بعد انهيار قاتل.. منجم نحاس في تشيلي يستأنف العمل    محتجون بطنجة ينددون بتجويع غزة    فرنسا تصدر مذكرة توقيف دولية ضد دبلوماسي جزائري سابق في قضية اختطاف معارض جزائري    المغرب يكرم أبناءه بالخارج ويبرز جهود رقمنة الخدمات الموجهة لهم    حكيمي عن قضية الاغتصاب: "أنا هادئ.. والحقيقة ستظهر"    تشاد.. 20 عاما سجنًا لرئيس الوزراء السابق    استطلاع: غالبية الألمان تشاجروا مع شركاء حياتهم عبر رسائل نصية    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    حكيمي: أستحق الكرة الذهبية أكثر من أي مهاجم    أشبال الأطلس يختبرون جاهزيتهم أمام مصر قبل مونديال الشيلي    المغرب وكينيا: موعد المباراة والقنوات الناقلة للمواجهة المرتقبة في كأس أمم إفريقيا للمحليين    4 قتلى في محاولة اقتحام مركز شرطة بإيران    ارتفاع ودائع الجالية في البنوك المغربية إلى 213,2 مليار درهم    سلطات خريبكة تمنع وقفة احتجاجية حول أزمة الماء    رحيل الشيخ مولاي جمال الدين القادري بودشيش... مسك ختام لمسيرة علم وعرفان امتدت لأكثر من نصف قرن    آلاف المتظاهرين في تل أبيب احتجاجا على الخطة الإسرائيلية للسيطرة على غزة    استشهاد 37 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة معظمهم من منتظري المساعدات    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    الملك يعزي في وفاة جمال الدين بودشيش    فرقة مركز البيئة للدرك الملكي تحجز 12 كلغ من اللحوم مجهولة المصدر بموسم مولاي عبد الله أمغار    حادثة سير تحت جنحة الفرار تقود درك الجديدة الى تفكيك مخزن للوقود المهرب    "لوموند": إيلون ماسك يستلهم تحركاته من شخصية روائية    نصير شمّة في بلا قيود: لا توجد آلة موسيقية لديها تاريخ العود أو ثأثيره    البرتغال.. المحكمة الدستورية تمنع مشروع قانون يقيد الهجرة    شبهة رشوة تتسبب في توقيف ضابط أمن بمراكش    ماذا نعرف عن فيروس "شيكونغونيا" الذي أعاد شبح "كورونا" إلى العالم؟    الوداد يعلن التعاقد رسميًا مع الصبار    ليفاندوفسكي ولامين جمال يتبادلان اللكمات في تدريب طريف (فيديو)    "نونييس" يكلّف الهلال 53 مليون يورو    العالم يختنق بحرارة غير مسبوقة وما هو قادم أسوأ من الجحيم    عمل جديد يعيد ثنائية الإدريسي وداداس    إطلاق "GPT-5" يكشف فجوة بين طموحات "OpenAI" وتجربة المستخدمين    20 عاما سجنًا لرئيس وزراء تشاد السابق    ودائع البنوك تتجاوز 1300 مليار درهم    سقوط شاب من قنطرة وسط طنجة أثناء تصوير فيديو على "تيك توك" (صور)    إسبانيا.. وفاة عاملة مغربية دهساً داخل مزرعة في حادث شغل مأساوي    الاحتجاجات على اختفاء مروان المقدم تنتقل إلى اسبانيا    اجتماع بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية لبحث تتبع تنزيل اتفاقي دجنبر 2023        مشروع قانون المالية 2026 : المغرب يسرع التحول الاقتصادي بمشاريع كبرى    العودة الكبرى لنجوم مسرح الحي    الصخيرات تستعد لاحتضان الدورة الرابعة من مهرجان "تيم آرتي" بحضور 16 فنانا بارزا    "زومبي" الرعب وموت أخلاق الحرب    "بعيونهم.. نفهم الظلم"        80% من المقاولات تعتبر الولوج للتمويل البنكي "عاديا" في الفصل الثاني من 2025    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    أنفوغرافيك | سوق الشغل بالمغرب خلال 2025.. انخفاض طفيف للبطالة مقابل ارتفاع الشغل الناقص    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زواج القاصر استعباد واستغلال وعنف جنسي من طرف الزوج

تحول زواج القاصرات إلى ظاهرة تثير القلق في المجتمع المغربي، بالنظر إلى النتائج الاجتماعية الخطيرة التي يخلفها هذا النوع من الزواج، في الحوار التالي تحاول أستاذة علم الاجتماع سمية نعمان جسوس الحديث عن الأسباب التي تدفع الآباء إلى تزويج بناتهم في سن صغيرة ونتائج وما تخلفه هذه الزيجات من مآسي اجتماعية.
