المهرجان السينمائي الدولي للبندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    أشرف داري يعود مصابا إلى القاهرة    الكوكب يعيّن المنصوري رئيسة شرفية    ديمبيلي يبتعد عن الملاعب لأسابيع    ما يحتاجه البرلمان المغربي ليس مقاعد إضافية .. بل ضمائر حية    موسم ذراع الزيتون بالرحامنة.. استحضار معركة سيدي بوعثمان وتلاحم القبائل في ذاكرة المقاومة    مدينة 'ندولا': أسود الأطلس يصلون إلى ندولا استعدادا لمواجهة زامبيا    إشبيلية يدخل في مفاوضات مع حكيم زياش    تصفيات كأس العالم 2026 .. المنتخب البرتغالي يتغلب على نظيره الأرميني (5-0)    للمرة الثانية... "أسطول الصمود" يؤجل إبحاره من تونس في اتجاه غزة    فيلم "صوت هند رجب" عن غزة يفوز ب"الأسد الفضي" في مهرجان البندقية    توقيف شبكة لتهريب هواتف مسروقة من فرنسا    من داخل السجن.. محمد جلول يصف جنازة والد الزفزافي ب "التاريخية المهيبة"        مؤشر "مازي" يرتفع ب0,17 % في بداية شتنبر الجاري    إسرائيل تدمر أبراجا سكنية جديدة في غزة وتدعو لإخلاء المدينة    انخفاض المبيعات العقارية ب21% .. والأسعار ترفض النزول    محاولة جماعية لعشرات القاصرين لاجتياز الحدود نحو سبتة المحتلة    تساؤلات برلمانية حول نجاعة الإنفاق العمومي بقطاع تربية الأحياء البحرية    نمو مطار الحسيمة.. أزيد من 92 ألف مسافر في 8 أشهر    مهرجان اللوز بآيت تكلا بأزيلال يكرس مكانته كرافعة للتنمية والتراث المحلي    نائبة برلمانية للميداوي: رسوم دراسة الموظفين تكرس منطق المتاجرة في التعليم    هيئات صحفية ونقابية ترفض مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية ورياح عاصفية بعدد من أقاليم المملكة    العاهل الإسباني فيليبي السادس يلمح لزيارة مليلية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد        مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة    العلاقات المغربية التركية: دينامية متواصلة من أجل شراكة واعدة    في رسالة مصورة: 'إنفانتينو' يصف تأهل المنتخب المغربي إلى نهائيات كأس العالم 2026 بالإنجاز الاستثنائي    مطار الداخلة... خلل في الخدمات يسيء لصورة وجهة سياحية واعدة    رقم قياسي جديد في المبادلات التجارية بين المغرب والصين    انطلاق الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفن التشكيلي بتطوان    بادو الزاكي: الخسارة أمام المغرب "عادية".. فهو أفضل منتخب إفريقي    ترامب يوقع على قرار يغير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب رسميا    لجنة تؤطر النموذج الجديد للصيدليات    افتتاح الدورة ال13 للمهرجان الدولي "ملحونيات" بأزمور    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بالمصالح اللاممركزة للأمن الوطني في عدد من المدن    المفوضية الأوروبية تغرم "غوغل" 3,5 مليار دولار لانتهاكها قواعد المنافسة    ألمانيا تدشن الحاسوب الفائق "جوبيتر" لتعزيز قدرتها في الذكاء الاصطناعي    عدد مستخدمي "شات جي بي تي" يتجاوز 20 مليونا في غشت    تلميذة تنال شهادة الباكالوريا الفرنسية في سن التاسعة        ساكنة مدينة الجديدة تخرج لتجديد العهد على نصرة ف.ل.سطين    مسعد بولس يلتقي دي ميستورا في واشنطن ويؤكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو "الحل الوحيد"    موهوزي كاينيروغابا .. جنرال أوغندي مثير للجدل يقود المعارك عبر "إكس"    نقد مقال الريسوني    الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    بعد سنوات من الرفض.. أوروبا وأمريكا تعتمدان علاج مبتكر ضد ألزهايمر    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤشرات ميدانية على أن التناوب الثاني لحكومة \"العهد الجديد\" مهدد بالفشل
نشر في أخبارنا يوم 16 - 12 - 2011

عديدة هي مؤشرات الفشل التي تنتظر أداء الحكومة المرتقبة، ومع أننا لا نقرأ الغيب، لأن هذا أمر رباني أولا وأخيرا، إلا أن بعض التطورات والمبادرات الصادرة عن العدالة والتنمية خلال الآونة الأخيرة، وخاصة منذ تعيين عبد الإله بنكيران، رئيسا للحكومة الملتحية، تنذر بأن مصير حكومة التناوب الثاني، لن يختلف كثيرا عن مصير حكومة التناوب الأول، على عهد القيادي الاتحادي عبد الرحمن اليوسفي.
