في لحظة صادقة نادرة، تحوّل لقاء "الجيل الجديد للتنمية" الذي احتضنته عمالة تيزنيت صباح اليوم الجمعة، إلى محطة مؤثرة، بعدما أخذ شيخ ضرير قادم من دوار إغير ملولن، التابع لجماعة الركادة بإقليم تيزنيت،كلمة ليحكي بصدق وحرقة عن واقع التهميش ومعاناة ساكنة العالم القروي. الشيخ، الذي جاوز عمره عتبة السبعين، وقف أمام عامل الإقليم بصوتٍ متعبٍ لكن مفعم بالإصرار، متحدثاً بالأمازيغية ليثير حجم المعاناة التي تتخبط فيها ساكنة اغيرملولن و قس عليها مختلف الجماعات القروية بالإقليم خاصة ما يتعلق بغياب وسائل النقل،و استحضر المتحدث ما وقع له اليوم قائلا: استيقظت منذ الواحدة صباحا و لم يجد وسيلة تُقله إلى مدينة تيزنيت لحضور اللقاء التشاوري إلا حوالي السابعة صباحا" . و لم يفت للشيخ أن يلتمس من عامل الإقليم التدخل في هذا الإطار ، مضيفا أن الحافلة رقم 12 التي يركبها ساكنة اغيرملولن لا تشتغل ، بحسب تعبيره . كلمات الشيخ لامست القلوب، وهو يروي تفاصيل رحلته الشاقة لحضور اللقاء، إذ غادر منزله في الواحدة بعد منتصف الليل، باحثاً بين ظلام الجبل عن وسيلة توصله إلى المدينة، فقط ليكون في الموعد مع مسؤولي الإقليم عند العاشرة صباحاً، وقال المتحدث : "أن اسطول النقل يستفيد من اعانات الدولة لكنه لا يقدم الخدمة المطلوبة للمواطنين " بحسب تعبيره دائما . و أثار الشيخ الضرير كذلك معاناة النساء القرويات مع العزلة والتهميش. قال بحرقة: "عيالات السيد العامل راه خواو الدوار، ما بقى فيهم ما يديرو فيه، مشاو لشتوكة". ورغم فقدانه للبصر، كان صوته نافذاً وضميره يقظاً، يُمثّل بصراحته وكرامته وجع ساكنة الجبل التي تعاني في صمت. أنهى الشيخ كلمته وخرج مترجلاً من القاعة لآداء صلاة الجمعة ،ليعود باحثاً من جديد عن وسيلة تقله نحو الدوار الذي تركه فجراً.. لكنه هذه المرة، ترك وراءه أثراً عميقاً في نفوس الحاضرين.