ما هي الأسباب التي تدفع الآباء إلى تزويج بناتهم في سن صغيرة جدا ؟
عندما نتحدث عن زواج القاصرات فينبغي أولا معرفة أن الظاهرة تنتشر في القرى أكثر منها في المدن، وهنا يمكن القول إن الأمر يرتبط بالثقافة والتقاليد لأن الفتاة عندما تكون منقطعة عن الدراسة وليس لها هدف في الحياة، تكون محط أنظار الجميع وخاصة والديها الذين يفضلون تزويجها للتخلص من العار، الذي يمكن أن يلحق بالأسرة إذا ما استمرت الفتاة بالعيش داخلها، لأنها بالنسبة إليهم تمثل خطرا على شرف العائلة.
ومن جهة أخرى تعتبر الأسر المغربية أن الزواج هو رزق من عند الله لا يجب أن يضيع برفضه، كما أن ضعف الإمكانيات والفقر الذي تعيشه الأسر المغربية من بين الأسباب التي تدفع الآباء للتخلص من بناتهم بتزويجهن، ففي البادية أن الأسر تلد الكثير من الأطفال الذين لا يستطيعون توفير مصاريفهم ومتطلباتهم، فعندما يأتي أحدهم لطلب الزواج من إحدى البنات لا يتردد الأب في الموافقة للتخلص من عبئها ومصاريفها. هذا فيما يتعلق بالأسر التي تزوج بناتها في سن صغيرة .
أما فيما يتعلق بالأسر التي تزوج أبناءها فهناك أسباب أخرى من بينها أن بعض الأمهات يعملن على تزويج أبنائهن، من أجل جلب من تساعدهن على القيام بأعمال البيت، لأن المرأة في البادية تقوم بالكثير من الأعمال الشاقة وعندما تفكر بتزويج ابنها يكون همها الأول هو جلب من تساعدها وتخفف عنها أعبائها، والسبب الثاني يتجلى في رغبة الأم في الحفاظ على مال ابنها وصحته وتحصينه بدل تلبية رغباته الجنسية خارج الإطار الشرعي ويكون اختيار زوجة صغيرة السن من أجل السيطرة عليها من طرف أم الزوج التي تقوم بتربيتها على الطريقة التي تريدها، ولا تترك لها مجالا للتعبير عن رغباتها.
ما هي المآسي والانعكاسات الاجتماعية التي تنتج عن زواج القاصرات؟
هناك الكثير من الانعكاسات والنتائج السلبية التي تنتج عن هذه الظاهرة والتي لا يعيها المجتمع، فمن خلال البحث الذي قمت به ونشرته في كتاب سميته «حمل العار» والذي تم نشره باللغة الفرنسية وسيصدر في شهر شتنبر المقبل في نسخته العربية، تبين أن هناك عددا كبيرا من الأمهات العازبات كن من الفتيات اللواتي تم تزويجهن وهن في سن صغيرة جدا بدون عقد، وفي حال حدوث مشاكل في الزواج تقرر والدة الزوج طرد الفتاة وهي حامل، وعندما يولد الطفل لا يتم الاعتراف به من طرف الزوج وبذلك يصبح لها نفس وضع الأمهات العازبات، لأن الطفل في هذه الحالة يعيش حياته وهو مجهول الهوية، إلا في حالات نادرة يقوم فيها والدها بتسجيله في دفتر الحالة المدنية الخاص به، فيصبح الطفل شرعيا من الناحية الدينية، لكن من الناحية الاجتماعية والقانونية ينظر له على أنه مجرد لقيط.
