سوريا.. هدوء نسبي في السويداء ونزوح جماعي بسبب أعمال العنف                هذه خسائر حريق المركز التجاري بإمزرون والتجار يتضامنون بالإغلاق    تصدّع داخلي بجبهة البوليساريو بسبب أزمة موعد المؤتمر    غزة.. تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية    مأساة على شاطئ سيدي قاسم.. غرق شرطي شاب يخلّف صدمة بين زملائه    الركوب على المآسي يزعج "الأحرار"    معركة أنوال .. صفحة مشرقة في سجل الكفاح الوطني ضد الاستعمار    فيلدا يؤكد جاهزية المنتخب النسوي لنصف نهائي أمم إفريقيا    نجاح باهر لامتحانات البكالوريا بجهة الدار البيضاء-سطات .. الأكاديمية تشيد بالمجهودات الجماعية وتثمّن النتائج المحققة    آسفي .. ليلة فنية تحتفي بأصالة العيطة وتجذرها في الهوية الوطنية    تظاهرة حاشدة في الرباط تندد بعدوان اسرائيل على غزة وتجويع أهلها(صور)    البابا يدعو إلى وضع حدّ فوري لحرب غزة "الهمجية"    بعد ‬موقف ‬جاكوب ‬زوما ‬الداعم ‬لمغربية ‬الصحراء.. ‬الجزائر ‬ترسل ‬مبعوثيها ‬إلى ‬بريتوريا    منتخب الشبان للجيدو يهيمن على بطولة إفريقيا    "حماية المستهلك" ترفض تلويح الصيادلة بالإضراب وتدعم الحكومة في خفض الأدوية    تحسن ‬متواصل ‬يعكس ‬جاذبية ‬الاقتصاد ‬الوطني    زلزالان قبالة أقصى الشرق الروسي    إسرائيل توسع العمليات في وسط غزة    العرائش ترفض طمس الشرفة الأطلسية    الدفاع المدني في غزة يعلن استشهاد 57 فلسطينيا من منتظري المساعدات بنيران إسرائيلية    جمهور قياسي يختتم مهرجان تيفلت    احتجاجات بإسبانيا على معادلة رخص سائقي الشاحنات المغاربة    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟        يهم الجالية.. إسبانيا ترفع من مدة سفر "العاطلين عن العمل" دون فقدان الدعم    أمرابط يرفض الرحيل ومورينيو يستبعده.. أزمة صامتة في فنربخشة    تراجع مفرغات الصيد الساحلي بميناء الصويرة إلى 7052 طنا    مهرجان العيطة بآسفي.. أربع ليالٍ من الوفاء للتراث وروح الإبداع    الحسيمة تحتفي بانطلاق مهرجان الشواطئ بأمسية للفنان رشيد قاسمي    بالفيديو.. الدورة الصيفية لموسم أصيلة 46.. فنٌّ ينمو على إيقاع المدينة    المغرب خارج قائمة ال50 الأوائل في الإنترنت المحمول.. وسرعة الثابت أقل بأكثر من أربعة أضعاف من فيتنام    بنكيران يطالب وهبي بالاستقالة بعد تسريبات التهرب الضريبي    هونغ كونغ تصدر أعلى تحذير من إعصار "ويفا" وتوقف الخدمات العامة    توقيف مستشارة جماعية متلبسة بحيازة "الكوكايين"    تجديدات تنظيمية لحزب الاستقلال بجماعتي بني جرفط وخميس الساحل تعزز الحضور الحزبي بإقليم العرائش    المنتخب الوطني المحلي لكرة القدم يفوز وديا على بوركينا فاسو (2-1)    طواف فرنسا.. الهولندي ثيمين آرينسمان بطلا للمرحلة 14 وإيفينيبويل ينسحب    تحذير من تسونامي في روسيا عقب زلزال بلغت شدته 7.4 درجات    قدس جندول تتوج بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان المسرح الحر بعمان    الداخلة تفتح أبوابها لهوليود و"The Odyssey" يبدأ رحلته من قلب الصحراء    خالد المريني: رائد الهوكي على الجليد في المغرب    استنكار اتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة لما تعرض له الزميل حسن بوطبسيل    تشاؤم الأسر المغربية يتفاقم بشأن أسعار المواد الغذائية وقدرتها على الادخار    أزمة غير مسبوقة ب ENSA طنجة.. الأساتذة ينددون بسوء التسيير ويعلنون خطوات تصعيدية    تتويج منتخب المغرب للإناث بلقب إفريقيا في كرة المضرب "تحت 16 سنة" وتأهله لبطولة العالم    الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما هي خلفيات قبول المغرب الجلوس على طاولة المفاوضات مع جبهة البوليساريو؟
نشر في أخبارنا يوم 16 - 10 - 2018

مازالت قضية الصحراء المغربية، من القضايا الشائكة التي تَشْغَل حَيزا هاما من انشغالات الرأي العام الوطني والإقليمي والدولي، وتَستأثر بجهد أكبر من قبل الدبلوماسية المغربية على مدار عقود خلت، فضلا عن استنزافها وتقويضها لسبل التنمية بمنطقة المغرب العربي.
