بتعليمات ملكية سامية.. برنامج حكومي لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من فيضانات آسفي    الحكومة توافق على زيادة 5٪ في الحد الأدنى للأجور    تقرير: المغرب يصنف ضمن فئة "النزاع الخامد" ورتبته 67 عالميا في خريطة العنف السياسي    رسمياً.. إلغاء مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب    أخبار الساحة    نهائي "كأس العرب".. التشكيلة الرسمية للمنتخب المغربي ضد الأردن    بلاغ من وزارة الأوقاف حول موسم الحج    انهض يا عمر.. لترى ما ضحيت من أجله بروحك كيف أصبح؟    الملعب الأولمبي يعزز إشعاع الرباط    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الجزيرة الخضراء.. إحباط محاولات تهريب 14 سيارة مسروقة نحو طنجة    العرايشي ينادي بإعلام رياضي قوي    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    اليوم الدولي للمهاجر يجدد النقاش حول تحيين السياسات العمومية بالمغرب    الملك يشيد بالقيادة الحكيمة للشيخ تميم    توقيف مروج للمخدرات والمؤثرات العقلية بطنجة وحجز أزيد من 1200 قرص طبي    مستشفى ميداني عسكري يقام بأزيلال    متحف اللوفر يفتح أبوابه جزئيا رغم تصويت موظفيه على تمديد الإضراب    أسعار الذهب تستقر    ميناء المضيق .. ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري    الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    الطالبي العلمي: الرياضة رافعة للتنمية والتلاحم الوطني وإشعاع المغرب قارياً ودولياً    خبراء التربية يناقشون في الرباط قضايا الخطاب وعلاقته باللسانيات والعلوم المعرفية    قمة نارية بين نابولي وميلان في كأس السوبر الإيطالية بالعاصمة السعودية        تصنيف دولي يضع المغرب بمراتب متأخرة في مؤشر "الحرية الإنسانية" لسنة 2025    أمريكا توافق على أكبر مبيعات أسلحة لتايوان على الإطلاق بقيمة 11.1 مليار دولار    بحضور محمد صلاح.. الفراعنة يصلون أكادير استعداداً لانطلاق المنافسات القارية    الموت يفجع أمينوكس في جدته    غوغل تطور أداة البحث العميق في مساعدها الذكي جيميناي        المغرب في المرتبة 62 عالميًا ومن بين الأوائل إفريقيًا في رأس المال الفكري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    مركز موكادور يعلن فهرسة مجلة «ليكسوس» ضمن قاعدة DOAJ الدولية    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    انهيار منزل يخلف مصابَين بالدار البيضاء    ترامب يؤكد مواصلة المسار الاقتصادي    مركز وطني للدفاع يواجه "الدرونات" في ألمانيا    التسجيل الأوتوماتيكي في اللوائح الانتخابية ضرورة ديموقراطية    عامل إقليم الجديدة ينهي مهام نائبين لرئيس جماعة أزمور    إحداث مصرف مائي سطحي على جنبات الطريق بين أولاد حمدان و الجديدة يهدد السلامة الطرقية.    الحوض المائي اللوكوس .. الأمطار الأخيرة عززت المخزون المائي بالسدود بأكثر من 26 مليون متر مكعب    الرباط تحتضن مهرجان "أقدم قفطان" .. مسار زي مغربي عابر للأجيال    لماذا تراهن بكين على أبوظبي؟ الإمارات شريك الثقة في شرق أوسط يعاد تشكيله    فرحات مهني يكتب: الحق في تقرير مصير شعب القبائل    وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور عن 53 عاما إثر حريق داخل منزلها بالإسكندرية    أكادير تحتضن الدورة العشرين لمهرجان تيميتار الدولي بمشاركة فنانين مغاربة وأجانب    في حفل فني بالرباط.. السفيرة الكرواتية تشيد بالتعايش الديني بالمغرب    تمارين في التخلي (1)    واشنطن توسّع حظر السفر ليشمل عددا من الدول بينها سوريا وفلسطين    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوصلة السوسيولوجي المغربي الخمار العلمي تتوجه إلى "المعرفة والقيم من الفردانية إلى الفردنة" في أحدث إصداراته
نشر في طنجة الأدبية يوم 15 - 05 - 2024

صدر حديثا للخبير في قضايا التربية والسوسيولوجي المغربي الدكتور الخمار العلمي مؤلف جديد بعنوان " المعرفة والقيم، تحوّلات المجتمع والقيم، من الفردانية إلى الفردنة"، عن منشورات مكتبة السلام الجديدة بالدار البيضاء.
