أسعار النفط تسجل خسائر أسبوعية بفعل ضغوط الطلب والمخاوف الجيوسياسية    ارتفاع العائدات السياحية إلى ما يناهز 53 مليار درهم خلال النصف الأول من 2025    تسويق 6.14 مليار درهم من منتجات الصيد البحري إلى غاية نهاية يوليوز المنصرم    "الغارديان": هل مهد الإعلام الألماني الطريق لقتل الصحفيين الفلسطينيين في غزة؟    هيئة: 105 مظاهرة في 58 مدينة مغربية نصرة لغزة واستنكارا لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين    طلبة الأقسام التحضيرية يلوحون بالاحتجاج رفضا لطريقة توزيع مقاعد مدارس المهندسين    النقابات تستعد لجولة حاسمة من المفاوضات حول إصلاح نظام التقاعد    الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم يختم موسمه الرياضي بعقد الجمع العام العادي    الدرهم يرتفع أمام الدولار ويتراجع مقابل الأورو        مأساة وادي الحراش في الجزائر... دماء الأبرياء تكشف كلفة سياسات عبثية        بولمان.. اكتشاف ثلاث أسنان متحجرة لديناصورات عملاقة تعود إلى حقبة الباثونيان    مقتل 11 وإصابة أكثر من 130 في انفجار بمصنع في موسكو    زيلينسكي يلتقي ترامب في واشنطن    دورة سينسيناتي لكرة المضرب: الكازاخستانية ريباكينا تتأهل لنصف النهاية على حساب بسابالينكا    كيوسك السبت | البطاطس المغربية تعود بقوة إلى الأسواق الدولية في 2025    مريدو الطريقة البودشيشية في ليبيا يعلنون دعم مشيخة منير البودشيشي ويراسلون الملك محمد السادس    راب ستورمي وحاري في "رابأفريكا"        موسم مولاي عبد الله... تكدّس، غياب تنمية، وأزمة كرامة بشرية    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين 2024: نهائي قبل الأوان بين المغرب والكونغو الديمقراطية    نائبة رئيس محكمة العدل الدولية: الرب يعتمد عليّ للوقوف إلى جانب إسرائيل    كينيدي يخوض معركة جديدة ضد صناعة المكملات الغذائية في أمريكا    أسعار النفط تترقب قمة ترامب وبوتين    القصر الكبير: التنسيقية الجمعوية المحلية تدق ناقوس الخطر حول الوضع البيئي المقلق بالمدينة    صرف الدرهم يرتفع مقابل الدولار    زيارتي لمالقة    كرة القدم.. برشلونة الإسباني يمدد عقد مدافعه كوندي حتى 2030    فنان ال"راب" مسلم يجدد اللقاء بآلاف المغاربة بمهرجان الشواطئ لاتصالات المغرب        "الشان"..تعادل النيجر وجنوب إفريقيا    موجة حر مع "الشركي" وزخات رعدية من الجمعة إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة        "الجمعية" تندد باعتقال ابتسام لشكر وتعتبره تعسفياً    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا            الملك محمد السادس يهنئ رئيسة جمهورية الهند بمناسبة عيد استقلال بلادها    الحكومة تراهن على "التوازن" بين رعاية الحيوانات الضالة والأمن العام    الشرطة الإسبانيا تطالب باتفاق مع المغرب لإعادة المهاجرين    منظمة حقوقية تشكل لجنة لتقصي أسباب حرائق شفشاون    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط تندد باعتقال ابتسام لشكر وتعتبره تعسفياً    كرنفال وعروض موسيقية وفروسية في افتتاح مهرجان وادي زم    العين يفتقد رحيمي في افتتاح الدوري    اختتام المؤتمر العالمي الخامس للتصوف بفاس بإعلان تأسيس "التحالف العالمي لأهل التصوف"        "كارثة طبية" أدت لوفاة العشرات في الأرجنتين    طاقم الإسعاف بتعاونية الجرف SST... جندي الخفاء بموسم مولاي عبد الله    المستثمر المغربي بمدريد.. محمد النقاش عريس سهرة الجالية بمسرح محمد الخامس    دراسة: ألم "فصال الركبة" يخف بتدريب المشي    الدورة الثانية لمهرجان "سيني بلاج" من 15 إلى 30 غشت الجاري بعدد من مدن المملكة    سلطان يلهب الجمهور ب"الركادة"    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس أدْرَى بمكةَ غير أهْلِها
نشر في الأحداث المغربية يوم 24 - 09 - 2013

في هذه النقطة بالذات، كان طه حسين يُنَبِّه للأساس الذي سيُبْنَى عليه مستقبل التلاميذ، والأفق المعرفي الذي سيكون طريقه نحو الجامعة، ونحو المهام الجليلة التي يمكن أن يتحمَّلَها على عاتقه.
ألحَّ طه حسين على ضرورة ترك التعليم مفتوحاً في وجه من يرغبون في استكمال تعليمهم، وما دامت لهم الرغبة في التحصيل، وفي الوصول إلى أعلى الدرجات. فالأمر يبقى في يد المُتعلِّم، وفي ما له من قدرات ذهنية، وليس في يد الدولة، أو الوزارة التي تغلق الباب في وجهه، أو تضع شروطاً لمنع الراغبين في استكمال تعليمهم من الالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا.
‫ وكانت فكرة إنشاء مجلس التعليم الأعلى، من اقتراحه، بما يكون فيها من تمثيلية لجميع فروع التعليم، وحتى ممن ليسوا من وزارة المعارف، ممن لهم صلة بالموضوع، أو يمكنهم أن يكونوا سَنَداً للمدرسة‬.
