ثمان نقابات بقطاع الصحة تعلن عن سلسلة إضرابات وتحشد لإنزال بالرباط    هل تحول البرلمان إلى ملحقة تابعة للحكومة؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    رئيسة الجمعية العامة لليونيسكو تطلع على ورشة لتكوين صناعة الزليج التقليدي التطواني    تسارع نمو الاقتصاد الإسباني خلال الربع الأول من العام    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها بأداء سلبي    التلسكوب الفضائي"جيمس ويب" يلتقط صورا مفصلة لسديم رأس الحصان    الناصيري ل"الأيام 24″: أشغال ملعب "دونور" تسير بوتيرة سريعة ومعالم الإصلاح ستظهر قريبا    "مصير معلق" لاتحاد الجزائر وعقوبات قاسية في انتظار النادي    بطولة إفريقيا للجيدو.. المنتخب المغربي يحتل المركز الثالث في سبورة الترتيب العام    سفيان رحيمي يوقع عقد رعاية مع شركة رياضية عالمية    البحرية الملكية تقدم المساعدة ل81 مرشحا للهجرة غير النظامية    ثلاث وفيات وعشرون حالة تسمم بأحد محلات بيع المأكولات بمراكش    ثلاثيني يُجهز على تلميذة بصفرو    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    موسيقى الجاز و كناوة .. سحر ووصل ولغة عالمية تتجاوز حدود الزمان والمكان    العصبة الاحترافية تتجه لتأجيل مباريات البطولة نهاية الأسبوع الجاري    حماس تستعدّ لتقديم ردّها على مقترح هدنة جديد في غزة    حريق ضخم يلتهم سوق المتلاشيات بإنزكان (فيديو)    وحدة تابعة للبحرية الملكية تقدم المساعدة ل81 مرشحا للهجرة غير النظامية جنوب – غرب الداخلة    النعم ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا    السكوري…المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية    اش خذات الباطرونا واش خدات النقابات باش يتزاد فالسميك وفالصالير الف درهم: عرض قانون الاضراب فالدورة الربيعية والتقاعد على 65 عام فالخريفية    فتاة هندية تشتكي اعتداءات جنسية .. الأب والعم بين الموقوفين    الوداد يحدد لائحة المغادرين للقلعة الحمراء    ستة قتلى في هجوم على مسجد بأفغانستان    مع اقتراب افتتاح الاولمبياد. وزير داخلية فرانسا: خاص يقظة عالية راه وصلنا لمستوى عالي جدا من التهديد الارهابي    الموانئ الأوروبية في حاجة إلى استثمار 80 مليار يورو لبلوغ التحول الطاقي    ف 5 يام ربح 37 مليار.. ماسك قرب يفوت بيزوس صاحب المركز الثاني على سلم الترفيحة    أسترازينيكا كتعترف وتعويضات للمتضررين تقدر توصل للملايين.. وفيات وأمراض خطيرة بانت بعد لقاح كورونا!    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    يتقاضون أكثر من 100 مليون سنتيم شهريا.. ثلاثون برلمانيًا مغربيًا متهمون بتهم خطيرة    معاقبة جامعة فرنسية بسبب تضامن طلابها مع فلسطين    الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية    مطار الحسيمة يسجل زيادة في عدد المسافرين بنسبة 28%.. وهذه التفاصيل    بطولة اسبانيا: ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز على فالنسيا 4-2    مواهب كروية .. 200 طفل يظهرون مواهبهم من أجل تحقيق حلمهم    مغربية تشكو النصب من أردني.. والموثقون يقترحون التقييد الاحتياطي للعقار    فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ببكتيريا "برازية"    ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لأوروبا    أسماء المدير تُشارك في تقييم أفلام فئة "نظرة ما" بمهرجان كان    سكوري : المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية    مشروبات تساعد في تقليل آلام المفاصل والعضلات    تحديات تواجه نستله.. لهذا تقرر سحب مياه "البيرييه" من الاسواق    مجلس النواب يطلق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية    برواية "قناع بلون السماء".. أسير فلسطيني يظفر بجائزة البوكر العربية 2024    الشرطة الفرنسية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لفلسطين بجامعة "السوربون"    الرئاسيات الأمريكية.