الأمير مولاي رشيد يصل الدوحة لتمثيل الملك في القمة العربية الإسلامية الطارئة    أسطول المساعدات الدولية لغزة ينطلق من تونس متجها للقطاع ل"كسر الحصار الإسرائيلي"    كوريا الشمالية تتمسك بالسلاح النووي    تحطم طائرة صغيرة يقتل شخصين في ألمانيا    البطولة الاحترافية لكرة القدم.. بداية قوية للكبار وندية من الصاعدين في أول اختبار    إعادة انتخاب فوزي لقجع عضوا في المجلس التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    بين صورة الوطن وكرامة المواطن: أي معنى للاستثمار في الملاعب    ارتفاع الرقم الاستدلالي لإنتاج الصناعات التحويلية ب7%    إسرائيل تكثف قصفها لمدينة غزة ‬مع وصول روبيو    مئات المغاربة يتظاهرون في تطوان تضامنا مع غزة ومساندة لأسطول الصمود    سيغموند فرويد إلى شايم كوفلر: لايمكن أن تصبح فلسطين دولة لليهود    مهنيو نقل البضائع يتهمون الحكومة ب"التخلي" عن القطاع وتجميد الحوار    نقابة التعليم العالي تعلن عن إضراب وطني ومقاطعة "الإصلاح البيداغوجي"    البطولة الاحترافية.. "كلاسيكو" الرجاء الرياضي والجيش الملكي أبرز مواجهات الدورة الثانية    تزامنا مع احتجاج الساكنة.. التامني تدق ناقوس الخطر بشأن الوضع الكارثي بمستشفى الحسن الثاني بأكادير    القنيطرة بين رهانات التهيئة ومخاطر اجثتات ذاكرتها البيئية    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    الناظور تهتز على وقع عملية انتحار مأساوية            تغييرات محتشمة في الحكومة الجزائرية الجديدة    أربع نقابات تعليمية بالحسيمة تعلن وقفة إنذارية احتجاجًا على "التدبير العشوائي" للمديرية الإقليمية    طريق الناظور-تاوريرت بحلة جديدة.. مشروع استراتيجي يمهد الطريق لميناء الناظور غرب المتوسط    برنامج وطني بمليار درهم لتأهيل الأسواق الأسبوعية            طقس حار في توقعات اليوم الإثنين بالمغرب                عبد اللطيف العافية رئيس عصبة الشمال المنتهية ولايته يعود من الحسيمة بخفيّ حنين    تقرير: المغرب يتراجع الى المرتبة 107 عالميا في التمثيل الديمقراطي    وزارة العدل تشيد باعتماد القانون الجديد للمسطرة الجنائية    البطولة.. المغرب الفاسي يفتتح موسمه بالانتصار على نهضة الزمامرة    مشروع البيان يؤكد التضامن مع قطر    عدسة حسين الترك تنقل سحر الناظور إلى وجدة عبر معرض فردي بالمعهد الفرنسي    حماية المستهلك تستنكر تنامي الاختلالات بين الأبناك وعموم المستهلكين    منظمات غير حكومية تحذر بجنيف من استمرار العبودية في مخيمات تندوف    عجز في الميزانية بقيمة 54,1 مليار درهم متم شهر غشت    وجهٌ يشبه فلسطين    حبُ بين برديَن    شركة SS Heliodor Australia تطلق أغنية "الهيبة" بصوت إيفا ماضي بالتعاون مع Universal Music MENA    إقصاء العدائين المغاربة فؤاد المسعودي، حفيظ رزقي وأنس الساعي في سباق 1500م    تفعيل التعاون المغربي الموريتاني في مجال أمن الحدود ومكافحة التهديدات العابرة    المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    الداخلة.. حجز 6,8 طن من الأسماك واعتقال 12 شخصاً: ملف جديد يسلّط الضوء على التهريب البحري    منظمة الصحة العالمية تسجل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا    دراسة : التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغاربة وسؤال التقدم.. حين تركض البنية التحتية ويترنّح الوعي الجماعي
نشر في الأول يوم 25 - 07 - 2025

يبدو المغرب، في ظاهره، بلداً يركض نحو الحداثة بخطى محسوبة: طرق سيارة تمتد في كل الجهات، قطارات فائقة السرعة تربط الأطراف بالمركز، موانئ ومطارات ومشاريع عمرانية تبهج العين وتغري بالنموذج. لكن حين نُزيح طبقة الإسمنت قليلاً، ونُمعن النظر في التفاصيل الاجتماعية اليومية، نصطدم بسؤال بسيط في صيغته، عميق في دلالته: هل يوازي تطور البنية التحتية تطوراً في البنية الذهنية والسلوكية؟
إننا نعيش في مغرب بسرعتين، أو لِنَقُل بثقافتين: ثقافة تُبشّر ب"التحوّل الكبير" على مستوى العمران والخدمات، وأخرى متشبثة بأنماط سلوكية قديمة، قوامها الريبة، والأنانية، وانعدام الثقة. وكأن المواطن يعيش تمزقاً بين واقع جديد يُفرض عليه فرضاً، وذهنية جماعية لم تتح له بعد فرصة التحديث الحقيقي.
