عدم استكمال هياكل مجلس النواب يؤجل تقديم الحصيلة البرلمانية    المبادرة الملكية الأطلسية تطمح لجعل المنطقة الأفرو – أطلسية فضاء أمن ورخاء مشترك    الموعد الجديد لمواجهة بونو ورحيمي في قمة "أبطال آسيا"    مركز تصفية الدم بالعيون.. التزام تام للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لفائدة مرضى القصور الكلوي    قرار جديد لمحكمة فاس في قضية "شر كبي أتاي"    أمطار غزيرة تُغرق دول الخليج والسيول تودي ب18 شخصا في عُمان    إضراب وطني يشل مدارس الناظور من جديد    سانشيز: كأس العالم 2030 "سيكون ناجحا"    صديقي: مجزرة بوقنادل تضمن جودة عالية    صندوق النقد يتوقع نموا ب 3.1 % في المغرب    النيابة العامة تستدل بالقرآن الكريم وتتمسك بالإعدام في قضية الشاب بدر    عصابة المجوهرات تسقط في قبضة أمن البيضاء    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الهجوم الإيراني على إسرائيل؟    مجلس المستشارين.. بنسعيد يبرز دور الثقافة في النهوض بالأوضاع الاجتماعية للشباب    علماء أمريكيون يحذرون من تأثير مادة "الباراسيتامول" على صحة القلب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    جلالة الملك يهنىء رئيس جمهورية سلوفاكيا الجديد    الحسن أيت بيهي يصدر أولى إبداعاته الأدبية    شركة ميتا تكشف عن سعيها لإحداث ثورة في التعليم    ابن كيران: رفضنا المشاركة في ملتمس الرقابة بسبب إدريس لشكر(فيديو)    نجم برشلونة الإسباني: لا إحساس يضاهي حمل قميص المنتخب المغربي    إسبانيا توفر خدمات لعاملات مغربيات    مسؤولية كبيرة قدام الطالبي العلمي للي مصر على تطبيق الدستور وابعاد البرلمانيين المتابعين فالفساد من المسؤولية: اليوم عندو اجتماع حاسم مع رؤساء الفرق على مناصب النيابات ورؤساء اللجان وكولشي كيستنا لاليست ديال البام    أرباب المقاهي يفاجئون المغاربة برفع أسعار القهوة والمشروبات الغازية    بحالو بحال قيوح: القاديري البرلماني الاستقلالي كيموت على المناصب وداير حملة وحرب باش يبقا فمكتب مجلس النواب ومكفاتوش تعدد المسؤوليات وبغا ريع الامتيازات وطوموبيل البرلمان باش يتفطح    دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي سابق    الصندوق المغربي للتقاعد.. نظام التقاعد "التكميلي" يحقق نسبة مردودية صافية بلغت 5.31 في المائة سنة 2023    مساء اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : لمحات من سيرة وشعر الأمير الشاعر المعتمد بن عباد دفين أغمات    تأجيل جلسة البرلمان المخصصة لعرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة إلى وقت لاحق    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024 من مدينة أولمبيا اليونانية    الدكيك: ملي كنقول على شي ماتش صعيب راه ما كنزيدش فيه والدومي فينال مهم حيث مؤهل للمونديال.. وحنا فال الخير على المنتخبات المغربية    كمية الصيد المتوسطي تتقلص بالمغرب    الحصيلة الإجمالية للقتلى ترتفع في غزة    الأمين بوخبزة في ذمة الله .. خسارة للحركة الإسلامية والعمل التطوعي بالمغرب    هذه مستجدات إلغاء ذبح أضحية عيد الأضحى لهذا العام    دراسة: الشعور بالوحدة قد يؤدي إلى مشاكل صحية مزمنة    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع التراجع    كيف يمكن أن تساعد القهوة في إنقاص الوزن؟: نصائح لشرب القهوة المُساعدة على إنقاص الوزن    عبد الإله رشيد يدخل على خط إدانة "مومو" بالحبس النافذ    هجوم شرس على فنان ظهر بالملابس الداخلية    وفاة الأمين بوخبزة الداعية و البرلماني السابق في تطوان    الجزائر تغالط العالم بصورة قفطان مغربي .. والرباط تدخل على خط اللصوصية    مؤسسة منتدى أصيلة تنظم "ربيعيات أصيلة " من 15 إلى 30 أبريل الجاري    دراسة تحذر من خطورة أعراض صباحية عند المرأة الحبلى    أشرف حكيمي: "يتعين علينا تقديم كل شيء لتحقيق الانتصار في برشلونة والعودة بالفوز إلى باريس"    المدرسة العليا للأساتذة بمراكش تحتفي بالناقد والباحث الأكاديمي الدكتور محمد الداهي    مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يدعو إلى انهاء الحرب في السودان    العنصرية ضد المسلمين بألمانيا تتزايد.. 