توصلت دراسة جديدة الى ان الأشخاص ، على عكس الاعتقاد السائد ، يكونون أشد توترا في البيت منهم في العمل. قاس ثلاثة باحثين في جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية مستوى الكولسترول الذي يشكل مؤشرا للضغط النفسي والتوتر العصبي ، أثناء العمل وفي البيت ، فوجدوه أعلى في البيت الذي يُفترض ان يكون ملاذا ينشد فيه الأشخاص راحتهم بعد ساعات العمل.
وكتبت سارا دامسكي عضو فريق البحث وأستاذة علاقات العمل والسوسيولوجيا ودراسات المرأة في جامعة ولاية بنسلفانيا ان الفريق "وجد ان لدى النساء والرجال مستويات أدنى من التوتر العصبي في العمل منه في البيت ، على النقيض من الاعتقاد الشائع". بل قالت النساء اللواتي شملتهن الدراسة انهن أكثر سعادة في العمل. ونقلت مجلة تايم عن دامسكي "ان الرجال وليس النساء هم الذين يقولون انهم أكثر سعادة في البيت منهم في العمل".
العمل خارج البيت صحي أكثر ومن المفاجآت الأخرى التي اكتشفتها الدراسة ان هذا يصح على الأشخاص الذين لديهم أطفال مثلما يصح على من ليس لديهم أطفال رغم ان عدد الأكثر سعادة في العمل أكبر بين الأشخاص الذين بلا أطفال.
وخلص الباحثون الى ان هذا هو السبب في ان صحة الأشخاص الذين يعملون خارج البيت أفضل. ولكن الدراسة لا تأخذ في الاعتبار ما إذا كان الأشخاص يستمرون في العمل بعد العودة الى البيت وما إذا كان هذا العمل منزليا أو عمل المكتب أخذوه معهم لانجازه في البيت.
وبحسب الدراسة فان المرأة التي تبقى في البيت مثلها مثل الموظف الذي لا يغادر مكتبه ابدا في حين ان المرأة التي تعمل خارج البيت تكون في سباق دائم مع الزمن لانجاز أعباء البيت بعد عودتها من المكتب أيضا. من جهة أخرى فان كثيرا من الرجال يعتبرون نهاية يوم العمل بداية وقت الراحة والاسترخاء في البيت. وبالتالي ليس من المستغرب ان تكون المرأة أشد توترا في البيت.
ولكن المسألة لا تتعلق بجنس الشخص فقط. ففي مكان العمل يعرف الأشخاص ما هو مطلوب منهم ، أي العمل مقابل أجور وأداء وظائف لتحقيق دخل. وإذا كان مكان العمل حسن التنظيم ، كما هو عادة في الشركات الناجحة ، فان الموظف تكون لديه مهمات محدَّدة بوضوح لانجازها.
العمل المنزلي لا مكافأة عليه
ولكن مثل هذا الوضوح لا يتوفر على جبهة البيت. ونادرا ما يكون هناك بيت فيه تقسيم العمل محدَّد بمنهجية ودقة عالية بين ساكنيه. وهناك الكثير من الأعباء المنزلية تُنجز غالبيتها دون مكافأة تُذكر أو دون مكافأة على الاطلاق. إذ ليست هناك مكافأة لأفراد العائلة على أداء أعمالهم في البيت حيث يتعين حثهم عليها بالكلام أو إذا كانوا في سن المراهقة فبالتهديد بمصادرة ألعابهم وأجهزتهم الالكترونية إذا لم ينهضوا بنصيبهم من أعباء البيت. يضاف الى ذلك انهم أهلك وأنت لا تستطيع ان تسرح افراد عائلتك لتقاعسهم عن القيام بواجباتهم.
وهذه كلها أسباب للتوتر في البيت. فالأعباء تبدو بلا نهاية وتحفيز الآخرين في البيت على العمل أصعب بكثير. ويقول الباحثون الثلاثة الذين أجروا الدراسة ان الدعوة الى تقليل أعباء العمل لا تحل المشكلة بل الحل هو مزيد من المرونة. وكتب الباحثون في دراستهم "ان التواصل لانجاز العمل عبر الانترنت والاجازات المرضية مدفوعة الأجر واجازات الأمومة والأبوة كلها سياسات تجعل من الأسهل على العاملين ان يحتفظوا بالمنافع الصحية للعمل وعلى الشركات ان تحتفظ بالمنافع المالية من وجود عاملين مخلصين بدلا من التعامل باستمرار مع رحيل عاملين وتشغيل عاملين جدد".
ويبدو ان الباحثين ينصحون في هذه المقترحات قضاء وقت أطول في البيت. ومن شأن هذا ان يزيدهم توترا ، بحسب مجلة تايم التي نشرت نتائج الدراسة.