بوريطة يجدد بنيويورك في لقاء مع دي ميستورا تأكيد ثوابت المغرب بشأن قضية الصحراء    بنك المغرب يقرر الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في 2,25 بالمائة    بمقر الأمم المتحدة.. 6 دول جديدة تعلن اعترافها بدولة فلسطين    تدشين مصنع لصناعة المركبات المدرعة القتالية WhAP 8×8 ببرشيد    حتى "الجن"، حاول الهرب من الجزائر    إنريكي أفضل مدرب ودوناروما أفضل حارس مرمى    بونو فخور بترتيبه بين أفضل الحراس    هل ظُلم أشرف حكيمي في سباق الكرة الذهبية؟    توقيع برنامج عمل لتكوين السجناء في الحرف التقليدية واتفاقية إطار لتنزيل قانون العقوبات البديلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    دعم مغربي رفيع المستوى يعزز مكانة مهرجان "مينا" السينمائي بهولندا    نجل فضل شاكر يكشف عن أغنية جديدة مع سعد لمجرد    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    صيادلة المغرب يعودون من جديد إلى التصعيد ضد وزارة الصحة..    اضراب وطني يشل الجماعات الترابية باقليم الحسيمة    سهرة فنية كبرى بمراكش تجمع سعيد الصنهاجي ويوسف كسو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    الجزائر بين الاعتقالات والهروب: صراع الأجهزة الأمنية يبلغ ذروته    للمرة الثانية على التوالي.. تتويج أيوب الكعبي بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    نيويورك: الباراغواي تعترف بسيادة المغرب على صحرائه وتعتزم فتح قنصلية في الأقاليم الجنوبية    الذهب عند ذروة جديدة وسط رهانات على مواصلة خفض الفائدة الأمريكية    "حماة المال العام" ينتقدون ملاحقة المحتجين على غياب التنمية وتدني الخدمات العمومية    حقوقيون يستنكرون التضييق المتزايد على الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي بالمغرب    والد لامين جمال: حرمان ابني من الكرة الذهبية "أكبر ضرر معنوي يمكن أن يلحق بإنسان"    أيت منا يرد على احتجاج الرجاء بخصوص مشاركة الوردي في ديربي الأمل    وكالة الأدوية الأوروبية ترد على ترامب: لا صلة بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد    الشركة الجهوية المتعددة الخدمات للدار البيضاء-سطات تطلق مرحلة جديدة من خدمات القرب    أكنوش: بنكيران يوظف الإشاعة لضرب حكومة أخنوش    رئيس مجلس جهة الشرق ورئيس جامعة محمد الأول يتفقدان أشغال إنجاز دار إفريقيا وتوسيع المركب الرياضي بجامعة محمد الأول بوجدة        فوز الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي في دورتها 13    بوريطة يبرز من نيويورك مكانة المغرب ودور إمارة المؤمنين في صون الإرث النبوي.. في الذكرى ال1500 لميلاد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية    وقفة احتجاجية بخنيفرة ضد تدهور الخدمات الصحية وتردي الأوضاع الاقتصادية بالمدينة    مورو: تحديات الشيخوخة والديمغرافيا والإدماج الاجتماعي "مسؤولية جماعية"            غزة.. دول غربية تعرض المساعدة في علاج المرضى            هدف حاسم لنايف أكرد ضد باريس سان جيرمان يلحق أول هزيمة للباريسيين هذا الموسم    توقيف فرنسي من أصول تركية بمطار محمد الخامس مطلوب دولياً في قضايا نصب وتبييض أموال    عثمان ديمبلي بعد الفوز بالكرة الذهبية.. يشكر 4 أندية ويدخل في نوبة بكاء            الامم الأمم المتحدة.. المغرب يشارك بنيويورك في مؤتمر دولي حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية    حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الرميد يحذر من "انزلاق خطير" بعد أدعية لجيش الاحتلال في حفل يهودي بالصويرة    ماكرون يعلن أمام الأمم المتحدة اعتراف فرنسا بدولة فلسطين        معرض "كريماي 2025" .. المغرب يفوز بكأس إفريقيا والشرق الأوسط للطاهيات    الذهب عند مستوى قياسي جديد مع توقعات بخفض الفائدة الأمريكية    مندوبية التخطيط: تباطؤ معدل التضخم السنوي في المغرب إلى 0.3% في غشت    استمرار الاضطرابات في مطارات أوروبية بعد هجوم إلكتروني    مستخلص الكاكاو يقلل من خطر أمراض القلب عبر خفض الالتهابات    دراسة: الإفطار المتأخر قد يُقلل من متوسط العمر المتوقع    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضاء العسكري بالمغرب وإعادة تعريف العلاقة بين المدني والعسكري
نشر في أكورا بريس يوم 19 - 03 - 2014

يشكل مشروع القانون رقم 13-108 المتعلق بالقضاء العسكري، الذي صادق عليه المجلس الوزاري المنعقد يوم الجمعة 15 مارس الجاري بعدما صادق عليه مجلس الحكومة يوم الخميس 14 مارس 2013 الذي أخد بعين الاعتبار الملاحظات الواردة بشأنه تمهيدا لعرضه على المجلس الوزاري السالف ذكر تاريخ انعقاده وقفة نوعية في مسار تعزيز ترسانة حقوق الإنسان، وترجمة لمضامين دستور2011 والخطاب الملكي ل 08 ماي 2013 الذي أعلن انطلاق إصلاح منظومة العدالة، وكذا ملاءمة مقتضياته مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة والمتعلقة بحماية حقوق الإنسان. ،علاوة على كونه إجابة صريحة على كل مشكك في تطور المسلسل الحقوقي بالمغرب بشكل عام، وفي أقاليمه الجنوبية على وجه الخصوص.