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !    إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن كيران وشباط "لكل وجهة هو موليها، فاستبقوا الكراسي…"
نشر في الأحداث المغربية يوم 03 - 06 - 2013

قد يعتبر البعض كون فاتح ماي لسنة 2013 منعرجا سياسيا قد يكون حاسما في استمرارية أو عدم استمرارية ما سعى وراءه ابن كيران، من خلال تشكيل تركيبة حكومية، قصد المساهمة في إنجاح تجربة حزب العدالة والتنمية في تدبير الشأن العام. لقد سئل مرة ابن كيران قبيل توليه رئاسة الحكومة عن مدى جاهزيته لخوض هذه التجربة إلا أن جوابه اتخذ طابع السخرية ليستنتج فيما بعد أن ما هو آت لا يدع إلى السخرية بقدر ما يدع إلى الخوف على استقرار البلد في مرحلة باتت فيها تشكيلة قاطرة ابن كيران منفكة وبربان ربما تاهت منه بوصلة ضمان السلم الاجتماعي وتحقيق تنمية اقتصادية وتفاؤل سياسي. ربما صح من قال إنه ما تم تشكيله على باطل (من زاوية الاختلاف الإيديولوجي) فهو باطل ومنحى هذه المقولة بات يتخذ صبغة تصعيدية من الصعب التنبؤ بمآلها.
الركوب على حصان الغير لن يكون مريحا.
خلال حملته الانتخابية، استطاع حزب ابن كيران استنباط متطلبات الحراك الشعبي وضمها لمضمون خطابه مزركشا إياه ببرنامج اقتصادي واجتماعي اعتبره حزبه حلا لمشاكل المواطن المغربي. إلا أن هذا الأخير ربما غابت عنه كون قدمي حزب العدالة والتنمية لم تكونا راسيتين على سبيل واحد بل كان معتمدا لخطابين أولهما كان جليا موجها للمواطن والمتماشي مع متطلباته مقحما انتقاد أداء الحكومات السابقة وتحميلها مسؤولية تردي أوضاع المواطن المغربي، وفي نفس الوقت اعتمد خطابا مستترا موجها للفعاليات السياسية بكونه هو الضامن لطي صفحة الحراك الشعبي المغربي مرحليا، وأنه لا خوف على الأحزاب من فقدان مراكزهم لكونه سيعمل على ضمها إلى جانبه عندما يضمن تمويه المواطن المغربي ويصل إلى رئاسة الحكومة. إلا أنه سرعان ما اتضح للمواطن المغربي الذي وثق بأسطوانة ابن كيران بازدواجية خطابه خصوصا حينما ضم لتشكيلته الحكومية أحزابا كان حزبه وكذا الشارع المغربي يحملها سلبيات تدبير الشأن العام علاوة على طبيعة الإجراءات التي بدأت تصدر عن حكومته، والتي أقل ما يمكن أن يقال بشأنها كونها نبذت كليا ما يستلزم القيام به لتحسين المستوى المعيشي للمواطن المغربي، كما وعده إياه. والنتيجة الفورية لازدواجية تدبير حزب العدالة والتنمية للمرحلة، كانت صادمة لا بالنسبة للمواطن الذي ازدادت احتجاجاته حدة ولا بالنسبة للأحزاب التي قبلت ضمان الأغلبية لحزب العدالة والتنمية، فأصبحت محرجة من الانضمام إلى هذه التجربة (خصوصا اتجاه مناضليها وشبيبتها التي باتت تدعوها إلى الانسحاب من حكومة ابن كيران) بل أصبحت في حيرة سياسية كلا واجهتيها مر: إما تحمل عقبات الانسحاب من الحكومة في ظرفية سياسية واقتصادية جد حساسة، وإما المكوث بين مكونات الحكومة والاكتفاء بالرد عن اتهامات حزب العدالة والتنمية لها إلى حين (…) ولكنها متيقنة كل اليقين بكونها ستتحمل وزر انضمامها إلى هذه الحكومة بعد انتهاء مدة انتدابها.
