ما أهداف توسيع الحكومة لصلاحيات المراكز الجهوية للاستثمار؟    غاريدو يختار قناة مغربية لإعلان استقالته من تدريب اتحاد العاصمة الجزائري    الحكومة ترفض اتهامات المعارضة وتنفي مقايضة رفع الأجور بتمرير ملفات الاتفاق الاجتماعي    الحكومة تصادق على إصلاح مراكز الاستثمار وإحداث اللجان الجهوية الموحدة    النفط يتراجع لليوم الرابع عالمياً    جامعة في نيويورك تهدد بفصل طلاب تظاهروا تأييداً للفلسطينيين    مجلس النواب يعلن عن جلسة عمومية لمناقشة حصيلة الحكومة    طاهرة تودع مسلسل "المختفي" بكلمات مؤثرة        حزب الاستقلال يراهن على "الكوطا الشبابية" للخروج من أزمة اللجنة التنفيذية    البرلمان يستعرض تدبير غنى الحضارة المغربية بالمنتدى العالمي لحوار الثقافات    مؤسسة المبادرة الخاصة تحتفي بمهرجانها الثقافي السادس عشر    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة.. المخزون المائي بالسدود يناهز مليار و 100 مليون متر مكعب بمعدل ملء يصل إلى 63,84 في المائة    تسرب الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    حادثة سير خطيرة بمركز جماعة الرواضي باقليم الحسيمة    عاجل: إحالة مسؤول بالاتحاد الاشتراكي على "جرائم الأموال" بالرباط في فضيحة "الوظيفة مقابل المال" بوزارة العدل    إطلاق طلب عروض لمشروع جديد للمكتب الوطني للمطارات    حصيلة نصف الولاية الحكومية: تناقضات وأسئلة عالقة    آبل تعتزم إجراء تكامل بين تطبيقي التقويم و التذكيرات    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    رغم الهزيمة.. حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لنصف نهائي أبطال أوروبا    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    اللجنة العلمية لكورونا تخرج عن صمتها بشأن أضرار أسترزينيكا وترمي الكرة بملعب الحكومة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    الداخلية تكشف موعد إجراء انتخابات جزئية ببنسليمان وسيدي سليمان    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    قمة "نارية" بين حامل اللقب نهضة بركان ومتزعم البطولة الجيش الملكي في دور السدس عشر    السجن لبارون مخدرات مغربي مقيم بشكل غير قانوني بإسبانيا    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    توقيف الدعم المالي للأسر يجر لقجع للمساءلة    نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش    الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين بمنع ارتداء سراويل داخلية تغطي الركبة    حادثة سير تسلب حياة سيدة في مراكش    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    تراجع التضخم في كوريا إلى أقل من 3 في المائة    رونالدو يقود النصر إلى نهائي كأس السعودية لمواجهة غريمه التقليدي الهلال    نائب رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية: زعماء دول عربية قالوا لي اهلكو "حماس" دمروهم لأننا سندفع الثمن    دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب    هل ستعود أسعار الخضر للإشتعال؟    غضب رسمي أردني من "اعتداء" إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى غزة    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    باحث إسرائيلي في الهولوكوست: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة.. وهناك أدلة كافية قبل أن صدور إدانة المحكمة الدولية    الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه-6" في 3 ماي    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    اختفاء رئيس جماعة ينتمي لحزب "الأحرار" بآسفي بعد وضع مذكرة بحث وطنية ضده بسبب "شيكات بدون رصيد"    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد المجيد أيت عبو .. جولة في كتاب متطوع مكة .

سعدت بقراءة كتاب “متطوع مكة” لصديقي وأستاذي الكريم الباحث والفاعل الجمعوي النشيط جلال اعويطة، وأنست بموضوعه الجليل القدر، وبأسلوبه الأنيق الذي شدني إليه شدا، فلا أزال أتنقل من عنوان إلى عنوان، في دوحة غناء ذات أفنان، حتى أنهيت العمل وفي النفس ظمأ إلى المزيد. ولا أنكر أن كثيرا من نصوص الكتاب قرأتها وكأني أنظر فيها للوهلة الأولى، وذلك لما اكتنفها من بديع التأسيس لها، وجميل الاستنباط منها. ويطيب لي أن أسجل جملة من الانطباعات سطرتها وأنا أقرأ عمل أخي الحبيب سيدي جلال، وهي:
1. يسطر كتاب “متطوع مكة” نمطا من الكتابة تحتاجه الساحة الشبابية والمتلقي المعاصر، لأنه ينطلق من الوعي بهموم هذا المتلقي واحتياجاته وأسئلته الراهنة، فيوفَّقُ هذا الوعي إلى حد كبير في تشخيص الظاهرة، ومن ثَمَّ يستلهم لها الإجابات التي يراها كفيلة بسد تلك الاحتياجات، مع الحرص على تطويع الخطاب لحال هذا المتلقي من أجل النفاذ إليه. وهذا ما أعتقد أن المؤلف سلكه في الكتاب، فنظر إلى ما يراه كفيلا بحث الأجيال على خلق البذل والعطاء من هدي القرآن الكريم، وهدي المصطفى عليه السلام والصحابة الكرام والتابعين إليهم بإحسان، ونظمه نظما بديعا في أسلوب جميل مشوق سلسل أنيق، صاغه بأنامل الحب والعطاء، ونفسِ الحريص على الدعوة إلى خلق البذل في لين وتودد. فلم يكن الكتاب بهذه الحلة القشيبة ليقف عائقا أمام القارئ العادي دون تمثل صفحات السيرة النبوية والوعي بإشراقاتها التطوعية النيرة، ومن ثم العزم على التأسي بها والاقتداء.
