طالبت المجموعة النيابية لحزب "العدالة والتنمية"، المعارضة، في البرلمان بتشكيل لجنة لتقصّي الحقائق حول صفقات الأدوية، بعد اتهامات وجهها نوابها لوزير الصحة وأعضاء آخرين في الحكومة ب"تضارب المصالح" و"تمرير صفقات خارج المساطر القانونية"، ما فجّر جدلاً واسعاً حول شفافية تدبير قطاع حساس كالصحة. وفي السياق نفسه، دعا النائب مصطفى إبراهيمي، عن مجموعة "العدالة والتنمية"، إلى لجنة تقصي حقائق موسعة حول "اختلالات المختبرات وصفقات الأدوية"، قائلاً إن وزارة الصحة "تحولت إلى وزارة الصفقات"، ومتهماً إياها بانتشار المحاباة وظهور شركات جديدة تستحوذ على التوريدات الصحية.
وخلال مناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026، اتهم عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للحزب، وزير الصحة بمنح صفقة لاستيراد دواء من الصين لصالح شركة يملكها وزير آخر، رغم أن الدواء نفسه يُنتج محلياً في المغرب. وقال بوانو إن العقد "أُبرم خارج المساطر التفاوضية"، مؤكداً أن الملف "يتجاوز سوء التدبير ليصل إلى تضارب مصالح واضح". كما كشف بوانو عن قضية أخرى ترتبط ب مصحة خاصة حصلت على صفقة دواء خاص بالسرطان ساعدتها على جني أرباح "تُقدر بنحو 40 مليون درهم خلال أسابيع قليلة"، بعدما كانت تشتريه ما بين 600 و800 درهم وتبيعه ب4000 درهم لمصحات أخرى. وانتقد بوانو أداء الحكومة قائلاً إنها "حكومة تضارب المصالح وتناسل الفضائح"، وإنها "لم تنجح سوى في رفع الأسعار منذ 2022 وإخراج جميع الفئات الاجتماعية للاحتجاج"، مشيراً إلى ارتفاع معدل البطالة من 11,9٪ إلى 13,1٪. الوزارة تنفي وبوانو يٌصر في المقابل، أصدرت وزارة الصحة بلاغاً نفت فيه "بشكل قاطع" منح أي امتيازات أو احتكارات في استيراد مادة كلوريد البوتاسيوم (KCl)، مؤكدة أن السوق شهد ندرة في هذه المادة الحيوية بسبب توقف مؤقت لإحدى الشركات الوطنية المنتجة، وأن الوكالة المغربية للأدوية رخصت "استثنائياً" لعدة شركات بالاستيراد إلى حين استعادة الإنتاج المحلي لطبيعته. وأضافت الوزارة أن التراخيص المؤقتة لا تمنح أسبقية في الصفقات العمومية، وأن المشتريات الحكومية تمت "عبر طلب عروض قانوني وشفاف"، مشيرة إلى أن المستشفيات الجامعية تتصرف باستقلالية وتخضع لنفس المساطر القانونية. غير أنّ بلاغ الوزارة، الذي صدر في ساعة متأخرة، لم ينف بشكل صريح استفادة الوزير صاحب الشركة من الصفقة، كما لم يتطرق إلى قضية مصحة السرطان، ما دفع بوانو إلى وصفه بأنه "بلاغ إنشائي عام" و"محاولة لتهريب النقاش وإخراس الأصوات المنتقدة". ودعا بوانو إلى نشر قائمة الشركات المستفيدة من التراخيص المؤقتة ATU، قائلاً إن "الشفافية تقتضي كشف أسماء المستفيدين للرأي العام". وبينما تتشبث المعارضة بمطلب تشكيل لجنة تقصّي حقائق برلمانية لكشف تفاصيل ما تعتبره "فضائح صفقات الدواء"، تصر وزارة الصحة على أن جميع عمليات الاستيراد والتوريد تمت وفق القانون وبهدف الحفاظ على الأمن الدوائي الوطني، في وقت تتزايد فيه المطالب بإصلاح عميق لمنظومة الصحة وتسعير الأدوية في المغرب.