ترأس الحكومة لا يعني الحكم المطلق
إذا كان حزب العدالة والتنمية قد تناسى أنه لا أغلبية تشريعية له وبأن تواجده على رأس الحكومة هو وجود جد هش إذ يكفي أن ينسحب حزب واحد من بين الأحزاب الحكومية خصوصا حزبي الاستقلال أو الحركة الشعبية لتسقط قانونيا الحكومة برمتها، كما أنه إذا كان الحزب ذاته قد اعتبر ميثاق العمل المشترك الحكومي مجرد بروتوكول، الأمر الذي جعله ينفرد بخرجات غير موزونة وخارجة عن إطار مقتضيات الميثاق الرامية إلى التنسيق والتشاور بشأن قرار حكومي يتم إصداره، فتشرذم أحزاب الأغلبية وتفككها بات حتميا والواقع المعيش للفعاليات الحكومية حاليا يؤكد هذا السبيل ويؤكد عدم كفاءة وقدرة ابن كيران السياسية على إرساء تنسيق محكم بين باقي مكونات الحكومة. ما يخيل لابن كيران أنه قد أفلح فيه هو تماديه في تمويه المواطن المغربي بخطاب لا صلة له بعالم السياسة والاقتصاد بقدر ما له صلة وطيدة بالزوايا والأضرحة حين انزلق في إصدار مصطلحات عجز عن توضيح المخاطب بها حتى تكون لقوله مصداقية وحتى يتبين «الخيط الابيض من الخيط الأسود» للمواطن المغربي. عجبا لحزب أهدته ثلة من المواطنين المغاربة ثقتهم وزكته بعض الأحزاب لضمان الأغلبية واحترمت مقتضيات دستور 2011 في تعيينه رئيسا للحكومة مع تعزيز مكانته بصلاحيات جد متقدمة، ولا يجد ما يصرح به سوى كون الحكومة الحالية هي «حكومة تصريف أعمال» ؟ ما هذا اللغو والانحراف السياسي ذو العواقب الجد خطيرة خصوصا على المجالين الاقتصادي والاجتماعي للبلد. لنتساءل اليوم هل هذين المجالين لا يزالان يشكلان اهتمام رئيس الحكومة؟ لم يتقدم رئيس الحكومة بأي اقتراح لتجاوز الأزمة السياسية التي تعيشها فعاليات حكومته تاركا الحال على ما هو عليه منشغلا بتبادل أرذل النعوت مع أحزاب حكومته حتى حزب التقدم والاشتراكية الذي كان بالأمس القريب أشد المقربين إليه بات ينعته ب «الخائن وبحليف الجزائر»؟ تاركا تفعيل صلاحياته الدستورية ومتكئا ومنتظرا «الاتقاد» من خلال حكامة عاهل البلاد. من الطبيعي ومن الموضوعي ألا يجد ابن كيران حلا لأزمة إعلان حزب الاستقلال عن انسحابه من التشكيلة الحكومية الحالية، ذلك أن الأحزاب السياسية الأخرى الموجودة خارج الحكومة لم تول عزمها على إمكانية مساندة حزب يرغب في بسط أفكاره وبدون أغلبية لديه على حلفائه لمجرد أنه يترأس الحكومة، بل باتت تهاب أن تصبح هي الأخرى عرضة لانتقاداته بالرغم من كونها قد تكون راغبة في الانضمام إلى الحكومة ضمانا لاستقرار البلاد.