تراجعات بالجملة لعبد الإله بنكيران
جاءت أولى مؤشرات هذا الفشل المرتقب، من خلال طبيعة التناقضات الكبيرة بين الأرقام التي كان يتداولها بنكيران بخصوص طبيعة الكراسي الوزارية، مباشرة بعد تعيينه رئيسا للحكومة، وبين مآل نفس الأرقام اليوم.
فبالأمي القريب، كان الرجل، يتحدث عن أعضاء حكومة لن يتجاوز 15 وزيرا و15 كاتبا دولة، كما أكد أيضا على أنه مصر أن يكون الوزراء الجدد، من فئة الشباب، ومن الذين يطرقون باب الاستوزار لأول مرة، وكل هذه التصريحات، تعرضت للانتكاسة اليوم، عندما نتأمل ما يصرح به نفس الشخص: فقد أكد الرجل القوي في الحزب، الإثنين الماضي بالرباط، إن عدد الوزارات وكتابات الدولة التي ستتألف منها الحكومة المقبلة،"يرجح أن يتراوح بين 25 و30 حقيبة" (لنلاحظ أننا انتقلنا من 15 إلى ما يقارب 30 والبقية في الطريق)، وأوضح بنكيران في حديثه خلال لقاء مع ممثلين عن الصحافة الوطنية والأجنبية، أن "الحديث عن حكومة مقلصة لا يتجاوز عدد مكوناتها 20 وزيرا وكاتب دولة تم تداوله على مستوى الحزب لعدة اعتبارات،تتعلق أهمها بمسألة والنجاعة وتقليص التكلفة المادية"،غير أن "واقع الحال وتقييم الإمكانيات المتاحة والحرص على تشكيل حكومة فعالة يؤكد ضرورة هيكلتها بناء على حقائب يتراوح عددها بين 25 إلى 30 وزارة وكتابة دولة".
كما أكد الرجل على أن "الأهم في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد هو تشكيل حكومة قوية ومنسجمة تتحقق فيها جميع شروط الفعالية،قوامها أشخاص يتوفرون على عناصر النزاهة والكفاءة والخبرة".
التجديد وشرعنة ما لا يقبل العقلنة
حتى حدود تحرير هذه الكلمات، زوال الأربعاء 14 دجنبر الجاري، لم يتم حينها الإعلان عن أعضاء الحكومة الملتحية، ولكن شرعت التجديد، الصحيفة الناطقة باسم حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، في نشر نصوص قرآنية تشرعن التحالف مع حزب التقدم والاشتراكية، ونشر تعليقات وشهادات تدافع عن الأمين العام لحزب الحركة الشعبية.
عدد الثلاثاء الماضي للجريدة، يمكن أن يعتبر وثيقة على ما يمكن أن يقوم الخطاب الديني في شرعنة ما لا يقبل حتى العقلنة فالأحرى الشرعنة.