2. في الكتاب تلميح إلى أن الدورات التدريبية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس في موضوعات التنمية الذاتية وتحقيق النجاح والقيادة والعمل الجماعي.. قد فقد كثير منها بوصلة المسار الصحيح، فانصرفت إلى تخدير المتلقي بالأوهام والأحلام، وحصرت النجاح في بلوغ منصب دنيوي، أو الربح في مشروع تجاري… وابتعدت عن النجاح الحقيقي. فمسار النَّاجِح الحقيقي يبدأ بالانخراط في الطاعة، ويستمر بالتطوع في وجوه الخير حتى يكتب بذلك من الذين استثناهم الله تعالى في قوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا الصَّالِحَاتِ}. فنحن في حاجة ماسة إلى “تكوين على مستوى الإيمان، وتكوين على مستوى العطاء، وتكوين على مستوى الإيثار، وغيرها من المجالات”.
3. كانت النبرة العامة للكتاب هي الاحتفاء بالعطاء والإشادة بالتطوع في مجالات الخير، فكانت كلماته ورودا من الحث والتحفيز واستنهاض الهمم، وبلسما يوقظ في النفس عزيمة حب الخير للغير، ونسمات عطرة رقيقة أنيقة تُلِين جمود النفوس المكبلة بقيود الأنانية واللامبالاة. والعمل في تمسكه بهذه الخلال نأى عن إشهار سياط اللوم والتوبيخ والتقريع التي تجلد المتقاعسين عن العطاء والبذل، أملا أن ينخرطوا في سلك المتطوعين بعزيمة وحب.
4. في كل صفحة من صفحات الكتاب خطاب ضمني مُضْمَر يتسلل منسابا إلى وعي القارئ فيخاطبه في عطف ولين: ألا يجدر بك أخي القارئ أن تقتدي بهذه الصفحات المشرقة من البذل؟ أليس من سمو همتك ورقي شخصيته ورفعة درجاتك في الآخرة أن تتمثل نماذج العطاء السامية التي خطها المصطفى وصحابته من بعده على قدر استطاعتك؟ والجميل في هذا الخطاب المضمر أنك تحس به في كثير من اللحظات أبلغ مما تفصح عنه السطور.
5. الكتاب اغترف من موارد الحديث النبوي الشريف، والسيرة العطرة، وهدي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وهدي من بعدهم من التابعين لهم بإحسان، وكان حاديه في ذلك تتبع خلق العطاء وبذل الندى والمسارعة إلى التطوع في أبواب الخير. فكان من حسنات العمل أنه نَظَمَ تلك النصوص المختارة في سلك التطوع ووَصَل معانيَها وسياقاتها ودلالاتها بخلق البذل والعطاء، فكأن الناظر إليها منظومة في ذلك السلك يقرأها للوهلة الأولى، وإن ترددت على سمعه ومر بها بصره مرات ومرات. والسبب في ذلك أن النظر إلى تلك الأحاديث والآثار والوقائع مبثوثةً في الكتب لا يكون متصلا بدلالات العطاء والتطوع والبذل وحده، وإنما يتصل بما سيقت لأجلها من معاني الفقه أو المعتقد أو الآداب والأخلاق العامة أو التأريخ…
6. المتتبع لأسلوب “متطوع مكة” يلمس رغبة كاتبه في تطويع المعاني وإعادة صياغتها في قالب يكون أقرب إلى المتلقي المعاصر، إلى فئات واسعة من الشباب دأبوا أو دأب أغلبهم على تتبع القصص والروايات. فكان أسلوب السرد المشوق، والوصف البديع، مع سلاسة العبارة ويسرها، أقرب إلى ترسيخ تلك المعاني في نفوسهم. ومن أمثلة ذلك ما صدر به الكاتب حديثه عن “السرد القصصي وترسيخ التطوع”؛ إذ بدأ بصياغة أحداث قصة الثلاثة أصحاب الغار في قالب مشوق محفز، يكون ممهدا لرسالة القصة ومعزاها. “هكذا ترتسم ِ في أذهاننا حكاية أصحاب الغار”. ص: 71.
