يذكر التاريخ أن العقيد الليبي امعمر القذافي و الحسن الثاني كانوا على خصام و صراع دائمين، وصل الأمر بهما إلى درجة أن كل واحد منهما يدبر انقلابات عسكرية ضد الآخر، حيث شكل نزاع الصحراء نقطة الخلاف الأبرز بين الطرفين، ولأن المناسبة شرط يعود بكم "الأيام24" إلى لحظات تاريخية بصمت مسار ملف الصحراء المغربية، بمناسبة حلول الذكرى 46 للمسيرة الخضراء، يوم طلب القذافي المشاركة في المسيرة ورد عليه الملك الراحل. ظل القذافي يردد أن إنشائه ل "البوليساريو" كان بهدف طرد المحتل الاسباني من الصحراء المغربية، و كان يقول للملك أكثر من مرة أنه لا يريد الاضرار بمصالح المغرب، غير أن الحسن الثاني لم يكن يصدقه،و كان يعلم أن العقيد الليبي كان يخطط لشيء ما عبر مد جبهة "البوليساريو" بالمال و السلاح.
سنة 1975، تواصل امعمر القدافي مع الحسن الثاني و طلب منه أن يشارك في المسيرة الخضراء لإجلاء المستعمر الاسباني من الأراضي المغربية، غير أن الملك الراحل تجاهل طلب العقيد.
يقول الحسن الثاني في كتابه "ذاكرة ملك": "… وجه لي (القذافي) عام 1975 عندما كنت بصدد وضع اللمسات الأخيرة لانطلاق المسيرة برقية رسمية يقول فيها: بصفتي ثوريا فإني أساندكم ألفا في المائة، وإني أريد القدوم إلى المغرب على رأس وفد ليبي للتصدي للاستعمار عدونا المشترك".
ويتابع: "… التقينا بعد تسع سنوات من ذلك في 13 غشت 1984 بمدينة وجدة، وبالرغم من أنه كان يتحدث معي بلطف وبكثير من اللباقة، فإنني كنت أشعر أن عدم الرد على برقيته ما زال يحز في نفسه وأسر لي: لم أتمكن من فهم رفضكم".
فرد الحسن الثاني على الزعيم الليبي الراحل قائلا "اسمع يا صديقي العزيز، أود أن أطرح عليكم السؤال التالي وأن تجيبوني عنه بصراحة، لو كنتم شاركتم في المسيرة فهل كنتم ستقفون معي عندما أصدرت الأمر إلى الثلاثمائة وخمسين ألف مشارك بالرجوع؟ رد في الحال لا. ما كنت لأتراجع".
فرد الحسن الثاني "في هذه الحالة كان من الأحسن أن لا تشاركوا في المسيرة الخضراء، لأنني كنت سأضطر إلى اقتيادكم إلى الحدود بواسطة دركيين، وذلك ما كان سيسبب حادثا دبلوماسيا مروعا".
ويبدو أن نبوءة الحسن الثاني قد صدقت، فرغم أن الحسن الثاني وقع مع كل من موريتانيا و إسبانيا "اتفاقية مدريد"، و عبر عن نجاح المسيرة الخضراء في تحقيق أهدافها إلا أن القدافي استمر رغم ذلك في امداد جبهة "البوليساريو" بالأسلحة بعدما تحالف مع الرئيس الجزائري هواري بومدين.