ماالأرحم والأحن بشباب الأنترنيت:الإدمان على القصص والكتابة والكتاب أم الاستغراق في "الويفي" إلى مطلع الفجر؟ إنه سؤال فطري عن تسونامي مهول قد يأكل الأخضر واليابس كما قد يهلك الحرث والنسل ، سؤال يدق ناقوس الخطر ربما يراود مخيلة أي مدمن أومدمنة من شباب اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي كلما اختلى بنفسه أواختلت بنفسها في غرفة بيت أو زاوية بمقهى أوعلى عتبة أوشرفة أوسطح منزل ، وهذه مشكلة اكتساح العولمة الرقمية للأفكاروالعقول والسلوكيات حتى أضحى الشباب اليوم أشبه بكائنات فضائية روبوتية تتحرك وفق مرامي وأهداف الشركات المصنعة لتكنولوجيا خدمات التواصل الذكي والفوري وشبه المجاني مقابل أرباح هائلة تجنيها من وراء البيع ومابعد البيع وأصناف الإشهارات المرافقة لذلك شعرنا بها أم لم نشعر، لكنها تجد طريقها ممهدا لتستقر في لا وعينا الفردي والجماعي وأورد هنا في هذا السياق رأيا متميزا بلغة مولييرللأستاذ عبدالواحد الخابوري، وهوأحد المدرسين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بفكره الراقي ونشأ على يديه جيل من الشباب Effectivement la dépendance, par rapport à l'Internet et aux sites de communications sociales ,de la jeunesse y compris tous les âges est devenue un phénomène et un malaise qui ne cesse de prendre de l'ampleur et dérange les parents qui n'arrivent plus à contrôler les contacts de leurs descendances jours et nuits avec ses moyens de culture de masse qui échappent au dialogue et au contrôle familiaux إنها سياسة التدليس والغبن والخديعة ، تمارسها تلك الشركات العملاقة لتغوص بشباب اليوم والمستقبل في أعماق بحرالإدمان تماما مثلما تفعله شركات إنتاج وتسويق التبغ والخموروالقماروألعاب الحظ وعصابات ترويج المخدرات من أفاعيل لتجني المزيد من الأرباح المتواصلة وتفقد الشباب هويته وكينونته وكرامته وفطرته التي خلقه الله عليها، فينسلخ من أي ارتباط واقعي بالمجتمع ليسبح في عالم افتراضي ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب ليس ذلك إذن إلا قارورة من عسل غيرمصفى وضعت فيها بليل قطرات من سم الإدمان القاتل أو تلكم الشجرة المثمرة اليانعة الوارفة الظلال التي تخفي خلفها غابة ملئى بالوحوش والثعابين والأفاعي والعقارب والتماسيح وعفاريت من الإنس والجن . فقد تحول شباب اليوم بفعل هذا الإدمان الرقمي الخطير إلى قناديل متحركة في الظلام في رحلة بحث غير آمنة عن المجهول داخل عالم " الويفي" الذي يظهر ويختفي كثعلب الأديب المرحوم محمد زفزاف والمضحك المبكي هنا أن تجد زوجة شابة غضبت من زوجها وذهبت إلى منزل أهلها ، فلم تقدرعلى المكوث هناك طويلا ، لأنهم لا يملكون "الويفي" ، فعادت دون أن يسترضيها زوجها ، لأن ببيته " الويفي" هذا ماقررته في حقنا شركات التواصل الرقمي العالمية المنطلقة أساسا من بلاد العام سام ، أمريكا وما أدراك من أمريكا ، أن تسلب منا كرامتنا وانتماءنا العائلي وارتباطاتنا الاجتماعية بما تحويه من دفء وحنان وتوادد وتعاون وحواروتواصل ومؤانسة من الكتاب والقصة وحكايات شعبية مشوقة من الجدات والآباء قبل النوم الحديث في هذا الموضوع المهم ذو شجون ، ومتشعب تشعب شبكة الويب نفسها ، ويحتاج إلى كثير من المدارسة والحلول لرفع الضيق عن شبابنا المدمن على الإبحار في الشبكة دون قيود معقلنة وساعات محددة في اليوم والأسبوع، وإخراجهم من مأزق عنق الزجاجة الذي أمسك بهم بدهاء ، ومن حالة الاستيلاب الثقافي والمعلوماتي ،ومن شبقية الولوج إلى المواقع المحظورة ، لكن يمكن الاستئناس بدراسة قيمة جديرة بالمتابعة ، وهي تحت عنوان : "إدمان الإنترنت وآثاره الجسدية والنفسية" على رابط منتدى فانتازيا http://wakim.ahlamontada.com/t175-topic وهي تحيل على أول من وضع مصطلح " إدمان الإنترنت ، وهي عالمة النفس الأميركية كيمبرلي يونغ التي تعد من أولى أطباء النفس الذين عكفوا على دراسة هذه الظاهرة في الولاياتالمتحدة منذ عام 1994، حيث تعرف يونغ : " إدمان الإنترنت " بأنه استخدام الإنترنت أكثر من 38 ساعة أسبوعياً. وتشمل أعراض حالة إدمان الإنترنت - حسب الدراسة - عناصر نفسية واجتماعية وجسدية، تؤثر على الحياة الإجتماعية والأسرية للفرد مثل الوحدة، والإحباط، والإكتئاب، والقلق، والتأخر عن العمل، وحدوث مشكلات زوجية وفقدان للعلاقات الأسرية الإجتماعية، كقضاء وقت كاف مع الأسرة والأصدقاء. والأعراض الجسدية التي تظهرفي التعب والخمول والأرق، والحرمان من النوم، وآلام الظهر والرقبة، والتهاب العينين، هذا بالإضافة لمخاطر الإشعاعات الصادرة عن شاشات أجهزة الإتصال الحديثة، وأيضاً تأثير المجالات المغناطيسية على الدماغ والأعصاب والصادرة عن الدوائر الالكترونية والكهربائية ومن المفارقات العجيبة هنا، أن عملاق المايكروسوفت بيل جيتز لا يسمح لابنته باستعمال الكميوتر لأكثر من ساعتين في اليوم ، ولا يملك جهاز تلفاز ببيته على حد علمي به سابقا ، كما أنه من المفاجئ أيضا أن نعلم أن الراحل ستيف جوبز مخترع الآيفون والتابليت والآيباد والرئيس التنفيذي لشركة أبل سابقا، لم يكن يسمح هوأيضا لأبنائه باقتناء أهمّ منتجات شركته أي الآي فون والآي باد وآي بود. أمرغريب فعلا لنعد إذن إلى صحوتنا يا شباب اليوم ورجال الغد ، ونصاحب خير مؤنس وهوالكتاب والقصة والحكاية ، لا ضرر فيها ولا ضرار، ونعد بإحكام وتعقل ساعات النظروالحملقة والبحث في شاشات الهواتف الذكية والجلاكسي والحواسيب المحمولة واللوحية ونملأ الفراغات القاتلة في القاعات الرياضية وتفجيرالمواهب بدورالشباب والجمعيات الثقافية والأندية التواصلية وزيارة الأحباب والأصدقاء والأهل والأقارب والجلوس عند شط البحر أوعلى سفح جبل للتأمل في عظمة الخالق عز وجل حتى لا نفقد يوما ما أبصارنا وعقولنا وحريتنا الإنسانية ، وما أروع القول المأثورعن الفاروق عمربن الخطاب رضي الله عنه : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا .