أفادت مصادر عليمة هسبريس بأن طلبات تقدم بها مستثمرون مغاربة للحصول على تراخيص مسبقة لتحويلات مالية نحو الخارج، تحت مبرر زيادة رأس المال لامتصاص خسائر متراكمة في مساهمات بشركات أجنبية، استنفرت مصالحَ المراقبة لدى مكتب الصرف، موضحة أن خلية اليقظة وتحليل المخاطر رصدت مؤشرات اشتباه مهمة عند تحليل وضعيات أصحاب الطلبات المذكورة، تتعلق بمحاولات استغلال "خسائر وهمية" لشرعنة تحويلات مالية غير قانونية تحت غطاء الاستثمار، وتضليل مراقبي "دركي الصرف". وذكرت المصادر ذاتها أن المراقبين طلبوا وثائق إضافية من مستثمرين مغاربة، غالبيتهم متمركزون في دول إفريقية وآسيوية، في سياق معالجة طلبات منح تراخيص مسبقة لتحويل مبالغ مالية إلى الخارج، خصوصا ما يبرر التحويلات المطلوبة وقيمتها، ووضعية الاستثمارات المراد تغطية خسائرها من خلال عمليات زيادة في رأس المال، مبرزة أن أصحاب طلبات عجزوا عن الإدلاء بمجموعة من المستندات في هذا الشأن، بعد مواجهتهم بمعطيات صادمة حول انتعاش القطاعات التي ينشطون فيها، خصوصا ما يتعلق بالنسيج والألبسة والحلول الرقمية والهندسة والبناء والأشغال، وتحقيق فاعلين فيها أرقام معاملات مهمة. وكشفت المصادر نفسها أن مصالح المراقبة لدى سلطة الصرف توصلت بإشعارات من بنوك شريكة لأصحاب طلبات الترخيص المسبق لتحويلات إلى الخارج بغية تغطية تمويلات استثمارية طارئة، سجلت ترددا في إجراء تحويلات عادية لفائدة المستثمرين المعنيين، استنادا إلى توجيهات مكتب الصرف وبنك المغرب فيما يخص مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، باعتبار أن عددا من البلدان المستقبلة للاستثمارات مازالت مصنفة في خانة عالية المخاطر من قبل مجموعة العمل المالي (GAFI)، التي أخرجت المغرب من لائحتها الرمادية، بعد التزامها بمجموعة من الضوابط والمعايير فيما يتعلق بالإجراءات الاحترازية المالية، والمساهمة في ضبط وتتبع حركة تنقل الأموال من وإلى المملكة. ولجأ مستثمرون مغاربة، حسب مصادر الجريدة، إلى التعاقد مع خبراء ومكاتب محاسبة وخبرة أجنبية متخصصة في توضيب الوثائق المحاسبية، لغاية تدعيم طلبات الحصول على تراخيص لعمليات تحويل طارئة، وذلك من خلال إثبات تراجع أداء شركاتهم وتقهقر مؤشرات أسهم وحصص استثمروا فيها، بواسطة تصريحات دقيقة ومحكمة، مؤكدة أن تقارير جرى إرفاقها بملفات طلبات حملت معطيات مضللة لأجهزة الرقابة المالية والجبائية، بعدما مكنت علاقات ونفوذ الخبراء المشار إليهم في دول إفريقية خصوصا من استصدار وثائق إدارية والتلاعب بحسابات. ونصت مقتضيات المادة 170 من التعليمات العامة لعمليات الصرف على "ترخيص البنوك في إجراء تحويلات لفائدة الأشخاص المعنويين المقيمين الذين يستوفون الشروط المطلوبة لتغطية التمويلات اللازمة لاستثماراتهم في الخارج، بما في ذلك التكاليف المتعلقة بتأسيس الشركات أو المساهمة في شركات قائمة. غير أن التحويلات المرتبطة بالزيادات في رأس المال الهادفة إلى امتصاص الخسائر المتراكمة تظل خاضعة للترخيص المسبق من مكتب الصرف، فيما يمكن أن يصل المبلغ المرخص به لكل شخص معنوي مقيم ولكل سنة ميلادية، برسم عمليات الاستثمار في الخارج كما هو مبين في المادة 169 من هذه التعليمات، إلى مئتي (200) مليون درهم". وأسفرت تحريات مراقبي مكتب الصرف، وفق مصادر هسبريس، عن رصد امتداد نشاط مكاتب خبرة ومحاسبة أجنبية استعان بها مستثمرون مغاربة في نشاطهم إلى تحويل مسار أموال مودعة في بنوك محلية، محولة من المغرب لتمويل استثمارات مزعومة، نحو حسابات سرية متمركزة في "ملاذات" ضريبية معروفة، مشددة على استغلال المراقبين قنوات تبادل المعطيات بطريقة إلكترونية مع مؤسسات نظيرة في أوربا ودول بوسط أمريكا، والاتفاقيات الدولية المؤطرة لأنشطة مكافحة تهريب وغسل الأموال، لغاية تعقب مآل التحويلات المرخصة المشار إليها.