منظمة الأنتربول توشّح عبد اللطيف حموشي بوسام الأنتربول من الطبقة العليا        الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    الحكومة تقرّ مشروع قانون "المسطرة المدنية" وإعادة تنظيم "معهد الإعلام"    محكمة صفرو تقرر متابعة "بوز فلو" في حالة سراح وتؤجل جلسة محاكمته إلى غاية 11 دجنبر المقبل    غامبيا تدعم سيادة المغرب على الصحراء    أداء إيجابي لبورصة الدار البيضاء    بنجلون يدعو إلى اعتماد مقاربة إفريقيا أولا في صلب استراتيجيات التمويل    ضربات إسرائيلية على أهداف لحزب الله في جنوب لبنان    دوري أبطال إفريقيا .. الجيش الملكي تحت الضغط ونهضة بركان يسعى للحفاظ على انطلاقته القارية    سيدات الفوتسال ينتزعن بطاقة العبور إلى ربع نهائي المونديال ويكتبون التاريخ    حادث مميت قرب مجمع "الإقامات الخضراء" بطنجة.. سيارة لنقل العمال تقتل ستينياً وتفرّ من المكان    إيداع "الستريمر" إلياس المالكي سجن الجديدة ومتابعته بتهم خطيرة    استمرار محاكمة الغلوسي في قضية رفعها ضده برلماني من "الأحرار" متابع في قضية غسل أموال    "الكاف".. خمسة حكام مغاربة ضمن قائمة إدارة مباريات كأس أمم إفريقيا 2025    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بإعادة تنظيم المعهد العالي للإعلام والاتصال    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني للحجاج    الشعوب الحرة هي التي تصنع تاريخها بإرادتها، مقاربة حضارية    الداخلة : انطلاق فعاليات النسخة ال 15 للمعرض الجهوي للكتاب والنشر            الأمير مولاي رشيد: المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يرسخ الحوار والاكتشاف    المخرجان طرزان وعرب ناصر حول صناعة فيلمهما "كان يا ما كان في غزّة":        مكتب الصرف يفك خيوط "خسائر وهمية" لشرعنة تحويلات نحو الخارج    الذهب يستقر عند أعلى مستوياته في أسبوعين    "فيدرالية اليسار" تحذر من سياسة تكميم الأفواه والتعامل مع الإبداع الرقمي والفني بمنطق جنائي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الأمم ‬المتحدة ‬تجهض ‬مناورات ‬جزائرية ‬لتحريف ‬الترجمة ‬العربية ‬لقرار ‬مجلس ‬الأمن ‬رقم 2797    تأجيل محاكمة الناصيري والبعيوي بسبب تعذر حضور أحد أعضاء هيئة الحكم    مراكش.. انتخاب الفرنسي لوكا فيليب رئيسا جديدا للأنتربول    كتاب أبيض صيني جديد يحدّد ملامح سياسة بكين للسلام ونزع السلاح    البيرو.. السجن 14 عاما للرئيس السابق مارتن فيزكارا في قضية فساد    الحسيمة.. وفاة أستاذ بعد تعرضه لنزيف على مستوى الرأس اثناء لقاء تربوي    الولايات المتحدة تعلق طلبات الهجرة من أفغانستان وترامب يصف إطلاق النار في واشنطن ب"العمل الإرهابي"        "ميتا" تحدّث بيانات الملف الشخصي في "واتساب"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    حجيرة يدعو إلى تفكير إستراتيجي في سبل تعزيز الأثر الاجتماعي لقطاع الكهرباء    "الكاف" تطرح تعديلات تنظيمية أبرزها رفع عدد اللاعبين لكل منتخب    إدارة مهرجان الدوحة السينمائي 2025: المهرجان يبرز حضور الأصوات السينمائية المهمة في عالمنا اليوم    الدار البيضاء .. تفكيك شبكة إجرامية وحجز كمية مهمة من مخدر الشيرا    "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" يطلق حملة لمناهضة العنف الرقمي ضد النساء تحت شعار "منسكتوش"    انقلاب عسكري في غينيا بيساو بعد أيام فقط من الانتخابات    مصرع 44 شخصا اثر حريق مجمع سكني في هونغ كونغ    المغربي دريوش يقود أيندهوفن لإذلال ليفربول ومبابي ينقذ الريال من أولمبياكوس    نقابات الطاكسيات بالجديدة تُقفل باب الجدل: ''لن نردّ على المتدخلين... والكلمة الفصل للقضاء!    مرجع لجبايات الجماعات من "ريمالد"    الذكاء الاصطناعي في ألعاب سحرية يبهر جمهور مهرجان الفنون الرقمية    دراسة علمية حديثة: المراهقة تستمر حتى الثلاثينات من العمر    كيف أنقذت كلبة حياة صاحبها بعد إصابته بتوقف قلبي أثناء النوم؟    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حياء امة
من كتاباتهم
نشر في العلم يوم 28 - 09 - 2009

مرة أخرى أعود للكتابة حول الشخصية العربية، وإن كانت الكتابة الصحفية تختلف عن الكتابة البحثية العلمية إلا أن مناقشة أزمة الشخصية العربية التي وصفتُها بأنها شخصية غير سوية، بل هي شخصية انفصامية. والمأساة الكبرى هي أنه في الحالة العربية، تحولت مجتمعاتنا إلى حالة الانفصام الجماعي، وأصبح الاضطراب جزءا من التكوين النفسي والاجتماعي الذي يتربى عليه الفرد.
