ميراوي محذرا طلبة الطب: سيناريو 2019 لن يتكرر.. وإذا استمرت المقاطعة سنعتمد حلولا بخسائر فادحة    رصيف الصحافة: إحداث ملعب ضخم في منطقة بنسليمان يثير مخاوف الإسبان    القوات المسلحة الملكية.. 68 عاماً من الالتزام الوطني والقومي والأممي    المداخيل الجمركية ارتفعت إلى نحو 28 مليار درهم خلال أربعة أشهر    انقلاب سيارة يخلف إصابات على طريق بني بوعياش في الحسيمة    وزير العدل يعلن إجراء محادثات أخيرة مع جمعية هيآت المحامين حول قانون المهنة قبل طرحه في البرلمان    المكتب المديري لأولمبيك آسفي يرفض استقالة الحيداوي    وزير التربية متمسك بالمضي في "تطبيق القانون" بحق الأساتذة الموقوفين    تصفيات مونديال 2026.. هذا موعد المباراة التي ستجمع المنتخب المغربي بنظيره الزامبي    "إسكوبار الصحراء".. هذه تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام محكمة الاستئناف بالبيضاء    الفرنسي أوليفيي جيرو يعلن رسميا رحيله عن ميلان إلى "الدوري الأمريكي"    الأمثال العامية بتطوان... (597)    جماهري يكتب: هذه الحكومة لا بد لها من درس في الليبرالية...!    جائزة أحسن لاعب إفريقي في "الليغ 1" تعاكس المغاربة    "أطلنطاسند" تطلق منتوجا جديدا يستهدف المقاولات الصغرى والمهن الحرة    تنظيم الدورة ال23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية "التبوريدة"    اليابان عازمة على مواصلة العمل من أجل تعاون "أوثق" مع المغرب    الجمعية المهنية تكشف عدد مبيعات الإسمنت خلال أبريل    الاتحاد الأوروبي يرضخ لمطالب المزارعين ويقر تعديلات على السياسة الفلاحية المشتركة    أضواء قطبية ساحرة تلون السماء لليوم الثالث بعد عاصفة شمسية تضرب الأرض    النيابة العامة التونسية تمدد التحفظ على إعلاميَين بارزَين والمحامون يضربون    أمن ميناء طنجة يحبط تهريب الآلاف من الأقراص الطبية    "التسمم القاتل".. ابتدائية مراكش تؤجل المحاكمة وترفض السراح المؤقت للمتهمين    المركز الثقافي بتطوان يستضيف عرض مسرحية "أنا مرا"    أحزاب الأغلبية ترشح التويمي لخلافة بودريقة في رئاسة "مرس السلطان"    أوكرانيا تقر بالنجاح التكتيكي لروسيا    صحيفة "ماركا" الإسبانية: إبراهيم دياز قطعة أساسية في تشيكلة ريال مدريد    المندوبية العامة لإدارة السجون تنفي وجود تجاوزات بالسجن المحلي "تولال 2" بمكناس    طقس الثلاثاء.. عودة التساقطات المطرية بعدد من الأقاليم    رشيد الطالبي العلمي في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    هام لتلاميذ البكالوريا بالناظور.. هذه هي تواريخ الامتحانات والإعلان عن نتائجها    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة يحتفي بالسينما المالية    الزمالك يشهر ورقة المعاملة بالمثل في وجه بركان    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    الأساطير التي نحيا بها    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانتخابات في إقليم كشمير؟    "إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    إبراهيم صلاح ينقذ "رين" من خسارة    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توفيق بوعشرين يكتب عن الملك والربيع العربي

1999 و2011 تاريخان وسنتان ورقمان سيظلان محفورين في ذاكرة محمد السادس، ملك المغرب، طوال حياته. في صيف 99، وصل إلى عرش المغرب وجلس على كرسي بقي فيه الحسن الثاني مدة 38 سنة. جاء إلى الحكم ورقة بيضاء بلا سوابق، فحاول أن يخُطَ لنفسه مسارا خاصا. بدأ بتنظيف بيت الحكم مما علق به من أوساخ السلطة، ثم شرع في رحلات مكوكية على طول خارطة المغرب لرتق ثقوب المملكة الاجتماعية التي كانت أكبر متضرر من حكم الحسن الثاني فوق عرش المغرب. كثيرون هم المراقبون في الداخل والخارج الذين كانوا يعتقدون أن الابن لن يسد فراغ الأب، لكنهم أخطؤوا. محمد السادس، الذي قال لمادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، وهي جالسة أمامه في الشهور الأولى لحكمه: «إنني مهما قلت لكم عن اختلافي عن والدي، وإنه هو هو وأنا أنا، فإنكم لن تتوقفوا عن التطلع إلى صوره خلفي، فليكن إذن، بيننا الزمان». محمد السادس، الذي قال هذا الكلام، هو الذي احتفظ بكل سلط والده وزاد عليها، وهو الذي حكم بدستور الحسن الثاني 12 سنة دون تغيير، إلى أن حل فبراير من سنة 2011.. السنة التي ستهب فيها على المملكة رياح شرقية حاملة معها «ربيعا عربيا» لا يعرف أحد أي زهور أو أشواك يحملها معه. سنة كانت بعمر 20 سنة.
