دأب مركز التعلم والتواصل المعروف اختصارا ب CLC منذ تاريخ انشائه سنة 2003 على اصدار تقارير سنوية ترصد أشكال العنف الجنسي الذي يطال النساء والأطفال، من خلال الملفات المعروضة على القضاء، والترافع من أجل تربية جنسية للأطفال في المدرسة والحماية القانونية لضحايا الانحرافات الجنسية. لقد رصدت خلال عملي ب CLC معيقات تحول دون القضاء على الانحرافات الجنسية، منها رجال دين وفقها لم يعاقبوا بقوة القانون على خلفية مسهم بحرمة أجساد الأطفال والنساء اللواتي يستعملن باسم "الرقية الشرعية" وتمييز سلبي بين الجنسين بسبب غياب المساواة بينهما، كل هذا يؤدي إلى المس بالكرامة الجسدية التي تنتهك بشكل شبه مشروع سواء خلال العلاقة الزوجية أو عند انحلالها. بالفعل، لقد أبان السكوت المطبق عن موضوع الجنس بروز انحرافات جنسية ارتفعت أرقامها مع الوقت، منها اغتصاب الأطفال والحيف والظلم الممارسة على جسم المرأة والمثلية الجنسية وغيرها وهي مظاهر لم تسلم منها القرى والمدن. في هذا السياق، أصبح من الضروري فتح ورش اصلاح القوانين المرتبطة بالمراة والحريات الفردية وفق مقاربة حقوقية يؤطرها الدستور والمواثيق الدولية لرفع كل أشكال التضييق الذي يشوب نقاش الجنس خصوصا في المدرسة، إذا سجلنا مؤخرا وجود نقاش شجاع حول موضوع الجنس بالتلفزة الرسمية المغربية. الاصلاحات القانونية وفقا للقانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الذي صادق عليه مجلس النواب قبل أيام، فإن "الإمعان في مضايقة الغير بأفعال أو أقوال أو إشارات جنسية أو لأغراض جنسية والمرتكبة في الفضاءات العامة أو بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية يعاقب عليه بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من ألفي درهم إلى 10 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين". في نفس الاتجاه، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة بين ألفي درهم إلى 10 آلاف درهم كل مرتكب للعنف أو الإيذاء ضد امرأة بسبب جنسها أو ضد امرأة حامل، وتضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الجريمة زوجا أو خاطبا أو طليقا أو أحد الأصول أو الفروع وغيرها، وفي حالة العود". هكذا تَيَسَّرَ للمراة المظلومة منذ مدة طويلة، واليوم، بعد تنامي نداءات تعليم التربية الجنسية من طرف منظمات غير حكومية أبرزها الAMDH وعشرات الجمعيات بهوامش المغرب، أود أن أساهم من موقعي بمجموعة من التصورات والمقترحات اعتبارا أن التربية الجنسية في المدرسة من شأنها تجفيف منابع الانحرافات المجتمعية المرتبطة بالجنس بمختلف أشكاله وضمان علاقات جنسية رضائية متوازنة سواء في إطار مؤسسات الزواج أو خارجها. بالإضافة لتجاوز التخبط والعشوائية التي تنتج مظاهر التخلف والعنف. علميا: يتعرض الأفراد لمدى واسع من الميولات والاتجاهات والاعتقادات حول الجنس في أعمار مبكرة، هذا يؤدي بهم إلى التشويش والاضطراب في قضايا الجنس ينتج عنها خطارا مرتبط بنشاطهم الجنسي. ينبغي أن تطرح التربية الجنسية في توقيت مبكر لدى الأطفال لخلق حالة من الوعي بالنوع الاجتماعي، وتغيير الصورة النمطية المألوفة عن مصطلحي الجنس والغريزة، فالعملية المعرفية تمر بحالة من البناء منذ السنوات الأولى لعمر الطفل ونظرته لمفهوم الحياة التي تجمع الذكر والأنثى، وهي مرحلة لا يتطلب الخوض فيها للحديث عن التركيبة الفسيولوجية للجسم وإنما في تنمية الحالة الثقافية للمجتمع. إن اكتساب معلومات وتشكيل اتجاهات واعتقادات حول الجنس والهوية الجنسية والعلاقات العاطفية، وتطوير مهارات الأفراد في سن مبكرة، يؤدي بالضرورة إلى حماية أنفسهم ضد الاستغلال والاغتصاب والعلاقات غير المشروعة والأمراض المنقولة جنسيًا. وإذا كان الإسلام يدعو للثقافة في موضوع الجنس وكل النواحي ويحذر من التورط فى التهلكة، فإنه لا يوجد ما يعرقل إدراج مادة للتربية الجنسية في المدرسة المغربية. بدعوى أن سبب اغتصاب الأطفال من قبل المحارم لمدة تتجاوز أحيانا سنتين، هو غياب تربية جنسية في الأسرة والمدرسة. من العار أن يكون المغربي لم يتلقى أي معلومات حول الثقافة الجنسية في المدرسة في ظل غياب دور الأسرة في التوعية الجنسية باحثة في مركز التعلم والتواصل