يبدو أن هناك جديدا طرأ مؤخرا في مسارها السياسي، يتجلى في قبول المغرب للجلوس على طاولة واحدة مع جبهة البوليساريو الانفصالية في غضون الأشهر القليلة المقبلة ، وهو قرار إن صحت حيثياته، فقد يُشَكل مفاجأة للرأي العام المغربي، بالنظر إلى طبيعة الخطاب الرسمي، الذي عَبَّر في أكثر من مرة عن رفضه التفاوض مع الكيان الانفصالي، في ظل العودة إلى نقطة الصفر، بل هو مشروط ومرتبط أساسا بمسألة التفاوض على صيغة حل الحكم الذاتي كأعلى سقف يمكن التفاوض من أجله.
لكن بالنظر للحدث في العمق، فقد يكون متوافقا مع خطوات المملكة المغربية الأخيرة، من خلال عودتها لمنظمة الاتحاد الأفريقي، على الرغم من استمرار تواجد جبهة البوليساريو كعضو بالمنظمة، وبالتالي ففتح باب المفاوضات بين الطرفين، ما هو إلا تحصيل حاصل.
الموقف المغربي الرسمي، اعتبر بأن قبول الجلوس مع جبهة البوليساريو، لا يصل إلى مستوى التفاوض، بل هو بمثابة مباحثات في ظل اقتراح أممي بعقد مائدة مستديرة، وهو موقف قد يفهم من ورائه، تمرير رسالة مفادها، بأن المغرب لم يتنازل عن مواقفه، ولم يتراجع عن سقف شروطه، حتى لا يعطي الانطباع بأنها هزيمة دبلوماسية ونصر سياسي للطرف المعادي.
لكن المتحدث الرسمي المغربي، لم يوضح طبيعة جدول أعمال هذه المائدة المستديرة، ما إذا كانت مشروطة بمناقشة اقتراح الحكم الذاتي كحل للتفاوض، أم أن هذه المباحثات لن تكون مشروطة ، بل مفتوحة على كل الاحتمالات، وفي هذه الحالة، سيكون الطرفان، وكأنهما مدعوان لإيجاد حلول بديلة.
المغرب ما زال يعتبر أن مفتاح الصراع بيد الجارة الجزائر، كطرف أساسي في هذه القضية المفتعلة، لذلك فهي تشترط حضور الجزائر في أية مبادرة من طرف المجتمع الدولي لحل هذا النزاع، الذي طال أمده.
من جهة أخرى، جبهة البوليساريو، تعتبر موقف المغرب بقبول الجلوس مرة أخرى على طاولة واحدة، في عهد القيادة الانفصالية الحالية، بمثابة نصر سياسي كبير، وأن تحركاتها الاستفزازية في منطقة الكركارات، قد أتت أكلها، ونجحت في ممارسة ضغوط على المغرب للقبول بالتفاوض، وبالتالي الاعتراف بها ككيان سياسي قائم بذاته.
كما تعتبر أن تواجد كل من دولتي الجزائر وموريتانيا في هذه المحادثات، لا يخرج عن الحضور بصفتهما مراقبين لمجرياتها، وبالتالي فهي تعتبر نفسها هي الطرف الوحيد في صراعها مع المغرب.
إن المتتبع للسياق التاريخي للصراع، قد يرى أن هذه المفاوضات الجديدة المرتقبة، تحمل في جعبتها فشلا لتجارب سابقة، أبرزها سلسلة المفاوضات بين الأطراف في مانهاست الأمريكية بضواحي نيويورك سنة 2007 تحت إشراف ورعاية منظمة الأمم المتحدة، حيث ظل كل طرف متشبث بموقفه، فالمغرب يرفع شعار لا بديل عن صيغة الحكم الذاتي، في حين يتشبث الطرف الآخر بخيار الاستفتاء، مع إضافة مقترح الحكم الذاتي ضمن خياري الانفصال أو الانضمام إلى المغرب.
