طقس حار في توقعات اليوم السبت بالمغرب    باحث إيراني: بعد حرب ال12 يوما.. تصاعد نفوذ المتشددين في طهران وكوريا الشمالية تُطرح كنموذج للحماية النووية    في عيد استقلال الولايات المتحدة، الرئيس ترامب يوقع قانون الميزانية الضخم    مونديال الأندية.. تشلسي يحجز مقعدا في نصف النهائي بتغلبه على بالميراس    طقس حار مع "الشركي" وهبات رياح مع عواصف رملية السبت والأحد بعدد من مناطق المغرب        طنجة.. مصرع شاب في حادث سير داخل الممر تحت أرضي ببني مكادة    نشرة إنذارية: طقس حار مع "الشركي" وهبات رياح مع عواصف رملية السبت والأحد بعدد من مناطق المملكة    طنجة تُطهر شوارعها من مُول الجيلي    "معرض الكبّار" ينطلق بآسفي .. صدارة عالمية وتكيّف مع التغيرات المناخية    "السومة" يكلّف الوداد 30 مليون سنتيم    مصادر أمريكية: صعود نجل قديروف يثير القلق والسخرية في الشيشان    مونديال الأندية .. الهلال يسقط بعد معجزة السيتي    الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة يكشف مستجدات الدورة السادسة والأربعين لموسم أصيلة الثقافي الدولي    نقابة الأبناك تدق ناقوس الخطر بشأن اقتطاعات ضريبية خاطئة من معاشات المتقاعدين    المغرب التطواني واتحاد طنجة مدعوان لتسوية وضعيتهما المالية للقيام بانتدابات جديدة    فلومينيسي البرازيلي أول المتأهلين لنصف نهائي مونديال الأندية على حساب الهلال    دوار الزهارة يهتز على وقع فاجعة.. وفاة طفلة وإصابة أربعة أطفال في حادث انقلاب شاحنة    آلاف المغاربة يتضامنون مع غزة ضد التجويع والتهجير الإسرائيلي    "حماس" تردّ إيجابيًا على مقترح الوسطاء    جمهورية الإكوادور تفتتح سفارتها في الرباط    أسعار الذهب تحقق مكاسب أسبوعية    لقجع يفتح ذراعي المغرب للجزائر: "أنتم في بلدكم الثاني خلال كان 2025"    الناخب الوطني: كأس أمم إفريقيا للسيدات المقام بالمغرب رهان كبير جدا لكننا متحمسون لتحقيق إنجاز جيد    تقرير أممي يتوقع ارتفاع إنتاج الحبوب العالمي إلى 2.9 مليار طن    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على أداء إيجابي    حركة تعيين داخل وزارة الخارجية تشمل أزيد من ثلث القناصلة ضمنهم، 45 %نساء    مجلس النواب يساءل رئيس الحكومة الإثنين المقبل    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    أولاد تايمة.. توقيف مروج للمفرقعات والشهب النارية المهربة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصوت ضد مشروع دمج CNOPS في CNSS وتنتقد "تهميش الحوار الاجتماعي"    فيلدا: المنتخب النسوي تطوّر كثيرا ويمكنه الذهاب بعيدا في الكان    "حماة المال العام" يرفضون ترهيب المبلغين عن جرائم الفساد ويطالبون القضاء بالحزم مع المفسدين    الصين والاتحاد الأوروبي يعقدان الجولة الثالثة عشرة من الحوار الاستراتيجي رفيع المستوى    الحسيمة... وفاة طفل دهسته سيارة بمدينة بني بوعياش    افتتاح خط جوي جديد يربط الصويرة ببرشلونة    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية :أبوالقاسم الزياني، كاتب الدولتين ومؤرخ الحضرتين.    مسرح رياض السلطان يكشف برنامجه لشهر يوليوز أمسيات فنية مفعمة بالجمال والإبداع    قائمة الفائزين في "تصور مدينتك"        الحرارة القاتلة: دعوات عاجلة لحماية عمال البناء والزراعة بالمغرب    بعد تألقها في موازين.. المغربية فريال زياري تستعد لتصوير عمل فني جديد    الجديدة : ديوان شعري نسائي جديد "لآلئ على بريق التجلي"    حملة تحسيسية تحذر سكان سوس ماسة من السباحة في السدود    طوطو وصناعة المعنى على منصة موازين    تفسيرات علمية توضح أسباب فقدان ذكريات السنوات الأولى    بنك المغرب: ارتفاع الإنتاج والمبيعات الصناعية في ماي.. وتراجع في قطاع النسيج والجلد    والد البلايلي: يوسف لم يرتكب أي جريمة وما تعرض له غير مقبول تماما    بوريل: مرتزقة أمريكيون قتلوا 550 فلسطينيا في غزة خلال شهر    أمسية تحتفي بالموسيقى في البيضاء    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    دراسة: تأثير منتجات الألبان وعدم تحمل اللاكتوز على حدوث الكوابيس    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجديد تحت مقصلة الأخطاء.. تعقيبا على حوار الأستاذ يتيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد..
