صاروخ يقتل أطفالا يجلبون الماء في غزة وإسرائيل تعزو السبب لعطل    طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا    "السيبة" في أصيلة.. فوضى في الشوارع وغياب للسلطات    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    الفنانة الهولندية من أصول ناظورية "نوميديا" تتوَّج بلقب Stars on Stage    كرة القدم.. "فيفا" يكشف عن قرارات جديدة بخصوص صحة وفترات راحة اللاعبين واللاعبات    من عاصمة سوس.. حزب "الحمامة" يطلق دينامية شبابية جديدة للتواصل مع الشباب وتقريبهم من العمل السياسي    "كان" السيدات .. تأهل نيجيريا والجزائر    رفاق حكيمي يسقطون بثلاثية أمام تشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية    اليمين المتطرف في بلدة إسبانية يستغل حادثة للعنف لربط الهجرة بالجريمة    وفاة رئيس نيجيريا السابق محمد بخاري    بناني والحاجي والمرنيسي يحسمون لقب "بطل المغرب" في الفروسية    أطروحة دكتوراه تكشف محدودية تفاعل المواطنين مع الخدمات الرقمية بالمغرب: فقط 40% راضون    الوزيرة بنعلي تعلن الشروع رسميا في إنجاز مشروع أنبوب الغاز المغرب- نيجيريا        دونالد ترامب يحضر مباراة نهائي كأس العالم للأندية لكرة القدم    منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    نشرة إنذارية: موجة حر من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    عودة العيطة إلى مسرح محمد الخامس.. حجيب نجم النسخة الثالثة    لطيفة تطرح الدفعة الأولى من ألبوم "قلبي ارتاح".. أول ألبوم عربي بتقنية "Dolby Atmos"    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتفاعل مع فاجعة 'خزان أولاد يوسف'    الكوكب يراهن على خبرة الطاوسي في رحلة التحدي الكبير    تيزنيت: للسنة الثانية على التوالي..نسبة النجاح بالبكالوريا تُلامس 80%    إصابة أربعة أشخاص في سقوط أرجوحة بمرتيل    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مونتينيغرو بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    متحدية الحصار الإسرائيلي.. سفينة "حنظلة" تنطلق من إيطاليا باتجاه غزة    "فيفا" يُنصف حكيمي: أفضل مدافع في مونديال الأندية بأرقام دفاعية وهجومية مذهلة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يأسف لتطورات اعتصام قصبة تادلة ويحذر من نشر مشاهد صادمة دون ضوابط    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    بملتقى فكري مفتوح حول «السؤال الثقافي: التحديات والرهانات»، بالمقر المركزي للحزب بالرباط .. الاتحاد الاشتراكي يفتح نقاشاً ثقافياً استعداداً لمؤتمره الثاني عشر    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة        "عدالة" تنبه إلى التدهور المقلق للوضع الحقوقي بالمغرب وتدعو لإصلاح يضمن الحقوق والحريات    الاتحاد الأوروبي يؤجل "رسوم أمريكا"    انتهاك صارخ لقدسية الأقصى.. مستوطنون يقتحمون قبة الصخرة ويؤدون طقوسًا تلمودية في ذكرى خراب الهيكل    مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة    سبعيني ينهي حياته شنقًا بجماعة بني بوشيبت    الرابطة المغربية للشباب والطلبة تختتم مخيم "الحق في الماء" بمركب ليكسوس بالعرائش    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    يديعوت أحرونوت: موجة هجرة إسرائيلية غير رسمية نحو المغرب في خضم الحرب    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    صحافي أمريكي: الملياردير جيفري إبستين صاحب فضيحة شبكة الدعارة بالقاصرات كان يعمل لصالح إسرائيل    صدور كتاب عن قبيلة "إبقوين" الريفية يفكك الأساطير المؤسسة لقضية "القرصنة" عند الريفيين    تقرير: المغرب ضمن 3 دول أطلقت سياسات جديدة لدعم الزراعة الشمسية خلال 2024    أسعار الذهب تتجاوز 3350 دولارا للأوقية في ظل التوترات التجارية العالمية    تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة من حيث جودة الحياة        بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي إيجابي    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    علماء ينجحون في تطوير دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لعدة سنوات    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعلام المغربي في مواجهة بروباغندا البوليساريو... ضعف تخطيط أم حرب باردة؟
نشر في أخبارنا يوم 27 - 05 - 2011

لا تزال المفاوضات غير الرسمية حول النزاع على الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية منذ 1975 في مرحلة "راوح مكانك"... وليس الأمر مستغربا طالما ان هذه المفاوضات هي تحت رعاية الأمم المتحدة التي عرف عنها "المراوغة في الحسم" أمام الحلول اللاعسكرية للنزاعات الدولية... الا أنّ المستجدات التي طرأت على مسار النزاع ودفعته للسير نحو الحلّ القابل للتطبيق بدأت في العام 2007 مع إطلاق العاهل المغربي محمد السادس مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية...