7. مما تميز به العمل أنه قائم على ومضات وإشراقات قاربت السبعين، يستقل بعضها عن بعض في معناها، وإن كانت جميعها منظومة في سلك الحض على التطوع متصلة إليه بسبب. وهذه الإشراقات لم يوردها كاتبها على ترتيب محدد ينبغي أن يتبعه القارئ، وإنما هي ومضات مستقلة تتصل بعنوانها المختار لها، وهذا يسهل على قارئ الكتاب أن يفتح منه أي موضع شاء، يكفيه أن ينطلق من عنوان الإشراقة ويسترسل إلى أن يتمها، ولا حرج عليه إن قفز صفحات أو تقهقر صفحات ليقرأ في عنوان آخر.
8. أجمل ما في هذا الكتاب أن صاحبه كتبه عن حب وبحب ومن أجل الحب، والقارئ يدرك هذا الإحساس الجميل كلما استوقف المؤلفَ موقفٌ من مواقف الجواد الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، أو صحابته الكرام رضي الله عنهم، يلمس ذلك من العبارات التي تنضح حبا وإكبارا وتشريفا وتقديرا وانبهارا واعتزازا، فيخيل إليه أن الكاتب تنتابه لحظات من الانشراح يرفرف لها قلبه كما خط تلك العبارات. وما ذلك الانشراح إلا أمارة حب النبي صلى الله عليه وسلم، وحب التطوع، وحب إطلاع الناس ودلالتهم على إشراقات الهدي النبوي في بذل المعروف، وحب تقاسم التجربة التطوعية مع الغير لتستمر مسيرة العطاء. وأستحضر الفرق الشاسع بين الكتابة في هذا الموضوع ونظيره بهذه المشاعر الجميلة، وبين بعض من يكتب فيه ممن يكتسي عباءة العلمية والموضوعية والصرامة المنهجية حين يستحيل أسلوبه جفافا قاحلا لا إكبار فيه ولا إجلال، بل قد يورد اسم المصطفى فيما لا يحصى من الصفحات معزولا عن الصلاة عليه.
9. إن القالب العصري الذي حاول أن يفرغ فيه المؤلف مادة الكتاب، وكثيرا من عناوينها (تنمية مستدامة، ذوي الاحتياجات الخاصة، توظيف الكفاءات، العمل الإغاثي، الاستراتيجيات، منظمة حقوقية…) فيه تأكيد على أن الهدي الإسلامي في المجالات الاجتماعية وغيرها ليس معزولا عن الواقع، وليس تاريخا يروى ويطوى، وإنما هو منهج رباني صالح لكل زمان ومكان، والرهان في ذلك قائم على سبيل الاستنارة بذلك المنهج والتوَفُّق في تنزيله على معطيات الواقع ومستجداته.
10. المأمول من المؤلف حفظه تعالى ووفقه أن يكون عمله “متطوع مكة” حلقة أولى ضمن محطات أخرى يقارب فيها القيم الأخلاقية المثلى التي يرتقي بها الفرد والمجتمع، فإذا كان عمله هذا مؤكدا على خلق “التطوع”، وكان هو “البؤرة” التي تنجذب إليها مئات النصوص التي استشهد بها بألفاظها أو بمعناها، فإن الأعمال المنتظرة منه إن شاء الله سيكون فيها “التبئير” على قيم وأخلاق أخرى. وهذا الطموح منسجم مع الهم الذي يبثه إلى قرائه حين قال: “إذا كان رسل الله تعالى الذين هم خيرة البشرة احتاجوا إلى رعاية سامية وتكوين رباني، فإننا أحوج إلى هذا النوع من التكوين، تكوين على مستوى الإيمان، وتكوين على مستوى العطاء، وتكوين على مستوى الإيثار، وغيرها من المجالات، لإن نجاح مجتمعاتنا رهين بقدر الاستعداد القبلي له، الذي توفره المؤسسات التربوية، انطلاقا من البيت وصولا إلى أعلى جامعة، ومرورا بالشوارع والأسواق والتجمعات، كلها أماكن يجب أن يُسمَعَ فيها أزيزُ القيم، وتبرق فيها أنوار الصلاح، وتظهر بجلاء فيها معالم التقدم، تمسكا بالسنن الكونية، وطرقا للنجاح من أبوابه الصائبة”. [متطوع مكة ص: 30].
جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.