اطلعت بتركيز شديد على الحوار الذي أجراه الأستاذ محمد يتيم مع موقع العمق المغربي مؤخرا حول ما عرف بحادثة باريس، التي ظهر فيها الأستاذ محمد يتيم وهو يمسك يد خطيبته في أحد شوارع العاصمة الفرنسية، وهو الحدث الذي أصبح مؤخرا حديث الجميع عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الورقية والإلكترونية، وليس من عادتي أن أركب موجة نقاش مواقع التواصل الاجتماعي ولا أن أخوض فيها إلا إذا كان النقاش في القضايا الحقيقية التي تهم المجتمع وتحدد مصيره حقيقة، وليس من عادتي كذلك أن أتتبع عورات الناس ولا أن أخوض في حياتهم الشخصية باعتبارها مجالا خاصا بهم لهم فيه كامل الحرية والمسؤولية، لذلك لن أتكلم في هذه الأسطر عن تفاصيل الموضوع إلا بما يفيد الغرض المرجو، فهذه الأسطر ليست تفاعلا مع الحادثة بقدر ما هي تفاعل مع بعض مما جاء في حوار الأستاذ محمد يتيم مع موقع العمق، خاصة ما تعلق فيه بالأحكام الفقهية وموضوع الحجاب وضرورة التجديد.
فأقول وبالله التوفيق.
أولا: الأستاذ محمد يتيم هو رجل من رجالات الحركة الإسلامية المغربية والمؤسسين لها، وهو من ذوي الفضل والسبق في الدعوة والنضال، في الوقت الذي كانت فيه الصحوة الإسلامية محاصرة، عاش مع أصحابه حرارة التأسيس ومرارة الفرار وغياهب السجون، ومن اطلع على سيرته ومسيرته سيقف عند مواقف عديدة مما أشرنا إليه، وهو كذلك رجل من رجالات الفكر والمعرفة فمن اطلع على أعماله وكتبه سيقف عند نبوغ الرجل وواسع اطلاعه، كيف لا وهو من تصدر في شبابه للرد على كبار المفكرين من التيارات العلمانية واليسارية، وهو واحد من المسهمين الأساسيين في بناء التصور الفكري والمنهجي لمشروع حركة التوحيد والإصلاح ولا يزال كتابه الاختيار الحضاري واحدا من الكتب الأساسية في مشروع الحركة، فنحن أمام رجل صاحب سبق وفضل ونضال وفكر، وقد حثنا الإسلام على حفظ مكانة أهل الفضل والسبق ولكنه لم يعفينا من واجب النصح والتقويم، فقد ورد في السيرة النبوية، أنه صلى الله عليه وسلم عفا عن حاطب بن أبي بلتعة عندما أرسل خبر تهَيئ النبي لفتح مكة لقريش، كما ورد أيضا قول أحد الصحابة لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه “لو اعوججت لقومناك بسيوفنا”.
ثانيا: إن واجب النصح والتقويم يجعلنا نقول لمن أحسن أحسنت ولم أخطأ أخطأت، وقد يجتمع في الإنسان الإحسان في مواضع والخطأ في مواضع أخرى، ولا بد أن الأستاذ محمد يتيم قد أحسن في أشياء كثيرة في حياته، كما أخطأ في أخرى، ومن يبن ما أخطأ فيه هو تجاوزه لبعض ضوابط الخطبة الشرعية كما نص عليها ديننا الحنيف، وقد أشار بيان حركة التوحيد والإصلاح إلى الأمر في الفقرة السادسة حيث قال البيان: “فإننا نسجل أنه وقع في بعض الأخطاء غير المقبولة، جعلته يخل ببعض ضوابط الخطبة وحدودها، ويتصرف بما لا يليق بمقامه، ويضع نفسه في مواطن الشبه، وهو ما تم تنبيهه إليه”، والتنبيه هنا ليس تنبيها خاصا فقط بالأستاذ يتيم بل هو موجه للعموم فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما يقال، حتى لا نستحل ما حرم الله ولا نقع في الشبهات التي أمرنا أن نبتعد عنها، فالأستاذ يتيم هو في موضع القدوة بالنسبة للعديد من الشباب، والتنبيه هنا إلى هذا الخطأ إذا كان في شق منه إقرارا من الحركة بخطأ الأستاذ يتيم، فهو في شقه الآخر دعوة للشباب حتى لا يقعوا فيه ويتحججوا بالأستاذ يتيم، فالخطأ خطأ حتى وإن وقع فيه صاحب الفضل والسبق والعلم.
