الرجاء البيضاوي التي أنشأها المرحوم بالحسن المعروف ب"الأب جيكو" إبن مدينة تارودانت والتي حولها إلى قبلة للعشق والإبداع الكروي، وبلغت العالمية عبر محطات عدة وحولت مدينة الدارالبيضاء إلى موسم دائم للأفراح في الشوارع والأزقة والمدرجات وأنجبت لاعبين كبار مثل سعيد غاندي وحمان ويوسف السفري والشادلي وبوشروان إستطاعت هذا الأسبوع أن تحلق بعيدا وامتد صيتها إلى القارات الخمس، حيث تأهلت لنصف نهاية كأس العالم للأندية البطلة، وحققت للمغرب طفرة نوعية كبرى نابت عن كل السياسات الفاشلة في تسويق صورة تعبر عن حضارة وتاريخ الشعب المغربي المشرئب دوما إلى التألق في كل المجالات، ورغم أن حفل الإفتتاح كان مرتجلا وأساء إلينا جميعا فإن الرجاء المغربي أزاح بكل براعة هذه الصورة التي خدشت الصورة الحقيقية للشعب المغربي الضارب في التاريخ وأرسلت رسائل متنوعة لكل المسؤولين الرياضيين على أن اللاعب المغربي المحلي له مؤهلاته الخاصة والتي تحتاج فقط للتشجيع والتحفيز والثقة في النفس، ونابت الرجاء كذلك عن إخفاقات المنتخب الذي سقط منذ سنوات في أيدي أساءت تدبيره وبذلك أساءت لكل الجماهير الكروية المغربية التي تعشق إلى حد الجنون وطنها وفريقها الوطني، لكن الرجاء أماط اللثام عن هذا المسخ الذي عشناه، وهذه الإنتكاسات التي أذاقها لنا فريق باسم الوطن إكتسحه محترفوا المال والشهرة بعيدا عن كل الروح الوطنية التي ينبغي إستحظارها كلما تعلق الأمر بوطن إسمه المغرب.وظهر جليا في كل البوادي والمداشر والمدن المغربية العشق الذي تكنه الجماهير المغربية لفرقها ولعلمها الوطني والتي حولته الرجاء المغربية إلى سنفونية كبرى رقصت على نغماتها الجماهير، واستبشرت خيرا بهذا الإنجاز واستمرت أفراحها على كل الوجوه وهذه برقية مستعجلة للمسؤولين على أن المغاربة بمختلف شرائحهم في حاجة إلى ما يثلج صدورهم بعد كل النكبات التي راكموها في كثير من المجالات التي أفرزت أجواء من القلق النفسي على جميع المستويات ومنها المجال الرياضي الذي يحتاج إلى شيء واحد هو الروح الوطنية والثقة في النفس لكل أفراد الشعب، ومن المؤسف جدا أن تنوب عنا الرجاء لوحدها في معالجة هذه السقام التي لحقت بنا، حتى الإعلام المغربي المشلول لم يسوق في هذه التظاهرة الرياضية الكبرى لصورة المغرب وكأنها تجرى في جزيرة الكاربي، ولم يحرك بالوجه المطلوب حماسات الرياضيين وكأنه مساهم إلى حد الإنفضاح في مؤامرة مكشوفة لا ندري ماهي نوايا محركيها، ومن يكون وراءها وما هو المقصود منها، ولم يتحرك إلا عندما فرضت عليه الرجاء نتائجها وقوتها واكتساحها لقلوب الجماهير، وللأسف الشديد نجد أن الجزائر وتونس ومصر وكل الدول العربية والخليجية وحتى الغربية تتابع بإعلامها وصحفييها أخبار هذه البطولة وتنتشي بكل الحماس للوجه المشرف لفريقنا الرجاء المغربي وللاعبيه، فماذا أصاب أجهزتنا أم أن هناك ما يستحق الوقوف عند هذا الصمت الرهيب لإعلام الدولة على الخصوص الذي يمول من جيوب الفقراء والدراويش. ما أبهرني حقا وأنا أتابع هذا العرس الرياضي الكبير هو تلك الجماهير من مختلف الأعمار التي حجت إلى أكادير وغزت كل مدن سوس تلتحف الراية الوطنية والألوان الخضراء شعار فريقها، وبنفس الحماس تستعد للسفر مع فريقها إلى مراكش الحمراء لتكتب صفحات أخرى من الهيجان المغربي، ومن العشق للوطن ولكل مبدعيه، أبهرني أن ترى الشباب وهم يحملون بين صدورهم قلبا مملوءا بحب الوطن، وبجيوب فارغة إلا من الحماس والشعارات التي تذكي الحماس وتزرع الأفراح في المدرجات، الجماهير هي ملح كل التظاهرات والقرارات ، هي الرأي العام الآخر الذي يصنع حضارة الشعوب واقتصادها وتاريخها، والجماهير هي التي صنعت أمجاد الرجاء وستسافر بها بعيدا نحو العالمية رغم كل الإحباطات، فلذلك لا نستغرب إذا تحولت كل الدارالبيضاء إلى مراكش لمساندة فريقها، ولا نستغرب إذا اكتسحت كل الجماهير الرياضية المغربية من وجدة والعيون وطنجة ووارزازات عاصمة النخيل، لتتابع عن كثب إستحقاق فريقها للوصول إلى المقابلة النهائية، وقد أرسل مشجعوا الرجاء شعارات الدلالة على ذلك عبر الشعار الذي يحمل كل معاني التربية المغربية والحنين لعاطفة الأسرة وخصوصا الأم التي هي الحضن في كل شيء ذلك الشعار الحماسي الذي بعث به الرجاويون لأمهاتهم: ألو الوليدة…صيفطي اللعاقا ..الرجاء باقا، أو ذلك الشعار الآخر الذي يحمل في طياته آلاف المعاني عن الضيافة المغربية والتلاحم الوطني ولو في شكله الفرجوي: والمراكشي وجد الطنجية را الرجاء جايا. محمد جمال الدين الناصفي