مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المسطرة الجنائية    طنجة المتوسط.. مجموعة سويدية تدشن وحدة صناعية جديدة متخصصة في المحامل المغناطيسية    باكستان تستعد لدخول عصر جديد من التفوق الجوي بحلول صيف 2026    الرباط تؤطر الاهتمام الدولي ب"حل الدولتين" لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي    السغروشني: مناظرة الذكاء الاصطناعي قادمة.. والأمازيغية تنال عناية الحكومة    أداء إيجابي لبورصة الدار البيضاء    منح الترخيص لأول مقاولة للخدمات الطاقية بالمغرب    الأغلبية بمجلس النواب تؤازر الوزير وهبي لإخراج مشروع المسطرة الجنائية    الوداد يفسخ عقد موكوينا بالتراضي    لقجع يحث "الأشبال" على الجدية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    العرائش تحتفي ب20 سنة من التنمية    متهم بالاختطاف والتعذيب وطلبة فدية.. استئنافية الحسيمة تدين "بزناس" ب20 سنة سجناً    مؤلم.. عشريني ينهي حياة والده بطعنة قاتلة    وفد من مركز الذاكرة المشتركة يزور الشيخة الشاعرة والمفكرة سعاد الصباح    'الأسد الإفريقي 2025': مناورات لمكافحة أسلحة الدمار الشامل بميناء أكادير العسكري    كالاس: الاتحاد الأوروبي سيراجع اتفاق الشراكة مع إسرائيل    وزيرة الخارجية الفلسطينية تشكر الملك محمد السادس لدعمه القضية الفلسطينية والدفع نحو حل الدولتين    استثمار تاريخي بقيمة 15 مليار دولار ينطلق بالمغرب ويعد بتحول اقتصادي غير مسبوق    حديث الصمت    الخارجية الصينية: ليس لدى تايوان أساس أو سبب أو حق للمشاركة في جمعية الصحة العالمية    أخنوش: إصلاح التعليم خيار سيادي وأولوية وطنية    وزير العدل: كنت سأستغرب لو وقع نواب "الاتحاد الاشتراكي" مع المعارضة على ملتمس الرقابة    بعد مشاركتها في معرض للصناعة التقليدية بإسبانيا.. مغربية ترفض العودة إلى المغرب    نقل إياب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم إلى زنجبار    حموشي يستقبل حجاج أسرة الأمن الوطني    ثلاثة مراسيم على طاولة المجلس الحكومي    تلك الرائحة    الناظور.. المقر الجديد للمديرية الإقليمية للضرائب يقترب من الاكتمال    انقطاع واسع في خدمات الهاتف والإنترنت يضرب إسبانيا    كيف تعمل الألعاب الإلكترونية على تمكين الشباب المغربي؟    عصابة المخدرات تفشل في الفرار رغم الرصاص.. والأمن يحجز كمية ضخمة من السموم    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الكاميرون بمناسبة العيد الوطني لبلاده    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    هذا المساء في برنامج "مدارات" : لمحات عن علماء وأدباء وصلحاء منطقة دكالة    40.1% نسبة ملء السدود في المغرب    الوداد الرياضي يُحدد موعد سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية    مسؤولون دوليون يشيدون بريادة المغرب في مجال تعزيز السلامة الطرقية    يوسف العربي يتوج بجائزة هداف الدوري القبرصي لموسم 2024-2025    صلاح رابع لاعب أفريقي يصل إلى 300 مباراة في الدوري الإنجليزي    ماكرون وستارمر وكارني يهددون إسرائيل بإجراءات "عقابية" بسبب أفعالها "المشينة" في غزة    العدالة والتنمية يحذر من فساد الدعم وغياب العدالة في تدبير الفلاحة    مكالمة الساعتين: هل يمهّد حوار بوتين وترامب لتحول دراماتيكي في الحرب الأوكرانية؟    الاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة أساسية لتنمية شاملة ومستدافة" شعار النسخة 6 للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بوجدة    نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي: لنخصص يوماً وطنياً للمتاحف في المغرب    مسرح رياض السلطان يواصل مسيرة الامتاع الفني يستضيف عوزري وكسيكس والزيراري وكينطانا والسويسي ورفيدة    شاطئ رأس الرمل... وجهة سياحية برؤية ضبابية ووسائل نقل "خردة"!    "win by inwi" تُتَوَّج بلقب "انتخب منتج العام 2025" للسنة الثالثة على التوالي!    مستشفى صيني ينجح في زرع قلب اصطناعي مغناطيسي لطفل في السابعة من عمره    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمان ياضنين أياد !! (2/2)
نشر في تيزبريس يوم 19 - 10 - 2016

من غير المُجدي أن نُطيل الكلام عن ماهية "الأصالة والمعاصرة" ومدى أحقّيته بالتّواجد في المشهد الحزبي، وآلياته الوظيفية التي يشتغل عليها لحصد المقاعد، وحقيقة الخطيئة الأولى التي لازمته منذ النّشأة إلى حدود اليوم، فهذا شأن آخر له أهله الذين تكلّموا فيه كثيرا، بقدر ما يهمّنا معرفة ما يُفكّر فيه كبار الأعيان بالإقليم الآن، خاصّة الذين دخلوا السّياسة الحزبية من باب ال"تراكتور"، بعدما تبيّن أنّ رهانهم بات خاطئا، وأنّ صوتهم الذي كان بالأمس القريب مسموعا لدى فئات عريضة من المجتمع، بات لا يُجاوز حناجرهم، بله الطّبقات المُتملّقة التي تحيط بهم، وتُبرز لهم الابتسامات الصّفراء، وتبيع لهم الوهم دون أن يُفكّروا ساعة من مغبّة الموائد الدّسمة.
فلكلّ لحظة رجالاتها، ولكلّ موقف صاحبه، لكنّ الذي باع الوهم لهؤلاء على صعيد الإقليم يستحقّ أن يكون رجل المرحلة بامتياز، بحكم أنّه لم يدرس جيّدا المياه التي دفع هؤلاء للسّباحة فيها، ولم ينظر إلى الواقع المجتمعي التّزنيتي نظرة ثاقبة، بقدر ما بنى على مُعطيات عتيقة عفا عنها الزّمن.
أمّا المُعطى الأوّل، فاعتبار الأعيان بوّابة مركزية لاقتحام الإقليم، كما فعل آخرون في فترات انتخابية سابقة ونجحوا في ذلك، على أنّهم مُحرّك أساسي للمجتمع المغربي التّقليدي، وإن شئت قلت "المجتمع القروي" تحديدا، وهو ما لم يُؤت ثماره في انتخابات 07 أكتوبر، على اعتبار أنّ هذه القوّة لم تعد "تلك الفئة النّاطقة باسم الجماعة التي ينتمون إليها"-ريمي لوفو-، أو "أشخاص فوق العادة" بتعبير –عبد الرّحيم العطري-، بقدر ما صارت جزءا مُنصهرا في جماعة لها رؤوس مُتعدّدة. فالفاعل المدني اليوم له قُدرة لا عجيبة في التّوغّل داخل المُجتمع، بما يحوزه من وسائل قانونية تجعله وسيطا لولوج المواطن البسيط إلى الإدارة بتعقيداتها أو إلى مُختلف المصالح التي يُحتاج إليها بين الفينة والأخرى، حتّى في غياب ذاك الذي يُعدّ نفسه من فئة الأعيان، وهو ما فطن له "الأحرار" مُبكّرا فكوّنوا شبكة من المُنتخبين والفاعلين استطاعوا بهم حصد مقعد انتخابي، كما أنّ صوت الجيل الصّاعد يُهدّد هذا الكيان العتيق بالانمحاء، ويعتبره لا شيء أمام سيادة ثقافة الفردانية، والانسلاخ من الجماعة..