مرجعيات وأسانيد المشروع المتعلق بالقضاء العسكري.
يعكس مشروع قانون القضاء العسكري الدينامية التي تعرفها المنظومة الحقوقية بالمغرب التي لا يمكن اختزالها ظرفيا، وعلاقاتها الارتباطية بمذكرات المجتمع المدني الواردة في الموضوع،وبالمحطات التالية:
أولا: المفهوم المتجدد للسلطة كبديل متقدم لمفهومها الجديد الذي انبثق كمفهوم موائم ،وملائم لمجابهة تحديات انية ومستقبلية تفرض الاستعداد التام ،واليقظة والذكاء الاستراتيجيين ، ويعتبر تأهيل السلطة وإصلاحها وضمان أسس حكامتها عبر مسايرة الواقع المرتهن بالعديد من الإشكاليات ،و المخاضات والتمارين، ،أساسا يرتكز عليه مشروع القانون المتعلق بالقضاء العسكري.
ثانيا: توصيات هيئات الإنصاف والمصالحة، خاصة المتعلقة بالحكامة الأمنيةوما يتعلقبالتعزيز القانوني للحقوق والحريات الفردية والجماعية، و تدقيق المساطر والآليات القضائية القبلية والبعدية الكفيلة بضمان التوازن بين ضرورة توسيع مجالات الحرية ،وصيانة كرامة الأفراد وحياتهم الخاصة وما يقتضيه مكافحة الإرهاب ،العنف ،والتمييز بشكل متوازن؛ علاوة على تعزيز المراقبة القضائية لما بعد صدور الأحكام.
ثالثا:الأهمية التي أعطاها الدستور الجديد للسلطة القضائية، عبر الارتقاء ببعض المقتضيات إلى مبادئ كاستقلالية القضاء وحياده، والحق في المحاكمة العادلة، وتحميل الدولة مسؤولية التعويض عن أخطاء القضاء،ناهيك عن تسطيره للأسس الكفيلة للنهوض بالقضاء، وتدليل الصعاب أمام المتقاضين. وتبقى هذه الأهمية التي أولاها المتن الدستوري للسلطة القضائية مقرونة بترجمتها على أرض الواقع بنصوص قانونية ملزمة لتطبيق إرادة المشرع الدستوري وتحري التطوير والتحديث.
رابعا: التقارير الموضوعاتية التي رفعها المجلس الوطني لحقوق الإنسانطبقا للفصل 24 من الظهير المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لأنظار جلالة الملك محمد السادس، الذي نوه بمحتواها
وفحواها، وتهم إحدىالتقارير الأربع إصلاح المحكمة العسكرية حيث أكدت مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسانعلى ملاءمة النصوص السارية المفعول مع مقتضيات الدستور الجديد والالتزامات الدولية للمملكة. واقترح هذا التقرير بشكل خاص أن لا تتم متابعة المدنيين أمام المحكمة العسكرية، وأن تتم إعادة تحديد اختصاصات هذه المحكمة٬ حتى لا تكون المحكمة العسكرية مختصة في وقت السلم إلا بالنظر في الجرائم المتعلقة بالانضباط العسكري٬ أو التي يتورط فيها العسكريون في المس بأمن الدولة أو الإرهاب. أما في المجالات الأخرى٬ فإن العسكريين٬ ستتم مقاضاتهم على غرار مواطنيهم المدنيين أمام المحاكم العادية.
خامسا: الميثاق المتعلق بإصلاح منظومة العدالة الذي وضع تشخيصا لوضعية العدالة وإشكالياتها، والصعوبات التي تعترض سيرها. وبناء على هذا التشخيص جرت بلورة الرؤية العامة لإصلاح منظومة العدالة، والتوجهات الكبرى التي يجب أن تحكم هذا الإصلاح. علاوة على الأهداف الاستراتيجية الكبرى المحددة في مايلي: توطيد استقلال السلطة القضائية، وتخليق منظومة العدالة، وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، والارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء، وإنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة، وتحديث العدالة القضائية، وتعزيز حكامتها.
