أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن الدولة استغلت حالة الطوارئ الصحية لتعميق قبضتها الأمنية، والدفع في اتجاه ما يشبه حالة الاستثناء من خلال الإنزال المكثف لقوات الأمن، وأحيانا لقوات الجيش في الشارع العام، لخلق نوع من الرعب والفزع في صفوف المواطنين والمواطنات، بدل الاعتماد على التوعية وتخصيص برامج إعلامية بمشاركة المختصين، وإشراك المجتمع المدني بكل أطيافه في عملية التحسيس بخطورة الوباء. وأوضحت الجمعية في تقرير خاص لها حول وضعية حقوق الإنسان زمن حالة الطوارئ الصحية، أن الدولة باشرت تنزيل عديد من الإجراءات والتدابير بطريقة ارتجالية وسريعة دون فسح المجال لتوفير شروط إعمالها، مما قوى من درجات الاعتداء على الحريات وتكثيف الاعتقالات، ومنها فرض وضع الكمامة دون وجودها في السوق، أو تشديد الدعائر والعقوبات على عدم ارتدائها منذ أواخر شهر يوليوز، والإغلاقات المتكررة لبعض المدن أو منع بعض مظاهر التنقل في فترات زمنية محددة، ومن والى اتجاهات محددة ، دون ترك ولو مسافة زمنية للمواطنين لاستيعاب القرار. وانتقدت الجمعية في ذات التقرير عن التكتم عن المعلومات والتستر عنها، واستهتار وزارة الداخلية وأعوانها بمختلف درجاتهم بالقانون، وتهميش جميع المؤسسات بما فيها، المؤسسات التنفيذية عن القيام بأدوارها الحقيقية في مواجهة تفشي الفيروس، الشيء الذي أدى إلى تغليط الرأي العام، وإيهامه بالقضاء على الفيروس مع بداية شهر يونيو، ليفاجأ الجميع بالصعود القوي لحالات الإصابة . وسجلت الجمعية نزوع الدولة نحو قمع الحريات والحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين، عبر تشديد رقابتها على الحركة الحقوقية المناضلة، وعلى مختلف القوى الديمقراطية، وتوسيع هجومها على الحركة الحقوقية الدولية، نموذج منظمة العفو الدولية، ومحاولة تجميد نشاطها والتشكيك في مصداقيتها، لنشرها تقارير تشير إلى تجسس الدولة المغربية على النشطاء الحقوقيين والصحفيين ببلادنا، عبر التطبيق الالكتروني "بيكاسوس". وانتقدت الجمعية لجوء الدولة إلى الاعتقال بسبب الرأي في حق العديد من المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، والمعارضين لسياساتها، استهداف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث اعتقلت السلطات يوم 19 مارس 2020 على سبيل الثمال، أي قبل دخول حالة الطوارئ الصحية أحد مناضلي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع خنيفرة المدعو ياسين فلات، وأدانته المحكمة فيما بعد بثلاث أشهر سجنا نافذة، واستمرت حالة الاعتقالات في صفوف النشطاء الحقوقيين، منهم من تعرض للاستنطاق، وفيهم من تمت متابعته في حالة سراح، وتقديم بعضهم للمحاكمات في عدة مناطق من بينها خنيفرة؛اليوسفية ، مشرع بلقصيري، أسفي، مراكش، البيضاء، الناضور، طانطان، الداخلة، وبني ملال، ومدن أخرى. كما سجلت الجمعية استمرار ظاهرة الاعتقال السياسي من خلال العديد من المحاكمات التي استهدفت نشطاء شباب وإدانتهم بأحكام قاسية، ومنهم الشباب السبعة "ببني تاجيت" على خلفية مطالبتهم بالحق في الشغل والعيش الكريم، ومناضلي جرادة الذين احتجوا على استمرار الوفيات في الساندريات، وعدم وفاء الحكومة بالتزاماتها، ودخول معتقلي الريف بسجون راس الما وكرسيف والناضور في إضرابات عن الطعام للمطالبة بتحسين شروط الاعتقال وتجميعهم في أفق إطلاق سراحهم. وتطرق الجمعية في تقريرها أيضا إلى حالات الاعتداء على حرية الصحافة من خلال اعتقال الصحفي سليمان الريسوني، ووضعه رهن الاعتقال الاحتياطي، والتشهير به، في انتظار تقديمه للمحاكمة بتهم أخلاقية لمحو الصفة السياسية عنه، واعتقال الصحفي عمر الراضي بعد عشر جلسات من البحث التمهيدي، بدعوى الاشتباه في تلقي أموال من جهات خارجية الغرض منها زعزعة أمن الدولة، وتلفيق تهمة أخلاقية له في إساءة بليغة للمرأة المغربية من خلال هذه القضية، ووضعه رهن الاعتقال الاحتياطي في انتظار التحقيق التفصيلي معه، وإعادة فتح ملف جديد للمؤرخ المعطي منجب وبعض أفراد أسرته، بعد حملة تشهيرية طالته بدعوى غسل الأموال. وانتقدت