الشباب الذين فتحوا أعينهم في عهد الملك محمد السادس، ولم يعرفوا شيئا عن حكم والده، خرجوا إلى الشوارع في المدن والقرى يطالبون بملكية برلمانية وبإصلاحات عميقة تجاوزت سقف مطالب الأحزاب التي عشش «الكسل السياسي» في بيوتها، وفقدت القدرة على رفع سقف مطالب ماتت مع انقضاء سنوات الستينات والسبعينات. شباب «الفيسبوك» و«التويتر» تمرد على آبائه ونزل إلى الشارع يطالب بمغرب جديد وبعهد جديد وتركيبة حكم جديدة، لأن أحلامه وآماله أصحبت أكبر من جلباب الآباء والأمهات.
كانت المملكة على شفا الانزلاق إلى «ميلاد سلطوية جديدة» بعد أن ظهر حزب الدولة، ورجعت انتهاكات حقوق الإنسان، وضاق الخناق حول الصحافة الحرة، وظهرت المقاربة الأمنية والتقنوقراطية عوض المقاربة السياسية والحقوقية التي بدأ بها العهد الجديد أيامه الأولى في الحكم...
الهدوء الذي ساد في المملكة قبل 20 فبراير كان الهدوء الذي يسبق العاصفة، وكذلك كان. اهتزت الأرض يوم 20 فبراير، حيث خرج الشباب في أكثر من 48 مدينة وعمالة وإقليما يطالبون بدستور جديد وحكومة جديدة وبرلمان جديد ومناخ سياسي واقتصادي وإعلامي جديد. لم يقع في المغرب ما وقع في تونس أو ليبيا أو مصر أو سوريا أو اليمن... منذ اليوم الأول، أخذت السلطة قرارا بعدم إراقة الدم، وبالتعامل الناعم مع مطالب الشارع، بالاستجابة تارة، والاحتواء أخرى...
محمد السادس لم يضيع الوقت. أطل على شعبه يوم 9 مارس، أي بعد 17 يوما فقط من بداية الربيع المغربي، وقدم تنازلات كبرى من مخزون السلطة التي ورثها عن والده، ثم وعد بدستور جديد وحكومة جديدة وبرلمان جديد وصفحة جديدة تفتح في مغرب الغد... خطاب صدم الكثيرين، وهو ما عبرنا عنه حينها بعنوان في صدر الصفحة الأولى لهذه الجريدة: «الملك يسقط النظام»... جاء دستور يوليوز 2011 أقل من طموح خطاب 9 مارس، وجاءت انتخابات نونبر أكثر شفافية من سابقاتها، ثم تشكلت حكومة على رأسها حزب معارض، وفوق هذا ملتح. وبدأت تتشكل معالم خروج المملكة من «الربيع العربي» بأقل تكلفة ممكنة.. الإصلاح مع الحفاظ على الاستقرار، وهذه الوصفة هي الأقرب إلى المزاج «المحافظ» للبلاد. لقد اقتنعت الطبقة الوسطى بأن الملكية مازالت قادرة على إدارة عملية التغيير، عكس جل الأنظمة الأخرى التي رفع المحتجون في وجوهها منذ اليوم الأول شعار: «ارحل».
الآن وقد «استوت» الوصفة المغربية للخروج من أزمات أنظمة الحكم العربية، فإن القصر أمام تحديات كثيرة لتزويد قطار الإصلاحات بما يكفي من وقود ليظل على السكة متحركا ومنتجا لمزيد من الإصلاحات الديمقراطية والمؤسساتية. ركوب الإصلاح مثل ركوب عجلة هوائية، إذا توقف السائق عن الحركة يسقط.
البلاد بحاجة إلى تأويل ديمقراطي للدستور يكمل عيوب الوثيقة التي خرجت من صراع الصقور والحمائم، والبلاد بحاجة إلى تعايش بناء بين القصر ورئاسة الحكومة، والبلاد بحاجة إلى تحصين حقوق الإنسان من الانتهاك، والقضاء من التبعية والتوظيف السياسي، والإعلام من الرقابة والدعاية، والاقتصاد من الريع... المغرب بحاجة إلى طلاق لا رجعة فيه مع السلطوية والتحكم والفساد. والملك اليوم، بما راكمه من مشروعية، يقدر على قيادة البلاد في هذا الاتجاه، حتى لا نعيش مرة أخرى فصول ربيع لا غربي ولا شرقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.