استغلال فاتح ماي لتأكيد انتفاضة حميد شباط ضد عبد الإله بن كيران
ربما صح القائل «كما تدين، تدان». قد يتساءل المرء حول شبه تشابه بين السبيل الذي نهجه عبد الإله بن كيران ليصل بحزبه إلى ترأس الحكومة الحالية، وذاك السبيل الذي امتطاه حميد شباط لابتداع ما يصطلح عليه حاليا بأزمة سياسية حكومية. فالأول لا يمكنه أن يتنكر لفضل الحراك الشعبي المغربي على حزبه واستغلاله لانتقاداته لفعاليات الحكومات السابقة قصد الوصول إلى ترأس حكومة تنزيل دستور 2011. كما أن حميد شباط لا يمكنه أن يتنكر لاستغلاله لهفوات حزب ابن كيران وخصوصا ارتفاع حدة الاحتقان الاجتماعي إثر بطء الأداء الحكومي وغياب وجمود حوار اجتماعي جاد ومسؤول وشمولي يتجاوز بدعة إشراك النقابات الأكثر تمثيلية. هذا، علاوة على تركيزه على ضرورة تفعيل محضر العاطلين حاملي الشاهدات العليا وإشكالية تخفيض ميزانية الدولة ب 15 مليارا (…). فهذا كل ما ظهر أما باطنه فمن اليقين أنه ثمة خبايا ومبتغيات أخرى يعلمها كل متتبع للشأن السياسي في المغرب.
وعلى أية حال، توج التشنج السياسي بين ابن كيران وشباط والذي لم يخرج مضمون خطابه عن المألوف المنحط والهزيل سياسيا إلى ما كان منتظرا إلى حافة انهيار حكومة ابن كيران بالنظر لعدم توافق نوايا وطموحات كل من هما. قد يكون الانهيار ممكنا ربما لعدم استيعاب ابن كيران للفرق بين ترأس الحكومة والحكم. فترأس الحكومة في ظل معطيات المشهد السياسي المغربي تقتصر على التحلي باللباقة السياسية وبالحنكة على خلق مناخ يضمن انسجام عمل وأهداف توافق الأغلبية.
هل هي تحديات ضد السلم الاجتماعي أم من أجل الحفاظ عليه
كلا الرجلين، ابن كيران وشباط، يهتفان بامتلاكهما لمفاتيح السلم الاجتماعي والخروج من أزمة سياسية واقتصادية قد ترجع البلاد إلى مرحلة ظن المواطن المغربي أنها ولت ولكن ابن كيران يصر على كونها ما زالت قائمة وما زالت تهدد الاستثناء المغربي. إلا أن لكليهما مفتاح خاص به. فابن كيران يعتبر حزبه أنه هو من تمكن من تمرير الحراك الشعبي والضامن لاستمراريته وعلى هذا النحو يمكن أن نفهم مضمون خرجات رئيس فريقه في البرلمان والذي لا يزن حق وزنها تهديداته بالنزول إلى الشارع. ربما لا يعلم ابن كيران ومن معه أن ضامن السلم الاجتماعي وضامن استمرارية ابن كيران نفسه على كرسي رئاسة الحكومة هو ملك البلاد (وهذا ما يصرح به هو نفسه وهذا ليس بجديد). فقبيل الانتخابات كانت كل كتابات الخلفي إما على صفحات جريدة التجديد أو على الموقع الالكترونية تشيد بالتجربتين المصرية والتونسية لمجرد أنهما تجربتين شهدتا في البداية صعود تيارات إسلاموية لمراكز تدبير الشأن العام. إلا أن مقالات الخلفي يبدو أنها انجلت لكون كاتبها لا يريد الاعتراف كما هو الشأن بالنسبة لسياسة حزبه الاقتصادية والاجتماعية في المغرب عن فشل هذه التجارب وعدم الاستقرار والاحتقان الاجتماعي الدائم في هذه البلدان. فالفشل السياسي والاقتصادي كان منتظرا لكون مرجعيتهم الإيديولوجية هي مرجعية الهيمنة والفكر الوحيد وهذا السبيل إنما هو سبيل متناقض جملة وتفصيلا مع مفهوم الديمقراطية والتعددية الفكرية والحرية والتي هي جوهر الإنسان وجوهر صراعاته. والبعض من هذا، هو من جعل التيار الاسلاموي لم يفلح في بسط توجهه على باقي التيارات المشكلة للحكومة المغربية التي اتخذها تيار ابن كيران كما لو أنها تيارات «كافرة» ومن هنا بتنا نعيش في زمن نناقش فيه «الكفر» عوض مناقشة الفكر. أي أننا بتنا نعيش تراجعا زمنيا عوض زمن التقدم الفكري. من الأكيد أنه في ظل تجاهل الهاجس