التوفيق: المذهب المالكي يقي من الجهل والغلو ويلبي حاجات العصر    الكاتب الأول للحزب ، إدريس لشكر، في افتتاح أشغال الدورة الأولى للمجلس الوطني . .قيم الأسرة الاتحادية مكنتنا بالفعل من الاطمئنان إلى ما أنجزناه جميعا    أولاريو: مواجهة المغرب الرديف قوية وسنلعب بطموح العبور إلى نهائي كأس العرب    المغرب يوقّع على سابقة غير مسبوقة في تاريخ كأس أمم إفريقيا    تقرير: نصف المجتمعات المحلية فقط مطلعة على أداء المدارس رغم تقدم تنظيم التعليم بالمغرب    تونس.. فيلم "فلسطين 36" للمخرجة آن ماري جاسر يفتتح أيام قرطاج السينمائية    أكادير تحتفي بعشرين سنة من تيميتار: دورة إفريقية بامتياز تسبق كأس أمم إفريقيا وتجمع الموسيقى الأمازيغية بالعالم    توقيف مشتبه به في حادث جامعة براون    من شفشاون إلى الرباط: ميلاد مشروع حول الصناعة التاريخية    تطبيق "يالا" يربك الصحافيين والمشجعين قبل صافرة انطلاق "كان المغرب 2025"    أوجار من الناظور: الإنجازات الحكومية تتجاوز الوعود والمغاربة سيؤكدون ثقتهم في "الأحرار" عام 2026    عشرة قتلى على الأقل إثر إطلاق نار عند شاطئ بونداي بأستراليا خلال احتفال بعيد يهودي    آيت بودلال: قميص المنتخب شرف كبير    قبل أيام من انطلاق الكان... لقجع يؤكد الإنجازات التي حققتها الكرة المغربية    ائتلاف يدعو إلى وقف تهميش المناطق الجبلية وإقرار تدابير حقيقية للنهوض بأوضاع الساكنة    شغب رياضي يتحول إلى عنف خطير بالدار البيضاء    بعد فاجعة فاس... لفتيت يحرك آلية جرد المباني الآيلة للسقوط    دعم 22 مشروعًا نسويًا بالمضيق-الفنيدق بتمويل من المبادرة الوطنية    تمديد فترة الترشيح للاستفادة من الدورة الثانية من برنامج "صانع ألعاب الفيديو" إلى 21 دجنبر الجاري    احتفال يهودي بأستراليا ينتهي بإطلاق النار ومصرع 10 أشخاص    أمن مولاي رشيد يوقف 14 مشاغبا اعتدوا على الأمن وألحقوا خسائر بسيارات عمومية    الجيش الموريتاني يوقف تحركات مشبوهة لعناصر من ميليشيات البوليساريو    إقبال كبير على حملة التبرع بالدم بدوار الزاوية إقليم تيزنيت.    مجلس النواب والجمعية الوطنية لمالاوي يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون البرلماني    استقالات جماعية تهز نقابة umt بتارودانت وتكشف عن شرخ تنظيمي.    إسرائيل تندد ب"هجوم مروع على اليهود"    طلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير يعلنون تصعيد الإضراب والمقاطعة احتجاجاً على اختلالات بيداغوجية وتنظيمية    قتيلان في إطلاق نار بجامعة أميركية    مباراة المغرب-البرازيل بمونديال 2026 الثانية من حيث الإقبال على طلب التذاكر    كرة القدم.. إستوديانتس يتوج بلقب المرحلة الختامية للدوري الأرجنتيني    زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب غرب إندونيسيا    