أثار تسجيل منسوب لاجتماع لجنة التأديب التابعة للمجلس الوطني للصحافة جدلاً واسعاً في الأوساط المهنية والقانونية، بعد تداوله على نطاق كبير، وظهور مقاطع يُسمع فيها أعضاء اللجنة وهم يناقشون العقوبات المقترحة ضد الصحافي حميد المهداوي، في جلسة كانت مخصّصة للبتّ في وضعه المهني. ويُثير الفيديو، الذي نشره المهداوي على قناته الرسمية، نقاشا عميقاً حول فلسفة التنظيم الذاتي التي يقوم عليها المجلس، إذ تتضمن المقاطع المنسوبة لأعضاء اللجنة استعمال كلمات نابية وعبارات لا أخلاقية أو ذات طابع شخصي أو مستفز تجاه الصحافي ودفاعه، إلى جانب نقاشات توحي، وفق من تابعوها، بوجود "توجّه داخل اللجنة لاعتماد أقصى العقوبات"، من بينها المنع من بطاقة الصحافة لمدة سنة، والحرمان من الدعم العمومي لثلاث سنوات.
وتُظهر بعض المقاطع، التي انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الإجتماعي، تداولاً داخل اللجنة حول "تأثير القرارات التأديبية على الوضع القانوني للمعني بالأمر"، لاسيما احتمال مثوله أمام القضاء الجنائي في حال سحب بطاقة الصحافة منه، وهو ما أثار انتقادات واسعة بالنظر إلى أن هذا النوع من التقديرات "يخرج عن نطاق صلاحيات الهيئات المهنية"، ويطرح أسئلة حول حدود التدخل وتأثيره على استقلالية القضاء. ويرى صحفيون، تفاعلوا مع المقاطع، أن التسجيل "يعكس ارتباكاً في قراءة المساطر القانونية"، ويطرح أسئلة حول احترام قواعد الزمالة وأخلاقيات المهنة، في وقت تقوم فيه فلسفة التنظيم الذاتي، كما هو معمول بها دولياً، على حماية حرية التعبير وتعزيز سلامة الجسم المهني، لا على فرض عقوبات قصوى أو اتخاذ تدابير قد تُعتبر انتقامية. وقال المهداوي إن نشره للتسجيل "يخضع لمبدأ المصلحة العامة"، معتبراً أن ما ورد فيه "يتجاوز الطابع الداخلي للجلسة" ويُظهر "خروقات قانونية وأخلاقية تستوجب النقاش العمومي". ويرى مؤيدو هذا الطرح أن "التسريب، بغضّ النظر عن خلفيته، ساهم في كشف معطيات تستحق التوضيح"، بينما يشدد آخرون على ضرورة "انتظار تحقيق رسمي يحدد حقيقة المحتوى وصحة المقاطع المتداولة وسياقها". وتشير مصادر قانونية إلى ضرورة أن تقوم الجهات المختصة بفتح بحث تمهيدي، باعتبار أن مضمون التسجيل كما تم تداوله "يستوجب تحقيقا مؤسساتياً" لضمان احترام القانون. كما يطالب صحافيون وهيئات مهنية ب"توضيحات رسمية وعاجلة" حول ما ورد في الشريط، معتبرين أن الواقعة "غير مسبوقة" وتتطلب "تفاعلا جديا من طرف الجهات المختصة" لاستعادة الثقة في آليات التنظيم الذاتي للمهنة.