الكتاب الصادر في طبعة أولى أنيقة سنة 2024، يعدّ بحقّ إضافة رصينة، سواء لبيبليوغرافيا المؤلف الثرية التي راكمت إسهاماتها العلمية والأكاديمية قرابة أربعة عقود، أو للمتن التربوي والسوسيولوجي المغربي والعربي (سوسيولوجيا التربية تحديدا)، والتي كان للمؤلف فضل كبير في انفتاحها على علوم ومعارف كونية، وأيضا مقاربات وفروع لم تكن معروفة من قبل ضمن اهتمامات المنشغلين بالحقل التربوي بالمغرب، من قبيل "سوسيولوجيا المنهاج" و "سوسيولوجيا القيم" وغيرها.
كباقي مؤلفات الدكتور الخمار العلمي، يشتغل كتاب "المعرفة والقيم" على أطروحة لا تنفصل عن المشروع العلمي للمؤلف، الذي حرص على انتظامه وفق الضوابط العلمية والأكاديمية، وارتهانه إلى مقتضيات الطلب الاجتماعي على التربية والتعليم ببلادنا تحديدا. مشروع فكري وثقافي ضخم يروم في مسعاه الأول، (وكما جاء في تقديم المؤلّف) تقديم رؤية جديدة للمعرفة والقيم ورهانات مستقبل الثقافة والمعرفة، في إطار معرفة تحوّلات وتغيرات الثقافة المغربية ومستقبلها، وعلى ضوء ما تمده به سوسيولوجيا التربية والقيم. وهو التوجه الفكري الذي تظافر مع ما قدمه من قبل حول مدخل الكفايات في مؤلفه "مستقبل التربية والثقافة في المغرب: مدرسة الكفايات وكفايات المدرسة (2015).
إن فهم طبيعة المجتمعات وتطوّرها – حسب الدكتور الخمار العلمي – يقتضي فهم طبيعة القيم، فهي البوصلة التي تقود إلى فهم تحوّلات القيم من جهة، وفي علاقتها بتحولات المجتمع من جهة ثانية، لذلك، لا غنى اليوم، لأي باحث في العلوم الاجتماعية والسياسية عن الاهتمام بالقيم وتحوّلاتها، وبخاصة الاهتمام بتحديد مفهوم هذه القيم في بعدها الإنساني والاجتماعي، لاسيما الحاجة إلى التمييز بين قيم "الفردانية" Individualisme وقيم "الفردنة" Individualisation من جهة، وبين القيم الكونية والقيم الخصوصية من جهة ثانية، أي بين القيم العولمية والقيم المحلية، أو بين القيم "العومحلية".
سيرا على أثر ما تتيحه بوصلة المؤلف السوسيولوجية وأشكال انتسابه للمعرفة العالمة، أعلن الكاتب منذ البداية تبنّيه مقاربة سوسيولوجية تؤطر بحثه، من خلال حفريات معرفية حول معاني القيم ومفاهيمها واختلالاتها ومكانتها في تنظيم حياة المجتمعات، بغاية إبراز أهمية هذه القيم في حياة الإنسان ووجوده الاجتماعي، والمكانة التي تحتلّها في النسق الاجتماعي والسياسي العام لأي مجتمع. لهذا الغرض ابتنى المؤلف كتابه من خلال سبعة فصول جاءت على النحو التالي:
الفصل الأول، تناول تحول القيم من منظور المقاربات الفلسفية والسيكو-اجتماعية، سواء تلك التي اهتمت بالقيم وتعدد مفاهيمهما وتنوعها منذ البدايات الأولى لفلسفة القيم مع اليونانيين وحتى الفلسفة المعاصرة مع أسماء من قبيل: "أوليفيي روبول" و"أندري كونت سبونفيل"، علاوة على المفاهيم التي أنتجها الحقل السيكولوجي والسيكو- سوسيولوجي في هذا الباب. الفصل الثاني، تعرّض لمفهوم القيم ودلالتها في المقاربة السوسيولوجية، التي جعلت من القيم موضوعا للمعرفة السوسيولوجية، حيث تطرق الكاتب إلى النظريات الإيمانية أو الاعتقادية Théories Fidéistes والنظريات الشكية Théories Sceptiques ثم النظريات العقلانية Théories Rationalistes.
الفصل الثالث، انتقل المؤلف للبحث في موقع القيم بين الفردانية والفردنة في المجتمعات الحديثة، وكيف يسهم هذا التحليل في فهم آليات الحداثة في مختلف تجلّياتها ولحظاتها الحاسمة في تاريخ تطوّر البشرية، وأيضا في فهم كيف حدث التحول المفصلي أو الانتقال من قيم الفردانية إلى قيم الفردنة. بعد ذلك، يتجه الباحث إلى الحديث عن التربية على القيم في المغرب من منطلق استعراض الاختيارات والاستراتيجيات التي أطرت توجه سياسات الدولة في هذا المجال.