هناك مشاكل كثيرة لأن البنت عندما تتزوج وهي صغيرة يمارس عليها الكثير من العنف الجنسي والجسدي والنفسي من طرف الزوج، في وقت مازالت فيه في حاجة لحضن والدتها ودفء وحنان أسرتها.
وأيضا هناك فتيات يتزوجن ويطلقن وهن قاصرات لذلك لا يمكننا الحديث عن طلاق وزواج، فهذا يمكن وصفه بكون هؤلاء الأزواج يستغلونهن جنسيا كما تستغلهن عائلاتهم في أعمال البيت ثم بعد ذلك يرمون بهن في الشارع، فلا يمكن الحديث عن زواج وإنما عن استعباد واستغلال وعنف واغتصاب جنسي من طرف الزوج.
وعندما تفقد الفتاة القدرة على تحمل الوضع تهرب من بيت الزوج، وتعود لبيت عائلتها وتجد نفسها غير مرغوب فيها ببيت الأسرة، فتضطر للبحث عن أي عمل، لتجد نفسها تعمل كخادمة أو نادلة في مقهى أو عاملة في مصنع ونفسيتها مازالت مهزوزة، فينتج عن ذلك فقدانها لكرامتها وثقتها بنفسها واحترامها لنفسها، وينتج عن ذلك أن تسلم نفسها لأي كان لتجد نوعا من التوازن في العلاقة العاطفية التي كانت تغيب في علاقتها بزوجها وأسرتها .
هل يمكن اعتبار تزويج القاصرات بمثابة تفاعل مع ما أنتجه الثراث الإسلامي حول الجنس في الإسلام؟
زواج القاصرات في المغرب هو نتيجة تقاليد وثقافات أكثر منه نتيجة ديانة، لأنه كانت هناك تقاليد قبل وجود الإسلام في المغرب، ولا أرى أن هناك تأثيرا كبيرا للدين بقدر ما هو تأثير للتقاليد المحلية، لكن من جهة أخرى أرى أن تأثير الدين يمكن أن يكون بصفة غير مباشرة من خلال الفقهاء الذين يحثون الناس على تزويج بناتهم في سن صغيرة للحفاظ على شرف الأسرة من خلال الفتاوى التي يصدرونها بشكل عشوائي، كالفقيه الذي أفتى بصحة تزويج بنت التاسعة، ثم الفتوى التي ظهرت مؤخرا والتي تبيح للزوج ممارسة الجنس مع جثة زوجته الميتة. لكن، التساؤل المطروح هو لماذا يتم معاقبة صحفي بسبب مقال قد لا يتأثر به الناس ولا يقرؤه إلا القلة ويكون تأثيره أقل على الناس، في حين يبقى تأثير مثل هذه الفتاوى أخطر على المجتمع ولا يتم محاسبة أصحاب هذه الفتاوى.
ليس هناك فكر على وجه البسيطة يمكن أن يتقبل تزويج البنت في سن الطفولة والناس الذين يفكرون بهذه الطريقة يجب محاسبتهم وعقابهم وإعادة النظر في الفتاوى التي تصدر عنهم، لأن الفقيه يصل صوته لفئة كبيرة من سكان المغرب، أكثر من الصحفي الذي يكتب مقالا في السياسة أو الاقتصاد والذي لا يقرؤه إلا فئة قليلة من الناس.
كيف يمكن القضاء على هذه الظاهرة؟
للقضاء على هذه الظاهرة يجب أن يكون هناك حزم كبير فيما يتعلق بالقضاء وتطبيق القوانين، وتوعية الآباء وتحسيسهم بعواقب ما يقدمون عليه، وأي رجل تبث أنه زوج ابنته في سن غير قانونية أو شخص تزوج من قاصر يجب أن يعاقب، ثم يجب إعادة النظر في التقاليد والثقافة والقضاء الذي يشجع هذه الظاهرة من خلال الترخيص بتزويج قاصرات، كما يجب التقليل من الروتين في مثل هذه القضايا التي تعرض على القضاء، كما يجب أن يكون هناك مراكز استقبال للقاصرة باعتبارها حالة خاصة، ولأن هذه الظاهرة انتشرت بكثرة وأصبحت تمثل خطرا كبيرا على توازن المجتمع المغربي.
حاورتها مجيدة أبوالخيرات
أستاذة في علم الاجتماع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.