ألمانيا: توقيف خمسة رجال للاشتباه بتخطيطهم لهجوم بسوق عيد الميلاد    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    أخنوش من الناظور: أوفينا بالتزاماتنا التي قدمناها في 2021    مسؤول ينفي "تهجير" كتب بتطوان    افتتاح وكالة اسفار ltiné Rêve إضافة نوعية لتنشيط السياحة بالجديدة    إطلاق قطب الجودة الغذائية باللوكوس... لبنة جديدة لتعزيز التنمية الفلاحية والصناعية بإقليم العرائش        البنك الإفريقي للتنمية يدعم مشروع توسعة مطار طنجة    إسرائيل تعلن قتل قيادي عسكري في حماس بضربة في غزة    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    محمد رمضان يحل بمراكش لتصوير الأغنية الرسمية لكأس إفريقيا 2025    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    تعاون غير مسبوق بين لارتيست ونج وبيني آدم وخديجة تاعيالت في "هداك الزين"    من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة            المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    تشيوانتشو: إرث ابن بطوطة في صلب التبادلات الثقافية الصينية-المغربية    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أجراس الخطر ويقظة المجتمعات

ترامب… قد يبدو للبعض منا معتوها، بهلوانيا، محترف كلام ليس إلا. وقد يبدو للبعض الثاني عنصريا يستحق القتل لأنه دعا إلى إغلاق أبواب أمريكا أمام كل المسلمين. وبالنسبة للبعض الثالث، فقد أثار فيه كلام الرجل مشاعر الغيظ والاستفزاز لأنه ثن هجوما مجانيا على أناس ينتمون إلى ديانة سماوية توحيدية بدون وجه حق.
بالنسبة لي لم أر في كلام الرجل إلا أنه كلام موجه للاستهلاك الداخلي… لمواطني أمريكا… لتلك الكتلة الناخبة التي يمكن أن تدفع به إلى ساحة المنافسة الرئاسية. لم يزعجني كلام ترامب لأنه مجرد رد فعل داخلي على وضع عام يجعل أمريكا تتوجس من الخطر الإرهابي الإسلامي ووضع خاص كانت علامته البارزة قتل أمريكي من أصل باكستاني وزوجته عددا من المواطنين الأمريكيين الأبرياء. لكنني أرى في كلامه وفي كلام غيره حين يتنافسون على زعامة أمريكا – والعالم إذن- حرصا على جعل المواطن ضمن أولوياته الأولى يعز علي أن أسمعه على لسان مسؤولينا نحن المسلمين. لن نجلد ذاتنا أكثر ما هي مجلودة، لكن واجب الاعتراف بما نحن فيه والكشف عن دواخلنا– على الأقل- فيه بعض الشفاء لأنفسنا من متلازمة الاعتزاز المرضي بالنفس دون الآخرين مهما دعونا إلى سبهم وقتلهم ورميهم في البحر. من موقعهم البعيد يسعى الأمريكيون – وترامب هذا واحد منهم- إلى حماية الأمريكيين ودرء الخطر – الخارجي على الأقل- عنهم رغم كل ما تسببت فيه أمريكا من مآسي في قلب جغرافية الوطن العربي إلى أن تناسلت وأنجبت ما أنجبته اليوم من كيانات وفظائع وحساسيات عرقية ودينية يصعب احتواؤها في زمن يسير.
