"اللون الزهري!! رأيتها فيه والقلب منه بدا يجري ... يدق دقات الفرح بدون ما يدري، يخاطبني بجمال الروح ولقلبي يعتلي... قتلني منه روعته وبالحيرة تركني" قالها الشاعر معتز صافي في واحدة من أشهر قصائده، للدلالة على السعادة الطاغية وطاقة البهجة التي يطلقها هذا اللون المرتبط بالربيع والأزهار وكثير من الرموز المتصلة بالسعادة، ودائما ما تغنى الشعراء وتغزلوا بالفتاة ذات الخدود الوردية ليصبح هذا اللون رمزا للجمال. في العقود الأخيرة أصبح اللون الوردي بمثابة الراعي الرسمي للأنوثة، خصوصا في الملابس والديكورات والشعارات، وكذا في دمى البنات الصغيرات وأشهرها "باربي" التي جعلت من فيلمها الأخير العالم ورديا بأكمله. واللون الوردي هو مزيج من الأبيض والأحمر، استخدم للمرة الأولى بهذا الاسم في أواخر القرن ال17، وفقا للاستطلاعات أوربا والولاياتالمتحدة، باعتباره اللون الأكثر ارتباطا بالرقة، الطفولة، الانوثة والرومانسية. ظهر اللون الوردي في أعمال بعض الفنانين من عصر النهضة، أبرزهم روفائيل في لوحة Madonna of the pinks، وهي لمريم العذراء وابنها المسيح الطفل، ولاحقا رسم فرانسوا بوشيه لوحته الشهيرة للسيدة بومبادور عام 1759، وتظهرها اللوحة مرتدية فستانا ورديا تعرف درجته اللونية حتى أصبح يطلق عليها اسم "روز بومبادور". قوة اللون ككل الألوان يحمل اللون الوردي تأثير كبيرا يتمثل في تحسين مزاج المرء وجعله يشعر بالفرح والسرور؛ حيث إن له تأثيراً عاطفياً قويّاً وعميقاً على مشاعره الداخليّة، فقد يُترجم للمرء إحساساً بالألفة والقبول، ويُشعره بأنّه محبوب من قبل الآخرين، فلا تُراوده أفكار سلبيّة بأنه وحيد، أو أنه لا يملك شيئاً في هذه الحياة، ويحمل معه القدرة على تغيير الاستجابات الفرديّة التي تتأثر بالعوامل الثقافيّة والداخليّة للأشخاص، وملئهم بالبهجة والسعادة. ويُشار إلى أنه رمز الأنوثة والجاذبيّة الكبيرين، وهو لون تم تداوله منذ القدم في التلفاز على أنه لون طفوليّ ورقيق تُحبه مُعظم الفتيات الصغار، إلا أن العديد من الفتيات الناضجات يُحببن هذا اللون ويملنّ لانتقائه وتفضيله على باقي الألوان، والبعض الآخر من الذكور قد يكون أقل اقتناعاً به، لكنه بطريقة أو بأخرى يحمل طابعاً لطيفاً وناعماً وأنثويّاً ساحراً عميق التأثير على الفتيات بالأخص، ويُشير أيضاً للبراءة والنقاء والرقة الكبيرة، وهنالك درجات باهتة منه تبثّ الشباب في المرء، وأخرى صاخبة تدعو للجرأة والحماس. الوردي للأولاد قالت الكاتبة Jo Paoletti في كتابها Pink and Blue telling the boys from the girls in Amerika، أن الأطفال كانوا يرتدون ملابس بيضاء سواء الذكور او الإناث، وخلال القرن التاسع عشر، اختير اللونان الأزرق والوردي لملابس الأطفال حديثي الولادة وكذا غرفهم. وفي عام 1918، كان اللون الوردي يعتبر لونا مناسبا لملابس الأولاد. حيث كان يعتبر لونا جريئا وقويا، بينما كان اللون الأزرق أكثر ملاءمة للفتيات، نظرا لتأثيره الهادئ. خلال نفس الحقبة، كان يتم تصنيف ملابس الأطفال وفقا لبشرتهم ولون عيونهم، مما يمثل اتجاها آخر في الموضة، إذ أن هناك لوحة للملكة فيكتوريا عام 1850 مع طفلها الأمير آرثر الذي كان يرتدي اللون الأبيض والوردي وهو ما كان شائعاً في هذا الوقت، واستمر الوضع على هذا النحو حتى العقود الأولى من القرن ال20، ولم يكن اللون الوردي يعامل كرمز للأنوثة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. ففي مطلع الخمسينيات ظهرت مجموعات من الصور المتداولة لمشاهير من الرجال اعتمدوا فيها اللون الوردي الذي كان ظهورهم به مقبولاً خلال هذه الحقبة، ولم يكن أصبح حكراً على النساء بعد، فعام 1950 انتشرت صورة للملاكم الأميركي شوغر راي روبنسون أمام سيارته ال"كاديلاك" الوردية في مشهد يبدو غير مألوف حالياً، كما ظهرت في الخمسينيات أيضاً صور للفنان إلفيس بريسلي بينما يرتدي قمصاناً وردية اللون أكثر من مرة. رمزا للأنوثة جاءت الانطلاقة الكبرى للون الوردي كرمز للأنوثة، في العالم من أميركا مع بداية عهد أيزنهاور في مطلع الخمسينيات، حينما ظهرت زوجته معه للمرة الأولى أثناء مراسم تنصيبه عام 1953 بثوب وردي والذي أصبح بفضلها "ترند" بلغة العصر الحالي، بحيث اعتمدته النساء في كل أنحاء العالم وأطلق عليه وقتها "مامي بينك" نسبة إلى مامي أيزنهاور. شهد العام نفسه حدثاً آخر كان من عوامل اعتماد اللون الوردي رمزاً للأنوثة في هذه الفترة، وهو ظهور مارلين مونرو بفستان وردي في فيلم "Gentelmen prefer blondes" لينطلق من وقتها كرمز للأنوثة في كل أنحاء العالم. وتتجه الكثير من الروايات بأن اللون الزهري بدأ ينحاز ويرمز للأنوثة، عندما تم ربطه بالشهوانية في منتصف القرن ال 19وازداد ترابطه أكثر عقب تسويقه في الولاياتالمتحدةالأمريكية في خمسينيات القرن الماضي كرمز للأنوثة المفرطة بعد الحرب، وجاء المصمم الفرنسي العالمي، كريستيان ديور، آنذاك الذي يُعرف بحبه لدرجات اللون الأحمر، وقام بتصميم مجموعة أزياء نسائية باللون الوردي، فارتبط اللون الوردي بالإناث منذ ذلك الوقت.