مضامين مشروع قانون القضاء العسكري... حل استراتيجي لمعادلات القلق.
تحمل مضامين المشروع جملة من المستجدات، التي قدمت أجوبة عن جملة من الأسئلة من بينها سؤال مفاده، من سيجر الأخر إلى المحكمة، المدني أم العسكري في حالة حصول نزاع بينهما ؟ فبعدما كان العسكري يجر المدني للمحكمة العسكرية، أصبح العكس هو الحاصل، وهوما قعدته مضامين مشروع القانون 13 108 المتعلق بالقضاء العسكري ضمانا للمحاكمة العادلة، وتركيزا للمأسسة، وارتقاء بالقضاء العسكري بفصله عن نموذج المحكمة الاستثنائية، كما يعتبر حلا استراتيجيا لمعادلات القلق بين المدنيين والعسكريين ،ناهيك عن ما جاء به المشروع من تحولات نوعية تتعلق بالاختصاص الشخصي للمحكمة العسكرية، بحيث أن المواد 03،06،08 تؤكد على أن المحكمة العسكرية لم تعد مختصة بالنظر في الأفعال المنسوبة للمدنيين، بمن فيهم المدنيين العاملين في القوات المسلحة الملكية، و في حالة مساهمة مدنيين مع عسكريين أو مشاركتهم لهم في جريمة من اختصاص المحكمة العسكرية، فالقضية في هذه الحالة تحفظ وتتم إحالة المدنيين على المحاكم العادية، وهي اختصاصات قامت بإعمالها عدة تجارب قانونية مقارنة من قبيل:
القانون الجنائي العسكري الألماني بتاريخ 24 ماي 1974 ، والذي تم تعديله بقانون 26 يناير 1998
القانون التنظيمي الإسباني 4/1987 بتاريخ 15 يوليوز 1987 المتعلق باختصاصات وتنظيم القضاء العسكري .
القانون رقم 180 بتاريخ 7 ماي 1981 حول القضاء العسكري والقانون رقم 561 بتاريخ 30 ديسمبر،988 المحدث لمجلس القضاء العسكري الإيطالي.
قانون 10 أبريل 2003 المتعلق بإلغاء المحاكم العسكريةفي وقت السلم والإبقاء عليها في وقت الحرب(بلجيكا).
قانون انضباط القوات المسلحة البريطانية المصادق عليه سنة 2000 .
قانون الدفاع الوطني الكندي المصادق عليه سنة 1950.
قانون القضاء العسكري في جمهورية اليونان.
أما على مستوى الاختصاص النوعي فالمحكمة العسكرية، تم تقليص اختصاصاتها طبقا لمشروع القانونلتشمل فقط الجرائم العسكرية،كما ينص المشروع أيضا على استثناء العسكريين من اختصاص هذه المحكمة في حالة ارتكابهم لجرائم الحق العام، وتخويل ذلك للمحاكم العادية، علاوة على ما تضمنته المادة الخامسة من نفس المشروع التي أكدت على مقتضى مفاده أن المحكمة العسكرية لم تعد مختصة بالنظر في الأفعال المنسوبة للأحداث الأشخاص الذين لم يتموا 18 سنة شمسية كاملة كيف ما كان وضعهم.
وبالرغم من أهمية السبق التشريعي المغربي في مجال القضاء العسكري الذي يعد خطوة غير مسبوقة إقليميا ،تختلف طروحات القانونيين والسياسيين، والمدنيين بين من يرى أن الابقاء على القضاء العسكري كباب خاص ملحق بالقوات المسلحة الملكية ولا ينتمي للباب المتعلق بالسلطة القضائية هو تأكيد على تقليص دور القضاء العسكري واختصاصاته، وبين من يرى من جهة ثانية أن القضاء العسكري جزء من السلطة القضائية وأحد صورها.
وبين هذا وذاك يمكن القول في المحصلة أن المشروع الذي يحظى بإعجاب خبراء قانونيين، وساسة، ومدنيين من مختلف القارات، يسترعي في الأول والأخير أن يحقق الأمنين القضائي والقانوني، وحيث أنه لا يمكن لأي مجتمع أن يعرف استقرارا إلا بالثبات النسبي في العلاقات القانونية، ولضمان هذا الثبات فإن السلطات العامة ملزمة بضمان استقرار المراكز القانونية دون مفاجأة الناس، بالتغيير في العلاقات القانونية، ولضمان الأمن القانوني لا بد من مشرع نشيط يساير الركب ،وبمثل هذه المشاريع النوعية(مشروع قانون القضاء العسكري) ستزرع الثقة في المؤسسة القضائية،وستتأكد حجية أن المشرع المغربي سواء كان أصليا أو فرعيايعد من أنشط المشرعين في العالم، لكنه يجب أن يتفادى خلق الارتباك في المنظومة القانونية بتشريعات كمية، حتى لا يتسبب في إجهاد المنظومة القضائية.
الأستاذ محمد بودن، باحث في القانون العام والعلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.