في ظل الجدل الدائر حول غرامات شركات المحروقات في المغرب، أكد رئيس مجلس المنافسة خلال لقاء "مقهى المواطنة" الذي نظمته حركة المواطنون بمدينة الدارالبيضاء يوم 13 من الشهر الجاري، أن المجلس لم يتساهل مع الشركات المتورطة في ممارسات منافية للمنافسة. وأشار إلى أن الغرامات المالية التي فرضت على تسع شركات محروقات كانت أقصى عقوبة ممكنة، معتبرًا أن هذه الإجراءات تهدف إلى الحفاظ على استمرارية نشاط الشركات وحماية فرص العمل للشباب المغربي. غير أن البرلمانية نعيمة الفتحاوي رأت أن هذه الغرامات ليست عقوبات بالمعنى الحقيقي، بل هي مجرد استرداد لجزء من الأموال التي جنتها الشركات من خلال التلاعب بأسعار المحروقات. وأوضحت أن هذه الممارسات أثرت سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة الفقراء وأصحاب الدخل المتوسط. واستشهدت بتصريح الدكتور عبد الله بوانو، رئيس المهمة الاستطلاعية حول أسعار المحروقات، الذي كشف أن الشركات حققت أرباحًا إضافية تقدر ب7 مليارات درهم في سنة واحدة فقط، نتيجة التلاعب بالأسعار. وأضافت الفتحاوي أن إحدى الشركات شهدت أرباحها تضاعف ثلاث مرات في المغرب بينما كانت تسجل خسائر في الخارج، مما يثير تساؤلات حول عدالة الغرامات المفروضة مقارنة بحجم الأرباح غير المشروعة. ولفتت إلى أن هذه الشركات قد تكون حققت أرباحًا تجاوزت 50 مليار درهم منذ عام 2015، بينما طُلب منها استرداد جزء بسيط فقط. من جهته، دافع رئيس مجلس المنافسة عن قرارات المجلس، مؤكدًا أن الغرامات المالية تهدف إلى زجر المخالفات دون الإضرار ببقاء الشركات، مما قد يؤدي إلى فقدان الوظائف. إلا أن الفتحاوي اعتبرت أن هذا التبرير لا ينطبق على حالات استرداد الأموال المغتصبة، مشددة على أن العقوبة تختلف عن استرداد ما سُرق. يذكر أن مجلس المنافسة كشف في 23 نونبر 2023 أن الشركات التسع المتورطة في ممارسات منافية للمنافسة، بما في ذلك التنسيق في الأسعار والتلاعب بالمنافسة، ستؤدي مبلغ 1.840 مليار درهم كتسوية تصالحية. هذه الممارسات أدت إلى ارتفاع أسعار المحروقات بشكل مصطنع، مما أثر سلبًا على المستهلكين وقلص من خياراتهم في السوق. في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: هل الغرامات المفروضة على شركات المحروقات تحقق العدالة للمواطنين، أم أنها مجرد إجراء شكلي لا يعكس حجم الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للمغاربة؟