والأهم منذ إطلاق هذه المبادرة هو ما رافق هذا المقترح من دعم إعلامي وسياسي وشعبي له من قبل المغرب في الداخل والخارج... فأين أخفق الاعلام المغربي وأين أصاب في آليات دعم موقف المغرب من النزاع؟ وهل أحسن المغرب استخدام محافل الأمم المتحدة ومنابر المجتمع المدني وطنيا ودوليا؟ وما هي المجالات التي يجب على المغرب استغلالها لنصرة القضية الوطنية لا سيّما في زمن الثورات العربية وسقوط أنظمة عربية، منها من كان مناصرا لموقف المغرب في قضية الصحراء كالنظام المصري ومنها من كان معاديا للموقف المغربي وممولا للبوليساريو الانفصالية كنظام القذافي؟ وهل ان مسيرة الاصلاح والتعديلات الدستورية التي يقودها المغرب بعد خطاب الملك محمد السادس الشهير في 09 مارس 2011 ستشمل رؤيا جديدة في ما يخصّ الدفع بعجلة حلّ النزاع باعتماد خيار الحكم الذاتي الذي اعرفت عواصم القرار الأهم والأمم المتحدة بجدّيته وواقعيته؟....
قبل الانطلاق في الاجابة عن الأسئلة المطروحة هنا لا بدّ من مراجعة سريعة لواقع الاعلام المغربي في دعم حق الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، من قبل جبهة البوليساريو منذ العام 1975 في العودة الى وطنهم الأم المغرب... الاعلام المرئي والمسموع في المغرب مملوك من الدولة، باستثناء بعض الاذاعات الخاصة التي تتوّزع في المدن المغربية، وبناء عليه فسياسة هذه المؤسسات الاعلامية في التعاطي مع القضية الصحراوية تتصل بشكل مباشر بالسياسة الوطنية للمملكة المغربية تجاه القضية أو يمكن القول بأن السياسة الدعائية للاعلام المغربي يمكن تحليلها من خلال السياسة الوطنية للممكلة بشأن القضية... اما الاعلام المكتوب المغربي ومع وجود
مروحة أوسع من الجرائد والمجلات المدعومة من عدة تيارات سياسية وحزبية مختلفة فانّ المجال أوسع أمام الصحافة المكتوبة لدعم القضية بمقاربات مختلفة... ويبقى الاعلام الالكتروني وهو الذي اصبح اكثر حيوية في المغرب في السنوات الماضية كون "ساحة" التعبير فيه أكبر و"حدود" الحرّية أوسع والدليل على ذلك وجود عدد كبير من المدونين المغاربة القادرين على ايصال افكارهم بحرية عبر مدوناتهم وقد أخذت هذه المدونات بدورها تعرف على المستوى العربي والدولي كمصدر للمعلومات والأحداث داخل المملكة بمتسوى لا يقلّ أهمية عن الاعلام الرسمي... ومن الامثلة على ذلك انطلاق "حركة 20 فبراير" من قلب صفحات الفايسبوك ورصدهم لطريقة تعامل الدولة والأمن معهم عبر المدونات وبعض المواقع الاجتماعية الاخرى...