ثالثا: مما جاء في حوار الأستاذ محمد يتيم مع موقع العمق المغربي قوله: “خلال كل المراحل والخطوات حرصت على أن آتي البيوت من أبوابها ولذلك كانت علاقة مسؤولة مرت من خلال أسرتها، رغم أنه كان من الممكن الاستغناء عن ذلك فقهيا حيث أنها راشدة يجوز لها أن تقرر لوحدها في شأن زواجها”، وأنا هنا أقف إجلالا للمنهج الذي اتخذه الأستاذ محمد يتيم والذي انضبط فيه لأحكام الدين في الخطبة والزواج والمتمثلة ابتداء في قوله تعالى: “واتوا البيوت من أبوابها”، لكنني أعيب عليه قوله ” رغم أنه كان من الممكن الاستغناء عن ذلك فقهيا حيث أنها راشدة”، وهذا القول لا ينضبط ابتداء لأحكام المذهب المالكي الذي يعتبر ركيزة أساسية في تدين المغاربة رسميا ومجتمعيا، ولا ينضبط كذلك لأحكام مدونة الأسرة التي تستمد أحكامها من الفقه المالكي، ولا ينضبط كذلك لاختيارات حركة التوحيد والإصلاح التي صرحت غير ما مرة بتثمينها وتأييدها لأحكام مدونة الأسرة، وقد أصدرت مؤخرا كتاب ” الاختيارات المغربية في التدين والتمذهب” للدكتور أحمد الريسوني والذي نص على أن المذهب المالكي هو من الاختيارات الراسخة للمغاربة، حيث جعل الفقه المالكي الولي من أركان الزواج بل هو الركن الثاني فيه بعد الزوجان، مستندين في ذلك إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” لا نكاح إلا بولي” (رواه الحاكم وابن حبان وصححه أبو داود)، وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ” لا تنكح المرأة إلى بإذن وليها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان” (رواه الإمام مالك في الموطأ بسند صحيح)، وفي ذلك حكم بليغة وحفظ للأسرة، مما يمكن أن يحدث من مشاكل في حالة دخول فرد لأسرة يكون فيها رب الأسرة غير موافق عليه ولا راغب فيه، ويحفظ كذلك المجتمع من الوقوع في حالة الفوضى والتسيب، فكثير من المشاكل كانت ستقع بين الآباء والأبناء لو أن الأمر ترك على مفتوحا مصراعيه، فوصول المرأة للرشد لا يعفيها من ركن الولي كما قال الأستاذ يتيم، وهذا لا ينفي حرية المرأة في اختيار شريك حياتها الذي تريده، فإذا كان الإسلام أعطى للولي شيئا من السلطة فقد قيدها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عظيم”. (رواه الترمذي وابن ماجة وحسنه الألباني في صحيح الترمذي)
رابعا: إن من ضروريات التجديد والمراجعات ألا تتم تحت الإكراه أو الضغوط، وإلا صار التجديد نوعا من التبرير ومحاولة لإعطاء الشرعية لأفعالنا وممارساتنا، فالتجديد هو فعل حر وهادئ ودقيق، فلا يستوي أن يقول الأستاذ محمد يتيم عن من انتقد زواجه من سيدة غير محجبة، بأن قناعاته وتصوراته محكومة بالانتماءات الطائفية والانتماء الحركي والسياسي، وأنه وجب مراجعتها، حيث لا يستقيم أن يصبح فعل الأستاذ يتيم مستندا للقيام بالمراجعات ولا يستقيم أن ننعت من انتقد من أبناء الحركة والحزب بالطائفية.
خامسا: قال الأستاذ محمد يتيم في معرض حواره مع موقع العمق المغربي ما يلي: ” أن مسالة الحجاب التي كانت مرتبطة فيما سبق في الأصل بالانتماء التنظيمي أو الحركي لم تعد كذلك، كما أنها لم تعد كما كانت من قبل معيارًا للتدين والالتزام الأخلاقي، دون أن أعني بذلك أنها ليست عنوانا لها بالنسبة لمن يرتدينه اقتناعا وإيمانا. وهذه مسالة عامة”، وهنا أقول إذا كان الحجاب لم يعد معيارا للتدين والالتزام الأخلاقي كما قال الأستاذ يتيم، فهذا لا ينفي كونه من الدين الإسلامي، وهو أمر رباني وسنة أمهات المؤمنين ومن تبعتهن بإحسان إلى يوم الدين، وحُكمه الوجوب إجماعا، لقوله تعالى: “يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدني عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يوذين وكان الله غفورا رحيما” (الأحزاب:59)، وقوله صلى الله عليه وسلم ” يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا” وأشار وجهه وكفيه (رواه أبو داود)، وهذا ما عليه جمهور المالكية، ولا أظن أنه يستقيم من شخص كالأستاذ يتيم قول هذا الكلام، فالأولى منه ومن أمثاله الحرص على تعزيز مظاهر التدين في المجتمع والعمل على ترشيدها وجعلها ملائمة لروح الدين وجوهره، فديننا هو دين الحياء، والحجاب من علامات الحياء، كما أنه إذا كان الحجاب – كما قال الأستاذ يتيم- لم يعد معيارا للتدين، فالتبرج لم يكن ولن يكون أبدا معيارا للتدين.
ختاما: كما سبق وأشرت إلى ذلك لم تكن الغاية من هته الأسطر الخوض في واقعة الأستاذ محمد يتيم ولا الخوض في حياته الخاصة، بقدر ما هو تفاعل مع بعض مما قاله الأستاذ يتيم في حواره المشار إليه، في قضايا منهجية وعلمية، ونسال الله التوفيق في القول والعمل وأن يلهمنا مراشد أمورنا وأن ألا يفتننا في ديننا، وأن يجعل خير أيمنا يوم نلقاه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.