عززت مدينة طنجة، موقعها كوجهة سياحية آمنة على الخارطة الدولية، بعدما صنفها تقرير دولي متخصص صدر هذا الأسبوع ضمن الفئة "الآمنة جدا" للمسافرين لعام 2025، في تقييم يعكس نجاعة المقاربة الأمنية التي اعتمدتها السلطات المغربية لمواكبة التحول الاقتصادي والدبلوماسي المتسارع الذي تشهده المدينة. وأظهرت بيانات "دليل المسافر الصادق لعام 2025″، الصادر الأربعاء عن منصة الاستشارات الدولية "24 كاميلز" المتخصصة في تقييم الوجهات السياحية العالمية، أن عاصمة البوغاز تجاوزت الصور النمطية القديمة المتعلقة بالسلامة، مسجلة معدلات مرتفعة في مؤشرات الأمان الفردي. ويأتي هذا التصنيف بعد دراسة ميدانية شاملة استغرقت عدة أشهر، شملت استطلاع آراء آلاف السياح والمقيمين الأجانب، إلى جانب تحليل البيانات الأمنية الرسمية ومعاينة مباشرة للمرافق السياحية والخدماتية في المدينة. وصنف التقرير مناطق الجذب السياحي الرئيسية في طنجة، بما في ذلك كورنيش المدينة ومغارة هرقل والقصبة التاريخية والشوارع العامة، بأنها ذات "مخاطر منخفضة للغاية" خلال فترات النهار، مشيدا بالانتشار الميداني الملحوظ لعناصر الشرطة السياحية ودورهم الاستباقي في تأمين الزوار وتقديم المعلومات الإرشادية لهم. كما أشاد التقرير بالتواجد المكثف لدوريات الأمن في الأحياء السياحية والتجارية، وهو ما ساهم في خلق إحساس بالطمأنينة لدى الزوار الأجانب، خصوصا أولئك الذين يزورون المدينة للمرة الأولى. وفي تفاصيل التقييم الذي يرصد جاهزية الوجهات العالمية للموسم السياحي القادم، نالت البنية التحتية للنقل في طنجة، وتحديدا محطة القطار فائق السرعة "البراق" ومطار ابن بطوطة الدولي، علامات كاملة في معايير السلامة والمراقبة. واعتبر التقرير أن هذه المنشآت تضاهي نظيراتها الأوروبية من حيث الانضباط الأمني ومستوى الخدمات المقدمة، وهو ما يشكل ركيزة أساسية في استقطاب سياحة الأعمال والمؤتمرات الدولية التي تشهد نموا متصاعدا في المدينة. وأضاف التقرير أن نظام المراقبة الإلكترونية المتطور في هذه المرافق، إلى جانب الإجراءات الأمنية المشددة دون أن تكون مزعجة للمسافرين، يمنح طنجة ميزة تنافسية مهمة في السوق السياحية المتوسطية. ولم يغفل التقرير الإشارة إلى بعض التحديات "الاعتيادية" التي تواجه السياح في المدن الكبرى عموما، مثل عمليات النشل البسيطة في الأزقة الضيقة للمدينة العتيقة أو إلحاح بعض المرشدين السياحيين غير الرسميين، أو محاولات بعض التجار المبالغة في الأسعار المعروضة على السياح. إلا أنه صنف هذه الظواهر في خانة "المخاطر المعتدلة" التي لا ترقى لتهديد السلامة الجسدية للزوار، مشيرا إلى أن حدتها تراجعت بشكل ملموس مقارنة بالسنوات الماضية بفضل صرامة الإجراءات الأمنية وتحديث شبكة المراقبة بالكاميرات في الفضاء العام، فضلا عن تكثيف الحملات التحسيسية الموجهة للفاعلين المحليين في القطاع السياحي. وشدد التقرير على أن طنجة نجحت في تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على الطابع الثقافي الأصيل للمدينة وبين توفير بيئة آمنة ومريحة للزوار الدوليين، وهو ما يعكس نضج التجربة المغربية في إدارة القطاع السياحي. كما نوه بالجهود المبذولة في مجال التكوين والتأهيل المهني للعاملين في قطاع السياحة والضيافة، ما انعكس إيجابا على جودة الخدمات المقدمة ومستوى التعامل مع السياح. ويكتسب هذا التصنيف الدولي أهمية خاصة لتزامنه مع استضافة المدينة لفعاليات منتدى "ميدايز" الدولي للهجرة والتنمية، الذي يجمع آلاف المشاركين ومسؤولين حكوميين ورجال أعمال وخبراء من مختلف القارات، مما يضع الجاهزية الأمنية واللوجستية للمدينة تحت المجهر الدولي ويؤكد قدرتها على تأمين الفعاليات الكبرى وتنظيمها بمعايير احترافية عالية. كما يتقاطع هذا المعطى الدولي مع الإحصائيات الرسمية المحلية التي كشفت عنها المديرية الجهوية للسياحة، والتي سجلت انتعاشا ملحوظا في ليالي المبيت السياحية بنسبة 16 بالمئة حتى نهاية شتنبر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مما يؤشر على تعافي الثقة الدولية في الوجهة المغربية كملجأ آمن ومستقر في منطقة جنوب المتوسط، خصوصا في ظل التحديات الأمنية والجيوسياسية التي تشهدها بعض الوجهات السياحية المنافسة في المنطقة. ويتوقع خبراء القطاع السياحي أن يساهم هذا التصنيف الإيجابي في جذب المزيد من السياح الأوروبيين والآسيويين خلال الموسم المقبل، خصوصا من الفئات العمرية التي تولي اهتماما كبيرا لمعايير الأمان عند اختيار وجهاتها السياحية، كما يعزز من فرص المدينة في استقطاب استثمارات جديدة في قطاعي الفندقة والترفيه.