نترك موضوع الحركة الشعبية فيما بعد، ونتوقف عند شرعنة التحالف مع التقدم والاشتراكية، حيث نشر مولاي عمر بنحماد، القيادي في حركة التوحيد والإصلاح، مقالا تحت عنوان: الإخوان والرفاق من أجل الوطن، مخصصا لموضوع المشاورات التفصيلية لتشكيل الحكومة المغربية الأولى بعد تعديل الدستور، وهذه أمور لم يكن يتطرق لها أصلا الكاتب والداعية من قبل، لأنه داعية وفاعل إسلامي حركي، وتهمه قضايا الدعوة التربية، قبل قضايا ساس ويسوس، ولكن بما أن التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية، يقودان حكومة ما بعد الربيع المغربي، فقد تطلب الأمر التطرق إلى هذا الموضوع، بما فيه، التطرق إلى تحالف الحزب الإسلامي مع حزب التقدم والاشتراكية، أي الحزب المغربي الشيوعي سابقا، ومادام الأمر، أي أننا إزاء خطان مستقيمان لا يلتقيان، أي المرجعية الإسلامية والمرجعية اليسارية، الشيوعية سابقا، فإن النصوص القرآنية جاهزة لتبرير هذا التحالف وتقديم تفاسير مقبولة لمشاهد العناق الحار بين عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ونبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية.
وهكذا اعتبر القيادي الإسلامي والسياسي أن تحالف العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، لا يجب أن يستهجنه البعض، لأن التجربة التونسية، أفرزت تحالف الأحزاب الثلاثة: حزب النهضة الإسلامي والحزبان اليساريان المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل الديموقراطي رغم اختلاف توجهاتها. والتحالف جرى في تونس وجرى في كل أرض الله شرقا وغربا، شمالا وجنوبا.
أما النصوص القرآنية المقدسة، والجاهزة عند الحركة والحزب من أجل تبرير هذه المواقف، فنقتبس منها، آيتان كما جاءت في مقال الداعية والسياسي:
"إِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (الأنعام، 152).
"كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ".
لا يعتبر هذا التحالف، الهجين نظريا، حالة شاذة في المشهد السياسي المغربي أو الأجنبي، هذه هي السياسية، أو هذه هي أصول اللعبة السياسية، حيث يتطلب الأمر المراوغة بعض التضليل والنفاق، وهذه أمور منتظرة، بصرف النظر عن مرجعية الأحزاب السياسية، يسارية أو يمينية أو إسلامية، وقد شاهدنا تجارب لحركات إسلامية، قامت بمجازر ضد مسلمين، في إيران والسودان، وبالتالي، فالحالة المغربية أهون، مع العدالة والتنمية، الذي يقترب لأن يصبح حزبا إداريا، بنكهة إسلامية وسلفية، ولكن المشكل الكبير، يكمن في توظيف النصوص الدينية والأحاديث النبوية من أجل أغراض سياسية، هذا هو المشكل الحقيقي، الذي يجب أن يفقهه قادة الحزب، والذي يتطلب إحداث نوعا من المسافة بين النصوص الدينية المقدسة والعمل السياسي المدنس.
آية قرآنية لتغذية مواقف العنصر
نأتي للتحالف مع حزب الحركة الشعبية، ولكن قبل ذلك، لا بد أن نتوقف عند مطبة توظيف النصوص الدينية مجددا في شرعنة هذا التحالف مع حزب سياسي لم يتردد في تقديم العديد من المرشحين المتهمين بالفساد المالي والسياسي، في آخر انتخابات تشريعية (ونتحدث خصوصا عن حالتي إدريس السنتيسي في سلا، وعمر البحراوي في الرباط).
نقرأ في نفس عدد التجديد (ليوم الثلاثاء الماضي، مقتطفا لتصريح أدلى به امحند العنصر لجريدة أخبار اليوم (الناطقة شبه الرسمية باسم الحزب..)، وقد نشتر التجديد إذن في الصفحة الثانية هذا التصريح في إطار الإشادة والتنويه، مادام الحزب أصبح معنيا بالمشاركة في الحكومة الملتحية، ولكن الأخير، هو ما نطلع عليه في الصفحة الأخيرة، حيث نجد تصريحا آخرا لنفس القيادي الحركي (العنصر)، مرفقا بتعليق من الجريدة، ويدور التصريح، حول قرار الحركة الشعبية، الخروج من التحالف من أجل الديمقراطية، مقابل الالتحاق بالحكومة الملتحية، بعد أن أكد المعني بأن حزبه قرر فك ارتباطه مع مجموعة الثمانية (التحالف من أجل الديمقراطية)، الذي كان له "أثر مدمر" على نتائج الحزب في الانتخابات التشريعية ل25 نوفمبر الماضي، و"أضر كثيرا" بوجوده على مستوى كثير من الدوائر، ولو أنه ترك الباب مفتوحا أمام تأويلات دور الحزب في مرحلة فك الارتباط، بين ما وصفه بالبحث عن الصيغة الملائمة لإنهاء هذه العلاقة"، مشيرا إلى أن قرار حزبه النهائي لن يخرج عن افتراضين، وهما إما الانسحاب بشكل نهائي من التحالف وإما تعليق عضوية الحركة داخله.