1464 جريمة خلال عام وجهاز الأمن تحت المجهر    سليم أملاح في مهمة صعبة لاستعادة مكانته قبل تصفيات كأس العالم 2026    المغرب وبلجيكا يدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    المغرب التطواني يصدر بلاغا ناريا بشأن اللاعب الجزائري بنشريفة    هذه طرق بسيطة للاستيقاظ مبكرا وبدء اليوم بنشاط    الأمثال العامية بتطوان... (572)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    هل قبل الله عملنا في رمضان؟ موضوع خطبة الجمعة للاستاذ إلياس علي التسولي بالناظور    مدونة الأسرة.. الإرث بين دعوات "الحفاظ على شرع الله" و"إعادة النظر في تفاصيل التعصيب"    "الأسرة ومراعاة حقوق الطفل الروحية عند الزواج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكيم وردي “يقصف” مناهضي إستقلالية النيابة العامة..”يتامى التبعية وفوبيا الاستقلالية”
نشر في الأول يوم 25 - 11 - 2018


عضو نادي قضاة المغرب
كلما اهتزت فرنسا على وقع فضيحة سياسية كلما اتُهمت النيابة العامة بأنها تحت إمرة السلطة التنفيذية، يسجل Benjamin Blanchet عضو اتحاد نقابات القضاة الفرنسيين بحسرة في مقال حديث نشره على موقع لوموند الالكتروني
(Independence du parquet : il faut que « soient définitivement écartées la suspicion et la controverse/www.lemonde.fr Publié le 21 novembre 2018 à 13h08 )
متسائلا حول ما إذا كان الأمر يتعلق بقدرية تاريخية أو مصالح سياسوية تحول دون تمكين النيابة العامة من كامل استقلاليتها، متأسفا عن منح الفرصة لخطاب شعبوي مشكك لينزع الشرعية عن أية مبادرة إجرائية قانونية تتخذها النيابة العامة بحتا في وقائع جرمية منسوبة لإحدى الشخصيات العمومية أو السياسية.
لم تكن تبعية النيابة العامة يوما نموذجا مثاليا منسجما مع العمق الحقوقي لدولة القانون، لذلك تدخلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في العديد من قراراتها لتنسيب استقلالية القضاء الفرنسي اعتبارا لخضوع النيابة العامة لحارس الأختام مما ينزع عنها صفة السلطة القضائية الكفيلة بحماية الحقوق والحريات طبقا للمادة 5 من اتفاقية الأوربية لحقوق الانسان.
(CEDH 29 mars 2010, Medvedyev et a. c/ France, n° 3394/03 ; CEDH 23 nov. 2010, Moulin c/ France, n° 37104/06)
وحتى محكمة النقض الفرنسية وجدت نفسها مضطرة للإعلان على أن النيابة العامة بخضوعها لتبعية السلطة التنفيذية ممثلة في حارس الأختام تفقد عناصر الاستقلالية والحياد المفترضة في القضاء المستقل ولا توفر تبعا لذلك الضمانات التي توجبها المادة الفقرة الثالثة من المادة 5 من الإتفاقية الأوروربية لحقوق الانسان لحماية حريات المواطنين (Crim. 15 déc. 2010, n° 10-83.674)
وفي المغرب يبقى الفضل الأول لجلالة الملك بصفته الضامن لاستقلالية السلطة القضائية ( المادة 107 من دستور 2011) في الاستجابة لملتمسات القضاة وجمعياتهم المهنية ( نادي قضاة المغرب) وجمعيات هيئات المحامين والمجلس الوطني لحقوق الانسان وكل المنظمات والشخصيات الحقوقية الملتزمة، بمنح النيابة العامة استقلاليتها التاريخية رغم حجم المقاومة الكبيرة التي صاحبت مناقشة الفكرة منذ البداية من طرف جهات ما فتئت ترفع شعارات إصلاحية وتزعم الدفاع عن قيم الحداثة السياسية.
ولأن حجم الضرر كان فادحا انكشفت معه الخسارات الجسيمة التي لحقت يتامى التبعية بعد انقطاع الحبل السري مع قضاة الدعوى العمومية فإن خطاب “جيوب مقاومة التغيير” لم يستسغ بعد أن يكون للقضاء المغربي ( رئاسة ونيابة ) كامل الاستقلالية وعلى قدم المساواة مع النيابة العامة الأوروبية التي نص قرار إنشائها على استقلاليتها عن أي جهاز رسمي سياسي داخل الاتحاد الأوروبي.
)Règlement (UE) 2017/1939 du Conseil du 12 octobre 2017 mettant en œuvre une coopération renforcée concernant la création du Parquet européen (
وللأسف بدلا من أن يرقى المتضررين من الاستقلالية إلى مستوى اللحظة الدستورية المشرقة باتوا يروجون للأراجيف بلغت حد اعتبار ( استقلالية النيابة العامة أكبر عملية نصب تعرض لها المغاربة).
