فيلم الفراشة السوداء: احذروا… النهاية هي البداية! بقلم // عمر بلخمار عمر بلخمار يوجد ببلادنا الفيلم الأمريكي المثير والمحبوك "الفراشة السوداء" الذي تبلغ مدة عرضه 93 دقيقة، وهو من إنجاز المخرج والممثل والسيناريست بريان غودمان ومأخوذ عن إحدى الروايات التي تستعرض محنة بطلها "بول" (الممثل الإسباني الأندلسي المقتدر أنطونيو بانديراس) الذي فارقته زوجته وضاع منه كل شيء بعدما كان غنيا وتحول إلى كاتب سكير يعيش وحيدا وسط الطبيعة الخلابة في منزله الجميل بعيدا عن المدينة يقضي فيه كل أوقاته في كتابة رواية جديدة لم يعد قادرا على مواصلة كتابتها. قرر هذا الكاتب أن يبيع منزله للخروج من أزمته المادية الحادة، وقد كلف السمسارة "لورا" (الممثلة الأمريكية بايبر بيرابو) بالبحث عن زبون يرغب في شرائه، وشاءت الأقدار في يوم من الأيام أن يصادف في إحدى الحانات الشاب "جاك" (الممثل الإرلندي جوناثان ريس ماييرز) الذي أنقده من بطش وعنف واستفزاز سائق إحدى الشاحنات الذي سبق له أن ضايقه واستفزه في الطريق قبيل وصوله للحانة. أراد "بول" أن يرد الجميل لهذا الشاب فأخذه معه في سيارته و اقترح عليه أن يسكن معه في منزله، وبعد التظاهر بالتردد قبل هذا الأخير أن يذهب معه و صار يساعده في القيام بأشغال البيت وصار أيضا يناقش معه تطورات روايته ويشجعه على مواصلة كتابتها بتزويده ببعض الأفكار والاقتراحات. أصبحت علاقتهما بعد مرور بضعة أيام تتخللها بين الحين والآخر توترات وخصومات متكررة و عنيفة أحيانا، وازدادت توترا بعدما أصبح "بول" يشك في تصرفات "جاك" ويعتبره مجرما متهما بقتل مجموعة من النساء، وقد حاول إخبار رجال الأمن، ولكن "جاك" منعه من القيام بذلك تحت التهديد بالقتل. سيتأكد "بول" من اتهاماته بعدما عثر في حقيبة "جاك" على أشياء تثبت ذلك ، وسيتأكد من ذلك أكثر وأكثر لما قام هذا الأخير بقتل السمسارة "لورا" في منزله، ولكن الأمور ستنقلب رأسا على عقب وسيصبح الشاب "جاك" هو المتهِم و الكاتب "بول" هو المجرم المتهٙم بقتل زوجته و نساء أخريات، وقد اضطر هذا الأخير بعدما اشتد عليه الخناق بالحجج الدامغة أن يعترف بجرائمه ملتمسا من "جاك" أن يعاقب بوضعه في مستشفى الأمراض النفسية وأن لا يتم إعدامه. لن أدخل في تفاصيل هذه القصة حتى أترك للمشاهد فرصة الاستمتاع بالتمويهات والمفاجآت المثيرة، وأكتفي بالقول إن كل الجرائم المرتكبة في هذا الفيلم ليست حقيقية و لا واقعية. ينطلق الفيلم باختفاء إحدى الزوجات في منزه كانت توجد فيه رفقة زوجها وابنها، وتتوالى بعد ذلك التطورات ببطء ملموس يطغى فيها الكلام على الأحداث قبل تصبح أكثر إثارة وغموض وتشويق وتمويه انطلاقا من اللقطة التي أصبح "بول" يعتبر فيها ضيفه "جاك" مجرما خطيرا. تتواصل هذه التطورات بكيفية محيرة إلى أن يصل الفيلم إلى نهاية تعود بنا إلى بدايته لتبرير وفهم كل ما جرى، وينبغي الانتباه جيدا إلى بداية الفيلم لربطها بنهايته. العنوان سبق استعماله في أفلام أخرى، ولكن الموضوع متفرد بنوعه وجيد بطريقة معالجته الذكية والموفقة والمثيرة، إذ لا يمكن فهم القضية قبل نهاية هذا الفيلم المصور بكيفية جيدة و جميلة. الممثل المقتدر أنطونيو بانديراس شخص دوره ببراعة ملموسة دون مبالغة أو تقصير، شخصه بعمق وهدوء وثبات و ثقة في النفس في التأقلم جيدا مع وضعية المتهم أو التاهم، ونفس الشيء بالنسبة للممثل جوناثان ريس ماييرز الذي شخص دوره هو أيضا "جاك" بإتقان مقنع. الكتابة ذكية والقصة محبوكة والبناء جيد على مستوى الأحداث والشخصيات، قد يوحي في البداية بالتساهل والبساطة، ولكن المشاهد سيكتشف في النهاية أن كل ذلك كان منطقيا ومقصودا ومبررا، وأن كل الشخصيات متآمرة بذكاء بكيفية لا يمكن توقعها إطلاقا. عمر بلخمار للتواصل مع الكاتب: [email protected] فيلم الفراشة السوداء: احذروا… النهاية هي البداية! بقلم // عمر بلخمار