وإذا استعرنا من عالم الاجتماع إيميل دوركهايم قوله إن "المجتمع ليس فقط مجموع أفراده، بل هو أيضاً مجموع العلاقات التي تربط بينهم"، فإننا نكتشف أن العلاقات الاجتماعية في مغرب اليوم تتآكل بشكل مقلق. الفرد لا يثق في الآخر، ولا في المؤسسات، ولا حتى في إمكانية التغيير، مما يخلق فراغاً أخلاقياً لا تملؤه لا المشاريع الكبرى ولا الخطابات الرسمية.
في الأسواق، في الإدارات، في المدارس، وحتى في الفضاء العام، سلوك يومي يشي بعمق الأزمة: العنف اللفظي، الغش، التملق، التهافت على الربح السريع، والميل نحو الانغلاق والتوجس. هي أعراض مجتمع لم يُنجز مصالحة فعلية مع ذاته، رغم كل التحديثات الشكلية. كما يقول زيغمونت باومان، نحن نعيش في "مجتمع سائل"، حيث لا ثوابت ولا علاقات طويلة النفس، بل كل شيء قابل للتبخر لحظة الاختبار.
الخطير في المسألة، ليس فقط وجود هذه الاختلالات، بل أنها تحوّلت إلى "أعراف" غير مكتوبة، تطبّعنا معها حتى أصبحت جزءاً من نسيج الحياة. من يُراكم الثراء بسرعة يُحتفى به، حتى لو على حساب القانون أو القيم. من يتقن التملق يصعد. من يلتزم بالنزاهة يُسخر منه. وهنا يصبح السؤال حول "مفهوم النجاح" نفسه سؤالاً وجودياً.
لقد قال عبد الله العروي: "الثقافة هي التي تحدد ملامح الهوية". وإذا كنا نُفكك في هويتنا، فذلك لأننا لم نحدد بعد ثقافتنا القيمية الحقيقية: هل هي ثقافة الغش أم ثقافة العمل؟ هل هي ثقافة الفردانية القصوى أم التشارك والتعاون؟ هل نُريد فعلاً مجتمعاً مدنياً حقيقياً، أم مجرد واجهة حديثة لنفس البنيات القديمة؟
لا تنمية بدون إنسان. ولا حداثة بدون وعي جماعي مشترك. أما بناء الحجر وحده، فقد أثبت فشله في تشكيل المجتمعات الحية. لقد سبق لإدغار موران أن قال: "الحداثة الحقيقية هي تلك التي تُعلي من شأن الإنسان، لا تلك التي تُمعن في نفيه". ونحن اليوم، للأسف، نُنجز نفي الإنسان بشكل أنيق ومُكلف.
إذا أردنا لمغربنا أن يكون فعلاً بلداً صاعداً، فالطريق يمرّ عبر إعادة الاعتبار للمدرسة، للمجال العمومي، للثقافة، للمساءلة، للضمير. يمرّ عبر ثورة سلوكية هادئة، قاعدتها البسيطة: لا تنمية بدون احترام، لا مواطنة بدون وعي، ولا دولة قوية بدون مجتمع يحترم نفسه أولاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.