طالبت عدد من الفعاليات المدنية والسياسية المهتمة بالتراث، بإعادة الاعتبار لمآثر عمرانية تاريخية بزاكورة، وذلك عبر الوقوف عن قرب، على المشاكل التي يعاني منها التراث الثقافي والتاريخي بهذا الإقليم، والعمل على إيجاد حلول فعلية لترميمها والحفاظ عليها، لتكون نقطة جذب للسياح والزوار المغاربة والأجانب على حد سواء. وفي سياق متصل، وجهت النائبة البرلمانية إيمان لماوي، عن حزب الأصالة والمعاصرة، يناير الجاري، سؤالا كتابيا إلى فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، تستفسرها من خلاله، عن الإجراءات التي تعتزم إتخاذها من أجل رد الاعتبار للقصبات السياحية والتاريخية المتواجدة بمنطقة تمنوكالت وأسليم بدائرة أكدز بإقليم زاكورة. وجاء في نص السؤال الذي اطلعت عليه جريدة "العمق"، أن "دواوير تمنوكالت وأسليم بدائرة أكدز تزخر بقصبات تراثية تاريخية شاهدة على عراقة الزمن الدرعي وتشكل جزءا من التاريخ والذاكرة المشتركة للإنسان الواحي، وأصبحت مزارات سياحية يقصدها السياح من جميع بقاع العالم ". وأشارت النائبة البامية، أن "هذه القصبات تعتبر منتوجا إعلاميا وسينمائيا مهما يستقطب كبار المنتجين والشركات العالمية في التصوير والإنتاج السينمائي الوطني والدولي". ولفتت لماوي، أن "إعادة ترميم وصيانة هذه القصبات ودعم الفاعلين والمستثمرين السياحيين أبناء المنطقة، من شأنه تعزيز الاقتصاد المحليو والمساهمة في التنمية المحلية وتوفير عدد كبير من فرص الشغل، وذلك وفق مخطط متكامل براعي خصوصية المنطقة". وفي هذا السياق، قال محمد أيت لمعلم، الفاعل المدني بالمنطقة، إن "قصبة تمنوكالت من المعاقل الأساسية للسياسة بدرعة الوسطى وبمنطقة مزكيطة على الخصوص، والتي لها باع طويل في السياسة منذ عهد الوطاسيين إلى غاية الثلاثينيات من القرن الماضي بعد أن وطأت أقدام الفرنسيين ووجد المقيم العام بأكدز أنذاك". وأشار أيت لمعلم في تصريح ل"العمق"، إلى أن "القصبات تعد مفخرة لهذه المنطقة، لإنها لعبت دورا أساسيا في السياسات المحلية وفي مراقبة القوافل التجارية التي تمر من الطريق المحاذية لوادي درعة، وبالخصوص في عهد السعوديين عندما إزدهرت تجارة الذهب مع السودان، ما منحها أهمية بمكان، بإعتبارها بنايات تسكنها الطبقة الارستقراطية والطبقة الحاكمة بمنطقة مزكيطة وتمنوكالت". وشدد المصدر ذاته، على أن "هذه القصبات بنيت على أساس أن تلعب دورا اجتماعيا وسياسيا بالمنطقة، وكذلك دورا أمنيا لأنها تشرف على الطرقات والسواقي وعلى المحاصيل، الشيء الذي جعلها تراثا ماديا تاريخيا للمنطقة، إلا أنها تعاني في الوقت الراهن، من الهشاشة، بحكم أن المواد التي بنيت بها محلية كالطين الأحمر المحلي المعروف بإسم التابوت، وإن لم يتم الإهتمام بها فستصبح عرضة للضياع والهدم، في وقت تربط هذه القصبات بالعائلات التي ورتثها عن أجدادها. وأبرز أيت لمعلم، أن "جل هذه البنايات التاريخية لم تعرف إهتماما من طرف الساكنة، بسبب سيطرة البنايات الجديدة والخروج عن القصر القديم إلى جنبات هذه القصبات، الشيء الذي أدى بها إلى شيء من الإهمال الذي تسبب بدوره في هدم البعض منها، لأن هذه البنايات القديمة المبنية بالمواد المحلية إن لم تكن مسكونة، فإن الروح تنعدم فيها وتتهدم، وهناك قصبات أخرى كانت معتقلا سياسيا في عهد الملك الحسن الثاني، وكانت وصمة عار على المنطقة، لذلك لم يهتم بها أحد، إلا حين تم الحديث عن جبر الضرر الجماعي، بعد أن أصبحت محط اهتمام المجتمع المدني". وسجل المتحدث ذاته، أن "عددا من مالكي هذه القصبات سبق لهم أن ربطوا أكثر من مرة الإتصال بوزارة الثقافة وتم ترميم عدد منها بتمنوكالت، أما القصبات المتواجدة بأكدز قرب أسليم فقد كانت محط طلب المجتمع المدني وبالخصوص بعد أن كانت هيئة الإنصاف والمصالحة قد تكلمت عن جبر الضرر الجماعي، ولكن لم يطرأ عليها أي تغيير ولم يتم ترميمها إلى حد الآن، ونأمل من أل الكلاوي أن يتنازلوا على هذه المعلمة لتستفيد من الترميم من طرف وزارة الثقافة". ولفت إلى أن "هذه المعالم العمرانية تلعب أدوارا مهمة، منها ما هو تاريخي، لأنها تراث مادي يحمل إلينا تاريخ الأجداد والأجيال التي مضت، والدور السياسي الذي لعبت هذه الأخيرة، والاهتمام الموجه نحو المنطقة من طرف السلاطين المتعاقبين على السياسة المركزية بالمغرب، وتبين مدى دورها في التغييرات السياسية بالنسبة للمنطقة التي لعبت دورا أساسيا سواء في عهد الوطاسيين أو السعديين أو العلويين، كما تعتبر إحدى الموارد الإقتصادية لساكنة المنطقة، إذ أن السياحة تهتم بهذه المسألة، علاوة على الأفلام المنجزة التي ساهما بشكل مهم على التمكين الاقتصادي للساكنة". وطالب أيت لمعلم، المسؤولين ب"إعادة الاعتبار لهذه المعالم التاريخية والسياحية، عبر إعتبارها تراثا وطنيا ولم لا تراثا عالميا، خصوصا وأن هذه القصبات بدأت تندثر، مع القيام بمحاضرات للتعريف بها وإبراز مدى أهميتها منذ القدم، لأنها تحمل بصمات تاريخية جد مهمة، ولأنها ساهمت في إعطاء زخم تاريخي وسياحي للمنطقة وللوطن ككل، وإيلاءها أهمية قصوى، وذلك عبر ترميمها، كما هو الشأن لقصبة أيت بنحدو، ومحاولة إعادة الساكنة إليها لتبقى شاهدة على تاريخ المنطقة".