من تحرى في التشكيل الفسيفسائي للتركيبة البشرية للمكتب المسير للوداد البيضاوي، يدرك أن الفريق الأحمر، وهو يراهن على خدمات وزير اتحادي حقيبته هي التشغيل، عازم على معانقة الأرقام والحصائل الإيجابية، ليس على صعيد النتائج الميدانية التي لا تتعدى ثلاثية الانتصار والهزيمة والتعادل، وإنما على صعيد الدخول الفعلي في عالم الاحتراف المرحلي على الأقل، وذلك بربط ميدان التشغيل والمقاولة وإنعاش الشغل والكفاءة بعالم الكرة "الهاوية" في فريق يعتبر نفسه أم الكرة في المغرب ورائد الفرق، وضع نصب عينيه التألق "الأزلي" بالتصالح مع ماضيه عن طريق التوهج والتألق، مخصصا لذلك أغلفة مالية ضخمة وترسانة من اللاعبين وتركيبة جهنمية من المسيرين تختلف في المكانة الاجتماعية والقيمة المالية والكفاءة المعرفية والمنصب النافذ. ومن نبش في تاريخ الفريق الأحمر وقارن بين وداد أمس القريب والوداد التي يريدها أصحابها اليوم، يفطن بسرعة البرق إلى نوايا مسيريه الذين أرادوا في هذا الوقت وليس في أي وقت آخر أن يرقوا به إلى مصاف المقاولة المحترفة داحضين العلاقة مع التسيير الارتجالي الذي يتحكم فيه الشارع البيضاوي، انطلاقا من المقاهي والمنتديات والمكاتب الفخمة ذات الأرائك الوثيرة التي يقتعدها موظفون ومقاولون ومنعشون وساسة عاطفون ومحبون بيضاويون وغير بيضاويين في محتدهم. نعم من نبش في هذ التاريخ، يجد أن الوداد عاش أزهى فتراته على صعيد حصد الألقاب الوطنية والجهوية في عهد رئيسه الراحل عبد الواحد مكوار الذي شغل منصب سفير للمغرب في هولندا، وسير الفريق الأحمر بقبضة من حديد وبأخرى من حرير جعلت الفريق "يهفو" شيئا ما إلى الاحتراف ويكون نبراس الفرق الوطنية ونموذجا لها في سياسة التكوين وتفريخ النجوم واللاعبين والأطر، وتعزيز صفوف المنتخب الوطني الذي كان بريادة الوداد رائدا للكرة المغاربية والإفريقية. ومن استمر في النبش، يجد أن الفريق الأحمر حين ظل يجني فواكه التسيير الإيجابي لسياسة المرحوم مكوار الكروية أكثر من عقد استمر خلاله الوداد يعطي وينتج ويحصد إلى أن نفِد معين هذه السياسة/الموروث، وارتبطت الوداد في شق آخر من تاريخه بداية من أواسط عقد التسعينيات بسياسة المقاولة التي تهدف إلى الربح من دون الاستثمار الفعلي المرتهن ببرامج بعيدة ومتوسطة المدى تعود بالنفع على الفريق وعلى الكرة المغربية عامة. ولعل المتمعن في عهد الرئيس عبد المالك السنتيسي الدكتور ومحمد اجضاهيم العميد، ونصر الدين الدوبلالي المستثمر الأول مغربيا وإفريقيا في مادة الزبدة، وبعدهم المنجرة والفشتالي ثم أكرم، يجد فيهم نماذج واضحة لبداية الإخفاق في تثبيت الوداد على ركائز احترافية ومقاولاتية أرادها له المرحوم مكوار قبل أن يتشدق مسؤولو الكرة في المغرب بسياسة الاحتضان والاستشهار والتفكير في الاحتراف الذي كان بعيد التحقيق. الالتجاء إلى وزير كيفما كان طيفه وانتماؤه السياسي، وكيفما خفت موازين حقيبة مسؤوليته أو ثقلت، لا يعني أن الوداد في حاجة إلى رجال يرقون بها إلى حصائل ماضيها البراق، وإلا ماذا سيقدم لها أغماني من جديد كروي ومادي أو لوجيستي أو علمي رياضي إلا أجندته الواسعة من العلاقات مع أصحاب المقاولات في إطار التنافس الثنائي الذي تخوض غماره الوداد في البيضاء والمغرب قاطبة ضد الغريم التقليدي الرجاء البيضاوي الذي يضم في مكتبه المسير محمد حوراني رئيس الباطرونا المغربية أي الاتحاد العام لمقاولات المغرب. وبمعنى آخر بماذا سيفيد الودادَ وزيرٌ قادم من سلا يوجد في آخر أيام وشهور استوزاره، ما دام الاستحقاق الانتخابي التشريعي لا تفصل بيننا وبينه إلا سنتان على أبعد تقدير، إن لم يكن التغيير في إطار التعديل الحكومي يطوّق عنقه ليذهب إلى حال سبيله في الأيام القليلة المقبلة؛ نعم ماذا سيستفيد الوداد من هذا الوزير، إن لم يكن هو الذي سيستفيد من الفريق الأحمر لتلميع صورته الانتخابية بالركوب على النتائج الإيجابية إن تحققت للوداد البيضاوي، الذي كان نهاية الموسم الرياضي قريبا من فقدان لقب كان في متناوله، حيث لم ينفعه لا وجود والي البيضاء الأسبق، ومعه آخرون منهم من له قيمة مدير عام "سامير"، لولا ألطاف الخطوات الأخيرة وحساباتها التي يتفنن فيها راسخون في علم الكرة لا علاقة لهم لا بالديبلوماسية أو الاستوزار أو الوظيف السامي أو المركز الاقتصادي. محمد عفري