ولكن بالرغم من كل ذلك التنوّع الاعلامي فانّ أخطاء كثيرة، غير مقصودة، ارتكبت بحق مناصرة قضية الصحراء اضافة الى التقصير في جوانب أخرى من قبل الاعلام المغربي... اكتفى الاعلام المغربي ببث تقاير وإجراء مقابلات ورصد تصريحات للصحراويين العائدين من مخيمات تندوف معتمدين على شهاداتهم كمصدر مهم لرصد انتهاكات حقوق الانسان في المخيمات من قبل قادة البوليساريو وشرطتهم... واهتم الاعلام المغربي بالكمّ الهائل من المؤتمرات والندوات والمناظرات التي تحصل بكثرة داخل المغرب حول قضية الصحراء ومقترح الحكم الذاتي سواء في المدن الرئيسية كالرباط والدار البيضاء وأكادير ومراكش واصيلة وطنجة أو في المدن التابعة للأقليم الصحراوية المغربية الجنوبية كالداخلة والعيون والسمارة وغيرها...
كما اهتم الاعلام المغربي الرسمي ومعه المواقع الالكترونية الاخبارية الخاصة بمتابعة ورصد الأخبار النادرة التي تصل من داخل المخيمات حول سوء معاملة قيادة البوليساريو هناك للصحراويين ومنعهم من التحرك والسفر الا برضى من القيادة اضافة الى قمع حرية الرأي والتعبير وسجن كل معارض سياسي لقرارات البوليساريو ناهيك عن فاضح العبودية والاتجار بالمساعدات الانسانية داخل المخيمات من قبل القيادات الانفصالية... كما اهتم الاعلام المغربي ايضا بالمشاركات الدولية للرسميين المغاربة ولبعض العرب والأجانب الذين كان لهم دائما بيانات شجب لانتهاكات حقوق الانسان في المخيمات لا سيّما في محافل الأمم المتحدة أبرزها اجتماعات الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن في نيويورك والدورات الفصلية لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جنيف اضافة الى التصريحات المرافقة لأطراف النزاع بعد كل جولة من جولات المفاوضات غير الرسمية والرسمية على السّواء بشأن الصحراء برعاية الأمم المتحدة ومبعوث الأمين العام بشأن النزاع على الصحراء...
وسط هذا الرصد السريع لدور الاعلام المغربي في تغطية كل ما يدور حول النزاع على الصحراء، فانّ جوانب كثيرة غابت عن بال الاعلام المغربي والأهم منها محاربة الدعاية المضادة التي تقوم بها جبهة
البوليساريو لنفسها لا سيّما في أوروبا وبعض الدول الذات التوّجه اليساري الاشتراكي لتصوير نفسها على أنها جبهة تحررية تطالب بحقوق مشروعة لما تسميه "الجمهورية الديمقراطية الصحراوية" الوهمية... فقد استخدمت البوليساريو كافة الفنون الممكنة من الشعر والسينما والرواية للترويج لنفسها امام الرأي العام الأوروبي... واستخدموا في كثير من الأحيان بعض الشخصيات البرلمانية الاوروبية، عبر رشاوى كشفت عنها أكثر من جريدة أوروبية موثوقة، قبل بضعة أشهر لدعم موقفهم في بعض المنتديات والمؤتمرات الدولية ونذكر على سبيل المثال ما حصل مع احد البرلمانيين الاسبان الذي جلبه وفد البوليساريو معه الى السينغال لحضور المنتدى الاجتماعي العالمي في فبراير 2011 والقصة معرفوة ونشرها اكثر من موقع أجنبي ومغربي وسينغالي آنذاك .... وبالمقابل كان الاعلام المغربي مكتفيا بردود "تكتيكية" على هذه الدعاية المغرضة للبوليساريو بمعنى ان ردهم جاء عبر كشف الدعاية المغرضة بالإخبار عنها ولكن غاب في كثير من الأحيان "الاستراتيجة الدفاعية" القوية في وجه دعاية البوليساريو بمعنى التحضير "لخطط استباقية" تجهض أي محاولة دعائية او ترويجية للبويساريو لتزييف الحقائق وتضليل الرأي العام... والمعروف أنّه في حروب "البروباغندا" فانّ استباق مؤامرات الطرف الخصم تعتبر أولى استراتيجيات الدفاع الواجب العمل عليها...
