رصدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقرير أولي، ما قالت إنها "سلسلة من الانتهاكات والخروقات الجسيمة" التي شابت تعامل السلطات مع الاحتجاجات السلمية التي عرفتها عدة مدن مغربية منذ أسابيع، والمرتبطة بحركة شباب "جيل Z"، معبرة أن الرد الأمني كان مفرطا وغير متناسب مع طبيعة التعبيرات الاحتجاجية. وأوضح التقرير الذي قدمته الجمعية، اليوم الجمعة في ندوة صحافية بمقرها المركزي بالرباط، أن السلطات منعت جميع الوقفات الاحتجاجية بدعوى غياب الترخيص المسبق، في خرق واضح لاجتهادات محكمة النقض التي أكدت أن الوقفات السلمية لا تتطلب أي ترخيص مسبق. واعتبرت الجمعية لجوء القوات العمومية إلى تفريق الوقفات بالقوة قبل انطلاقها، واعتقال المارة والمتضامنين، مسا صارخا بحرية التنقل والحق في التظاهر السلمي المنصوص عليه في ظهير الحريات العامة لسنة 1958. كما أشار الجمعية إلى "اعتقالات واسعة وعشوائية" شملت أزيد من ألفي شخص، بينهم قاصرون ونساء وشيوخ، بعضهم تم توقيفه لمجرد حضوره جلسات المحاكم لمتابعة قضايا زملائه المعتقلين، كما توقفت عند "ظروف احتجاز لا إنسانية" داخل مخافر الشرطة، حيث تم تكديس الشباب والشابات في أماكن مشتركة دون مرافق صحية كافية، مع وضع عدد من المعتقلين في زنازين انفرادية وعرضهم على أطباء نفسيين دون مبرر قانوني، وعرضت الجمعية حالة "أنوار. إ" من قصبة تادلة، الذي وصف بحسبها زورا بالمريض النفسي. وأكدت الجمعية توصلها بشهادات من معتقلين ذكروا أنهم أجبروا على توقيع محاضر الضابطة القضائية تحت الضغط والإكراه، وأن الاعترافات المنسوبة إليهم انتزعت بالعنف، فيما تم تجاهل شكاوى "التعرض للتعذيب خلال التحقيق"، كما وثقت الجمعية "حالات إهانة وتحريض لفظي وجسدي بلغت حد التحرش الجنسي في بعض الحالات، خصوصا في حق شابة تعرضت لعبارات مهينة ذات إيحاءات جنسية". كما وقف التقرير على عدم إخبار عائلات القاصرين باعتقال أبنائهم، وتسجيل توقيف مواطنين رفقة أطفالهم، بينهم رضيع، فضلا عن انتزاع طفل بالقوة من والده المعتقل. وفي ما يتعلق بحرية الصحافة، أبرزت الجمعية أن السلطات تعمدت التضييق على الصحافيين ومنعهم من تغطية الوقفات، وأن بعضهم تعرض للاعتقال، في محاولة لفرض السردية الرسمية وطمس الأصوات المستقلة. وأشار التقرير إلى أن السلطات أفرجت عن معظم الموقوفين في اليومين الأولين من الاحتجاجات 27 و28 شتنبر، لكنها شددت من تعاملها ابتداء من 29 شتنبر، واحتفظت بأعداد كبيرة من الموقوفين تحت تدابير الحراسة النظرية قبل إحالتهم على النيابة العامة. كما وثقت الجمعية مواجهات عنيفة شهدتها مدن عدة، منها إنزكان، القليعة، خميس آيت اعميرة، سيدي يوسف بن علي، تامنصورت، آيت أورير، سلا ووجدة، مؤكدة أن القوات العمومية استعانت بأشخاص مدنيين لعرقلة مسيرات المحتجين في بعض المدن، خاصة مراكش، ما أدى إلى تفجر مواجهات عنيفة وغير مسبوقة. وكشفت الجمعية أنها شكلت لجنة للبحث في مقتل 3 أشخاص بالقليعة، ودعت السلطات إلى فتح تحقيقات عاجلة ومستقلة حول جميع الأحداث التاي رافقت هذه الاحتجاجات، وإطلاق سراح جميع المعتقلين.