وأمّا المُعطى الثّاني، فوجود وسائل إعلام جبّارة اقتحمت القُرى، وحملت معها أصوات السّاسة إلى داخل البيوت، وباتت جلسات البرلمان بغرفتيه تُتابع من طرف كثيرين لم يكونوا يُعيرون لها أيّ اهتمام، وينتظرون الحُروب الكلامية بين "مُمثّلي الأمّة" على أنّها موضة جديدة انتزعت الأحقّية من المُسلسلات المُدبلجة. ولنفرض –مثلا- أنّ شيخا هرما ينتقل بين القنوات العمومية فإذا به يقع على جلسة يتحدّث فيها رئيس الحكومة بعفويته المعهودة، وبلُغته التي تنهل من قاموس الدّارج في الكلام، مُفعمة بمشاعر الخطابات الجماهيرية، فينبهر بهذا السّلوك ويُدمنه، هل سيُقنعه مُرشّح لا يعرفه قدم في "الدّقيقة 90" على ظهر وسيلة نالت ما يكفي من القصف الحزبي؟ !.
وأمّا المُعطى الثّالث، فالحماسة الضّعيفة/الغائبة لدى –المُتواجدين في ميدان الحملات، عكس الأحزاب "الشّعبية" التي دفعت بمُناضليها، العارفين بخبايا التّواصل مع المواطن البسيط، ذلك أنّ الكثيرين –وأنا التقيت بعضا منهم- يُظهرون للمُتلقّي ما يُفيد اللاّمبالاة/ عدم الاقتناع في تأدية المهامّ الموكولة إليهم، إنّما ينتقمون لأنفسهم في ممارسة هواية الرّكوب على "داسيا لوكاسيون"، معتبرين أنفسهم مُجرّد أجراء بُسطاء، سيتخلّصون من عبء هذا العقد عشية السّادس من أكتوبر.
أضف إلى هذا، بعض الغوغائية المُصاحبة لأيّام الحملة، والتّجمّع الخطابي ل"بنشمّاس" على إيقاع مجموعة "أودادن"، وممارسات أخرى لا داعي لبسطها هنا، دقّت آخر مسمار في نعش الجرّار بالإقليم.
الوضع إذن، شبيه بحال ذاك الضّفدع الذي ألف العوم في بركة مائية على عادة البرمائيات، فإذا به تحمله الأقدار ذات مرّة إلى مرجل يغلي فوق نار هادئة، فأحسّ من تحت رجليه بحرارة الموقد، فطن من خلالها إلى وجود تغيّر على مُستوى المياه المألوفة، لكن، بعد فوات الأوان، لتصير حكايته ضاربة في الأمثال الشّعبية، كناية عن تبدّل الأحوال:"أمان ياضنين أياد!!".
أنا لست ضدّ ما قيل من مدح عن السّيّدين "مصطفى مُشارك" أو "مصطفى أمهال"، فهما في الأخير شخصيّتان اقتصاديتان عصاميتان لهما وزنهما واعتبارهما وطنيّا وإقليميّا، ولا ينتظران من أحد اعتمادا لإثبات ذلك، لكنّي ضدّ المُمارسات الحزبية التي طالت ترشّحهما على ظهر الجرّار بطريقة تقليدية تُوحي بوجود أزمة في الخطاب مع الجماهير التّزنيتية التي قطعت أشواطا من الوعي السّياسي لا يُستهان به أبدا، ولستُ هنا في معرض تصريف حقد حزبيّ دفين، بقدر ما حاولت نقل ما يدور بين المواطنين البسطاء من كلام لا يصل الذين يُفصّلون الخرائط الانتخابية على مقاساتهم، لأنّهم ببساطة يُسيّجون قناعاتهم بما يُحبّون أن يُقال لهم، مُتناسين أنّ الوضع يقتضي جسّ نبض كافّة الأصوات، بما في ذلك التي تنتقدهم بشدّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.