وفي كثير من الأحيان، كان يمكن قراءة الخطوط العريضة للاعلام المغربي بأنّه يعتمد خوض "الحرب الباردة" في محاربة البوليساريو "اعلاميا"، ولذلك اكتفى بالتصريحات والتقارير والأنشطة التي تظهر حقيقة البوليساريو وتشجب الاوضاع المعيشية والاقتصادية والانسانية الصعبة للصحراويين داخل المخيمات... ولكن وسط ثورات الربيع العربي القائمة حاليا والتي اصبح بفضلها الرأي العام العربي والدولي قادرا اليوم على الاستماع والفهم العميق لاوضاع الصحراويين المحتجزين في تندوف، اصبح الاعلام المغربي مطالبا بتحريك عجلة استراتيجية جديدة، في موازاة العجلة التكتيكية القديمة، لتوضيح المغالطات التي تديرها البوليساريو، ومن خلف الستار حلفائها داخل التراب الجزائري.... فليس خفيا على أحد أنّ قضية الصحراء المغربية غالبا ما روّج لها الاعلام العربي على أنّها قضية المغاربة وليس قضية العرب كما هو حال القضية الفلسطينية... ومع اختلاف أسباب وواقع وانعكاسات القضيتين الا أن العتب على الاعلام العربي لعدم اكتراثه بالشكل المناسب بقضية الصحراء وتحجيمها لتكون قضية وطنية مغربية فقط ينبع من كون هذا "التحجيم" لم يعد مقبولا لا انسانيا ولا امنيا...
وهنا لا بدّ لمن يخاف الرأي ان يتذكر ان بن لادن والقاعدة لطالما استغلوا التوتر الأمني في المنطقة الكامنة على حدود الصحراء المغربية مع الجزائر، والغير خاضعة لرقابة بسبب ضعف التعاون الأمني بين البلدين نتيجة النزاع القائم واقفال الحدود، لتنفيذ عمليات ارهابية في شمال افريقيا... والأهم انسانيا وحقوقيا ان ما يعاني منه الصحراويون المحتجزون في مخيمات تندوف هو كارثة انسانية بكل ما للكلمة
من معنى وقد اعترفت بذلك منظمات حقوقية عالمية كهيومان رايتس ووتش والعفو الدولية وغيرها الكثير...
ولعل أبرز العناوين العريضة التي يجب على المغرب العمل عليها في الفترة القادمة هي ما نادى به الجانب الرسمي داخل المملكة ومعه الفعاليات الجمعوية في المغرب طويلا حول خطأ اختزال مبدأ تقرير المصير للصحراويين في "الاستقلال" لأن هكذا احتزال يعتبر قراءة ضيقة لهذا المبدأ سيما وأن القرار الأخير لمجلس الأمن حول الصحراء 1979دعا الأطراف والدول المجاورة (المغرب والجزائر) للصحراء إلى تعزيز مشاركتها وإحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي.... في حين ان عودة الجزائر للحديث عن الاستفتاء يعتبر مناورة طالما أن الأمم المتحدة أكدت، منذ أكثر من عقد من الزمن، أن الاستفتاء أصبح متجاوزا وغير قابل للتطبيق، ودعت كل الأطراف إلى الدخول في مفاوضات جادة ومكثفة للوصول إلى حل سياسي مع الالتزام بروح التوافق والواقعية...
