مكاسب تهم الهجرة ومحاربة الفساد وتحسين أوضاع السجون وانتهاكات تطال حرية الصحافة والتعبير أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، الاثنين الأخير، تقريرها السنوي بعنوان: «حقوق الإنسان في المغرب 2022»، وهو تقرير يرصد، وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، ويتطرق التقرير إلى العديد من القضايا الحقوقية بدءًا بإشارته إلى الصحراء المغربية وجهود المغرب لتطوير بنية أقاليمه الجنوبية، إضافة إلى تأكيده سيادة المملكة على صحرائها. بالمقابل تعرض التقرير، إلى عدد من القضايا الهامة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في المغرب 2022، خصوصًا الوضع المرتبط بانتهاك حرية التعبير والرأي، وما يتعلق أيضا من اعتقالات أو مقاضاة الصحفيين والرقابة التي تحيق بهم، والتهديد بفرض المتابعة الجنائية، والتعذيب أو المعاملة القاسية واللاإنسانية أو المهينة من قبل بعض أفراد قوات الأمن. كما أبرزَ تقرير الخارجية الأمريكية، التدخل التعسفي أو غير القانوني في الحياة الخاصة للأفراد، وانتهاك حرية التظاهر، والحق في تكوين الجمعيات، وكافة التراجعات الحقوقية، التي عرفها المغرب بسبب قضايا الفساد. وفي سياق حديثه، عن الانتخابات المحلية والجهوية والبرلمانية 2021، أبرز أن «الانتخابات البرلمانية التي أجريت في سبتمبر 2021، وصفها المراقبون أن تمت في جو منَ التنظيم ودون مشاكل أو تجاوزات». أما فيما يتعلق بالإجراءات الحكومية، لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان، فقد أشاد التقرير بدور الحكومة المضطلعِ، بمهام متابعة قضايا تتعلق بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدًا أن الظروف السجنية قد تطورت بشكل إيجابي، وسجل أن هناكَ، تحسنًا في وضعية السجناء. وفي سياق حديثه عن المؤسسات السجنية بالمغرب، شدد التقرير، على أن وضعية السجون في المغرب عرفت تحسنًا خلال 2022، إلا أنها في بعض الحالات لم تستوفِ المعايير الدولية، حيث سلطَ الضوء على الظروف السجنية القاسية في بعض السجون، التي تجاوزَت الطاقة الاستيعابية فيها 175 في المائة . ووفقًا لمصادر حكومية ومنظمات غير حكومية، استند عليها التقرير، فإن اكتظاظ السجون يرجع في جزء كبير منه إلى عدم الاستفادة من نظام الإفراج بكفالة أو الإفراج المؤقت، والتراكم الشديد في القضايا ، والافتقار إلى السلطة التقديرية القضائية لتقليص مدة عقوبات السجن على جرائم معينة. وبالمقابل، التقرير إلى تطور وتحسن البنية السجنية في المغرب، وذلك من خلال إنشاء عدد من المشاريع التي تباشرها تطورها الحكومة، لإعادة إدماج السجناء، وذلك من خلال إعادة بناء عدة سجون في أسفي والقنيطرة وتيزنيت وميسور والرباط والخميسات وخريبكة وعين السبع، لتحسين ظروف السجناء، وتحسين جودة الأغذية والنظافة والبنية التحتية، المتوافقة مع المعايير الدولية. وجاء في التقرير أن «الحكومة احترمت بشكل عام القانون الذي يحظر الاعتقال والاحتجاز التعسفيين والذي ينص على حق أي شخص في الطعن أمام المحكمة في قانونية اعتقاله أو احتجازه ؛ ومع ذلك، أشار المراقبون إلى أن الشرطة لم تحترم دائمًا هذه الأحكام أو تحترم باستمرار الإجراءات القانونية الواجبة، لا سيما أثناء الاحتجاجات أو في أعقابها. وطبقاً للمنظمات غير الحكومية والجمعيات المحلية، فإن الشرطة أحياناً تعتقل أشخاصاً بدون أوامر توقيف أو وهم يرتدون ملابس مدنية». وفيما يخص الاعتقال التعسفي، أكد تقرير الخارجية الأمريكية على أن قوات الأمن المغربية في كثير من الأحيان اعتقلت مجموعات من الأفراد لأسباب مختلفة، واقتادتهم إلى مركز