ولا يمكن قراءة خلفيات هذا التصريح خارج المعطى التالي: مع هذه الأحزاب، يتم تغيير القناعات السياسية بين ليلة وضحاها كما يغير الإنسان ملابسه، ولكن لأن مثل هذه الأمور تغذي فعلا العزوف السياسي والانتخابي وتجعل المتتبع المغربي ينفر من اللعبة السياسية ويشمئز من هذه الممارسات السياسوية، فقد تطلب الأمر على غرار ما جرى في مقال بن حماد حول التحالف مع الشيوعيين سابقا إضافة بعض الشرعية الدينية، ولا يوجد أفضل من النصوص القرآنية المقدسة من أجل التغطية على هذه المطبات السياسوية، التي تقودها اليوم الحكومة الملتحية، مهددة بإفشال تطلعات حول أداء ومعالم "التناوب الثاني".
في معرض التعليق على قرار الحركة الشعبية الانضمام إلى تحالف الحكومة الملتحية مقابل التخلي عن التحالف من أجل الديمقراطية، نقرأ التعليق التالي: "فأما الزبد فيذهب جفاء" (وهو آية قرآنية كريمة ومقدسة، يتم توظيفها، كما يتم توظيف العديد من النصوص القرآنية المقدسة والأحاديث النبوية الشريفة في أوحال اللعبة السياسية.
المصدر: أندلس برس. مراد العلوي
عديدة هي مؤشرات الفشل التي تنتظر أداء الحكومة المرتقبة، ومع أننا لا نقرأ الغيب، لأن هذا أمر رباني أولا وأخيرا، إلا أن بعض التطورات والمبادرات الصادرة عن العدالة والتنمية خلال الآونة الأخيرة، وخاصة منذ تعيين عبد الإله بنكيران، رئيسا للحكومة الملتحية، تنذر بأن مصير حكومة التناوب الثاني، لن يختلف كثيرا عن مصير حكومة التناوب الأول، على عهد القيادي الاتحادي عبد الرحمن اليوسفي.
تراجعات بالجملة لعبد الإله بنكيران
جاءت أولى مؤشرات هذا الفشل المرتقب، من خلال طبيعة التناقضات الكبيرة بين الأرقام التي كان يتداولها بنكيران بخصوص طبيعة الكراسي الوزارية، مباشرة بعد تعيينه رئيسا للحكومة، وبين مآل نفس الأرقام اليوم.
فبالأمي القريب، كان الرجل، يتحدث عن أعضاء حكومة لن يتجاوز 15 وزيرا و15 كاتبا دولة، كما أكد أيضا على أنه مصر أن يكون الوزراء الجدد، من فئة الشباب، ومن الذين يطرقون باب الاستوزار لأول مرة، وكل هذه التصريحات، تعرضت للانتكاسة اليوم، عندما نتأمل ما يصرح به نفس الشخص: فقد أكد الرجل القوي في الحزب، الإثنين الماضي بالرباط، إن عدد الوزارات وكتابات الدولة التي ستتألف منها الحكومة المقبلة،"يرجح أن يتراوح بين 25 و30 حقيبة" (لنلاحظ أننا انتقلنا من 15 إلى ما يقارب 30 والبقية في الطريق)، وأوضح بنكيران في حديثه خلال لقاء مع ممثلين عن الصحافة الوطنية والأجنبية، أن "الحديث عن حكومة مقلصة لا يتجاوز عدد مكوناتها 20 وزيرا وكاتب دولة تم تداوله على مستوى الحزب لعدة اعتبارات،تتعلق أهمها بمسألة والنجاعة وتقليص التكلفة المادية"،غير أن "واقع الحال وتقييم الإمكانيات المتاحة والحرص على تشكيل حكومة فعالة يؤكد ضرورة هيكلتها بناء على حقائب يتراوح عددها بين 25 إلى 30 وزارة وكتابة دولة".