وقبل بضعة ايام ايضا فاجأ ممثل البوليساريو بالأمم المتحدة، احمد بخاري، المتتبعين لقضية النزاع حول الصحراء المغربية بتصريحات نارية قائلا: "إن جبهة البوليساريو ترفض في الوقت الحاضر إجراء الإحصاء لساكنة مخيمات تندوف..." فيما هدد خطري أدوه، عضو الأمانة الوطنية لجبهة الانفصاليين، أن " كل خيارات الكفاح الوطني تبقى مطروحة، بما في ذلك العودة إلى الكفاح المسلح..." فهل عادت البوليساريو لخطابات "عرض العضلات" التي فقدت فعاليتها في حشد أي تأييد شعبي لها من داخل المخيمات وسط ازدياد أعداد العائدين يوميا" من المخيمات، فارين من بطش البوليساريو، الى المغرب؟ أم أنّ من فقد قوته الشعبية والسياسية لا يملك سوى السلاح ليلوّح به في سماء التصريحات الخطابية الفارغة؟....

وجاءت هذه التصريحات أياما فقط قبل بدء المفاوضات الغير رسمية بين المغرب وجبهة البوليساريو في السادس من يونيو المقبل بمنهاست. ومن المؤكد ان احمد بخاري، ممثل البوليساريو في الأمم المتحدة، لم ينطلق في تصريحاته من فراغ لولا أن أحدهم من داخل التراب الجزائري الذي يحتضن قيادات الجبهة على ارضه دفع نحو هكذا تصريحات... وبعيدا عن الخطاب الرسمي للجزائر تجاه البوليساريو وقضية الصحراء الا أن بقاء قيادات، متهمة بالأدلة والبراهين المثبتة، من بين قيادات البوليساريو بالتعذيب والضرب والسجن التعسفي بحق الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، أحرارا دون عقاب على تراب جزائري أمر يدعوا لتساؤلات مشروعة حول موقف الرسميين الجزائريين من هذه القضية!...

وقد ذكر موقع "الخبر"الاكتروني قبل بضعة أيام انه قد اشتعلت في الاسابيع الأخيرة ولاتزال مناوشات طائفية وعشائرية على شكل حروب لانهاية لها هدفها السيطرة على "المن والسلوى" المعروف اختصارا بميزانية الجزائر لخدمة اللوبيات الخارجية الداعمة لمزاعم الانفصال. وقد أكدت مدونة "بوليساريو كونفدنسيال" المتخصصة في شؤون البوليساريو، وفقا لموقع "الخبر" بأن ثلاث عشائر فعلا تخوض منذ مدة حربا بلا نهاية لوضع اليد على الأموال الهائلة المستخدمة في تمويل لوبيات دعم الطرح الانفصالي بالخارج... وأضاف الموقع ذاته بأنّ الخطة هي أن تظهر الشخصيات الجزائرية بشكل أقل في سياق الملف الانفصالي للبوليساريو، على أن تبقى مخابرات الجزائر متحكمة كليا في الملف من ألفه ليائه، دونما حرج كبير للشخصيات السياسية الجزائرية... وبغض النظر عم مدى مصداقية هذه التحليلات، والتي نسمعها دائما على المواقع الالكترونية، فانّ خطابات البوليساريو التي تضرب عرض الحائط تقارير المنظمات الدولية حول سرقة المساعدات الانسانية التي تصل للصحراويين في تندوف وتضرب عرض الحائط اشهر الأفلام الوثائقية والتقارير المصوّرة التي تحدثت عن وجود ظاهرتي "الرّق والعبودية" داخل المخيمات بحق الصحراويين "ذوي البشرة السوداء" وتتجاهل عن قصد اختطاف نشطاء حقوق الانسان الأجانب في منطقة شمال افريقيا على يدّ القاعدة في المغرب الاسلامي، كلّها أمور تدعوا لليقين بأنّ وراء هكذا قيادة انفصالية أجهزة تيّسر وتشجع هكذا أعمال اجرامية وارهابية...