وما دعاني للعودة إلى هذا الموضوع، هو الحكم الصادر على "لبنى"، الصحفية السودانية التي "شوهت تاريخ الأمة" بارتدائها البنطلون وقدمت للمحاكمة بحجة مخالفة الشريعة الإسلامية! ولا أعرف كيف تحول البنطلون إلى مخالفة شرعية يحاسب عليه المرء في مجتمعاتنا، بينما نحن بحاجة إلى إدراك طبيعة أوضاعنا، وفك حصار الدين وتسييسه واستخدامه لأغراض خاصة. بل وصل الحال بنا إلى تحميل الدين ما لا يحتمل بل الحقيقة أن كل ما يحدث هو براء منه. الحكم وصمة عار في تاريخنا، بل يضيف إلى رصيدنا في عالم الانفصام والعيش في عالم الخداع للنفس والدفع بها إلى مزيد من الانفصال عن الواقع.
المشهد محزن لما يحدث في عالمنا العربي حيث نجحت موجات التزييف الديني في جعل شعوبنا تستهوي العزلة والغش والابتعاد عن الواقع، وتتلذذ بازدواجيتها. وما يجعل المرء يشعر بالحزن، هو انتشار الفكر التسطيحي للدين، والذي نفذ إلى عقول كثيرين منا وتحول إلى تنفيس وتبرير لكل هفواتنا. فبالأمس القريب استمعت إلى رجل دين يحدث مشاهديه، وأنا منهم، حول ميزان الحسنات. فكان يتعامل مع الدين وكأنه سلعة ويقول للمشاهدين: كلما أكثرتم من حسناتكم كلما خففتم سيئاتكم، والحسنة مثل السلعة للتاجر وما عليكم سوى شراء مزيد من الحسنات. هذا الفهم المبسط والمدمر للدين هو سبب من أسباب التردي العام الذي نعيشه، ولا مفر من مواجهة هذا الانحراف الكبير في فهم الدين باعتباره منظومة أخلاقية متكاملة. وفي غياب الأخلاق لا يمكن لأمة أن تتطور ولا يمكن للفرد أن يعيش في صفاء مع النفس، بل في مثل هذه الأوضاع المختلة ينتج لنا مزيد من الفوضى النفسية والذهنية.
دعوتي لتنقية هذه الأجواء الملبدة، ليست الدعوة الأولى وليست بجديدة، فالتاريخ مليء بالشواهد التي تدعو لتحكيم العقل كسبيل لتقدم الأمم؛ فالفيلسوف ابن رشد كان علامة بارزة في تاريخنا ونهلت أوروبا من علمه وحققت النهضة التي فارقتنا دون عودة. فهو من دعا إلى تحكيم العقل بتحريره من الخرافة كسبيل إلى النهوض. وخلط السياسي بالديني هو أحد المثالب التي علينا مواجهتها بقوة. وما حدث للبنى في السودان ما هو إلا تعبير عن عمق الأزمة في الشخصية العربية ومدى الهشاشة الدينية التي روج لها سواء بقنوات رسمية أو غيرها. إلا أن الحقيقة واحدة وهي أن ما يحدث هو عار على هذه الأمة، عار أن تحاكم لبنى لأنها اختارت رداءها بحكم عقلها الذي هو نعمة من نعم الخالق. وفي عمق هذه الفوضى العارمة تصبح لبنى هي الخادشة لحياء أمة كونها لبست بنطالا، فكيف لهذه الأمة أن تكسب احترام العالم؟ وكيف لنا أن ندافع أمام الزحف المدمر، سواء من الداخل أو من الخارج؟ اللوعة كبيرة ومريرة، فالانهيار واضح في الأخلاق، ولاسيما تربيتنا على التملق والنفاق وعدم احترام الذات الإنسانية.
المأساة تتسع وتزداد قوة حيث ماكينة التدين المظهري تحظى بنفوذ ونقود، وقد أصبحت لها أدواتها التي عمقت الهشاشة بيننا وحولت جل انتباهنا إلى قضايا تافهة لا علاقة لها بصلب الدين، لكنها الحقيقة المرة التي نعيشها ونعاني الويلات منها؛ لأننا قبلنا الصمت ولعبت الأنظمة لعبتها، لكن الحقيقة تبقى ساطعة وتبقى قضية لبني عاراً على هذه الأمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.