الاقتصادي والاجتماعي المتمثل في متطلبات المواطن المغربي وفي ظل تشابك ما هو عقائدي بما هو سياسي وفي ظل تراكم الهفوات السياسية لحزب ابن كيران سواء اتجاه من أهداه الأغلبية وسواء اتجاه من أهداه صوته، وفي ظل تواجد حكومة «صورية» لم يعد هناك أي قاسم مشترك بين مكوناتها كما لو أننا بتنا نعيش في ظل سياسة تدبرها حكومة أحزاب مستقلة واقتصاد وطني مرهون بالاقتراض. بل أكثر من ذلك فقد تقزيم كل متطلبات المواطن وفق ما صرح به الخلفي مؤخرا في اتجاه إصلاح صندوق المقاصة والتقاعد والعدالة والاصلاح الضريبي لتبقى علامة استفهام حول مصير ما نص عليه عاهل البلاد من إصلاح الإدارة العمومية وتوسيع قاعدة الطبقة المتوسطة والرقي بمنظومة التعليم وإصلاح منظومة الاجور (…) ربما إلى حين تعديل حكومي مرتقب. ولكن عن أي تعديل حكومي يتم الحديث؟
فإذا كان حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال الذي خلف عباس الفاسي هو من أعلن جهرا وصخبا ضرورة التوجه نحو تعديل حكومي فإن إصراره على سلك هذا السبيل والذي تطور إلى الإعلان عن الانسحاب من حكومة ابن كيران يطرح عدة ملاحظات:
أولا، ضبابية خطاب شباط ذلك أنه تارة يطالب بتعديل وزراء حزبه الذين يعتبرهم ذووا مردودية محدودة داخل حكومة ابن كيران وتارة يطالب بتعديل وزاري يولي لحزب الاستقلال وزنه التاريخي بالموازاة مع تعديل في المحاور الاستراتيجية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية المتبعة من طرف الحكومة.
ثانيا، أحادية مطالبة ابن كيران بالتعديل من طرف شباط قد لا تعطي مطلبه وزنا ذلك أن لا الأحزاب المشاركة في الأغلبية ولا حتى أصوات وازنة من داخل حزب الاستقلال لا تشاطره التوجه بل تصفه بالمتهور وبالغير المتزن.
ثالثا، مهزلة ما سقطت فيه نوايا شباط إذ كيف يعقل أنه يعتبر حزبه في عداد المنسحبين من حكومة ابن كيران في وقت لا يزال وزراء حزبه يمارسون مهامهم الوزارية. فهذا التناقض بين الخطاب والواقع قد يفهم أنه ثمة انقسام مستتر داخل حزب الاستقلال والذي من شأنه أن يضعف موقف شباط ليصبح مجرد زوبعة داخل فنجان يهدف من خلالها شباط إلى إرضاء من آزره لترئس الأمانة العامة للحزب.
رابعا، ربما تناسى شباط بالرغم من قصر المدة التي تلت الحراك الشعبي المغربي أن حزبه قد تعرض لانتقادات كثيرة طالبت برحيله من ضمن فعاليات تدبير الشأن العام وبالتالي فما المبتغى من تحركات شباط ؟ فإذا كان مراده هو إسقاط حكومة ابن كيران فهذا المنحى لا يمكن أن يكون ببالغه لاعتبارات عدة. فكفاه أن ينظر إلى انتقادات حكماء حزبه له وصمت بعضهم لدرايتهم بحساسية الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها المغرب داخليا وإقليميا لكي يعلم أنه غير مسنود حتى من طرف بيته الداخلي. ألم يدرك شباط أنه ثمة قضايا وطنية وجب التلاحم السياسي بين كل الفرقاء (لا فرق بين حكومة ومعارضة) بهدف التصدي لها؟ ألا يعلم شباط أن الوطن واستقراره هو أغلى وأثمن من رغبات حزبه أو بالأصح أتباعه الضيقة؟ ألم يدرك شباط أنه في الوقت الذي كانت الانتقادات موجهة لبطء تدبير وتوجهات حزب ابن كيران باتت اليوم الانتقادات موجهة إلى شباط ؟ هل يتجاهل شباط كون المواطن المغربي لا يزال يعيش على ذكرى التدبير السلبي لبعض القطاعات العمومية لوزراء حزب الاستقلال خلال الحكومة السابقة؟ ألم يدرك شباط بأن زمن خلخلة أو إسقاط أيتها حكومة من طرف حزب أو كتلة حزبية ربما قد ولى وأن من بات يتحكم في استقرار الحكومات هي مكونات الشارع المغربي المنضوية تحت مصطلح المجتمع المدني؟ (…).
