فرضت مدينة طنجة نفسها رقما صعبا في معادلة الحواضر الإفريقية الصاعدة، بانتزاعها المركز التاسع ضمن قائمة المدن الأكثر جاذبية في القارة لعام 2025، متجاوزة عواصم تاريخية بفضل دينامية عمرانية وصناعية متسارعة. وكشف التصنيف الصادر عن مجموعة "ذا أفريكا ريبورت"، والذي تداولته أوساط اقتصادية دولية السبت، عن تحول جذري في هوية المدينة الواقعة على مضيق جبل طارق. وابتعد التقرير عن لغة المؤشرات التقليدية ليصف طنجة بأنها مدينة "نظيفة، حديثة، وتتوسع باستمرار"، في إشارة لنجاحها في الجمع بين الكثافة الصناعية وجودة البيئة الحضرية، وهو توازن نادراً ما يتحقق في الأقطاب الاقتصادية الإفريقية. وجاءت الخارطة الجديدة لأكثر عشر مدن جاذبية في القارة لتعكس منافسة محتدمة بين شمال القارة وجنوبها، مع حضور مغربي لافت بثلاث مدن. وتربعت القاهرة على العرش الإفريقي متصدرة القائمة، تلتها كيغالي الرواندية التي تواصل استثمار سمعتها كعاصمة خضراء في المركز الثاني، فيما حلت نيروبي الكينية ثالثة، وكيب تاون الجنوب إفريقية رابعة. وحجزت العاصمة المغربية الرباط المركز الخامس، متقدمة على جوهانسبرغ (جنوب إفريقيا) التي حلت سادسة، والدار البيضاء في المركز السابع. وفيما جاءت لاغوس النيجيرية ثامنة، قطعت طنجة الطريق على الإسكندرية المصرية التي تذيلت القائمة في المركز العاشر. ويُعزى هذا الاختراق الطنجاوي لنادي "العشرة الكبار" إلى الاستراتيجية التي حولت المدينة من نقطة عبور موسمية إلى منصة لوجستية عالمية عبر ميناء "طنجة المتوسط". ولم يكتف التقرير برصد تدفق الاستثمارات الأجنبية، بل ركز على الجاذبية المعيشية للمدينة التي تستعد لاستقبال نهائيات كأس أمم إفريقيا وكأس العالم 2030، معتبرا أن مشاريع البنية التحتية الأخيرة عززت من طابعها كوجهة مفضلة للاستقرار وليس فقط للأعمال. ويشكل تصنيف ثلاث مدن مغربية ضمن القائمة استثناءً قاريا، يعكس، بحسب مراقبين، نجاح سياسة "الأقطاب الجهوية" التي تنهجها المملكة لتخفيف الضغط عن المركز الاقتصادي التقليدي وتوزيع الثروة والاستثمار بشكل أكثر توازناً.