وقد اعتبر طه حسين أن المُراقَبات [الفروض] ينبغي إعادة تنظيمها، والبحث عن طرق جديدة في طرحها، وكذلك إصلاح نظام الامتحانات. وكان يعتبر الامتحان، وسيلة، وليس هو الهدف، أو الغاية.
فبناء الشخصية المصرية، ما دام الكتاب يتوجه للمصريين، مشروط بتعليم قوي، وبما يخضع له التعليم من إصلاح، ومن إشراف حكيم، يكون فيه لذوي الخبرة، والمعرفة دور، وهو ما كان طه حسين يعتبره، بشكل أو بآخر، بين شروط نجاح هذا القطاع الحيوي والهام. المجتمع المنتج، النَّامِي، هو المجتمتع المبني على العلم والمعرفة، لا على أمور بعيدة عن هذين الشرطين.
في الكتاب كثير من الأفكار التي لا يسمح المكان بعرضها كاملةً، رغم أهميتها، كما أن ما جاء في هذا الكتاب، رغم صدوره في الثلاثنيات من القرن الماضي، لا زال صالحاً لزمننا، ولتعليمنا، في المشرق، كما في المغرب، طبعاً مع تحيين كثير من الأفكار، بما يقتضيه ما حصل من تطور، وما ظهر من طرق، ومناهج، وإمكانات، لم تكن مُتاحةً في زمن طه حسين.
لم أذهب لطه حسين لأتكلم عنه في ذاته، فأنا كنتُ كتبتُ أكثر من مرة عن هذا الرجل، اعترافاً بجميله عَلَيَّ، وبما تعلَّْمْتُه منه، من محبَّة للمعرفة والعلم، ولكن لأقف عند حالة العَطَب التي وصل إليها تعليمنا، ليس بما يعرفه من تراجع، وتَدَنّ، بل لأُذَكِّر بأهل مكة، وبما يعرفونه من شِعابٍ، لا يمكن أن يعرفها غيرهم ممن وجدوا نفسهم وزراء بالصُّدْفَة، أو بحكم ولاءاتِهم، وما يُجيدونه من اقتناص للريع السياسي، ما يجعل من إشرافهم على القطاع، عالةً عليه، وعلى رجالات التعليم، هؤلاء الذين، هم بدورهم، مخما تكن قيمة التضحيات التي يقومون بها، يحتاجون للتكوين، ولتجديد معارفهم، وتحيينها، بما يحدث ويجري في مجال التربية، وفي مجال المعرفة عموماً، وهذا ما تتحمَّل فيه الوزارة الوصية المسؤولية الأولى، كما يتحمَّل فيه المُدَرِّس، أيضاً، المسؤولية، خصوصاً، في تكوين نفسه بنفسه.
ليست المدرسة حقل تجارب، وليس تغيير سياسة التعليم، ومناهجه، قراراً يتَّخِذه هذا الوزير أو ذاك، بما يُمليه عليه مزاجه، فالأمْر أخطر مما نتصوَّر، لأن المدرسة هي مَشْتَلٌ بشري، وأي خلل يقع في غرس النبتة، أو تحريفها عن تربتها، سينعكس على الغابة بكاملها، وسنجني ثماراً فاسدة، أو غير ذات طَعْمٍ، ولا فائدة. هذا ما يفرض عليَّ، أن أُنَبِّه إلى أن يكون الذين يتحمَّلون مهمة هذا القطاع الخطير، أن يكونوا مثقفين، متملكين لما يكفي من المعرفة والذكاء، واقتراح الأفكار، لا أن يكونوا دَرَكِيِّين، يتركون القارب يغرق، وعينهم على من يُقاومون الغرق، أو يعملون على تفادي الغرق، أعني نساء، ورجال التعليم، دون استثناء.
يحتاج التعليم، عندنا، لإرادة وطنية، ولإشراك المعنيين بالقطاع، أعني أهل مكة، وغيرهم من أصحاب الخبرة ممن لهم صلة بالقطاع، من مثقفين، وكُتّآب، ومفتشين، ومُدرِّسين، وخبراء في مجال التربية، وإداريين، ورجال أعمال، وشركات بنكية، وغير بنكية، ومؤسسات المجتمع المدني، والنقابات، والأحزاب، طبعاً، دون مزايدات، فالأمر لا يحتاج للمزايدات، ولا لغيرها مما كان من أسباب تعطيل المدرسة، فكل هؤلاء، يمكنهم أن يكونوا شركاء، في البناء، وفي إخراج القارب من الأوحال التي وضعه فيها هؤلاء الذين جاؤوا إلى وزارة «المعارف»، بدون معرفة، ولم يكونوا معنيين بالإصلاح، بقدر ما كانوا مشغولين بالحروب، أو باختلاق حروب ومعارك، في كل اتِّجاه، لم نكن في حاجة لها، خصوصاً في مؤسسات لم تَشْك من أي خَلل في سيرها، ولا ممن يعملون فيها، من أساتذة ومُدَرِّسينَ، ما زاد بالأسف من توثُّر الجو العام للمدرسة، في الأقسام، كما في الإدارات، كما في قطاعات أخرى لها علاقة بالوزارة، وهذا يعود، في اعتقادي، لغياب وضوح في الرؤية، وللرغبة في الانتقام، وتصفية حسابات، لا يعرفها، ولا يعرف خلفياتها إلاَّ من أشعل هذه المعارك والحروب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.