسيع الشرخ بين المركز والهامش. الرسالة واضحة ولا تحتاج إلى وسيط: جيل Z يعلن أن الصبر انتهى. لم تعد المسكنات تنفع، ولا الوعود تُقنع. كل تأجيل اليوم هو وصفة لإشعال غضب أكبر غدا. على السلطة أن تفهم أن هذه الاحتجاجات ليست مجرد حركة اجتماعية عابرة، بل جرس إنذار سياسي خطير. إذا لم يُستجب لهذه الصرخة بقرارات جريئة في التعليم والصحة والتشغيل، فإن المستقبل القريب سيحمل ما هو أعنف وأكثر كلفة على الجميع. المطلوب اليوم هو الاعتراف أولا بعمق الأزمة، ثم التحرك العاجل لوضع سياسات تعيد الثقة للشباب. الإصلاح ليس ترفا، بل ضرورة وجودية. فالوطن لا يُبنى بخطابات مُنمّقة، بل بتعاقد جديد يضع الكرامة في قلب السياسات العمومية. جيل Z لم يخرج ليهدم، بل ليقول: نحن هنا، نحن مستقبل هذا البلد، ولن نقبل أن نُقصى من حقنا في الحياة الكريمة.