للشرطة، واستجوبتهم لعدة ساعات، وأفرجت عنهم دون توجيه تهم إليهم. وعن وضعية الصحافيين بالمغرب، أكد التقرير، عن طريق منظمات غير حكومية بما فيها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية، أن حكومة عزيز أخنوش، اعتقلت الكثير من المواطنين بسبب أنشطتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وتوجهاتهم السياسية، متهمة اياهم بتهم جنائية مثل التجسس أو الاعتداء الجنسي. وتوقف التقرير عند قضية النقيب محمد زيان، الذي حوكم واعتقل تعسفيا، بالإضافة إلى إشارته إلى ملابسات وظروف اعتقال المدونة، سعيدة العلمي، حيث حكمت عليها محكمة بالدار البيضاء، في البداية بالسجن لمدة عامين و5000 درهم مغربي، إلا أن محكمة الاستئناف مددت حكمها إلى السجن ثلاث سنوات. ووفق تقرير الخارجية الأمريكية، فإن سنة 2022 شهدت اعتقالات واتهامات بالجملة حيث حوكمَ 631 شخصًا في المحاكم الجنائية، بناءً على تصريحات أدلوا بها أو أعلنوا عنها أو نُشرت، بما في ذلك 32 قضية جنائية ضد صحفيين. ورغم الدور الذي يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يعمل على التأكد من التزامات المملكة بوضعية حقوق الإنسان بالمغرب، إلا أن التقرير يبرزُ الأوضاع المتردية لحقوق الإنسان بالمملكة. وتطرق التقرير بنوعٍ من التفصيل، إلى ظروف سماح الحكومة لبعض المنظمات غير الحكومية المكلفة بحقوق الإنسان، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ، بإجراء زيارات مراقبة للسجون بدون مرافق. وكذلك المنظمات غير الحكومية التي قدمت خدمات اجتماعية أو تعليمية أو دينية للسجناء ، بدخول مرافق السجون. وفي هذا الصدد أفاد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هناك 31 جمعية مختلفة تعمل مع السجون لتقديم خدمات مثل الرعاية الطبية ورعاية الضحايا والتدريب على المهارات. وقد أجرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان 155 زيارة مراقبة إلى حدود نهاية يونيو الماضي. وفيما يخص ملف الهجرة، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية، أن الحكومة تتعاون وتتفاعل بشكل إيجابي، مع مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) ومعَ المنظمات الدولية الأخرى، التي تعمل على توفير الحماية والمساعدة للاجئين، وكذا طالبي اللجوء، وغيرهم من الأشخاص المعنيين. كما أبرز التقرير، تقديم الحكومة التمويل للمنظمات الدولية لتقديم الخدمات الاجتماعية للمهاجرين واللاجئين، مؤكدةً على الدور الإنساني الذي تضطلعُ به الحكومة في هذا المجال. لكن مقابل ذلك، أكد التقرير، على عدة تجاوزت تخص وضعية المهاجرين واللاجئين معا، حيث يرصد إساءة معاملة المهاجرين واللاجئين، من طرف السلطات المغربية، حيث أكدت منظمات محلية ودولية على تلقي شكاوى بخصوص حقوق المهاجرين. وأفادت منظمات غير حكومية أن قوات الأمن المغربية، استعملت القوة المفرطة في اعتقال أو احتجاز المهاجرين غير القانونيين، في شمال البلاد، لنقلهم قسراً بعيداً عن مليلية وسبتة المحتلتين، لردع محاولات العبور بشكل غير قانوني إلى الاتحاد الأوروبي. ويضيف التقرير ذاته، نقل منظمة محلية ودولية، عدة تقارير ترصد قيام قوات الأمن، بالاعتداء على المهاجرين غير القانونيين، أثناء عمليات الترحيل القسري. وجذير بالذكر، أن التقرير الأمريكي يضم سبعة أقسام، تحتوي بالتفصيل وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال عام 2022، والمتعلقة أساسا بحرية التعبير، وقضايا الجندر، والمساواة، والعنف والتحرش الجنسي، واغتصاب الأطفال، ووضعية العمال، والتمييز العنصري، وحرية التدين... وغيرها منَ القضايا.