تحدثت مختلف وسائل الإعلام عن قرار النظام الحاكم في الجزائر بإغلاق قناة "الوطن"، وهو القرار الذي خلف ردود فعل قوية في مختلف أنحاء العالم، وتم اعتباره تعسفا واضحا ضد حرية التعبير التي تعرف محنة كبرى في ظل النظام المذكور الذي يشدد الخناق على كل وسيلة إعلام لا تسبّح بحمده ولا تسير في ركبه. وهو ما عبر عنه أكثر من مسؤول جزائري، ومنهم على الخصوص وزير الاتصال حميد قرين الذي يستمد قراراته من التعليمات الصادرة من جهاز المخابرات الذي يحصي النفس والأنفاس في الجزائر. في الحقيقة لم تكن قناة "الوطن" التي تم منعها وإغلاقها الأولى التي تخضع لهذا القرار، بل إنها لقيت نفس المصير الذي عرفته زميلتها قناة "الأطلس" التي تم إغلاقها في شهر مارس 2014، بعد أن تم توجيه تهمة "التحريض" ضدها، وهو ما يجعل المراقبين لا يتفاجأون لمثل هذه الممارسات التي يسلكها النظام الجزائري المعروف عنه حساسيته الشديدة إزاء الإعلام، بدليل أن مسلسل المنع والإغلاق والتهديد والتضييق لمختلف وسائل الإعلام هو في الحقيقة سياسة رسمية ينهجها النظام منذ أن كان. وهو، بالتالي، يسير على هذا النهج منذ استقلال الجزائر. المثير للانتباه في هذا الأمر هو تشابه السلوك التحكمي القمعي للسلطات الجزائرية بخصوص توقيف القناتين المذكورتين عن البث. بالنسبة لقناة "الأطلس"، أمرت السلطات بوقفها ومنعها بعد توجيه اتهام مباشر مع تكليف القوات العمومية بالقيام بالهجوم على مقر القناة، الكائن في بئر خادم بالعاصمة، بناء على أوامر وكيل الجمهورية، الذي أصدر وثيقة من محكمة سيدي امحمد بالعاصمة ب"التفتيش وحجز كل ما له علاقة بالتحريض" وإزاء هذا العمل قال مدير قناة "الأطلس"، وقتها، حفناوي غول، إن السلطات "مارست علينا ضغوطا بسبب ما نبثه وهو ما تسبب في وقف البث" نفس الهجوم والاقتحام ثم الإغلاق ستقوم به قوات الأمن الجزائرية على مقر قناة "الوطن" الكائن في درارية بالعاصمة، بناء على أمر صادر من والي ولاية العاصمة. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن وزير الاتصال حميد قرين، أعلن يوم 7 أكتوبر الجاري، عن رفع وزارة الاتصال شكوى ضد قناة "الوطن" الجزائرية على إثر بثها تصريحات أحد الضيوف الذي "أساء لرموز الدولة والجمهورية. وأشار الوزير إلى أن هذه القناة التلفزيونية "تعمل بطريقة غير قانونية وغير شرعية. وأنا أعي جيدا ما أقول". أما صاحب القناة، جعفر شلي، ومدير الأخبار بالقناة، نصر الدين قاسم، فقد دافعا عن استضافة مدني مزراق باعتباره "شخصية وطنية"، على حد تصنيف الحكومة له، خاصة أن النظام نفسه أشركه في المشاورات حول تعديل بعض بنود الدستور، وهي المشاورات التي ترأسها المستشار في رئاسة الجمهورية وأحد رموز النظام، أحمد أويحي. ارتباطا بالموضوع، كشف وزير الاتصال، حميد قرين، أن الوزارة ستعقد اجتماعا للفصل في مصير القنوات الخاصة، التي تنشط في أغلبها، كما قال، من دون اعتماد وبطرق غير قانونية. إلى جانب هذا المنع ضد وسائل الإعلام، هناك منع آخر يتعلق بالأشخاص، بمن فيهم الشخصيات الجزائرية، كانت مدنية أو عسكرية. وهو المنع من السفر خارج البلاد. وفي هذا الإطار يأتي منع اللواء كحال مجدوب من السفر إلى باريس. وقد انتابت الضابط الجزائري الكبير، الذي كان يشغل منصب مدير الحرس الرئاسي، أزمة صحية في مطار هواري بومدين حيث كان يستعد للتوجه إلى العاصمة الفرنسية، إلا أن الرجل تفاجأ بمنعه من السفر من طرف شرطة الحدود. تجدر الإشارة إلى أن اللواء مجدوب تلقى في المدة الأخيرة استدعاء من طرف القضاء حيث تم الاستماع إليه وتسجيل تصريحاته، علما أن هذا الاستدعاء يأتي بعد عملية إطلاق النار التي عرفتها الإقامة الرئاسية خلال شهر رمضان الماضي.