دعت المجموعة الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بتقييم برامج محو الأمية بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، إلى وضع سياسة وطنية شاملة ومندمجة لمحاربة الأمية، ترتكز على التنسيق الفعلي بين مختلف الفاعلين والمؤسسات، الحكومية منها وغير الحكومية، بما يضمن فعالية التدخلات وتكامل الجهود على المستويين المركزي والترابي. وأكد التقرير الموضوعاتي للمجموعة على ضرورة إشراك كل المتدخلين من وزارات ومؤسسات عمومية ومجتمع مدني وقطاع خاص في إعداد هذه السياسة، مع تحديد أهداف دقيقة، ومؤشرات لقياس النتائج، وأجندة زمنية مضبوطة للتنفيذ، كما شدد على أهمية تعزيز دور وزارة التربية الوطنية في بلورة السياسات والبرامج الخاصة بمحو الأمية، وتوضيح المسؤوليات وربطها بالمحاسبة، فضلا عن تحسين آليات التتبع والتقييم. وأوصى التقرير بربط برامج محو الأمية الوظيفية بسياسات التشغيل والتكوين المهني، وتوفير مسارات انتقال تمكن المستفيدين من التعلم إلى الاندماج الاقتصادي والمهني. كما دعا إلى إنشاء آلية دائمة للتنسيق بين الفاعلين لضمان الانسجام بين مختلف البرامج، وإجراء دراسات تقييم علمية لقياس الأثر التربوي والاجتماعي لهذه البرامج. وفي الجانب المؤسساتي، شدد التقرير على ضرورة إحداث إطار تنسيقي دائم يشمل جميع القطاعات الحكومية، مع تعزيز التعاون مع الجمعيات الجادة عبر انتقاء فعال للمستفيدين وتوجيه البرامج وفق خصوصيات كل منطقة أو قطاع، كما دعا إلى تقوية الهياكل الإدارية للوكالة الوطنية لمحاربة الأمية جهويا وإقليميا بالأطر الكافية، وإعادة تحديد المهام بينها وبين الجمعيات، مع التركيز على أدوار الوكالة في التنسيق والرقابة أكثر من التنفيذ الميداني. كما أوصت المجموعة بإعادة النظر في نموذج التعاقد مع جمعيات المجتمع المدني، من خلال تبني صيغ أكثر مرونة وصلابة قائمة على الكفاءة والنتائج بدل الكم، وإرساء شراكات قائمة على معايير واضحة ودعم تقني وإداري للجمعيات الفاعلة. أما على مستوى المقررات التعليمية، فقد شدد التقرير على أهمية إعداد دليل مرجعي موحد يضم المهارات الأساسية والحياتية والمهنية، مع إمكانية تكييفه حسب الفئات المستهدفة والمناطق، وتطوير محتوى تربوي متنوع يراعي الخصوصيات الثقافية واللغوية للمستفيدين، مع تعزيز الجانب التطبيقي والمهني وربطه بفرص التمكين الاقتصادي عبر مشاريع صغيرة. كما دعا التقرير إلى إعادة ضبط الفئات المستهدفة وفق معطيات المندوبية السامية للتخطيط، لضمان توجيه البرامج للفئات الأكثر هشاشة، خصوصا في العالم القروي، مع تقليص عدد المستفيدين في كل فوج لتحسين جودة التكوين، وإدماج التكوين الرقمي ضمن المناهج الحديثة. وطالب التقرير بإرساء نظام تحفيزي وحمائي للعاملين في برامج محو الأمية، من خلال تحسين أجورهم وتعويضاتهم، خاصة في المناطق النائية، وتمكينهم من التغطية الصحية والتعويضات العائلية، بما يضمن استقرارهم المهني واستدامة الجهود في محاربة الأمية.