الاقتصاد الدولي مهدد بالانهيار بسبب تضخم الديون.. بخطى حثيثة تزداد تسارعا ينتقل العالم من نظام أحادي القطب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى وضع جديد قد يكون متعدد الأقطاب، أو نظام مختلف ينبعث مما سيتبقى من عالم بعد حرب عالمية ثالثة. في المرحلة الحالية مع حلول الربع الأخير من سنة 2025 يظهر أن قادة الغرب الحاليين في غالبية دول أوروبا والولاياتالمتحدة غير مستعدين أو غير مقتنعين بأن استمرار النظام الأحادي القطب محكوم عليه بالزوال، ويؤمنون أنه من الممكن تعديل المسار وإلحاق الهزيمة بالقوى التي تسعى للتغيير ولو كان ذلك بركوب مخاطر حرب نووية عالمية. حرب إسرائيل على الشعب الفلسطيني ومشروع إسرائيل الكبرى، والحروب المباشرة أو بالنيابة في سوريا ولبنان وإيران والسودان وليبيا واليمن وجهود زعزعة الاستقرار في الساحل الأفريقي والمغرب العربي، والمجازر البشرية التي تمولها الشركات المتعددة الجنسية التي تستغل ثروات ما يوصف بدول أفريقيا السوداء ليست سوى جزء من استراتيجية الغرب لمنع انهيار هيمنته ومواصلة اغتنائه على حساب الشعوب الأخرى. تعتبر السياسات الحمائية التي اعتمدتها الإدارة الجمهورية في ظل رئاسة ترامب مدخلًا لمواجهة مباشرة بين بكينوواشنطن، مما قد يؤدي إلى صراعات لحسم انتقال النظام العالمي. كما أن هناك توقعات بتصاعد المخاطر الجيوسياسية، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، بسبب الصدام المحتمل بين واشنطن مع كل من موسكووبكين. النظام العالمي الأحادي القطب الذي ساد بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي في بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين قام على تفوق القدرات العسكرية والاقتصادية الأمريكية المعززة بالتحالفات الأوروبية، ولكن هذه الوضعية لم تكن مستدامة، حيث استطاعت روسيا بقيادة بوتين الخروج من مسار الانحدار والتفسخ، وخلال ثلاثة عقود تمكن الكرملين من استعادة معادلة الردع العسكرية مع الغرب. الصين واصلت صعودها الهادئ اقتصاديا وعسكريا متجاهلة محاولات استدراجها إلى مواجهات مكلفة اقتصاديا عسكريا في انتظار اكتمال عناصر القوة التي تمكنها من خوض مواجهة مصيرية مع الغرب. دول ما يسمى بالعالم الثالث سواء في الشرق الأوسط أو أفريقيا وأمريكا الجنوبية شرعت في الكثير من الأحيان بخجل وبطء في التحرر من إملاءات البيت الأبيض. سياسة الهيمنة والتسلط الأمريكية تجاه بقية دول العالم حتى مع من كانوا يعتبرون حلفاء لها كانت مكلفة اقتصاديا، وقد سقطت واشنطن هنا في وهم القوة المطلقة فأنفقت مئات بل آلاف ملايير الدولارات ولكن على حساب دول العالم بأوراق خضراء تطبع بدون تغطية أو في شكل سندات دين. وقد تجاوز إجمالي الديون الأمريكية رسمياً حاجز ال37 تريليون دولار لأول مرة في التاريخ، بحسب بيانات وزارة الخزانة الأمريكية. ويرفع هذا إجمالي الديون الأمريكية إلى 780 مليار دولار منذ رفع سقف الدين عقب توقيع قانون «مشروع القانون الكبير الجميل» في 4 يوليو 2025. وأصبح على الولاياتالمتحدة سداد 9000 مليار دولار من الديون وفوائدها خلال السنة المالية 2024 – 2026. وحسب تقرير لمكتب إدارة الدين في وزارة الخزانة، ورد أنه اعتباراً من الثلاثين من أبريل من عام 2025، تبلغ نسبة الديون التي تستحق السداد خلال عام 2026 من إجمالي الدين العام 31.4 في المئة. يعادل مقدار الديون المطلوب إعادة تمويلها حوالي 11 تريليون دولار. مع العلم أن الحكومة الأمريكية تضيف كل 100 يوم 1000 مليار دولار إلى ديونها. الدين العام العالمي تجاوز 100 تريليون دولار بنهاية عام 2024، وفقا لصندوق النقد الدولي، وهو أعلى من القيمة الإجمالية للأموال المسجلة عالميا المقدرة ب 80 تريليون دولار وفقا لمنصة "وورلد ببيوليشن ريفيو". ويتوقع الصندوق أن ترتفع الديون إلى مستوى يعادل 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030. وتشكل ديون الولاياتالمتحدة الجزء الأكبر من هذه الديون، حيث بلغت في عام 2024، ما يعادل 34.6 في المئة من الإجمالي العالمي، استنادًا إلى بيانات وزارة الخزانة الأمريكية. وعلى الرغم من تحذير وزيرة الخزانة الأميركية السابقة جانيت يلين في يناير 2023 من مخاطر استمرار ارتفاع الديون، إلا أن الحكومة الأمريكية واصلت الإنفاق الجنوني.