توفي الدكتور شحرور وترك خلفه إرثا تعلق بالنظر في آي القرآن الكريم بطريقته الخاصة. وليس لي دلو في الموضوع لأني لست من أهل الاختصاص. لكن ما أعجبني في رسالته قبل وفاته إن صحت. هو قوله تلك العبارة التي ختم بها حياته وهي. كان القرأن قضيتي ثم مضيت إلى ربي. وكنت أخشى أن يشملني قوله تعالى "وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا" وتكفي هذه العبارة والآية ليهتم الناس بالقرآن الكريم قراءة ودراسة وتذبرا. وأجمل ما قرأته في هذا السجال هو ما كتبه الدكتور عثمان مصباح. خلاصة القول اذكروا موتاكم بخير. وللاستفادة إليكم وصية شحرور قبل وفاته إن صحت. بسم الله، والأمر لله من قبل ومن بعد، ثم أما بعد: أكتب هذه الوصية، لأقول للجميع، ترحموا علي كيفما شئتم. فلست الأول والأخير، الذي سيختلف حول الترحم عليه. لكن اسمحوا لي، لا أريد المدافعين عني، ولا المعارضين لي، أن يتحاربوا ويتقاتلوا فيسبوكيا حول هذه المسألة الجزئية. أريدكم، بكل صدق أن تستمروا في الاجتهاد، للإجابة عن هذا السؤال: كيف نعيش بالقرآن في القرن الواحد والعشرين، كما عاش الرسول والصحابة القرآن في زمانهم، وعاشه الذين جاؤوا من بعدهم في زمانهم؟ كيف نفعل مفاهيم القرآن في عصر الذكاء الصناعي وانهيار الأنظمة القيمية؟ كيف نفهم القرآن لنجيب عن أسئلة زماننا هذ. أنا مت، لكن السؤال الذي شغلني طيلة حياتي، لم يمت: كيف أجيب من القرآن عن أسئلة المسلمين في زمن الثورات الفسلفية والتكنولوجية؟ وهذا السؤال سيظل فيكم. إما أن تجعلوا القرآن وراء ظهوركم، وتقرأوه على الموتى في المقابر، وإما أن يأتي قوم بدو، يطبقونه تطبيقا داعشيا. السؤال: كيف نحبب القرآن للعالمين؟
أنا الآن بين يدي ربي. أعرف أنني وقعت في أخطاء كثيرة، لكنني سأقول لربي، سهرت الليالي، واعتكفت في المكتبات، لأعرف الناس بمفاهيم القرآن، بعد أن هجروه، ولم يتدبروه. قد أكون أخطأت في الإجابة، لكنني متأكد أنني انشغلت بأهم قضية إشكالية في الوجود: ما العلاقة التي تربط بين الله والإنسان؟ حاولت أن أعز الله تعالى بصفات الكمال والجلال، وفي المقابل أن أعطي الإنسان مكانته اللائقة، أنه مخلوق غير مسلوب الفاعلية في الأرض. شرف لي، أن أموت، ويرتبط اسمي بدراسة القرآن. لم أقتل شعبا، ولم أسرق ثروة. كما كان لي الحق أن أقول في معاني القرآن كيفما أريد، فللناس الحق، أن يقولوا في ما قلته ما يريدون. تذكروا هذه الآية التي شيبتني: "وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا". لم أرد أن تنطبق علي هذه الآية. قررت أن أعيش وسط القرآن، وأتذوق معانيه، محاولا الإجابة عن أسئلة زماني، لأن القرآن، صالح لكل زمان ومكان. هذه هي القضية، فهل أنتم مستعدون لاعتناقها، أم أنكم تنامون ولم تتدبروا آية واحدة من كتاب الله، ولم تقرأوا وردكم القرآني، بل منا من لم يختم القرآن مطلقا، لكنه سيأتي ليرجمني بالنار. لن أقلق، له الحق في أن يقول ما شاء.