الفصل الرابع، تطرّق إلى قيم العصر في مسألة "فردنة القيم" من خلال محاولة فهم آليات وأشكال العبور من مفهوم الفردانية إلى مفهوم الفردنة، ثم التوقف عند قيم الفردنة بوصفها قيما للتحرر وروح الحرية، وانتهاء بترافع فكري من قبل المؤلف دفاعا عن قيم الفردنة، استعرض من خلاله مواقف معينة من فردانية القيم وفردنتها.
أما الفصل الخامس، فقد انفتح على القيم الإنسانية الأساس وكيفية انتظامها بين الفردانية والفردنة، وهي إجمالا، قيم القرابة والحب، قيم الشغل والهويات المهنية الجديدة، قيم الترفيه بوصفها وسيلة وغاية، القيم الدينية والسياسية. بينما تأطر البحث في الفصل السادس حول الحداثة ومكانة القيم في حياة شباب اليوم، وخاصة قيم الاعتبار في زمن تغيرت فيه المواقع والوقائع، وساهم تسارع التطور التكنولوجي في تبديل العديد من الأنظمة والروابط الإنسانية.
الفصل السابع والأخير، فقد ساءل مؤلفه القيم في الحياة اليومية بين مكونين تنشئويين مركزيين: الأسرة والمدرسة، حيث تناول قيم المستقبل في علاقتها بمستقبل الأسرة من جهة، وصناعة التفاهة التي أصبحت بدورها تصدّر قيما من الانمساخ والرداءة وفقدان الهوية الثقافية والاجتماعية من جهة ثانية، وانتهى أخيرا إلى اختلالات التوقف عن الدراسة على ضوء ما أصاب بعض جهات الوطن جرّاء الكارثة الطبيعة الأخيرة لنهاية السنة الماضية (زلزال الحوز وشيشاوة)، حيث توقّدت الروح السوسيولوجية الناقدة للمؤلف في استشراف مآلات هذا التوقيف الاضطراري الذي لجأت إليه الدولة ضمن اختياراتها المبررة، لاسيما في ترسيخ "لاعدالة مدرسية" ستعمق جراح أبناء هذه المناطق، وتعدم أمامهم كل فرص التكافؤ الممكنة التي رفعتها الدولة كمكون من مكونات شعار "مدرسة ذات جودة للجميع".
من الواضح أن بصمة الدكتور الخمار العلمي في مقاربة موضوعات سوسيولوجية من منظور مغاير في عمقه، لا يخفى وقعها في كلّ مرة يصدر له عمل علمي رصين كالعادة. مقاربة سِمتها الأساس أنها أكثر انفتاحا على المعرفيات الحديثة، وأكثر استحضارا لمرجعيات متعددة المشارب تتقاطع في بنائها التصورات الفلسفية والسوسيولوجية والسيكولوجية، دونما إغفال للبعدين؛ الإبستيمولوجي والمنهجي اللذين يؤطران تخصصه.
شخصيا، وبوصفي كنت أحد طلبته في الماستر المتخصص في علوم التربية، أذكر جيدا كيف كانت محاضراته فيما يتعلق بمبحث القيم تحديدا، تنطلق من أرضية تمهيدية أكسيولوجية بوصفها خلفية لدراسة القيم في مطلقيتها كما تصورتها الفلسفة (الحق، الخير، الجمال)، لتنتهي إلى الغوص في سوسيولوجيا التحولات القيمية في المجتمع العالمي، انطلاقا من مصادرة أساسية صارت تفرض سطوتها اليوم، مؤداها أنّ مستقبل الصراع والتجاذب في العالم سيكون في منظومات القيم، لاسيما أمام ما أضحى يطرأ على أشكال التواصل الإنساني من تبدّلات متسارعة عجلت بظهور مفهوم "مجتمع شبكي عالمي" (كما تصوره الباحث الكندي دارن بارني في مؤلفه بنفس العنوان سنة 2015)، على نحو أعاد صياغة وإنتاج القيم، وأعاد معها طرح استشكالات جديدة تتعلق بالهوية والثقافة والمعرفة بشكل عام. لكلّ هذا، أجزم أن المؤلَّف موضوع هذه الورقة دسم وغنيّ كدأب ما سبقه من كتابات الدكتور الخمار العلمي.
جدير بالذكر، أنّ المؤلّف هو أستاذ علوم وسوسيولوجيا التربية بالتعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، دكتور دولة في سوسيولوجيا التربية والأسرة والقيم، مستشار وخبير في قضايا التربية والمناهج والتأليف التربوي، من إنتاجاته: " المعرفة والسلطة، دراسات في التربية والطفولة والجنس (1995)، أسس التربية: دراسات في قيم التربية والتربية على القيم (2002)، مستقبل التربية والثقافة في المغرب: مدرسة الكفايات وكفايات المدرسة (2015). الطفل والحياة، من أجل تربية معاصرة للأبناء(2017)، السوسيولوجيا والحداثة، رؤى في الديموقراطية والتربية (2023)، Les métamorphoses de l'école. Démocratie, Méritocratie, et valeurs de l'école (2019).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.