يمكن الحديث عن معطيات جديدة، أبرزها صعود قيادة جديدة في صفوف الجبهة الانفصالية بقيادة إبراهيم غالي بعد وفاة زعيمها محمد عبد العزيز، وبالتالي هل تحمل هذه القيادة الجديدة رؤى مغايرة لسابقتها، من أجل الوصول لحل لهذه القضية، أم أن مسارها لن يخرج عن خط سياستها التقليدية، من خلال التعنت في مواقفها، والتهديد بالحرب.
أجل، ربما سيكون المبعوث الأممي الجديد هورست كولر أكثر تفاؤلا، وهو الذي تمكن من إقناع الأطراف بالجلوس على طاولة واحدة، لأول مرة منذ مدة ليست بالهينة، وهو ما فشل فيه مبعوثون أمميون سابقون، وقد تكون الظرفية السياسية الحالية، قد ساعدته في ذلك، بالنظر إلى حدة الصراع بين المغرب وجبهة البوليساريو على الحدود االفاصلة بين المغرب والجزائر، الذي كان سيؤدي إلى قيام حرب بين الطرفين، وهو ما ترفضه الأطراف الدولية، التي هي في غنى عن حروب مسلحة، قد تؤدي إلى التسبب في هجرات جماعية إلى الحدود الأوروبية.
قد يرى المتتبعون أن قبول المغرب للعرض الأممي بفتح باب المحادثات مع جبهة البوليساريو، ربما يأتي كإجراء تكتيكي، مراميه تسير في اتجاه إبداء حسن النية في مساعدة الجهود الأممية لحل هذا الصراع، خصوصا وأن تواجد القبعات الزرق الأممية، يرتبط بمدى وجود مؤشرات رغبة الأطراف في التسوية، حيث أن الأمم المتحدة ومعها الدول المانحة، ذاقت ذرعا من استمرار إنفاق الأموال على القوات الأممية في ظل صراع، يمكن أن يكون مصيره النفق المسدود.
ثمة سياق دولي بمتغيرات جديدة، أبرزها وصول الرئيس الأمريكي المثير للجدل، دونالد ترامب، وبالتالي فالحليف الأمريكي التقليدي للمغرب من الصعب ضمان مواقفه، في الظرف الراهن، بالنظر إلى مواقف قيادته، التي تركن إلى تقديم مصالحها المادية، على أية اعتبارات أخرى، خصوصا وأن المغرب كان يدعم هيلاري كلينتون في سباقها الرئاسي مع دونالد ترامب، الذي يرفع شعار الدعم والحماية مقابل المال، بدأها مع شمال الحلف الأطلسي بأوروبا، وتلاها مع المملكة العربية السعودية، ولا ندري في المستقبل على من سيأتي الدور.
يمكن القول أيضا، أن الظرف السياسي الداخلي في المغرب، يعرف مشاكل وأزمات سياسية واجتماعية واقتصادية مقلقة، وبالتالي فقضية الصحراء المغربية، دائما كانت فرصة مواتية لخلق جو من الإجماع الوطني، وترسيخ ثقافة أولوية قضية الصحراء المغربية على باقي القضايا الأخرى، لكون حدث المفاوضات هو الأهم، والشاغل الرئيسي للرأي العام، وما على المشاكل الأخرى إلا رمي مصيرها على ظهر المستقبل، وهو شيء يمكن أن يكون مشابها بالنسبة للجارة الجزائر الداعمة التاريخية للجبهة، التي تعيش فراغا سياسيا واضحا، مع مرض رئيسها الحالي، وتستغل هذه القضية من أجل إلهاء رأيها العام، وضمان سيطرة الفكر العسكري على أجهزة حكمها، التي لا هم لها سوى التسلح، بدعوى حماية أمنها من غريمها المغرب.

في الإطلالة على استشراف أفق هذه المفاوضات، يمكن القول بأنها لن تغير في الأمر من شيء، ولن تزحزح الأطراف عن مواقفها المعتادة والمتباعدة، مما قد يمدد في أمد الصراع، ويرمي بالمنطقة إلى مستقبل مجهول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.