كما أكد الرجل على أن "الأهم في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد هو تشكيل حكومة قوية ومنسجمة تتحقق فيها جميع شروط الفعالية،قوامها أشخاص يتوفرون على عناصر النزاهة والكفاءة والخبرة".
التجديد وشرعنة ما لا يقبل العقلنة
حتى حدود تحرير هذه الكلمات، زوال الأربعاء 14 دجنبر الجاري، لم يتم حينها الإعلان عن أعضاء الحكومة الملتحية، ولكن شرعت التجديد، الصحيفة الناطقة باسم حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، في نشر نصوص قرآنية تشرعن التحالف مع حزب التقدم والاشتراكية، ونشر تعليقات وشهادات تدافع عن الأمين العام لحزب الحركة الشعبية.
عدد الثلاثاء الماضي للجريدة، يمكن أن يعتبر وثيقة على ما يمكن أن يقوم الخطاب الديني في شرعنة ما لا يقبل حتى العقلنة فالأحرى الشرعنة.
نترك موضوع الحركة الشعبية فيما بعد، ونتوقف عند شرعنة التحالف مع التقدم والاشتراكية، حيث نشر مولاي عمر بنحماد، القيادي في حركة التوحيد والإصلاح، مقالا تحت عنوان: الإخوان والرفاق من أجل الوطن، مخصصا لموضوع المشاورات التفصيلية لتشكيل الحكومة المغربية الأولى بعد تعديل الدستور، وهذه أمور لم يكن يتطرق لها أصلا الكاتب والداعية من قبل، لأنه داعية وفاعل إسلامي حركي، وتهمه قضايا الدعوة التربية، قبل قضايا ساس ويسوس، ولكن بما أن التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية، يقودان حكومة ما بعد الربيع المغربي، فقد تطلب الأمر التطرق إلى هذا الموضوع، بما فيه، التطرق إلى تحالف الحزب الإسلامي مع حزب التقدم والاشتراكية، أي الحزب المغربي الشيوعي سابقا، ومادام الأمر، أي أننا إزاء خطان مستقيمان لا يلتقيان، أي المرجعية الإسلامية والمرجعية اليسارية، الشيوعية سابقا، فإن النصوص القرآنية جاهزة لتبرير هذا التحالف وتقديم تفاسير مقبولة لمشاهد العناق الحار بين عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ونبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية.
وهكذا اعتبر القيادي الإسلامي والسياسي أن تحالف العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، لا يجب أن يستهجنه البعض، لأن التجربة التونسية، أفرزت تحالف الأحزاب الثلاثة: حزب النهضة الإسلامي والحزبان اليساريان المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل الديموقراطي رغم اختلاف توجهاتها. والتحالف جرى في تونس وجرى في كل أرض الله شرقا وغربا، شمالا وجنوبا.
أما النصوص القرآنية المقدسة، والجاهزة عند الحركة والحزب من أجل تبرير هذه المواقف، فنقتبس منها، آيتان كما جاءت في مقال الداعية والسياسي:
"إِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (الأنعام، 152).
"كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ".
لا يعتبر هذا التحالف، الهجين نظريا، حالة شاذة في المشهد السياسي المغربي أو الأجنبي، هذه هي السياسية، أو هذه هي أصول اللعبة السياسية، حيث يتطلب الأمر المراوغة بعض التضليل والنفاق، وهذه أمور منتظرة، بصرف النظر عن مرجعية الأحزاب السياسية، يسارية أو يمينية أو إسلامية، وقد شاهدنا تجارب لحركات إسلامية، قامت بمجازر ضد مسلمين، في إيران والسودان، وبالتالي، فالحالة المغربية أهون، مع العدالة والتنمية، الذي يقترب لأن يصبح حزبا إداريا، بنكهة إسلامية وسلفية، ولكن المشكل الكبير، يكمن في توظيف النصوص الدينية والأحاديث النبوية من أجل أغراض سياسية، هذا هو المشكل الحقيقي، الذي يجب أن يفقهه قادة الحزب، والذي يتطلب إحداث نوعا من المسافة بين النصوص الدينية المقدسة والعمل السياسي المدنس.
آية قرآنية لتغذية مواقف العنصر
نأتي للتحالف مع حزب الحركة الشعبية، ولكن قبل ذلك، لا بد أن نتوقف عند مطبة توظيف النصوص الدينية مجددا في شرعنة هذا التحالف مع حزب سياسي لم يتردد في تقديم العديد من المرشحين المتهمين بالفساد المالي والسياسي، في آخر انتخابات تشريعية (ونتحدث خصوصا عن حالتي إدريس السنتيسي في سلا، وعمر البحراوي في الرباط).
نقرأ في نفس عدد التجديد (ليوم الثلاثاء الماضي، مقتطفا لتصريح أدلى به امحند العنصر لجريدة أخبار اليوم (الناطقة شبه الرسمية باسم الحزب..)، وقد نشتر التجديد إذن في الصفحة الثانية هذا التصريح في إطار الإشادة والتنويه، مادام الحزب أصبح معنيا بالمشاركة في الحكومة الملتحية، ولكن الأخير، هو ما نطلع عليه في الصفحة الأخيرة، حيث نجد تصريحا آخرا لنفس القيادي الحركي (العنصر)، مرفقا بتعليق من الجريدة، ويدور التصريح، حول قرار الحركة الشعبية، الخروج من التحالف من أجل الديمقراطية، مقابل الالتحاق بالحكومة الملتحية، بعد أن أكد المعني بأن حزبه قرر فك ارتباطه مع مجموعة الثمانية (التحالف من أجل الديمقراطية)، الذي كان له "أثر مدمر" على نتائج الحزب في الانتخابات التشريعية ل25 نوفمبر الماضي، و"أضر كثيرا" بوجوده على مستوى كثير من الدوائر، ولو أنه ترك الباب مفتوحا أمام تأويلات دور الحزب في مرحلة فك الارتباط، بين ما وصفه بالبحث عن الصيغة الملائمة لإنهاء هذه العلاقة"، مشيرا إلى أن قرار حزبه النهائي لن يخرج عن افتراضين، وهما إما الانسحاب بشكل نهائي من التحالف وإما تعليق عضوية الحركة داخله.
ولا يمكن قراءة خلفيات هذا التصريح خارج المعطى التالي: مع هذه الأحزاب، يتم تغيير القناعات السياسية بين ليلة وضحاها كما يغير الإنسان ملابسه، ولكن لأن مثل هذه الأمور تغذي فعلا العزوف السياسي والانتخابي وتجعل المتتبع المغربي ينفر من اللعبة السياسية ويشمئز من هذه الممارسات السياسوية، فقد تطلب الأمر على غرار ما جرى في مقال بن حماد حول التحالف مع الشيوعيين سابقا إضافة بعض الشرعية الدينية، ولا يوجد أفضل من النصوص القرآنية المقدسة من أجل التغطية على هذه المطبات السياسوية، التي تقودها اليوم الحكومة الملتحية، مهددة بإفشال تطلعات حول أداء ومعالم "التناوب الثاني".
في معرض التعليق على قرار الحركة الشعبية الانضمام إلى تحالف الحكومة الملتحية مقابل التخلي عن التحالف من أجل الديمقراطية، نقرأ التعليق التالي: "فأما الزبد فيذهب جفاء" (وهو آية قرآنية كريمة ومقدسة، يتم توظيفها، كما يتم توظيف العديد من النصوص القرآنية المقدسة والأحاديث النبوية الشريفة في أوحال اللعبة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.