وجه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، هشام البلاوي، اليوم الثلاثاء، دورية هامة إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، بشأن "مراجعة برقيات البحث". ودعا البلاوي من خلالها إلى التقيد الصارم بالضوابط القانونية المؤطرة لإجراءات إصدار وإلغاء هذه البرقيات، في إطار من الحرص على احترام حرية الأفراد وضمان حقوقهم المكفولة دستوريا. وأكدت الدورية أن برقية البحث، بحكم طبيعتها، تعد إجراء يمس بحرية الأشخاص، باعتبار أنها تعمم على الصعيد الوطني وتظل سارية إلى حين توقيف المعني بالأمر، مما قد يترتب عنه آثار سلبية على حياته الشخصية والمهنية، ويجعل من تفعيلها تدبيرا استثنائيا لا ينبغي اللجوء إليه إلا في الحالات التي تفرضها الضرورة القانونية. وشددت رئاسة النيابة العامة على أن الأمر بإصدار برقيات البحث يجب أن يكون محصورا في الحالات التي تستدعي ذلك فعلا، انسجاما مع التوجهات العامة للسياسة الجنائية القائمة على حماية الحريات الفردية، وهو ما سبق التأكيد عليه من خلال الدورية عدد 11/س/رن ع بتاريخ 12 أبريل 2021، التي دعت إلى ضرورة التأكد من توفر أسباب موضوعية وجدية قبل إصدار التعليمات بنشر برقية البحث، وإلى المراجعة الدورية لكافة البرقيات السارية. ودعت الدورية إلى الامتثال الكامل للتعليمات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة بهذا الخصوص، وعدم إصدار برقيات البحث إلا عند استيفاء الشروط القانونية وتحت تعليمات كتابية صادرة عن الجهة المختصة، مع إمكانية اللجوء إلى التعليمات الشفهية في حالات الاستعجال أو التلبس، شريطة أن تتم تسويتها لاحقا بشكل مكتوب. كما أكدت رئاسة النيابة العامة على ضرورة مراجعة جميع برقيات البحث الصادرة من قبل النيابات العامة بشكل تلقائي ومنتظم، من أجل التحقق من استمرار موجباتها، مع الإسراع بإلغائها في حال سقوطها بالتقادم، ما لم تكن هناك أسباب قانونية تبرر استمرار مفعولها. وأوصت الدورية كذلك بالمبادرة إلى إلغاء البرقيات التي أصبحت غير ذات موضوع، خصوصا تلك التي تم تحريرها بعد حفظ المسطرة أو إحالة القضية على قضاء التحقيق أو الحكم، أو لأي سبب قانوني آخر، مع الإسراع في دراسة طلبات الإلغاء الواردة من المعنيين أو دفاعهم، واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها فورا كلما توفرت الشروط القانونية لذلك. كما شددت على ضرورة التنسيق المستمر مع مصالح الشرطة القضائية التابعة لنفوذ المحاكم قصد تحيين قاعدة معطيات برقيات البحث والتأكد من إلغاء ما لم تعد له مبررات قانونية، وذلك تنفيذا لمضامين الدليل العملي بشأن تجويد الأبحاث الجنائية، الصادر في إطار التعاون بين رئاسة النيابة العامة والمديرية العامة للأمن الوطني، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وقيادة الدرك الملكي، بموجب الدورية عدد 03/رن ع/س/ق1 بتاريخ 5 ماي 2025. وأشادت رئاسة النيابة العامة بالانخراط الإيجابي للنيابات العامة في تفعيل هذه التوجيهات، مما أسفر عن إلغاء عدد مهم من برقيات البحث، سواء بسبب التقادم أو لزوال الأسباب التي دعت إلى إصدارها، داعية إلى مواصلة هذا النهج وتعزيزه، باعتباره جزءا من التدبير الرشيد للإجراءات الزجرية ذات الأثر المباشر على حرية الأفراد. واختتمت الدورية بالتأكيد على الأهمية البالغة لهذا الموضوع، باعتباره من صميم المهام الأساسية للنيابة العامة في ضمان العدالة وحماية الحقوق، داعية جميع المسؤولين القضائيين إلى تنفيذ هذه التعليمات بكل جدية وحزم، وإلى موافاة رئاسة النيابة العامة بحصيلة العمل المنجز بهذا الخصوص، قبل نهاية شهر أكتوبر 2025، مع إبلاغها بكل صعوبة أو إشكال قد يعترض التنفيذ. وجددت رئاسة النيابة العامة التذكير بأن برقيات البحث تمثل وسيلة قانونية لضبط الأشخاص الفارين من العدالة، إما للاشتباه في ارتكابهم أفعالا جرمية، أو تنفيذا لمذكرات توقيف صادرة عن قضاة التحقيق أو المحاكم، أو في إطار تنفيذ عقوبات سالبة للحرية أو تدابير الإكراه البدني، مما يستوجب إعمالها في إطار من الدقة والحذر، وفي حدود ما تسمح به القوانين النافذة.