الجمعية أيضا عودة المتابعة بتهمة ازدراء الأديان، من خلال متابعة الفنان رفيق بوبكر، وإدانة مواطن بالسجن لإساءته للدين الإسلامي بمدينة أسفي، واعتقال ست شبان بينهم شابات إثر بثهم للايف على الفايسبوك يغنون فيه أغنية دينية صوفية وهم في حالة سكر، واعتقال خمسة قاصرين ضمنهم فتاتين قاصرتين بمراكش إثر إقدامهم على الإفطار العلني في رمضان وضعهم في مركز حماية الطفولة دون متابعتهم، وشن حملة اعتقالات واسعة بدعوى نشر معطيات كاذبة أو مغلوطة علاقة بحالة الطوارئ الصحية، أو إثر ممارسة الأشخاص لأشكال احتجاجية سلمية. ونددت الجمعية بمنع بعض الأشكال الاحتجاجية كمنع الجبهة الاجتماعية من تنظيم وقفاتها في كل من الرباط؛ دمنات؛ أسفي وغيرها، ومنع وقفات للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إضافة إلى منع العديد من الحركات المطلبية من مسيرات ووقفات مطالبة سواء لضمان حد أدنى من العيش الكريم، بالحق في الماء الشروب، والأرض والحق في التنمية، ووقف تغول شركات المقالع، أو الحصول على الدعم، أو الاستفادة من الدعم العيني. إضافة إلى منع وقفات الأطر الصحية وقمع وحشي لوقفة حاملي الشهادات العليا من رجال التعليم، إلى جانب الاحتجاجات التي خاضعها مستخدمو قطاع السياحة بكل من مراكشوأكادير، والاحتجاجات التي نظمتها الشغيلة بمختلف مدن المغرب وعلى رأسها طنجة، البيضاء، فاس، أكادير بيوغرا القنيطرة ، بالمؤسسات الانتاجية احتجاجا على شروط الشغل والطرد التعسفي، وغياب تصريحات لدى الضمان الاجتماعي، إضافة إلى التسريحات الجماعية وعدم احترام مدونة الشغل، والإجهاز عن الحق في الشغل والأجر والحماية الاجتماعية باستغلال فظيع لحالة الطوارئ الصحية. واعتبرت الجمعية أن مسطرة الترخيص التي حددت رخصة واحدة إسمية لفرد وحيد عن كل أسرة، هي خرق إذا علمنا أن العديد من المواطنات والمواطنين العاملين في القطاع غير المهيكل لا يمكنهم إحضار ورقة المشغل، مما جعل المواطنات والمواطنين عرضة للابتزاز وأحيانا ضحية الرشوة من طرف أعوان السلطة. ووثقت الجمعية في تقريرها كذلك تعريض المواطنات والمواطنين لخطر الإصابة بالفيروس من خلال تكديسهم بسيارات الشرطة وكذلك بالمخافر، واستصدار قوانين وقرارات تحد من الحريات وتقوي المراقبة عبر مراقبة تحركات المواطنات والمواطنين بواسطة DRONE في غياب أي نص قانون ينظم العملية، خاصة القانون الذي تشرف على تنفيذه اللجنة الوطنية للمعطيات الشخصية يتحدث عن كاميرا مراقبة ثابتة بالشارع العام، واستعمال الإدارة العامة للأمن الوطني تطبيقا لمراقبة تحركات المواطنين والمواطنات خلال توقيفهم في حواجز المراقبة، بما يمكنها من مراقبة تحركات الآلاف من المواطنين ومعرفة أماكن تواجدهم ، خلال مدة زمنية سابقة عبر تقنية traçage des trajets antérieurs.. وسجلت عدم تجاوب الحكومة المغربية مع نداءات المفوضية السامية لحقوق الإنسان والأمين العام للأمم المتحدة، واللجنة الأممية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بتخفيض ساكنة السجون، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، واحترام تعهدات المغرب في مجال حقوق الإنسان، وأيضا عدم التزام المغرب في ضمان الحق في التظاهر السلمي، والتكفل عبر الدعم بالفئات الهشة والفقيرة طيلة مرحلة الجائحة. وأكدت الجمعية أن الحق فالحق في الشغل نال القسط الأوفر من الانتهاكات ومن مظاهر الهشاشة، فقد أظهرت الجائحة وسياسات الدولة المتبعة التضحية بحقوق الشغيلة لفائدة خدمة الباطرونا، حيث تفيد الإحصائيات أن عدد العمال المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبقى ضعيفا مقارنة مع عدد العمال والعاملات المشتغلين في القطاع الخاص، حيث يوجد 3.5 مليون عاملة وعامل خارج أي تغطية صحية واجتماعية. وأشارت أن الجائحة أظهرت أن عددا كبيرا من العمال خاصة في قطاع البناء والأشغال العمومية لا يتوفرون على عقود شغل، وأن ما يفوق 25 في المائة من السكان النشيطين يشتغلون بدون أجر، وأن حوالي مليون ونصف عامل وعاملة يشتغلون بأجر أقل بكثير من الحد الأدنى للأجر (العامل الناقص).