في الوقت نفسه، وتزامنا مع حديث ترامب عن المسلمين كان جزء من الشعب الفرنسي يصوت في انتخاباته الجهوية. أفرز الدور الأول صعود اليمين المتطرف وجبة آل لوبين في مناطق لم يكن متصورا الصعود إليها حتى وقت قريب. حبس المجتمع الفرنسي الأنفاس لزمن في انتظار ما سيسفر عنه الدور الثاني. طرحت كل الأسئلة الممكن طرحها. وعرضت كل السيناريوهات المكنة وانقسم الاشتراكيون بين الانسحاب وتشكيل جبهة المقاومة مع غيرهم، بينما تنوعت ميولات الجمهوريين وإن كان زعيمهم ساركوزي أعلن الاستمرار ومواصلة الصمود تحت شعاره "ني ني". في خلال هذا الزمن السياسي القصير- الطويل، استحضرت فرنسا العميقة التاريخ والحضارة والجغرافية. استعان الفرنسيون بذاكرتهم. عادوا بها إلى ثلاثينيات القرن الماضي وصعود التطرف النازي بقوة الديمقراطية متحديا كل الأصوات المنبهة آنذاك إلى خطرة الموقف. استحضروا مشهد باريس وهي تغتصب من قبل هتلر واستعادوا كل ذكريات البؤس والإهانة وسنوات الضياع والحرب المدمرة. صحا في نفس المترددين صوت الجمهورية وقيم الديمقراطية التي جعلت من فرنسا بلد الأنوار، وبدا لهم أن اليوم يكاد يشبه الأمس… صحوةٌ أعادت "الجبهة" إلى حجمها الطبيعي. أرست الأمور في نصابها وأعادت عقارب الساعة إلى وضعها الصحيح. وهنا كل الفرق بين مجتمع وآخر. هنا كل الفرق بين شعب يعي واقعه ومستقبله ويتفاعل مع أحداثه وبين شعوب ومجتمعات لا زالت تعيش مرحلة الحبو السياسي والاجتماعي.
يهمنا حال فرنسا. قلناها في هذه الزاوية. الأسباب والدواعي عدة. يهمنا أن نقارن حالنا بحال من هم أفضل منا. وفي هذا الباب، لا يمكن أن نتجاوز النموذج الفرنسي ومساراته التاريخية والفكرية. يهمنا أن نرى مجتمعنا واعيا بالدرجة التي تشعر فيها بناسه حاضرين في المواعد التاريخية التي يتشكل على أساسها مستقبلهم… في انتخاباته. في مجتمعه المدني. في إعلامه. في برامجه الاجتماعية. في تدبير الشأن المحلي. في المتابعة لهذا التدبير. في الوعي بضرورة جعل الديمقراطية في خدمة الإنسان. في التنمية الإنسانية… أين نحن من هذا المطمح الذي كبرنا على سماعه والحلم به. صورتنا ما تزال ناقصة، تحتاج إلى كثير من العمل كي نستطيع لمَّ البعض منها فحسب.
لنا في بلاد الرافدين والشام وسيناء وليبيا بدل العبرة الواحدة الكثير. لدينا كل المستقبل القاتم مرسوما، لا بل يرتسم كل يوم بمشاهد الفناء والدمار وقتل البراءة وطمس معالم الإنسان والفرح بالموت والانتشاء بالقتل. لنا حولنا إخوة في الدين، لكنهم افترقوا لأن المذهب فرق بينهم وانشطروا مللا ونحلا ينشدون لأنسفهم الطهر العرقي والديني دون الآخرين.لنا- باختصار- كل الآيات الواضحات لما يمكن أن يكون عليهم مستقبلنا، لكننا نصر على أن لا نرى إلا هذا المستقبل. مغربنا ليس استثناء مطلقا ولا أبديا. مغربنا جزء من هذا الكل الذي بدأت مساحات السواد فيه تقترب منا. ولن يقينا من البلاء مجرد الحديث الطويل عن هذا الاستثناء. ما يقينا كل الشرور – وهي قناعة تكررت في هذا الغيض الأسبوعي- هو أن نبدأ بتأهيل الإنسان بما يمنحه وسائل التمييز أولا. نحتاج ثورة حقيقية على واقع إنساننا من حيث واقعه الاجتماعي وتنميته ومنحه الشعور غير الكاذب بأنه ابن هذا الوطن. وأما المداخل إلى هذا التأهيل الذي نريده فلا تخفى على عاقل. يكفي أن نستطلع درجة الأمية بيننا. يكفي أن نستفتي حال الناس. يكفي أن نستكشف مسكنهم وتطبيبهم وتعليمهم. في فرنسا، دق الناخبون جرس الخطر لحين، فكانت الإشارة كافية لاتخاذ العبرة. وفي وطننا، يبدو أن دق الأجراس سيطول مداه.
سعيد الشطبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.