في قلب شمال المغرب، حيث تمتزج رياح البحر الأبيض المتوسط بحرارة الشمس الذهبية، كانت طنجة تحكي حكاية أخرى، مختلفة عن الحكايات المعتادة. تلك المدينة التي احتضنت ضجيج الأرواح التائهة في الخمسينيات، فتحت أبوابها لجماعة من الخارجين عن المألوف، الفنانين والكتّاب الذين هربوا من ضيق بلادهم بحثًا عن هواء حر، وحكايات تنبض بالحياة. - إعلان - بول بولز في طنجة كانت طنجة، آنذاك، كالمغناطيس، تجذب إليها أسماء مثل بول بولز، الكاتب الأميركي الذي وقع في شباكها من أول زيارة عام 1931، وقرر أن يبقى، لا ليعبر فحسب، بل ليحيا في قلب المدينة. مع زوجته جين، صنع من طنجة ملاذًا للإبداع، ينقل قصص البسطاء من الحكاواتيين المحليين، ويغزل رواياته بين أزقتها وأصواتها. بول بولز مع زوجته جين بطنجة أما "البيت جينرايشن"، تلك الحركة الأدبية التي ولدت في صخب ما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد وجدت في طنجة ملاذًا لم يتمناه. جاك كيرواك، آلن غينسبرغ، وويليام بوروز كان جاك كيرواك، آلن غينسبرغ، وويليام بوروز، من بين هؤلاء الذين هجروا الأنماط التقليدية، ليرسموا بكلماتهم مسارات جديدة في سماء الأدب، مستنيرين بهواء طنجة العتيق، وأضواء مقاهيها القديمة. ويليام بوروز- طنجة ويليام بوروز، الرجل الذي اختبر الألم والجنون، حمل مأساته الشخصية معه، وهاجر إلى طنجة بعد حادث مأساوي أودى بحياة زوجته. في المدينة التي استقبلته بصمتها العميق، كتب روايته "الوليمة العارية"، مستغرقًا في عوالم مخدراته وأوهامه، لينقل لنا رؤية مشوهة لعالم متمزق بين الألم والحنين. بيتر أورلوفسكي وآلن غينسبرغ وفي إحدى الزوايا، اجتمع بيتر أورلوفسكي وآلن غينسبرغ، شاعران ومغامران، ليجعلوا من طنجة محطة في رحلة حياتهما، حيث الكلمات تتصارع مع الواقع، والليل يهمس بأسرار لا تكشف إلا لمن يجرؤ على الاستماع. طنجة، المدينة التي رسمها على لوحاتها ماتيس، والتي سمعت أنغام موسيقى جاجوكة، لا تزال تحتفظ بصدى تلك الحكايات، صدى الأرواح التي جابت شوارعها، بحثًا عن معنى للحرية، في عالم كان يعيد رسم نفسه في كل يوم.