لنعتبر أن الأمر مجرد حماسة شفوية غير محسوبة في لقاءات عادة ما تنتعش فيها الشعبوية، ولنترفع عن خطابات يائسة محكومة بخلفية مصلحية ضيقة تتحسر عن ماضي التحكم في النيابة العامة من قصر المامونية، ولنساهم بعجالة في الجواب عن السؤال: من يحاسب النيابة العامة عن قراراتها وعن السياسة الجنائية.؟
لا يعد السؤال جديدا لدى الفقه المقارن (Michèle-Laure Rassat, Le Ministère public entre son passé et son avenir, LGDJ, 1967. )
ولكن واضعيه مثلا في فرنسا ينطلقون من مسلمة وجود سياسة جنائية حقيقية، واضحة، مكتوبة ومنشورة في الجريدة الرسمية للعموم، وعلى أساسها يبسط البرلمان رقابته على حارس الأختام عند الاخلال بوعودها أثناء التنفيذ. في حين أنه في المغرب لم تكن هناك سياسة جنائية بهذا المفهوم، ولم يسبق لوزير في العدل أن عرضها للمناقشة العمومية فبالأحرى المحاسبة البرلمانية، ثم إن المحكمة الدستورية حسمت الأمر فأعطت صلاحية وضع السياسة الجنائية للبرلمان بمقتضى قوانين يمكنه تقييم تنفيذها، وجعلت الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة مسؤولا فقط أمام جلالة الملك رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
فبمناسبة النظر في دستورية القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة اعتبرت المحكمة الدستورية ( أن صلاحية وضع السياسة الجنائية، التي تعد جزءا من السياسات العمومية، من خلال سن قواعد وقائية وزجرية لمكافحة الجريمة، حماية للنظام العمومي وصيانة لسلامة الأشخاص وممتلكاتهم وحرياتهم، وكذا تحديد الكيفيات والشروط القانونية لممارسة قضاة النيابة العامة لمهامهم، تظل من الصلاحيات المخولة إلى السلطة التشريعية التي يعود إليها أيضا تقييم هذه السياسة، طبقا لأحكام الدستور؛ (قرار رقم : 16/992 م. د في الملف عدد : 16/1474 بتاريخ 15/03/2016 )؛
في حين اعتبرت بمناسبة النظر في دستورية القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أنه ( لئن كانت الجهة القضائية التي تتولى رئاسة النيابة العامة، تظل – وفقا للمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة – مسؤولة عن كيفية تنفيذها للسياسة الجنائية الموضوعة من قبل السلطة الدستورية المختصة، فإن إعمال هذا المبدأ لا يمكن أن يتم، فيما يخص السلطة القضائية المستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، بنفس الكيفية وبذات الأدوات التي يتم بها في مجالات أخرى، بالنظر لطبيعة السلطة القضائية واستقلالها وآليات اشتغالها والسبل المقررة لتصحيح أخطاء أعضائها؛
وأنه لئن كان الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، المعهود إليه بترؤس النيابة العامة، يظل مسؤولا عن كيفية تنفيذه للسياسة الجنائية، وذلك أساسا أمام السلطة التي عينته المتمثلة في رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وكذا أمام هذا المجلس الذي يتعين عليه أن يقدم له تقارير دورية بشأن تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة، فإن المشرع، باعتباره المختص بوضع السياسة الجنائية، يحق له تتبع كيفيات تنفيذ هذه السياسة قصد تعديل المقتضيات المتعلقة بها وتطويرها إذا اقتضى الأمر ذلك؛)
ومن ناحية عملية واعتبارا لكون أعضاء النيابة العامة لا ينفذون سوى القانون والتعليمات الكتابية القانونية ( الفقرة 2 من الفصل 110 من دستور 2011 ) فإن جميع قراراتهم تخضع للرقابة اليومية في المحاكم من طرف القضاء الجالس وأطراف الدعوى العمومية ( المتهم، الطرف المدني، المسؤول عن الحقوق المدنية ) ودفاعهم، ولا نحتاج إلى القول بأن المسطرة الجنائية رغم ما يحتاجه من تعديل وفر آليات كفيلة بفرض رقابة شرعية على جميع القرارات التي تتخذها النيابة العامة بمناسبة ممارستها لسلطاتها، حتى إنه لا يوجد أي إجراء صادر عن وكيل أو وكيل عام للملك منفلت عن رقابة القضاء، بل حتى قرار الحفظ ومع اختلاف في طبيعته ( قرار إداري أم قضائي ) أمكن للمتضرر التظلم منه ثم مواجهته أمام القضاء الإداري.
إن الذين يحنون لعهد رجل السياسة على رأس النيابة لا يقولون لنا ما أضافت التجربة منذ الاستقلال إلى غاية أكتوبر 2017 على مستوى تكريس ثقافة استقلالية القضاء ومساواة جميع المغاربة أمام إجراءاته بصرف النظر عن القرابة السياسية أو العائلية. مكتفين بوهم لفرط ترديده صدقوه وهو المحاسبة السياسية لوزير العدلية، متناسين أن الحديث اليوم في ظل دستور 2011 وقرارات المحكمة الدستورية وقانون استقلال النيابة العامة وقانون المسطرة الجنائية عن محاسبة برلمانية لقرارات صادرة عن سلطة قضائية لا يشكل جهلا بمبدأ فصل السلط كما فصله منذ قرون صاحب “روح القوانين”، ولكنه أشبه بردة حقوقية ليتامى التبعية وقد استبدت بهم فوبيا الاستقلالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.