اليوم ومع بروز تصريحات من ارفع المستويات السياسية والأمنية في حلف شمال الأطلسي والمعارضة الليبية والاعلام الغربي بشأن تورط البوليساريو في قتل الثوار والشعب الليبي بالتحالف مع نظام القذافي أصبحت الساحة جاهزة للاعلام المغربي ليعرض "عضلات الدفاع" المشروع في التوالصل مع الرأي العام العالمي، وليس فقط العربي، لكسب التأييد لقضيته وعدم الاكتفاء برصد هذه الاخبار فقط...

وقبل أقل من 48 ساعة قال العضو في الكونغرس الأمريكي، ماريو دياز بالارت، أن الكونغرس الأمريكي مطالب بالانكباب "بجدية" على التقارير الإخبارية التي تفيد بتجنيد مرتزقة "البوليساريو" من قبل نظام القذافي للقضاء على الثوار الليبيين وحمل السلاح ضد القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي الناتو... ونقلا عن مقال نشر مؤخرا في صحيفة (ذي هل) من توقيع السفير الأمريكي السابق ادوارد غابرييل، ذكر بالارت بأن قادة المعارضة الليبية أبلغوا كبار المسؤولين في منظمة حلف شمال الأطلسي بأن عناصر من "البوليساريو" تم تجنيدها من قبل العقيد القذافي "لدعم حملته الإجرامية ضد الشعب الليبي"... وكان السفير الأمريكي السابق ادوارد غابرييل قد ذكر في مقاله "إن البوليساريو التي تدعي
الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان تسمح لعناصرها بحمل السلاح ضد قوات حلف الناتو في ليبيا، في تحد صارخ لتفويض مجلس الأمن الدولي... مذكرا بأن حلف شمال الأطلسي كان قد تلقى معلومات تفيد بأن النظام الليبي "ينفق ملايين الدولارات للاستفادة من خدمات نشطاء البوليساريو..." وسجل غابرييل كذلك في مقاله أن "زعماء المعارضة الليبية يتهمون الجزائر بغض الطرف عن مرتزقة البوليساريو الذين يعبرون التراب الجزائري من أجل الوصول إلى ليبيا"، مضيفا أن أحد القياديين بالمجلس الوطني الانتقالي "أكد أن طائرات جزائرية استخدمت من أجل نقل المرتزقة إلى ليبيا"... فهل سيستثمر الاعلام المغربي هذه المعلومات بشكل مناسب؟ وهل هناك من منابر دولية سيستغل فيها المجتمع المدني المغربي هذه المعلومات لضرب دعاية البوليساريو ضربة شبه قاضية؟

أصبح الاعلام المغربي مطالبا اليوم بالعمل على الترويج لقضية الصحراء عربيا ودوليا ليس فقط على أنّها قضية المملكة المغربية الأولى، بل على أنها قضية العرب "المهمة"... فكما حمل المغرب والمغاربة القضية الفلسطينية، قضية العرب الأولى منذ النكبة وحتى يومنا هذا، فعلى العرب شاءت جامعة الدول العربية أو أبت ذلك أن يتموا بقضية النزاع على الصحراء لأسباب عديدة لعلّ أبرزها ان العرب جميعا معنيون بالأمن "الهشّ" في منقطة شمال افريقيا ومعنيون بتحقق تعاون اقتصادي- أمني- سياسي- تنموي لا سيّما بعد سقوط نظامين عربيين هناك أي التونسي والمصري وقرب سقوط الليبي، والعرب معنيون كذلك بقيام اتحاد المغرب العربي "المعطّل" منذ سنوات بسبب هذا النزاع وتوتر العلاقات بين الدول المجاورة للصحراء... والأهم هو الدفع المغربي على المستوى الرسمي لقضية الصحراء في كل المحافل العربية المستقبلية والتحالفات العربية المرتقبة في زمن الثورات وما بعد الثورات...
باحثة في العلاقات الدولية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.