شاب ينهي حياته بطريقة مأساوية بطنجة    لم يحدث حتى في الحرب العالمية الثانية.. 10% من فلسطينيي غزة ضحايا الإبادة الإسرائيلية    بوريطة لا زال مٌصرا على تسمية "حرب الإبادة" في غزة ب "الإعتداءات"    من طريق المدرسة إلى غرفة العمليات.. جريمة سرقة تغيّر حياة تلميذة في طنجة    بوريطة ونظيره المصري يدعوان إلى إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل كامل في غزة وتنفيذ بنوده    الصين تفتح أبوابها أمام الخليجيين دون تأشيرة اعتبارًا من يونيو المقبل    الركراكي: كرة القدم دعامة لتقاسم القيم والتقريب بين الشعوب    حريق غابة هوارة يلتهم 82 هكتارًا ويقاوم السيطرة رغم تعزيزات الطائرات    ضمنها تعزيز المناعة.. هذه فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية    وزير الخارجية المصري: مصر تدعم سيادة الدول ووحدتها الترابية    في انتظار "خلوة يونيو".. صابري يبرم اتفاقات مع نقابات قطاع الشغل    جيش موريتانيا يشدد الرقابة مع تندوف    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    افتتاح مصنع Aeolon Technology الصيني بميناء الناظور.. نموذج لطموحات الصين الاستثمارية بالمغرب    بن كيران وسكر "ستيڤيا"    البنك الإفريقي للتنمية يشيد بالنجاح الذي حققه المغرب في قطاع صناعة السيارات    تشيلسي يكتسح ريال بيتيس برباعية ويتوج بدوري المؤتمر الأوروبي    تشييع جثمان الفنانة نعيمة بوحمالة    موسكو.. حموشي يشارك في الاجتماع الدولي الثالث عشر لكبار المسؤولين المكلفين بقضايا الأمن والاستخبارات    "مؤسسة غزة الإنسانية" تعلن إيقاف توزيع المساعدات مؤقتا بعد سقوط إصابات جراء تدافع آلاف الفلسطينيين    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يلاقي وديا كندا واليابان تأهبا لكأس العالم    رسمياً.. شباب الريف الحسيمي يحقق الصعود المنتظر إلى القسم الأول هواة    أكثر من 102 ألف مترشح سيجتازون امتحان البكالوريا بجهة الدار البيضاء-سطات في دورة 2025    مسؤول فلسطيني في ذكرى النكبة من الرباط: الشعب الفلسطيني يواجه حرب تطهير عرقي منذ 77 عامًا... ولن نرحل    الإعلان عن تنظيم الدورة التاسعة للجائزة الوطنية لأمهر الصناع    "حماس" تعلن الاتفاق على إطار عام مع أمريكا بشأن وقف حرب غزة    الجديدة.. توقيف مواطن أجنبي متهم بالاحتيال على مهاجرين بعقود عمل مزورة    ضعف الاحترام وغياب النظام والنظافة.. استطلاع يسجل عدم رضى المغاربة عن السلوك المدني في الفضاء العام    النيابة العامة بطنجة تفتح تحقيقا في حريق غابة هبّوارة وتوقف مشتبها به بحوزته ولاعات ومخدرات    أخنوش يعطي الانطلاقة الرسمية لخارطة طريق التجارة الخارجية    الرجاء الرياضي يعلن عن تفعيل الشركة الرياضية وقدوم مستثمر مؤسساتي    فاتح ذي الحجة يومه الخميس وعيد الأضحى يوم السبت 7 يونيو 2025    رئيس النيابة العامة يستقبل وفدا كينيا    ملعب مرتيل الجديد جاهز …    نجوم الفن ينعون الراحلة نعيمة بوحمالة    عمر نجيب يكتب: القنبلة النووية والتجويع آخر الأسلحة لكسب معركة إسرائيل ضد غزة..    لجنة ال24.. امحمد أبا يبرز دينامية الدعم الدولي لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية أذربيجان بالعيد الوطني لبلاده    "العالم القروي في منظومة الرياضة للجميع" شعار قافلة رياضية بإقليم ميدلت    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    2 مليون وحدة إنتاجية غير مهيكلة بالمغرب.. والمدن تستحوذ على النصيب الأكبر    ترامب يخير كندا: الانضمام إلى أمريكا أو دفع 61 مليار دولار للاستفادة من "القبة الذهبية"    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الممثلة المغربية نعيمة بوحمالة تغادرنا إلى دار البقاء    استمرار الحرارة في توقعات طقس الأربعاء    خبراء يحللون أبعاد وأثر البرنامج الحكومي لدعم الكسابة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    وداعا نعيمة بوحمالة… الساحة الفنية تفقد إحدى قاماتها    الوداد ينهزم وديا أمام إشبيلية… وتحضيرات حثيثة لمونديال الأندية في أمريكا    فويرتيفينتورا تحتفي بالتنوع الثقافي في الدورة الخامسة من مهرجان "ما بين الثقافتين"    محمد سعد العلمي ضيف برنامج "في حضرة المعتمد" بشفشاون    تتويج عبد الحق صابر تيكروين بجائزة "زرياب المهارات" تقديرا لمنجزه الفني في مجال التأليف الموسيقي    عبير عزيم في ضيافة الصالون السيميائي بمدينة مكناس    كيف تحمون أنفسكم من موجات الحر؟    التهراوي: تسجيل تراجع بنسبة 80 في المائة في عدد حالات الحصبة بفضل حملة التلقيح    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عباس كياروستامي ب"طعم الكرز".. (2/2)

في كل لقاءات بطل فيلم "طعم الكرز"، للمخرج الايراني عباس كياروستامي، أثناء بحثه عمن يساعده في عملية الانتحار التي حفر من أجلها قبرا قرب شجرة في منطقة نائية، كنا نتعرف على الشخصية، ثم تأتي المفاوضات العسيرة، و الأخد و الرد، و الحجج و الحجج المضادة، الا في لقاء السيد "بديع" بالشخصية الأخيرة التي ستصعد معه في سيارته، في لقطة معبرة، يخبرنا المخرج بأن "بديع" قد اتفق مع أحدهم على اتمام المهمة، لكننا لا نعرف من هو، لم نشهد مفاوضات مباشرة، لم نتعرف على الشخصية، (سنعرف فيما بعد أنها من أصل تركي)، لم نعرف من أين أتت، و لا كيف ركبت مع بطل الفيلم، لكننا سنعرف بعد دقائق الى أين هي ذاهبة، و أين تشتغل، و لماذا قبلت الاتفاق / الصفقة.