هراء الدعوة إلى انتخابات مبكرة أو إلى تشكيل حكومة ائتلاف وطني
فأما بخصوص الدعوة إلى انتخابات مبكرة فهذا توجه لن يخدم البلد ولا المشهد السياسي المغربي ذلك أنه ليس للأحزاب المشكلة للحكومة ما تقدمه كحصيلة لاستقطاب الناخب المغربي لكونه لم يعش طيلة سنتين إلا على إيقاع خرجات عشوائية وارتجالية للفاعلين الحكوميين علاوة على البهدلة التي كان يتابعها خلال جلسات المجلس التشريعي إضافة إلى التشهير بالعديد من الملفات دون معالجتها وبالتالي فبماذا ستواجه أحزاب الحكومة المواطن المغربي. أما أحزاب المعارضة فمنها من تعيش على إيقاع البحث عن تكتلات حزبية متجانسة ومنها من يعزز هياكله التنظيمية تهيأ للاستحقاقات المقبلة معتبرة أن المناخ السياسي السائد داخل البرلمان لا يسمح بتمرير حوار ونقاش جاد وحضاري وبالتالي فقد التزمت بعض مكونات المعارضة التريث إلى حين الانهيار التلقائي للحكومة من خلال عدم الفلاح في تفعيل برنامجها الاقتصادي والاجتماعي.
وأما بخصوص دعوة شباط إلى تشكيل حكومة إئتلاف وطني فهذا يعني أنه بدأ يشعر بعزلة سواء داخل الحزب أو داخل المشهد السياسي وربما رغب في محاولة إقحام الكل في مبادرته الغير متزنة. إلا أن هذا المبتغى لن يتأتى له لكونه ليس بتلك الشخصية الكاريزماتية الجذابة بأفكارها وشخصيتها. كيف يمكن لمن لم يستطع التوفيق بين مكونات حزب الاستقلال الذي باتت أغلبية كبرى من فعالياته مستاءة من إجراءاته، أن ينجح في تشكيل إئتلاف حكومي وطني؟. تم كيف يعقل أن يفكر شباط أمين عام حزب في تعويض حكومة ابن كيران بحكومة ائتلاف وطني بعد أن صادق المغاربة على دستور 2011. ألا يرغب شباط في العودة بالبلاد إلى ما قبل 20 فبراير؟ ألا يعلم شباط أنه لا دستورية لحكومة ائتلاف وطني ؟ إن ما يهدي به شباط إنما هو أدنى من اللغو السياسي.
أعتقد أن حث ملك البلاد وزراء حزب الاستقلال على الاستمرارية في مزاولة مهامهم مع تجديد الثقة في حكومة ابن كيران هو رسالة واضحة المضامين لكل من ابن كيران من أجل عدم الغوص في المتاهات السياسية الجوفاء وإيلاء كل الأهمية لإنجاز متطلبات المواطن المغربي من عيش كريم وعدالة اجتماعية وطمأنينة أما شباط فعليه أن يستوعب أن مصلحة الوطن لا تخضع لأي مزايدات أو مساومات سياسية وأن عليه أن يتشاور مع عقلاء وحكماء الحزب قبل الاقدام على أية مبادرة قد تكلف الحزب ومناضليه التشردم.
PAGE \* MERGEFORMAT 1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.