نتخيل أن من وافق أن يكون طرفا في مشروع السيد "بديع" الانتحاري، عجوز، فقط من صوته، لأننا لم نشاهده بعد، يتركك المخرج متشوفا، متشوقا لمعرفة هويته و دوافعه و أسباب قبوله مساعدة الشخصية الرئيسية في الفيلم. فاللقطة السابقة لا تقول لك شيئا عنه، بل تخال السيد "بديع" و قد استسلم ل"ماكينة" تحفر و تردم، و تحسب للحظات أنه بدل خطته، و قرر أن يجلس في مكان الورش الى أن يغطيه الحطام، خصوصا بعد أن أخفاه الغبار المتطاير عن الشاشة.
العجوز التركي له "حانوت" صغير، في متحف للتاريخ الطبيعي، و يقوم كذلك بتحنيط الطيور بعد اصطيادها، وأثناء حواره، تفهم لماذا اختار كياروستامي "طعم الكرز" كعنوان للفيلم، ذلك أن من اختار مساعدته، حاول هو أيضا الانتحار في أولى سنوات زواجه، لكنه أثناء محاولته تثبيت حبل مشنقة على شجرة في احدى مزارع التوت، أحس بشئ لزج في يديه، فاذا هي حبات كرز، تذوق الأولى فالثانية فالثالثة، أحب المذاق، نسي نفسه حتى طلوع الشمس، و فاجأته رحلة التلاميذ الصغار الصباحية نحو مدارسهم، يمرون أمامه، و يسألونه بشغبهم الطفولي أن يهز لهم الشجرة، ليتساقط الكرز، فيفعل، و يحس بسعادة غامرة، ثم يجمع حبات التوت هو أيضا و يذهب بها لزوجته، تتذوق شريكته في الحياة "طعم الكرز"، فتعجبها..
يقاطع السيد "بديع" سرد العجوز لحكايته مع الانتحار، متسائلا، هل انتهت مشاكلك فقط بحبات الكرز؟ ، فيجيب من أخدت الطريق منه 35 سنة من عمره بحكمة الزمن، لا، لكنني أنا من تغيرت في تلك اللحظة، والمشاكل لن تنتهي، و اذا فكرنا في الانتحار كلما واجهتنا مشكلة في هذه الحياة، فلن يبقى مخلوق واحد على وجه هذه الأرض.. ثم هل تريد أن تتخلى عن طعم الكرز؟..
التناقض الانساني، هذا ما يريد كياروستامي ايصاله، فالرجل التركي، يحاول جاهدا اقناع السيد "بديع"، بلا جدوى الانتحار، لكن، هل يفعل ذلك لأنه مقتنع فعلا بالأمر، أم فقط لأنه وجد تفسيرا لفشله فيه؟، نفس التناقض يظهر عندما يصر السيد "بديع" عند مخاطبته لطالب العلم، الأفغاني الأصل، بمنطق معاكس تماما لقناعة هذا الأخير الدينية، فيقول له مثلا: "ان دينك يحثك على مساعدة الغير.. فساعدني اذن (على الانتحار)(!)..
عند وصول العجوز التركي الى عمله، يريد منه السيد "بديع" أن يعيد على مسامعه كل الخطة، ليتأكد من كل التفاصيل، و بأن العجوز لن ينسى ما يجب عليه فعله صباح الغد على الساعة السادسة، بعد تردد، يردد صاحب الحانوت لبديع ما يريد سماعه، و يبرر صمته بتعبير بليغ عندما يقول: ان فعل ذلك أسهل من قوله..
خطة الانتحار هي أن يتناول السيد "بديع" أقراصه المنومة ثم يستلقي في حفرة حفرها في مكان قصي جاف، قرب شجرة وحيدة في المكان، كما لو أنها علامة تشوير، ثم على العجوز أن ينادي عليه ثلاث مرات، فإن لم يستيقظ، يقوم بإهالة عشرين مجرافا من الرمل على الجثة، ويأخذ أجره في النهاية، مبلغا "محترما" لقاء هذه الخدمة "البسيطة"، أما إن استيقظ السيد "بديع"، فعلى الرجل أن يساعده على مغادرة القبر..
في لقطة تقول كل شيئ عن الحياة، يطلب العجوز الحكيم من السائق / بطل الفيلم أن يأخد طريقا أخرى، صحيح أنها الأصعب، و ربما الأطول، لكنها الأجمل..
هي كذلك الحياة، بمرارتها، لكنها أيضا.. نفس الحياة التي تهديك.. "طعم الكرز"..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.